فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {ومن الناس من يعبد الله على حرف} [الحج: 11]: شك، {فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة} [الحج: 11]

باب: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} شَكٍّ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ} -إِلَى قَوْلِهِ- {ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ} [الحج: 11، 12] {أَتْرَفْنَاهُمْ}: وَسَّعْنَاهُمْ
هذا ( باب) بالتنوين في قوله تعالى: ( {ومن الناس من يعبد الله على حرف}) أي ( شك) قاله مجاهد فيما رواه ابن أبي حاتم وهو قول أكثر المفسرين وأصله من حرف الشيء وهو طرفه وقيل على انحراف أو على طرف الدين لا في وسطه كالذي يكون في طرف الجيش فإن أحس بظفر قرّ وإلاّ فر وهو المراد بقوله: ( {فإِن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه}) أي ارتدّ فرجع إلى وجهه الذي كان عليه من الكفر حال كونه ( {خسر الدنيا والآخرة}) بذهاب عصمته وحبوط عمله بالارتداد ( إلى قوله: {ذلك هو الضلال البعيد}) [الحج: 11، 12] عن الحق والرشد وسقط لغير أبي ذر قوله شك وسقط لأبي ذر قوله فإن أصابه الخ.

( أترفناهم) في قوله في سورة المؤمنين {وأترفناهم في الحياة الدنيا} [المؤمنون: 33] أي ( وسعناهم) قاله أبو عبيدة ولفظه في مجازه وسعنا عليهم.


[ قــ :4486 ... غــ : 4742 ]
- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ الْمَدِينَةَ فَإِنْ وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ غُلاَمًا وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ قَالَ: هَذَا دِينٌ صَالِحٌ وَإِنْ لَمْ تَلِدِ امْرَأَتُهُ وَلَمْ تُنْتَجْ خَيْلُهُ قَالَ: هَذَا دِينُ سُوءٍ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدثنا ( إبراهيم بن المنذر) الكرماني قال: ( حدّثنا
يحيى بن أبي بكير)
قيس الكوفي قاضي كرمان قال: ( حدّثنا إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ( عن أبي حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين عثمان بن عاصم الأسدي ( عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه ( قال) في قوله تعالى: ( {ومن الناس من يعبد الله على حرف} قال: كان الرجل يقدم المدينة) يثرب ( فإن ولدت امرأته غلامًا ونتجت خيله) بضم النون.
قال الجوهري على ما لم يسم فاعله تنتج نتاجًا وقد نتجها أهلها نتجًا وأنتجت الفرس إذا حان نتاجها، وقال في الأساس: نتجت الناقة فهي منتوجة وأنتجت فهي منتجة إذا وضعت وقد نتجت إذا حملت.
اهـ.

وهي مثل نفست المرأة فهي منفوسة إذا ولدت وزاد العوفي عن ابن عباس فيما أخرجه ابن أبي حاتم وصح جسمه.

( قال: هذا دين صالح) وفي رواية الحسن البصري فيما أخرجه ابن المنذر قال: لنعم الدين هذا وفي رواية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عند ابن أبي حاتم قالوا إن ديننا هذا صالح فتمسكوا به ( وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله) بضم التاء الأولى وفتح الثانية بينهما نون ساكنة مبنيًّا لما لم يسم فاعله ( قال: هذا دين سوء) بفتح السين المهملة والجر على الإضافة.
وفي رواية العوفي وإن أصابه وجع المدينة وولدت امرأته جارية وتأخرت عنه الصدقة أتاه الشيطان فقال له: والله ما أصبت على دينك هذا إلا شرًّا وذلك الفتنة.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم هو المنافق إن صلحت له دنياه أقام على العبادة وإن فسدت عليه دنياه انقلب فلا يقيم على العبادة.

واستشكل على هذا قوله: انقلب لأن المنافق في الحقيقة لم يسلم حتى ينقلب، وأجيب: بأنه أظهر بلسانه خلاف ما كان أظهره فصار يذم الدين عند الشدّة وكان من قبل يمدحه وذلك انقلاب على الحقيقة.

وهذا الحديث من أفراده.