فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب غزوة أوطاس

باب غَزَاةِ أَوْطَاسٍ
( باب غزاة أوطاس) ولأبي ذر: غزوة بالواو بدل الألف، وأوطاس بفتح الهمزة وسكون الواو بعدها طاء وسين مهملتان بينهما ألف واد في ديار هوازن وفيه عسكروا هم وثقيف ثم التقوا بحنين.
وسقط لفظ باب لأبي ذر.


[ قــ :4091 ... غــ : 4323 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه- قَالَ: لَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حُنَيْنٍ بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ فَقُتِلَ دُرَيْدٌ وَهَزَمَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ، قَالَ أَبُو مُوسَى: وَبَعَثَنِي مَعَ أَبِي عَامِرٍ فَرُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ، رَمَاهُ جُشَمِيٌّ بِسَهْمٍ فَأَثْبَتَهُ فِي رُكْبَتِهِ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا عَمِّ مَنْ رَمَاكَ؟ فَأَشَارَ إِلَى أَبِي مُوسَى، فَقَالَ: ذَاكَ قَاتِلِي الَّذِي رَمَانِي، فَقَصَدْتُ لَهُ فَلَحِقْتُهُ، فَلَمَّا رَآنِي وَلَّى فَاتَّبَعْتُهُ وَجَعَلْتُ أَقُولُ لَهُ أَلاَ تَسْتَحِي أَلاَ تَثْبُتُ فَكَفَّ فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ بِالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ.

قُلْتُ لأَبِي عَامِرٍ: قَتَلَ اللَّهُ صَاحِبَكَ، قَالَ فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ، فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَقْرِئِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السَّلاَمَ وَقُلْ لَهُ اسْتَغْفِرْ لِي، وَاسْتَخْلَفَنِي أَبُو عَامِرٍ عَلَى النَّاسِ فَمَكَثَ يَسِيرًا ثُمَّ مَاتَ فَرَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِهِ عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ قَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ في ظَهْرِهِ وَجَنْبَيْهِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبِي عَامِرٍ.

     وَقَالَ : قُلْ لَهُ اسْتَغْفِرْ لِي فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ» وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاسِ» فَقُلْتُ وَلِي فَاسْتَغْفِرْ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْخَلاً كَرِيمًا».
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: إِحْدَاهُمَا لأَبِي عَامِرٍ وَالأُخْرَى لأَبِي مُوسَى.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدثني بالإفراد ( محمد بن العلاء) بن كريب الهمداني الكوفي قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( عن بريد بن عبد الله) بضم الموحدة وفتح الراء ( عن) جده ( أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء عامر ( عن) أبيه ( أبي موسى) عبد الله بن قيس ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: لما فرغ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من) وقعة ( حنين بعث أبا عامر) عبيد بن سليم بن حضار الأشعري وهو عم أبي موسى الأشعري على المشهور أميرًا ( على جيش إلى أوطاس) في طلب الفارّين من هوازن يوم حنين إلى أوطاس فانتهى إليهم ( فلقي دريد بن الصمة) بضم الدال مصغر الدرد بالمهملتين والراء والصمة بكسر الصاد المهملة وتشديد الميم الجشمي بالجيم المضمومة والشين المعجمة المفتوحة ( فقتل) بضم القاف مبنيًا للمفعول ( دريد) قتله ربيعة بن رفيع بن وهبان بن ثعلبة السلمي فيما جزم به ابن إسحاق أو هو الزبير بن العوّام كما يشعر به حديث عند البزار عن أنس بإسناد حسن ( وهزم الله أصحابه) أي أصحاب دريد.

( قال أبو موسى) الأشعري: ( وبعثني) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( مع أبي عامر) عبيد أي عمه إلى من
التجأ إلى أوطاس ( فرمي أبو عامر في ركبته رماه جشمي) أي رماه رجل جشمي بجيم مضمومة فشين معجمة مفتوحة وميم مكسورة فياء نسبة لبني جشم وهم أوفى والعلاء ابنا الحارث كما عند ابن هشام ( بسهم فأثبته) بقطع الهمزة أي السهم ( في ركبته) قال أبو موسى: ( فانتهيت إليه فقلت) له: ( يا عم من رماك) ؟ بهذا السهم ( فأشار إلى أبي موسى) هو التفات وكان الأصل أن يقول: فأشار إليّ ( فقال: ذاك قاتلي الذي رماني) قال أبو موسى: ( فقصدت له فلحقته فلما رآني ولّى) بفتح الواو واللام المشددة أي أدبر ( فتبعته) بتشديد الفوقية وهمزة الوصل سرت في أثره ( وجعلت أقول له: ألا) بالتخفيف ( تستحي) بكسر الحاء المهملة ولأبي ذر تستحيي بسكونها وزيادة تحتية مكسورة أي من فرارك ( ألا تثبت) عند اللقاء ( فكفّ) عن التولي ( فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته ثم قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك.
قال: فانزع هذا السهم)
بوصل الهمزة وكسر الزاي ( فنزعته فنزا) بالنون والزاي من غير همز أي انصب ( منه) من موضع السهم ( الماء.
قال: يا ابن أخي اقرئ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السلام)
عني ( وقل له استغفر لي) كذا بالياء مصححًا عليه بالفرع كأصله واستغفر بلفظ الطلب، والمعنى أن أبا عامر سأل أبا موسى أن يسأل له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يستغفر له.
قال أبو موسى: ( واستخلفني أبو عامر على الناس) أميرًا ( فمكث يسيرًا ثم مات) -رضي الله عنه- ثم قاتلهم أبو موسى حتى فتح الله عليه قال: ( فرجعت فدخلت على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بيته) حال كونه ( على سرير مرمل) بضم الميم الأولى وفتح الثانية بينهما راء ساكنة ولأبي ذر مرمل بفتح الراء والميم الثانية مشددة منسوج بحبل ونحوه ( وعليه فراش) نقل السفاقسي عن الشيخ أبي الحسن أنه قال: الذي أحفظه في هذا ما عليه فراش قال: وأرى أن ما سقطت هنا ( قد أثر رمال السرير في ظهره وجنبيه) بفتح الموحدة على التثنية ( فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر و) أنه ( قال: قل له) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( استغفر لي فدعا) عليه الصلاة والسلام ( بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال) :
( اللهم اغفر لعبيد أبي عامر ورأيت بياض إبطيه) فيه رفع اليدين في الدعاء خلافًا لمن خصه بالاستسقاء ( ثم قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( اللهم اجعله) في المرتبة ( يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس) بيان لسابقه لأن الخلق أعم، ولأبي ذر ومن الناس قال أبو موسى ( فقلت: ولي فاستغفر) يا رسول الله ( فقال: اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريمًا) ويجوز فتح ميم مدخلاً وكلاهما بمعنى المكان والمصدر وكريمًا حسنًا.

( قال أبو بردة) : عامر بالسند السابق ( إحداهما) أي الدعوتان ( لأبي عامر والأخرى لأبي موسى) .