فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {لا تبديل لخلق الله} [الروم: 30]: لدين الله "

باب { لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} : لِدِينِ اللَّهِ { خَلْقُ الأَوَّلِينَ} : دِينُ الأَوَّلِينَ.
وَالْفِطْرَةُ: الإِسْلاَمُ
هذا ( باب) بالتنوين في قوله تعالى: ( { لا تبديل لخلق الله} ) [الروم: 30] أي ( لدين الله) قاله إبراهيم النخعي فيما أخرجه عنه الطبري فهو خبر بمعنى النهي أي لا تبدلوا دين الله.

( { خلق الأوّلين} ) أي ( دين الأوّلين) ساقه شاهد التفسير الأوّل ( والفطرة) في قوله: { فطرة الله التي فطر الناس عليها} [الروم: 30] هي ( الإسلام) قاله عكرمة فيما وصله الطبري وسقط لفظ باب لغير أبي ذر.


[ قــ :4515 ... غــ : 4775 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟ ثُمَّ يَقُولُ: { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} ».

وبه قال: ( حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان المروزي قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: ( أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( أبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف ( أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ما من مولود إلا يولد على الفطرة) قيل يعني العهد الذي أخذه عليهم بقوله: { ألست بربكم قالوا بلى} [الأعراف: 172] وكل مولود في العالم على ذلك الإقرار وهي الحنيفية التي وقعت الخلقة عليها وإن عبد غيره ولكن لا عبرة بالإيمان الفطري إنما المعتبر الإيمان الشرعي المأمور به.
وقال ابن المبارك معنى الحديث أن كل مولود يولد على فطرته أي خلقته التي جبل عليها في علم الله من السعادة والشقاوة فكل منهم صائر في العاقبة إلى ما فطر عليها وعامل في الدنيا بالعمل المشاكل لها، فمن أمارات الشقاء أن يولد بين يهوديين أو نصرانيين أو مجوسيين فيحملانه لشقائه على اعتقاد دينهما، وقيل المعنى أن كل مولود يولد في مبدأ الخلقة على الجبلة السليمة والطبع المتهيئ لقبول الدين فلو ترك عليها لاستمرّ على لزومها لكن تطرأ على بعضهم الأديان الفاسدة كما قال: ( فأبواه
يهوّدانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج)
بضم أوّله وفتح ثالثه على صيغة المبني للمفعول أي تلد ( البهيمة بهيمة جمعاء) بفتح الجيم وسكون الميم ممدودًا تامة الأعضاء ( هل تحسون فيها من جدعاء) بفتح الجيم وسكون المهملة ممدودًا مقطوعة الأذن أو الأنف أي لا جدع فيها من أصل الخلقة إنما يجدعها أهلها بعد ذلك فكذلك المولود يولد على الفطرة ثم يتغير بعد.

ونقل في المصابيح عن القاضي أبي بكر بن العربي أن معنى قوله: فأبواه الخ أنه ملحق بهما في الأحكام من تحريم الصلاة عليه ومن ضرب الجزية عليه إلى غير ذلك ولولا أنه ولد على فراشهما لمنع من ذلك كله قال ولم يرد أنهما يجعلانه يهوديًا أو نصرانيًّا إذ لا قدرة لهما على أن يفعلا فيه الاعتقاد أصلًا.
اهـ.

فليتأمل.

( ثم يقول) أي أبو هريرة مستشهدًا لما ذكر ( { فطرة الله} ) أي خلقته نصب على الإغراء ( { التي فطر الناس عليها} ) أي خلقهم عليها وهي قبولهم للحق ( { لا تبديل لخلق الله} ) أي ما ينبغي أن يبدل أو خبر بمعنى النهي ( { ذلك الدين القيم} ) الذي لا عوج فيه.

وهذا الحديث سبق في باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه من كتاب الجنائز.


[31] سورة لُقْمَانَ
( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) { لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] .

( [31] لقمان)
مكية قيل إلا آية { الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة} لأن وجوبهما بالمدينة وضعف لأنه لا ينافي شرعيتهما بمكة وآيها أربع وثلاثون ولأبي ذر سورة لقمان.

( بسم الله الرحمن الرحيم) سقطت البسملة لغير أبي ذر ولقمان اسم أعجمي، والجمهور على أنه كان حكيمًا ولم يكن نبيًّا، ومما ذكر من حكمته أنه أمر بأن يذبح شاة ويأتي بأطيب مضغتين منها فأتى باللسان والقلب ثم بعد أيام أمر بأن يأتي بأخبث مضغتين منها فأتي بهما أيضًا فسئل عن ذلك فقال: هما أطيب شيء إذا طابا وأخبثه إذا خبثا.

( { لا تشرك بالله} ) أي مع الله ( { إن الشرك لظلم عظيم} ) [لقمان: 13] بدأ في وعظ ابنه بالأهم وهو منعه من الإشراك وإنما كان ظلمًا لأنه وضع النفس المكرمة الشريفة في عبادة الخسيس فوضع العبادة في غير موضعها.