فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة

باب إِمَاطَةِ الأَذَى عَنِ الصَّبِيِّ فِي الْعَقِيقَةِ
( باب إماطة الأذى) أي إزالته ( عن الصبي في العقيقة) .


[ قــ :5176 ... غــ : 5471 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: مَعَ الْغُلاَمِ عَقِيقَةٌ.
.

     وَقَالَ  حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ وَقَتَادَةُ وَهِشَامٌ وَحَبِيبٌ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ سَلْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
.

     وَقَالَ  غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عَاصِمٍ وَهِشَامٍ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنِ الرَّبَابِ عَنْ سَلْمَانَ بن عامر الضبي عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ سَلْمَانَ قَوْلَهُ.
[الحديث 5471 - أطرافه في: 5472] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: ( حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم الإمام أبو إسماعيل الأزدي الأزرق أحد الأئمة الأعلام ( عن أيوب) السختياني ( عن محمد) هو ابن سيرين ( عن سلمان بن عامر) الضبي بالضاد المعجمة والموحدة المشددة الصحابي -رضي الله عنه- ليس له في البخاري غير هذا الحديث أنه ( قال: مع الغلام عقيقة) أي عقيقة مصاحبة له بعد ولادته فيعق عنه.

( وقال حجاج) هو ابن منهال فيما وصله الطحاوي وابن عبد البر والبيهقي من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي عن حجاج بن منهال ( حدّثنا حماد) هو ابن سلمة قال: ( أخبرنا أيوب) السختياني ( وقتادة) بن دعامة السدوسي الحافظ المفسر ( وهشام) هو ابن حسان الأزدي ( وحبيب) هو ابن الشهيد أربعتهم ( عن ابن سيرين) محمد ( عن سلمان) بن عامر -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهذا وقفه حماد بن زيد ورفعه الآخران كما ترى.
وحماد بن سلمة وإن كان ليس على شرط المؤلّف لكنه يصلح للاستشهاد وقد وثقه غير واحد.

( وقال غير واحد) منهم سفيان بن عيينة كما نبه عليه في الفتح ( عن عاصم) هو ابن سليمان الأحول ( وهشام) هو ابن حسان ( عن حفصة بنت سيرين) أخت محمد بن سيرين ( عن الرباب)
بفتح الراء وبموحدتين مخففتين بينهما ألف صليع بالصاد والعين المهملتين ابن عامر الضبي ( عن) عمها ( سلمان بن عامر الضبي) وسقط ابن عامر الضبي لغير أبي ذر ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهذا وصله النسائي وأحمد من رواية ابن عيينة عن عاصم، وأبو داود والترمذي من رواية عبد الرزاق عن هشام، وابن ماجة من رواية عبد الله بن نمير عن هشام، وجماعة عن هشام عن حفصة بإسقاط الرباب كذا أخرجه الدارمي والحارث بن أبي أسامة وغيرهما ( ورواه يزيد بن إبراهيم) التستري ( عن ابن سيرين) محمد ( عن سلمان) بن عامر الضبي ( قوله) موقوفًا غير مرفوع ووصله الطحاوي في المشكل فقال: حدّثنا محمد بن خزيمة، حدّثنا حجاج بن منهال، حدّثنا يزيد بن إبراهيم.




[ قــ :5176 ... غــ : 547 ]
- وَقَالَ أَصْبَغُ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ حَدَّثَنَا سَلْمَانُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبِّيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَعَ الْغُلاَمِ عَقِيقَةٌ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى».

( وقال أصبغ) بن الفرج ( أخبرني) بالإفراد ( ابن وهب) عبد الله ( عن جرير بن حازم) بالحاء المهملة والزاي ( عن أيوب) بن أبي تميمة ( السختياني عن محمد بن سيربن) أنه قال: ( حدّثنا سلمان بن عامر الضيي) -رضي الله عنه- ( قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( مع الغلام عقيقة) مصاحبة له ( فأهريقوا عنه) بهمزة قطع فصبوا عنه ( دمًا) شاتين بصفة الأضحية عن الغلام وشاة عن الجارية رواه الترمذي وأبو داود والنسائي لأن الغرض استبقاء النفس فأشبهت الدّية لأن كلاًّ منهما فداء للنفس وتعين بذكر الشاة الغنم للعقيقة وبه جزم أبو الشيخ الأصبهاني، وقال البندنيجي من الشافعية: لا نص للشافعي في ذلك، وعندي لا يجزئ غيرها والجمهور على إجزاء الإبل والبقر أيضًا لحديث عند الطبراني عن أنس مرفوعًا: يعق عنه من الإبل والبقر والغنم: ( وأميطوا عنه الأذى) أزيلوًا عنه بحلق رأسه كما جزم به الأصمعي، وأخرجه أبو داود بسند صحيح عن الحسن، لكن وقع عند الطبراني من حديث ابن عباس ويماط عنه الأذى ويحلق رأسه فعطفه عليه، فالأولى حمل الأذى على ما هو أعم من حلق الرأس، ويؤيد ذلك أن في بعض الطرق مما رواه أبو الشيخ من حديث عمرو بن شعيب وتماط عنه أقذاره كالدم والختان.

وقال الطيبي: قوله ( فأهريقوا) حكم مرتب عليه الوصف المناسب المشعر بالعلية أي مقرون مع الغلام ما هو سبب لإهراق الدم، فالعقيقة هي ما يصحب المولود من الشعر والمراد بإهراق الدم العقيقة من الشاة فيكون ذبح الشاة وإزالة الشعر مرتبين على ما يصحب المولود والتعريف في الأذى للعهد والمعهود الشعر، وإليه أشار محيي السُّنَّة بقوله: العقيقة اسم للشعر الذي يحلق من رأس الصبي عند ولادته فسميت الشاة عقيقة على المجاز إذ كانت تذبح عند حلاق الشعر، وتعليق أصبغ هذا وصله الطحاوي عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب به، وهذه الطرق يقوي بعضها بعضًا.
والحديث مرفوع لا تضره رواية الوقف والله الموفق.

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ قَالَ: أَمَرَنِي ابْنُ سِيرِينَ أَنْ أَسْأَلَ الْحَسَنَ: مِمَّنْ سَمِعَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: مِنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عبد الله بن أبي الأسود) هو عبد الله بن محمد بن أبي الأسود واسم أبي الأسود حميد قال: ( حدّثنا قريش بن أنس) بضم القاف وفتح الراء بعدها تحتية ساكنة فشين معجمة البصري ليس له في البخاري غير هذا ( عن حبيب بن الشهيد) بفتح الحاء المهملة وكسر الموحدة والشهيد بالشين المعجمة وكسر الهاء أنه ( قال: أمرني ابن سيرين) محمد ( أن أسأل الحسن) البصري ( ممن سمع حديث العقيقة) أي المروي في السنن عنه مرفوعًا بلفظ: الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه ويسمى، ومعنى مرتهن قيل لا ينمو نموّ مثله حتى يعق عنه.
وقال الخطابي: وأجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أحمد بن حنبل أنه إذا لم يعق عنه لم يشفع في والديه يوم القيامة.
وتعقب بأن لفظ الحديث لا يساعد المعنى الذي أتى به بل بينهما من المباينة ما لا يخفى على عموم الناس فضلًا عن خصومهم، والمعنى إنما يؤخذ عن اللفظ وعند اشتراك اللفظ عن القرينة التي يستدل بها عليه، والحديث إذا استبهم معناه فأقرب السبب إلى إيضاحه استيفاء طرقه فإنها قلما تخلو عن زيادة أو نقصان أو إشارة بالألفاظ المختلف فيها فيستكشف بها ما أبهم منه.

وفي بعض طرق هذا الحديث كل غلام رهينة بعقيقته أي مرهون، والمعنى أنه كالشيء المرهون لا يتم الانتفاع والاستمتاع به دون فكه، والنعمة إنما تتم على المنعم عليه بقيامه بالشكر ووظيفة الشكر في هذه النعمة ما سنّه نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو أن يعق عن المولود شكرًا لله تعالى وطلبًا لسلامة المولود، ويحتمل أنه أراد بذلك أن سلامة المولود ونشأه على النعت المحبوب رهينة بالعقيقة هذا هو المعنى اللهم إلا أن يكون التفسير الذي سبق ذكره متلقى من قبل الصحابي ويكون الصحابي قد اطّلع على ذلك من مفهوم الخطاب أو قضية الحال، ويكون التقدير شفاعة الغلام لأبويه مرتهنة بعقيقته.
وتعقبه الطيبي فقال: لا ريب أن الإمام أحمد ما ذهب إلى هذا القول إلا بعد ما تلقى عن قول الصحابة والتابعين وهو إمام جليل يجب أن يتلقى كلمه بالقبول ويحسن الظن به فقوله لا يتم الانتفاع والاستمتاع به دون فكه يقتضي عمومه في الأمور الأخروية والدنيوية ونظر الألباء مقصور على الأول وأولى الانتفاع بالأولاد في الآخرة الشفاعة في الوالدين انتهى.

وقيل: المعنى أن العقيقة لازمة لا بدّ منها فشبه المولود في لزومها له وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن وهذا يقوي القول بالوجوب وقوله تذبح عنه يوم السابع تمسك به من قال: إنها مؤقتة بالسابع فإن ذبح قبله لم تقع الموقع وأنها تفوت بعده، وبه قال مالك، وقال أيضًا: إن مات قبل السابع سقطت، ونقل الترمذي أنه يوم السابع فإن لم يتهيأ فالرابع عشر فإن لم يتهيأ فأحد وعشرون وورد فيه حديث ضعيف، وذكر الرافعي أنه يدخل وقتها بالولادة ثم قال: والاختيار أنها
لا تؤخر عن البلوغ فإن أخّرت إلى البلوغ سقطت عمن كان يريد أن يعق عنه لكن إن أراد هو أن يعق عن نفسه فعل واختاره القفال، ونقل عن نص الشافعي في البويطي أنه لا يعق عن كبير.

قال ابن الشهيد: ( فسألته فقال) أي الحسن سمعته ( من سمرة بن جندب) الصحابي الكوفي الفزاري وقريش صدوق مشهور وثقه ابن معين والنسائي لكنه تغير قبل موته.
قال النسائي: بست سنين، وكذا قال البخاري في الضعفاء.
زاد ابن حبان فقال: حتى كان لا يدري ما يحدث به فظهر في روايته أشياء مناكير لا تشبه حديثه القديم، فلما ظهر ذلك من غير أن يتميز مستقيم حديثه من غيره لم مجز الاحتجاج به فيما انفرد به وأما ما وافق فيه الثقات فهو المعتبر وليس له في البخاري سوى هذا.

وأخرجه الترمذي عن البخاري عن ابن المديني وقد توقف البندنيجي في صحة هذا الحديث كما نقله في الفتح لما ذكر من اختلاط قريش وزعم أنه تفرّد به وأنه وهم.
قال ابن حجر: قد وجدنا له متابعًا أخرجه أبو الشيخ والبزار عن أبي هريرة وأيضًا فسماع ابن المديني وأقرانه من قريش كان قبل اختلاطه والله أعلم.