فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب يقل الرجال ويكثر النساء

باب يَقِلُّ الرِّجَالُ وَيَكْثُرُ النِّسَاءُ،.

     وَقَالَ  أَبُو مُوسَى: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَتَرَى الرَّجُلَ الْوَاحِدَ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً، يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ»
هذا ( باب) بالتنوين ( يقل الرجال ويكثر النساء) أي في آخر الزمان ( وقال أبو موسى) عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله عنه- فيما سبق موصولًا في باب الصدقة قبل الرد من كتاب
الزكاة ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه قال: ( وترى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة) وللحموي والمستملي: نسوة بدل امرأة وهو خلاف القياس ( يلذن) بضم اللام وسكون المعجمة يستغثن ( به) ويلتجئن ( من قلة الرجال وكثرة النساء) .


[ قــ :4953 ... غــ : 5231 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: لأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لاَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَكْثُرَ الْجَهْلُ، وَيَكْثُرَ الزِّنَا، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الْخَمْرِ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ».

وبه قال: ( حدّثنا حفص بن عمر الحوضي) بفتح الحاء المهملة وسكون الواو بعدها ضاد معجمة مكسورة قال: ( حدّثنا هشام) الدستوائي ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه ( قال) والله ( لأحدّثنكم حديثًا) ولأبي ذر بحديث ( سمعته من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يحدّثكم به أحد غيري) لأنه آخر من مات بالبصرة من الصحابة أو كان إذ ذاك في آخر عمره حيث لن يبق بعده من الصحابة من ثبت سماعه من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا النادر ممن لم يكن هذا الحديث من مرويه وعند ابن ماجة لا يحدّثكم به أحد بعدي ( سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( إن من أشراط الساعة) أي علاماتها ( أن يرفع العلم) لكثرة قتل العلماء بسبب الفتن وفي كتاب العلم أن يقل العلم فيحتمل أن يكون المراد بالقلة أولًا وبالرفع آخرًا أو أطلقت القلة وأريد بها العدم كعكسه ( ويكثر الجهل) بسبب رفع العلم ( ويكثر الزنا ويكثر شرب الخمر ويقل الرجال ويكثر النساء) بسبب القتل في الرجال من كثرة الفتن دون النساء لأنهن لسن من ذوات الحرب وقيل بل هي علامة محضة لا بسبب آخر بل يقدر الله في آخر الزمان أن يقل من يولد من الذكور ويكثر من يولد من الإناث ( حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد) أي من يقوم بأمرهن واللام للعهد إشارة إلى المعهود من كون الرجال قوّامين على النساء، ويحتمل أن يكنى بذلك عن اتباعهن لطلب النكاح حلالًا أو حرامًا.
وقوله: لخمسين لا ينافي قوله في المعلق السابق أربعون لأن الأربعين داخلة في الخمسين، أو المراد المبالغة في كثرة النساء بالنسبة إلى الرجال أو الأربعين عدد من يلذن به، والخمسين عدد من يتبعه وهو أعم من أن يلذن به فلا منافاة.
وقد روى علي بن سعيد في كتاب الطاعة والمعصية عن حذيفة قال: إذا عمت الفتنة ميز الله أولياءه حتى يتبع الرجل خمسون امرأة تقول: يا عبد الله استرني يا عبد الله آوني.
قال في الفتح: وكأن هذه الأمور الخمسة خصت بالذكر لأشعارها باختلاف الأحوال التي يحصل بحفظها صلاح المعاش والمعاد وهي الدين لأن رفع العلم يخل به والعقل لأن شرب الخمر يخل به والنسب لأن الزنا يخل به والنفس والمال لأن كثرة الفتن تخل بهما.

وفي الحديث الإخبار بما سيقع.

وهذا الحديث قد سبق في كتاب العلم.