فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الحجامة من الداء

باب الْحِجَامَةِ مِنَ الدَّاءِ
( باب الحجامة من الداء) الحادث بالبدن.


[ قــ :5395 ... غــ : 5696 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الْحَجَّامِ فَقَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا عَنْهُ.

     وَقَالَ : «إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ وَالْقُسْطُ الْبَحْرِىُّ.

     وَقَالَ : لاَ تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنَ الْعُذْرَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالْقُسْطِ».

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي ( قال: أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي ( قال: أخبرنا حميد الطويل) أبو عبيدة البصري مولى طلحة الطلحات ( عن أنس -رضي الله عنه- أنه سئل عن أجر الحجام) ولأحمد عن يحيى القطان عن حميد عن كسب الحجام ( فقال: احتجم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حجمه أبو طيبة) بفتح الطاء المهملة وسكون التحتية وبعد الموحدة تاء اسمه نافع على الصحيح وحكاية ابن عبد البر أنه دينار وهموه فيها بأن دينارًا الحجام تابعي روى عن أبي طيبة وحديثه عند ابن منده لا لأنه أبو طيبة نفسه وعند البغوي بإسناد ضعيف أن اسمه ميسرة وقال العسكري الصحيح أنه لا يعرف اسمه ( وأعطاه صاعين من طعام) أي تمر زاد في البيوع ولو كان حرامًا لم يعطه ( وكلم) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( مواليه) هم بنو حارثة على الصحيح ومولاه منهم محيصة بن مسعود وإنما جمع الموالي مجازًا كما يقال بنو فلان قتلوا رجلاً ويكون الفاعل منهم واحدًا وحديث جابر أنه مولى بني بياضة وهم فإن مولى بني بياضة آخر يقال له أبو هند أن يخففوا عنه من خراجه ( فخففوا عنه وقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالسند المتقدم يخاطب أهل الحجاز من بلادهم حارة أو عامًا.

( إن أمثل ما تداويتم به) من هيجان الدم ( الحجامة) لأن دماء أهل الحجاز ومن في معناهم رقيقة تميل إلى ظاهر أجسادهم لجذب الحرارة الخارجة لها إلى سطح البدن وهي تنقي سطح البدن أكثر من الفصد وقد تغني عن كثير من الأدوية، قال في زاد المعاد: الحجامة في الأزمان الحارة والأمكنة الحارة والأبدان الحارة التي دم أصحابها في غاية النضج أنفع والفصد بالعكس ولذا كانت الحجامة أنفع للصبيان ولمن لا يقوى على الفصد انتهى.

وقد أخرج أبو نعيم من حديث عليّ رفعه ( خير الدواء الحجامة والفصد) لكن في سنده
حسين بن عبد الله بن ضميرة كذبه مالك وغيره، وعن ابن سيرين فيما أخرجه الطبراني بسند صحيح إذا بلغ الرجل أربعين سنة لم يحتجم.
قال الطبري: وذلك أنه يصير من حينئذ في انتقاص من عمره انحلال من قوى جسده فلا ينبغي أن يزيده وهنًا بإخراج الدم.
قال في الفتح بعد أن ذكر ذلك: وهو محمول على من لم تتعين حاجته إليه وعلى من لم يعتد به.

( و) أمثل ما تداويتم به ( القسط البحري وقال) عليه الصلاة والسلام بالإسناد السابق ( لا تعذبوا صبيانكم بالغمز) بالعصر باليد ( من العذرة) التي هي قرحة تخرج بين الأنف والحلق كما مر مع غيره قريبًا وكانت المرأة تأخذ خرقة فتفتلها فتلاً شديدًا وتدخلها في حلق الصبي وتعصر عليه فينفجر منه دم أسود ربما أقرحته فحذّرهم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من ذلك وأرشدهم إلى استعمال ما فيه دواء ذلك من غير ألم فقال: ( وعليكم بالقسط) فإنه دواء للعذرة لا مشقة فيه، وفي حديث جابر دخل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على عائشة وعندها صبي يسيل منخراه دمًا فقال: ما هذا؟ قالوا: به العذرة أو وجع في رأسه.
قال: ويلكن لا تقتلن أولادكن أيما امرأة أصاب ولدها عذرة أو وجع في رأسه فلتأخذ قسطًا هنديًا فتحكه بماء ثم تسعطه إياه فأمرت عائشة وصنع ذلك بالصبي فبرأ رواه أحمد وغيره.




[ قــ :5396 ... غــ : 5697 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى عَمْرٌو وَغَيْرُهُ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - عَادَ الْمُقَنَّعَ ثُمَّ قَالَ: لاَ أَبْرَحُ حَتَّى تَحْتَجِمَ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ فِيهِ شِفَاءً».

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن تليد) هو سعيد بن عيسى بن تليد بفوقية مفتوحة وتحتية ساكنة بينهما لام مكسورة الرعيني القتباني بكسر القاف وسكون الفوقية وبعد الموحدة ألف فنون قال: ( حدّثني) بالإفراد ( ابن وهب) عبد الله المصري قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عمرو) بفتح العين ابن الحارث المصري ( وغيره) قال في الفتح: يغلب على ظني أنه ابن لهيعة ( أن بكيرًا) بضم الموحدة ابن عبد الله بن الأشج ( حدّثه أن عاصم بن عمر بن قتادة) بن النعمان الظفري ( حدّثه أن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( -رضي الله عنهما- عاد المقنع) بضم الميم وفتح القاف والنون المشددة بعدها عين مهملة ابن سنان التابعي قال الحافظ ابن حجر لا أعرفه إلا في هذا الحديث ( ثم قال) له ( لا أبرح) لا أخرج من عندك ( حتى تحتجم فإني سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( إن فيه) في الحجم ( شفاء) من هيجان الدم.

وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الطب وكذا مسلم والنسائي.