فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الشرب قائما

باب الشُّرْبِ قَائِمًا
( باب) حكم ( الشرب) حال كون الشارب ( قائمًا) .


[ قــ :5316 ... غــ : 5615 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ النَّزَّالِ قَالَ أَتَى عَلِيٌّ -رضي الله عنه- عَلَى بَابِ الرَّحَبَةِ فَشَرِبَ قَائِمًا فَقَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَشْرَبَ وَهْوَ قَائِمٌ، وَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِى فَعَلْتُ.
[الحديث 5615 - أطرافه في: 5616] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا مسعر) بكسر الميم وسكون السين وفتح العين المهملتين آخره راء ابن كدام الكوفي ( عن عبد الملك بن ميسرة) ضد الميمنة الزراد ( عن النزال) بالنون والزاي المشددة المفتوحتين أنه ( قال: أتى علي -رضي الله عنه-) بفتح الهمزة ولأبي ذر أُتي بضمها وكسر تاليها ( على باب الرحبة) بفتح الراء والحاء المهملة والموحدة أي رحبة المسجد والمراد مسجد الكوفة ولأبي ذر زيادة بماء ( فشرب) منه حال كونه ( قائمًا فقال: إن ناسًا يكره أحدهم أن يشرب) أي بأن وأن مصدرية أي يكره الشرب ( وهو قائم) أي في حالة القيام ( وإني رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعل كما رأيتموني فعلت) من الشرب قائمًا.

وهذا الحديث أخرجه أبو داود في الأشربة والنسائي في الطهارة.




[ قــ :5317 ... غــ : 5616 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ سَمِعْتُ النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ قَعَدَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ فِي رَحَبَةِ الْكُوفَةِ حَتَّى حَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ، ثُمَّ أُتِىَ بِمَاءٍ فَشَرِبَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهْوَ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قَائِمًا، وَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ.

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا عبد الملك بن ميسرة) قال: ( سمعت النزال بن سبرة) بفتح السين المهملة وسكون الموحدة بعدها راء فهاء ( يحدّث عن علي -رضي الله عنه- أنه صلّى الظهر ثم قعد في حوائج الناس) جمع حاجة على غير قياس.
قال في القاموس: الجمع حاج وحاجات وحوج وحوائج غير قياسي أو مولدة أو كأنهم جمعوا حائجة ( في رحبة الكوفة) قال في القاموس: ورحبة المكان وتسكن ساحته ومتسعه ( حتى حضرت صلاة العصر ثم أتي) بضم الهمزة ( بماء فشرب وغسل وجهه ويديه وذكر رأسه ورجليه) زاد النسائي من طرق عن شعبة وهذا وضوء من لم يحدّث وهي على شرط الصحيح ( ثم قام فشرب فضله) أي فضل الماء الذي توضأ منه ( وهو قائم ثم قال: إن ناسًا يكرهون الشرب قائمًا) أي يكرهون أن يشرب كلٌّ منهم قائمًا، ولأبي ذر عن الكشميهني قيامًا وهي واضحة ( وإن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صنع مثل ما صنعت) من شرب فضل الوضوء قائمًا.




[ قــ :5318 ... غــ : 5617 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَرِبَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمًا مِنْ زَمْزَمَ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا سفيان) الثوري أو ابن عيينة ورجح الأول في الفتح وجزم به المزي لأنه أشهر بصحبته وأكثر رواية عنه من ابن عيينة ( عن عاصم الأحول عن الشعبي) عامر بن شراحيل ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- أنه ( قال: شرب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه ( قائمًا من زمزم) وقد كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طاف على بعيره ثم أناخه بعد طوافه فصلّى ركعتين ثم شرب إذ ذاك من زمزم قبل أن يعود إلى بعيره، واستدلّ بهذه الأحاديث على جواز الشرب قائمًا وهو مذهب الجمهور، وكرهه قوم لحديث أنس عند مسلم أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زجر عن الشرب قائمًا، وحديث أبي هريرة في مسلم أيضًا: لا يشربن أحدكم قائمًا فمن نسي فليستقئ.
وعند أحمد من حديثه أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى رجلاً يشرب قائمًا فقال: ( قه) قال: لمه؟ قال: "أيسرك أن يشرب معك الهر" قال: لا.
قال: "قد شرب معك من هو شر منه الشيطان" لكنهم حملوا النهي على الاستحباب والحث على ما هو أولى وأكمل وذلك لأن في الشرب قائمًا ضررًا ما فكره من أجله لأنه يحرك خلطًا يكون القيء دواءه، وقوله في الحديث فمن نسي لا مفهوم له بل يستحب ذلك للعامد أيضًا بطريق الأولى، وقد سلك الأئمة في هذه الأحاديث مسالك أحسنها حمل الأحاديث النهي على كراهة التنزيه وأحاديث الجواز على بيانه، وقيل النهي إنما هو من جهة الطب مخافة وقوع ضرر به فإن الشرب قاعدًا أمكن وأبعد من السرف وحصول وجع الكبد والحلق وقد لا يأمن منه من شرب قائمًا على ما لا يخفى.