فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199] "

باب { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} الْعُرْفُ: الْمَعْرُوفُ
( باب) قوله تعالى لنبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( { خذ العفو} ) أي الفضل وما أتى من غير كلفة ( { وأمر بالعرف} ) المعروف كما يأتي إن شاء الله تعالى ( { وأعرض عن الجاهلين} ) كأبي جهل وأصحابه وكان هذا قبل الأمر بالقتال ( العرف) هو ( المعروف) المستحسن من الأفعال.


[ قــ :4389 ... غــ : 4642 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حدثنا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا فَقَالَ عُيَيْنَةُ لاِبْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِي لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ قَالَ: سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: هِيْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ وَلاَ تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِهِ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: لِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ.
[الحديث 4642 - طرفاه في: 7286] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( حدّثنا) في الفرع كأصله أخبرنا ( شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله بن عتبة) بن مسعود ( أن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة) بضم الحاء مصغرًا الفزاري ( فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس) أي ابن حصن ( وكان من النفر الذين يدنيهم) أي يقربهم ( عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- ( وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولًا) جمع كهل وهو الذي وخطه الشيب ( كانوا أو شبانًا) بضم الشين
المعجمة وتشديد الموحدة وللكشميهني أو شبابًا بفتح الشين المعجمة بموحدتين الأولى مخففة ( فقال عيينة لابن أخيه) الحر بن قيس: ( يا ابن أخي لك وجه) وجيه ولأبي ذر: هل لك وجه ( عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه.
قال)
الحر ( سأستأذن لك عليه.
قال ابن عباس: فاستأذن الحر لعيينة فأذن له عمر، فلما دخل عليه قال: هي)
بكسر الهاء وسكون الياء كلمة تهديد وقيل هي ضمير وهناك محذوف أي هي داهية ( يا ابن الخطاب فوالله ما تعطينا الجزل) بفتح الجيم وسكون الزاي أي ما تعطينا العطاء الكثير ( ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر) -رضي الله عنه- ( حتى همّ به) وكان شديدًا في الله ولأبي الوقت حتى هم أن يوقع به ( فقال له الحر: يا أمير المؤمنين وإن الله تعالى قال لنبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} ) وإن هذا من الجاهلين ( والله ما جاوزها) أي ما جاوز الآية المتلوّة أي لم يتعدّ العمل بها ( عمر حين تلاها عليه) الحر ( وكان وقافًا عند كتاب الله) لا يتجاوز حكمه.

وهذا الحديث من أفراده، وأخرجه أيضًا في الاعتصام.




[ قــ :4390 ... غــ : 4643 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف: 199] قَالَ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلاَّ فِي أَخْلاَقِ النَّاسِ.
[الحديث 4643 - طرفه في: 4644] .

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( يحيى) غير منسوب فقال ابن السكن يحيى بن موسى يعني المعروف بخت، وقال المستملي يحيى بن جعفر يعني البيكندي ورجحه ابن حجر قال: ( حدّثنا وكيع) هو ابن الجراح الرؤاسي براء مضمومة فهمزة فسين مهملة الكوفي الحافظ العابد ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام ( عن) أخيه ( عبد الله بن الزبير) بن العوام وسقط لأبي ذر عبد الله أنه قال في قوله تعالى: ( { خذ العفو وأمر بالعرف} قال ما أنزل الله) أي هذه الآية ( إلا في أخلاق الناس) .




[ قــ :4390 ... غــ : 4644 ]
- حَدَّثَنَا.

     وَقَالَ  عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلاَقِ النَّاسِ أَوْ كَمَا قَالَ.

( وقال عبد الله بن براد) بفتح الموحدة وتشديد الراء وبعد الألف مهملة وهو عبد الله بن عامر بن براد بن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري ونسبه إلى جده لشهرته به ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: ( حدّثنا هشام أخبرني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا أبو أسامة قال هشام: ( عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن) أخيه ( عبد الله بن الزبير) أنه ( قال: أمر الله) تعالى ( نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يأخذ العفو من أخلاق الناس أو كما قال) .

وقد اختلف على هشام في هذا الحديث فوصله بعضهم كالإسماعيلي، وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة { خذ العفو} الخ هذه أخلاق أمر الله تعالى بها نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودله عليها فأمره أن يأخذ
الفضل من أخلاقهم بسهولة من غير تشديد ويدخل فيه ترك التشديد بما يتعلق بالحقوق المالية، وكان هذا قبل الزكاة.

وروى ابن جرير وابن أبي حاتم جميعًا عن أمي قال: لما أنزل الله على نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- { خذ العفو} الآية قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ما هذا يا جبريل" قال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك.
وهو مرسل له شواهد من وجوه أخر كما قاله الحافظ ابن كثير وهو مطابق للفظ لأن وصل القاطع عفو عنه وإعطاء من حرم أمر بالمعروف والعفو عن الظالم إعراض عن الجاهل، فالآية مشتملة على مكارم الأخلاق فيما يتعلق بمعاملة الناس، ولذا قال جعفر الصادق: ليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها.
قال بعض الكبراء: الناس رجلان محسن فخذ ما عفا لك من إحسانه ولا تكلفه فوق طاقته، ومسيء فمره بالمعروف فإن تمادى على ضلاله واستعصى عليك واستمر في جهله فأعرض عنه فلعل ذلك يردّه كما قال تعالى: { ادفع بالتي هي أحسن} [المؤمنون: 96] .


( [8] سورة الأنفال)
مدنية وآيها ست وسبعون، وثبت لفظ سورة لأبي ذر.

{ بسم الله الرحمن الرحيم} سقط لفظ البسملة لغير أبي ذر.