فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب تزويج الثيبات

باب الثَّيِّبَاتِ .

     وَقَالَتْ  أُمُّ حَبِيبَةَ قَالَ: لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ»
( باب الثيبات) اللاتي تزوجن، ولأبي ذر باب تزويج الثيبات ( وقالت أم حبيبة) أم المؤمنين
رملة بنت أبي سفيان الأموي مما وصله في باب وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم الآتي إن شاء الله تعالى ( قال النبي) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر قال لي النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مخاطبًا لأزواجه ( لا تعرضن) بفتح التاء وسكون العين المهملة وكسر الراء وسكون الضاد المعجمة مصححًا عليها في الفرع ( عليّ بناتكن ولا أخواتكن) لحرمتهن لأنهن ربائبه وهو يحقق أنه عليه الصلاة والسلام تزوج الثيب ذات البنت من غيره، فحصلت المطابقة بين الحديث والترجمة.


[ قــ :4807 ... غــ : 5079 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَفَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ غَزْوَةٍ، فَتَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِي قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِي فَنَخَسَ بَعِيرِي بِعَنَزَةٍ كَانَتْ مَعَهُ، فَانْطَلَقَ بَعِيرِي كَأَجْوَدِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الإِبِلِ، فَإِذَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: «مَا يُعْجِلُكَ»؟ قُلْتُ: كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرُسٍ.
قَالَ: «بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا»؟ قُلْتُ: ثَيِّبٌ قَالَ: «فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ».
قَالَ: فَلَمَّا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ قَالَ: «أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلًا -أَيْ عِشَاءً- لِكَىْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: ( حدّثنا هشيم) بضم الهاء وفتح الشين المعجمة ابن بشير بضم الموحدة وفتح الشين المعجمة قال: ( حدّثنا سيار) بفتح السين المهملة وتشديد التحتية ابن أبي سيار واسمه وردان العنزي الواسطي ( عن الشعبي) عامر بن شراحيل ( عن جابر بن عبد الله) الأنصاري -رضي الله عنهما- أنه ( قال: قفلنا) رجعنا ( مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من غزوة) هي غزوة تبوك ( فتعجلت على بعير لي قطوف) بفتح القاف أي بطيء ( فلحقني راكب من خلفي فنخس بعير بعنزة) عصا طويلة أقصر من الرمح ( كانت معه فانطلق بعيري كأجود ما أنت راءٍ من الإبل) بتنوين راء ( فإذا) هو ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) لي:
( ما يعجلك) ؟ بضم التحتية وسكون العين وكسر الجيم أي ما سبب إسراعك ( قلت: كنت حديث عهد بعرس) بضم العين والراء المهملتين في الفرع كأصله وفي نسخة بسكون الراء أي قريب البناء بامرأة ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أتزوجت ( بكرًا) ولأبي ذر أبكرًا بإثبات همزة الاستفهام ( أم) تزوجت ( ثيبًا؟ قلت) هي ( ثيب) ولأبي ذر ثيبًا نصب بتقدير تزوجت ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( فهلا) تزوجت ( جارية) بكرًا ( تلاعبها وتلاعبك) وعند الطبراني من حديث كعب بن عجرة أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لرجل فذكر الحديث نحو حديث جابر وفيه تعضها وتعضك، وكلمة هلا للتحضيض ( قال) جابر: ( فلما ذهبنا) لندخل المدينة ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( أمهلوا) بهمزة قطع ( حتى تدخلوا ليلًا أي عشاءً) قال الحافظ ابن حجر: وهذا يعارضه الحديث الآخر الآتي قبيل أبواب الطلاق لا يطرق أحدكم أهله ليلًا وهو من طريق الشعبي عن جابر أيضًا ويجمع بينهما بأن الذي في الباب لمن علم خبر مجيئه والعلم بوصوله والآتي لمن قدم بغتة ( لكي تمتشط الشعثة) بفتح الشين المعجمة، وكسر العين المهملة، وفتح المثلثة، المنتشرة الشعر المغبرة الرأس الغير المتزينة ( وتستحد المغيبة) بضم الميم
وكسر الغين المعجمة وسكون التحتية بعدها موحدة أي تستعمل الحديدة وهي الموسى في إزالة الشعر من غاب عها زوجها أي لأن تتهيأ وتتزين لزوجها بامتشاط الشعر وتنظيف البدن.

وهذا الحديث قد سبق مطوّلًا ومختصرًا في البيوع والاستقراض والشروط والجهاد.




[ قــ :4808 ... غــ : 5080 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَارِبٌ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ تَزَوَّجْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
«مَا تَزَوَّجْتَ»؟ فَقُلْتُ: تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا.
فَقَالَ: «مَا لَكَ وَلِلْعَذَارَى وَلِعَابِهَا».
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، فَقَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ».

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا محارب) بضم الميم وفتح الحاء المهملة وبعد الألف راء مكسورة فموحدة ابن دثار بكسر الدال المهملة وفتح المثلثة آخره راء السدوسي ( قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عهما يقول تزوّجت فقال لي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ما تزوّجت؟ فقلت) : يا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( تزوجت ثيبًا.
فقال)
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( ما لك وللعذارى) بالذال المعجمة أي الأبكار ( ولعابها) بكسر اللام مصدر من الملاعبة يقال: لاعب لعابًا وملاعبة.
قال في الفتح: وفي رواية المستملي ولعابها بضم اللام والمراد به الريق وفيه إشارة إلى مصّ لسانها ورشف شفتها وذلك يقع عند الملاعبة والتقبيل وليس ببعيد كما قاله القرطبي، يؤيده أنه بمعنى آخر غير المعنى الأول وعند ابن ماجة عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواهًا وأنتق أرحامًا بنون وفوقية أي أكثر حركة قال محارب: ( فذكرت ذلك) وهو قوله ما لك وللعذارى ( لعمرو بن دينار فقال عمرو: وسمعت جابر بن العبد الله يقول: قال لي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هلا جارية تلاعبها وتلاعبك) تعليل لتزويج البكر لما في من الإلفة التامة فإن الثيب قد تكون متعلقة القلب بالزوج الأول، فلم تكن محبتها كاملة بخلاف البكر وذكر ابن سعد أن اسم امرأة جابر المذكورة سهلة بنت مسعود بن أوس بن مالك الأنصارية الأوسية وقد كان بين تزويج جابر لهذه المرأة وسؤاله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له عن ذلك مدة طويلة.