فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {وتقطعوا أرحامكم} [محمد: 22]

باب { وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}
هذا ( باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ( { وتقطعوا أرحامكم} ) [محمد: 22] بتشديد الطاء المكسورة على التكثير ويعقوب بفتح التاء وسكون القاف وفتح الطاء مخففة مضارع قطع وسقط لفظ باب لغير أبي ذر.


[ قــ :4569 ... غــ : 4830 ]
- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ.
قَالَ: أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَاكِ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} .
[الحديث 4830 - أطرافه في: 4831، 4832، 5987، 7502] .

وبه قال: ( حدّثنا خالد بن مخلد) بفتح الميم واللام بينهما خاء معجمة ساكنة الكوفي قال: ( حدّثنا سليمان) بن بلال قال: ( حدّثني) بالإفراد ( معاوية بن أبي مزرد) بضم الميم وفتح الزاي وكسر الراء وفي اليونينية بفتحها مشددة بعدها دال مهملة اسمه عبد الرحمن بن يسار بالتحتية والمهملة المخففة ( عن) عمه ( سعيد بن يسار عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( خلق الله الخلق فلما فرغ منه) أي قضاه أو أتمه أو نحو ذلك مما يشهد بأنه مجاز من القول فإنه سبحانه وتعالى لن يشغله شأن عن شأن ( قامت الرحم) حقيقة بأن تجسمت ( فأخذت بحقو الرحمن) بفتح الحاء المهملة وفي اليونينية بكسرها وكذا في الفرع مصلحة وكشط فوقها، وعند الطبري بحقوي الرحمن بالتثنية والحقو الإزار والخصر ومشدّ الإزار.

قال البيضاوي: لما كان من عادة المستجير أن يأخذ بذيل المستجار به أو بطرف ردائه وإزاره وربما أخذ بحقو إزاره مبالغة في الاستجارة فكأنه يشير به إلى أن المطلوب أن يحرسه ويذبّ عنه ما يؤذيه كما يحرس ما تحت إزاره ويذب عنه فإنه لاصق به لا ينفك عنه استعير ذلك للرحم.

وقال الطيبي: وهذا مبني على الاستعارة التمثيلية التي الوجه فيها منتزع من أمور متوهمة للمشبه المعقول وذلك أنه شبّه حالة الرحم وما هي عليه من الافتقار إلى الصلة والذبّ عنها من القطيعة بحال مستجير يأخذ بذيل المستجار به وحقو إزاره ثم أدخل صورة حال المشبه في جنس المشبه به واستعمل في حال المشبه ما كان مستعملًا في المشبه به من الألفاظ بدلائل قرائن الأحوال، ويجوز أن تكون مكنية بأن يشبه الرحم بإنسان مستجير بمن يحميه ويحرسه ويذبّ عنه ما يؤذيه ثم أسند على سبيل الاستعارة التخييلية ما هو لازم المشبه به من القيام ليكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة ثم رشحت الاستعارة بأخذ الحقو والقول وقوله بحقو الرحمن استعارة أخرى مثلها وسقط قوله: بحقو الرحمن في رواية أبي ذر كما في الفرع وأصله.
وقال في الفتح: حذف للأكثر مفعول أخذت قال وفي رواية ابن السكن فأخذت بحقو الرحمن.

وقال القابسي أبى أبو زيد أن يقرأ لنا هذا الحرف لأشكاله وقال هو ثابت لكن مع تنزيه الله تعالى ويحتمل أن يكون على حذف أي قام ملك فتكلم على لسانها أو على طريق ضرب المثل والاستعارة والمراد تعظيم شأنها وفضيلة وأصلها وإثم قاطعها وتثنية حقو المروية عند الطبري للتأكيد لأن الأخذ باليدين آكد في الاستجارة من الأخذ بيد واحدة.

( فقال) تعالى ( له: مه) بفتح الميم وسكون الهاء اسم فعل أي اكفف وانزجر.
وقال ابن مالك: هي هنا ما الاستفهامية حذفت ألفها ووقف عليها بهاء السكت والشائع أن لا يفعل ذلك بها إلا وهي مجرورة ومن استعمالها كما وقع هنا غير مجرورة قول أبي ذؤيب الهذلي قدمت المدينة ولأهلها ضجيج كضجيج الحجيج فقلت مه فقالوا قبض رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
اهـ.

فإن كان المراد الزجر فواضح وإن كان الاستفهام فالمراد منه الأمر بإظهار الحاجة دون الاستعلام فإنه تعالى يعلم السر وأخفى.

( قالت هذا مقام العائذ) بالذال المعجمة أي قيامي هذا قيام المستجر ( بك من القطيعة) وفي حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد أنها تكلم بلسان طلق ذلق ( قال) تعالى ( ألا) بالتخفيف ( ترضين أن أصل من وصلك) بأن أتعطف عليه وأرحمه لطفًا وفضلًا ( وأقطع من قطعك) فلا أرحمه ( قالت: بلى يا رب) أي رضيت ( قال) تعالى ( فذاك) بكسر الكاف إشارة إلى قوله ألا ترضين الخ زاد الإسماعيلي لك.

( قال أبو هريرة) -رضي الله عنه- ( اقرؤوا إن شئتم { فهل عسيتم} ) أي فهل يتوقع منكم ( { إن توليتم} ) أحكام الناس وتأمرتم عليهم أو أعرضتم عن القرآن وفارقتم أحكامه ( { أن تفسدوا في الأرض} ) بالمعصية والبغي وسفك الدماء ( { وتقطعوا أرحامكم} ) .

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التوحيد وفي الأدب ومسلم في الأدب والنسائي في التفسير.




[ قــ :4569 ... غــ : 4831 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي أَبُو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ { فَهَلْ عَسَيْتُمْ} ".

وبه قال: ( حدّثنا إبراهيم بن حمزة) بن محمد بن حمزة بن مصعب بن الزبير بن العوّام أبو إسحاق الأسدي الزبيري المدني قال: ( حدّثنا حاتم) هو ابن إسماعيل الكوفي نزيل المدينة ( عن معاوية) بن أبي مزرد السابق قريبًا أنه ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عمي أبو الحباب) بضم الحاء المهملة وبموحدتين بينهما ألف ( سعيد بن يسار) بالسين المهملة ضد اليمين ( عن أبي هريرة بهذا) بالحديث السابق ( ثم) قال أبو هريرة ( قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اقرؤوا إن شئتم { فهل عسيتم} ) .




[ قــ :4569 ... غــ : 483 ]
- حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي الْمُزَرَّدِ بِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ { فَهَلْ عَسَيْتُمْ} ».
{ آسِنٍ} : مُتَغَيِّرٍ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذرة حدّثني بالإفراد ( بشر بن محمد) السختياني المروزي قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قل: ( أخبرنا) ولغير أبي ذر حدّثنا ( معاوية بن أبي المزرد) باللام وكسر الراء وفي اليونينية بفتحها ( بهذا) الحديث إسنادًا ومتنًا ( قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( اقرؤوا إن شئتم { فهل عسيتم} ) ومراد المؤلّف بإيراد هذه الطريق وسابقتها الإعلام بأن الذي وقفه سليمان بن بلال على أبي هريرة حيث قال: قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم { فهل عسيتم} رفعه حاتم بن إسماعيل وابن المبارك وكذا رفعه الإسماعيلي من طريق حبان بن موسى عن ابن المبارك أيضًا.
قال الإمام النووي رحمه الله: لا خاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة وقطيعتها معصية والصلة درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها صلتها بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة.
اهـ.

وفي حديث أبي بكرة مرفوعًا: ما من ذنب أحرى أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدّخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم رواه أحمد، وعنده من حديث ثوبان مرفوعًا: مَن سرّه النساء في الأجل والزيادة في الرزق فليصل رحمه.

( { آسن} ) أي ( متغير) وسبق هذا قريبًا.


[48] سورة الْفَتْحِ
( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) .

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ: { بُورًا} : هَالِكِينَ:.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ: { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} : السَّحْنَةُ.

     وَقَالَ  مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ التَّوَاضُعُ.
{ شَطْأَهُ} : فِرَاخَهُ.
{ فَاسْتَغْلَظَ} : غَلُظَ.
{ سُوقِهِ} : السَّاقُ حَامِلَةُ الشَّجَرَةِ.
وَيُقَالُ دَائِرَةُ السَّوْءِ كَقَوْلِكَ رَجُلُ السَّوْءِ وَدَائِرَةُ السَّوْءِ الْعَذَابُ.
{ تُعَزِّرُوهُ} : تَنْصُرُوهُ.
{ شَطْأَهُ} : شَطْءُ السُّنْبُلِ.
تُنْبِتُ الْحَبَّةُ عَشْرًا أَوْ ثَمَانِيًا وَسَبْعًا
فَيَقْوَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، فَذَاكَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى: { فَآزَرَهُ} : قَوَّاهُ، وَلَوْ كَانَتْ وَاحِدَةً لَمْ تَقُمْ عَلَى سَاقٍ، وَهُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ خَرَجَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَوَّاهُ بِأَصْحَابِهِ كَمَا قَوَّى الْحَبَّةَ بِمَا يَنْبُتُ مِنْهَا.

( [48] ] سورة الفتح)
مدنية نزلت منصرف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الحديبية سنة ست من الهجرة وآيها تسع وعشرون.

( بسم الله الرحمن الرحيم) سقط البسملة لغير أبي ذر.

( قال مجاهد) فيما وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عنه ( { بورًا} ) في قوله تعالى: { وظننتم ظن السوء وكنتم قومًا بورًا} [الفتح: 1] أي ( هالكين) والبور الهلاك وهو يحتمل أن يكون هنا مصدرًا أخبر به عن الجمع كقوله:
يا رسول الإله إن لساني ... راتق ما فتقت إذا أنا بور
ولذلك يستوي فيه المفرد والمذكر وضدهما ويحتمل أن يكون جمع بائر كحائل وحول في المعتل وبازل وبزل في الصحيح وسقط هذا لغير أبي ذر.

( وقال مجاهد) فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله تعالى: ( { سيماهم في وجوههم} ) [الفتح: 9] هي ( السحنة) بفتح السين المهملة في اليونينية وهي في الفرع كذلك مصلحة وتحت السين كشط وبذلك ضبطه ابن السكن والأصيلي.
وقال القاضي عياض: إنه الصواب عند أهل اللغة وفي كثير من الأصول بكسرها والحاء المهملة ساكنة وجزم ابن قتيبة بفتحها وأنكر السكون وقد أثبته الكسائي والفراء وهي لين البشرة والنعمة، ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني: السجدة وكذا في رواية القابسي أي أثر السجدة فى الوجه: لكن في التئام هذا مع قوله: { من أثر السجود} [الفتح: 9] قلق لا يخفى.

وعن ابن عباس في رواية عطية العوفي عنه نور وبياض في وجوههم يوم القيامة وعن عطاء بن أبي رباح استنارة وجوههم من كثرة صلاتهم أي ما يظهره الله تعالى في وجوه الساجدين نهارًا إذا قاموا بالليل متهجدين فمَن توجه إلى الله بكليته لا بدّ أن يظهر في وجهه نور تبهر منه الأنوار.
وعن شهر بن حوشب تكون مواضع السجود من وجوههم كالقمر ليلة البدر وعن الضحاك صفرة الوجه.
وروى السلمي عن عبد العزيز المكي ليس هو الصفرة ولكنه نور يظهر على وجوه العابدين يبدو من باطنهم على ظاهرهم يتبين ذلك للمؤمنين ولو كان ذلك في رنجي أو حبشي.
قال ابن عطاء: ترى عليهم خلع الأنوار لائحة وقال الحسن إذا رأيتهم حسبتهم مرضى وما هم بمرضى.

( وقال منصور) هو ابن المعتمر فيما وصله علي بن المديني عن جرير عنه ( عن مجاهد) هو ( التواضع) وزاد في رواية زائدة عن منصور عند عبد بن حميد قلت ما كنت أراه إلا هذا الأثر
الذي في الوجه فقال ربما كان بين عيني من هو أقسى قلبًا من فرعون وقال بعضهم أن للحسنة نورًا في القلب وضياء في الوجه وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الناس فما كمن في النفس ظهر على صفحات الوجه وفي حديث جندب بن سفيان البجلي عند الطبراني مرفوعًا ما أسرّ أحد سريرة إلا ألبسه الله رداءها إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشرّ.

( { شطأه} ) في قوله: { كزرع أخرج شطأه} [الفتح: 9] أي ( فراخه) يقال: أشطأ الزرع إذا فرّخ وهل يختص ذلك بالحنطة فقط أو بها وبالشعير فقط أو لا يختص خلاف مشهور قال:
أخرج الشطء على وجه الثرى ... ومن الأشجار أفنان الثمر
( { فاستغلظ} ) أي ( غلظ) بضم اللام ذلك الزرع بعد الدقة ولأبي ذر تغلظ أي قوي.

( { سوقه} ) من قوله تعالى: { فاستوى على سوقه} [الفتح: 9] ( الساق حاملة الشجرة) والجار متعلق باستوى ويجوز أن يكون حالًا أي كائنًا على سوقه أي قائمًا عليها.

( ويقال دائرة السوء كقولك: رجل السوء) أي الفاسد كما يقال رجل صدق أي صالح وهذا قول الخليل والزجّاج واختاره الزمخشري وتحقيقه أن السوء في المعاني كالفساد في الأجساد يقال ساء مزاجه ساء خلقه ساء ظنه كما يقال فسد اللحم وفسد الهواء بل ما ساء فقد فسد وكل ما فسد فقد ساء غير أن أحدهما كثير في الاستعمال في المعاني والآخر في الإجرام قال تعالى: { ظهر الفساد في البر والبحر} [الروم: 41] وقال: { ساء ما كانوا يعملون} [التوبة: 9 وغيرها] وسقط لأبي ذر لفظ يقال فقط.

( ودائرة السوء العذاب) يعني حاق بهم العذاب بحيث لا يخرجون منه وضم السين أبو عمرو وابن كثير بمعنى المفتوح الفساد والرداءة والضم الهزيمة والبلاء أو المضموم العذاب والضرر والمفتوح الذم.
( { يعزروه} ) أي ( ينصروه) قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالغيبة في ليؤمنوا ويعزروه ويوقروه ويسبحوه رجوعًا إلى المؤمنين والمؤمنات والباقون بالخطاب إسنادًا إلى المخاطبين والظاهر أن الضمائر عائدة إلى الله وتفريقها بجعل بعضها للرسول قول للضحاك ( { شطأه} ) هو ( شطؤ السنبل) ولأبي ذر شطأ بالألف بدل الواو صورة الهمزة ( تنبت) بضم أوّله وكسر ثالثه من الإنبات ( الحبة) الواحدة ( عشرًا) من السنابل ( أو ثمانيًا) ولأبي ذر وثمانيًا بإسقاط الألف ( وسبعًا) قال تعالى: { كمثل حبة أنبتت سبع سنابل} [البقرة: 61] ( فيقوى بعضه ببعض فذاك قوله تعالى: { فآزره} ) أي ( قوّاه) وأعانه ( ولو كانت واحدة لم تقم على ساق وهو) أي ما ذكر ( مثل ضربه الله للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ خرج) على كفار مكة ( وحده) يدعوهم إلى الله أو لما خرج من بيته وحده حين اجتمع الكفار على أذاه ( ثم قواه) عز وجل ( بأصحابه) المهاجرين والأنصار ( كما قوّى الحبة بما يثبت) بفتح أوله وضم ثالثه وبضم ثم كسر ( منها) وقال غيره هو مثل ضربه الله لأصحاب محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الإنجيل أنهم يكونون
قليلًا ثم يزدادون ويكثرون.
وقال قتادة: مثل أصحاب محمد في الإنجيل مكتوب له سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.