فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} [الممتحنة: 12]

باب { إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ}
هذا ( باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ( { إذا جاءك المؤمنات} ) يوم الفتح ( { يبايعنك} ) [الممتحنة: 12] سقط باب لغير أبي ذر.


[ قــ :4628 ... غــ : 4892 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَرَأَ عَلَيْنَا: { أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} "، وَنَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ، فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ يَدَهَا فَقَالَتْ: أَسْعَدَتْنِي فُلاَنَةُ أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا، فَمَا
قَالَ: لَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا، فَانْطَلَقَتْ وَرَجَعَتْ، فَبَايَعَهَا.

وبه قال: ( حدّثنا أبو معمر) عبد الله بن عمرو المقعد البصري قال: ( حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد التنوري بفتح الفوقية وتشديد النون قال: ( حدّثنا أيوب) السختياني ( عن حفصة بنت سيرين) أُم الهذيل الأنصارية البصرية ( عن أم عطية) نسيبة بنت الحارث ( -رضي الله عنها-) أنها ( قالت بايعنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقرأ علينا { أن لا يشركن بالله شيئًا} ونهانا عن النياحة) رفع الصوت على الميت بالندب وهو عدّ محاسنه كواكهفاه واجبلاه ( فقبضت امرأة) هي أم عطية ( يدها) عن المبايعة ( فقالت أسعدتني فلانة) أي قامت معي في نياحة على ميت لي تواسيني قال الحافظ ابن حجر لم أقف على اسم فلانة ( أريد أن أجزيها) بفتح الهمزة وسكون الجيم وكسر الزاي المعجمة بالإسعاد ( فما قال لها النبي شيئًا) بل سكت ( فانطلقت) من عنده ( ورجعت) إليه عليه الصلاة والسلام ( فبايعها) .

وللنسائي قال: فاذهبي فاسعديها.
قالت: فذهبت فساعدتها ثم جئت فبايعته وعند مسلم أن أُم عطية قالت إلا آل فلان فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية فلا بدّ لي من أن أسعدهم، فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "إلا آل فلان" وحمله النووي على الترخيص لأم عطية في آل فلانة خاصة.
قال: فلا تحل النياحة لغيرها ولا لها في غير آل فلان كما هو صريح الحديث.
وللشارع أن يخص من العموم ما شاء انتهى.

وأورد عليه حديث ابن عباس عند ابن مردويه وفيه قال: لما أخذ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على النساء فبايعهن أن لا يشركن بالله شيئًا الآية.
قالت خولة بنت حكيم: يا رسول الله كان أبي وأخي ماتا في الجاهلية وإن فلانة أسعدتني وقد مات أخوها الحديث.
وحديث أم سلمة وأسماء بنت يزيد الأنصارية عند الترمذي قالت: قلت: يا رسول الله إن بني فلان أسعدوني على عمي ولا بدّ لي من قضائهن فأبى قالت فراجعته مرارًا فأذن لي ثم لم أنح بعد ذلك.

وعند أحمد والطبري من طريق مصعب بن نوح قال أدركت عجوزًا لنا فيمن بايع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت: فأخذ علينا ولا تَنُحْن فقالت عجوز: يا نبي الله إن ناسًا كانوا أسعدونا على مصائب أصابتنا وأنهم قد أصابتهم مصيبة فأنا أريد أن أسعدهم قال: اذهبي فكافئيهم قالت فانطلقت فكافأتهم ثم إنها أتت فبايعته وحينئذٍ فلا خصوصية لأُم عطية، والظاهر أن النياحة كانت مباحة ثم كرهت كراهة تنزيه ثم تحريم فيكون الإذن لمن ذكر وقع لبيان الجواز مع الكراهة ثم لما تمت مبايعة النساء وقع التحريم فورد حينئذٍ الوعيد الشديد.

وفي حديث أبي مالك الأشعري عند أبي يعلى أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "النائحة إذا لم تُتب قبل موتها تُقام يوم القيامة عليها سربال من قطران ودرع من جرب".

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الأحكام.




[ قــ :469 ... غــ : 4893 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ
الزُّبَيْرَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: { وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} قَالَ إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ شَرَطَهُ اللَّهُ لِلنِّسَاءِ.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: ( حدّثنا وهب بن جرير) بفتح الجيم ( حدّثنا أبي) جرير بن حازم الجهضمي ( قال: سمعت الزبير) ابن خرّيت بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء وبعد التحتية الساكنة فوقية البصري ( عن عكرمة) مولى ابن عباس ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- يقول ( في قوله) تعالى: ( { ولا يعصينك في معروف} ) [الممتحنة: 1] ( قال إنما هو) يعني النوح أو لا يخلون الرجل بالمرأة أو أعم ( شرط شرطه الله للنساء) أي عليهن وهذا لا ينفي أن يكون شرطًا للرجال أيضًا فقد بايعهم في العقبة على ذلك لأن مفهوم اللقب لا اعتبار به.




[ قــ :4630 ... غــ : 4894 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَاهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ -رضي الله عنه- قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «أَتُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَسْرِقُوا»، وَقَرَأَ آيَةَ النِّسَاءِ وَأَكْثَرُ لَفْظِ سُفْيَانَ قَرَأَ الآيَةَ «فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ، فَهْوَ إِلَى اللَّهِ: إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدثنا سفيان) بن عيينة ( قال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( حدّثناه) هو من تقديم الاسم على الفعل أي حدّثنا الزهري بالحديث الذي يريد أن يذكره ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أبو إدريس) عائذ الله بالمعجمة الخولاني بفتح الخاء المعجمة أنه ( سمع عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: كنا عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( أتبايعوني) ولأبي ذر أتبايعونني ( على أن لا تشركوا بالله شيئًا ولا تزنوا ولا تسرقوا) فيه حذف المفعول ليدل على العموم ( وقرأ آية النساء) { يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا} [الممتحنة: 1] الآية.
وسقطت واو وقرأ لأبي ذر ( وأكثر لفظ سفيان) بن عيينة ( قرأ الآية) بدون لفظ النساء ولأبي ذر عن الكشميهني: قرأ في الآية والأولى أولى ( فمن وفى) بالتخفيف ( منكم) بأن ثبت على العهد ( فأجره على الله) فضلًا منه عليه بأن يدخله الجنة ( ومن أصاب من ذلك شيئًا) غير الشرك ( فعوقب) زاد أحمد به أي بسببه في الدنيا بأن أقيم عليه الحد ( فهو كفارة له) فلا يعاقب عليه في الآخرة كما عليه الأكثر لأن الحدود كفارات ( ومن أصاب منها شيئًا من ذلك) مما يوجب الحد ولأبي ذر عن الكشميهني من ذلك شيئًا ( فستره الله فهو) مفوّض ( إلى الله إن شاء عذبه) عدلًا ( وإن شاء غفر له) فضلًا ولأبي ذر غفر له منها ( تابعه) أي تابع سفيان ( عبد الرزاق) بن همام ( عن معمر) هو ابن راشد عن الزهري وزاد أبو ذر عن المستملي في الآية ووصله مسلم عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق عقب رواية سفيان وقال في آخره وزاد في الحديث فتلا علينا آية النساء { أن لا يشركن بالله شيئًا} هذه المبايعة كانت ليلة
العقبة الأولى كما وقع البحث فيه في كتاب الإيمان فراجعه.




[ قــ :4631 ... غــ : 4895 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمٍ أَخْبَرَهُ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: شَهِدْتُ الصَّلاَةَ يَوْمَ الْفِطْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رضي الله عنهم-، فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدُ، فَنَزَلَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجَلِّسُ الرِّجَالَ بِيَدِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ مَعَ بِلاَلٍ فَقَالَ: «{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} [الممتحنة: 1] ».
حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ: «أَنْتُنَّ عَلَى ذَلِكَ»،.

     وَقَالَ تِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ يَدْرِي الْحَسَنُ مَنْ هِيَ قَالَ: «فَتَصَدَّقْنَ» وَبَسَطَ بِلاَلٌ ثَوْبَهُ فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلاَلٍ.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الرحيم) صاعقة قال: ( حدّثنا هارون بن معروف) البغدادي المروزي الضرير قال: ( حدّثنا عبد الله بن وهب) المصري الفقيه ( قال: وأخبرني) عطف على محذوف ( ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ( أن الحسن بن مسلم) اسم جده يناق بالتحتية وتشديد النون وبعد الألف قاف المكي ( أخبره عن طاوس) اليماني ( عن ابن عباس رضي الله عنهما) أنه ( قال: شهدت الصلاة يوم) عيد ( الفطر مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- و) مع ( أبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم-) في خلافتهم ( فكلهم يصلّيها) أي صلاة العيد ( قبل الخطبة ثم يخطب بعد فنزل نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما فرغ من الخطبة ( فكأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده) بفتح الجيم وتشديد اللام المكسورة ( ثم أقبل يشقهم حتى أتى النساء مع بلال فقال: { يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن} ) يريد وأد البنات ( { ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن} ) أي بولد ملقوط ينسبنه إلى الزوج ( حتى فرغ من الآية كلها ثم قال حين فرغ: أنتن على ذلك) بكسر الكاف خطابًا للنساء أي على المذكور في الآية ( وقالت) ولأبي ذر فقالت بالفاء بدل الواو ( امرأة واحدة) منهن ( لم يجبه غيرها نعم يا رسول الله لا يدري الحسن) بن مسلم الراوي ( من هي) وقيل إنها أسماء بنت يزيد ( قال) عليه الصلاة والسلام ( فتصدقن، وبسط بلال ثوبه فجعلن يلقين الفتخ) بفتحات وآخره معجمة الخواتيم العظام أو حلق من فضة لا فصّ فيها ( والخواتيم) الصغار ( في ثوب بلال) ليتصدق به عنهن فيمن يستحق.


[61] سورة الصَّفِّ
( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) .
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ { مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} : مَنْ يَتَّبِعُنِي إِلَى اللَّهِ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ { مَرْصُوصٌ} : مُلْصَقٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ،.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ: بِالرَّصَاصِ.

( [61] سورة الصّفّ)
مدنية أو مكية وآيها أربع عشرة.

( بسم الله الرحمن الرحيم) سقطت البسملة لغير أبي ذر.

( وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي في قوله تعالى: ( { من أنصاري إلى الله} ) [الصف: 14] أي ( من يتبعني إلى الله) بتشديد الفوقية بعد التحتية ولأبي ذر عن الكشميهني من تبعني بإسقاط التحتية.

( وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله تعالى: ( { مرصوص} ) [الصف: 14] أي ( ملصق بعضه ببعض) ولأبي ذر إلى بعض ( وقال غيره) أي غير يحيى ولأبي ذر وقال يحيى هو ابن زياد الفراء كما قال الحافظ أبو ذر ( بالرصاص) بفتح الراء.