فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يجوز من الهجران لمن عصى

باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْهِجْرَانِ لِمَنْ عَصَى
وَقَالَ كَعْبٌ حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَهَى النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا وَذَكَرَ خَمْسِينَ لَيْلَةً.

( باب ما يجوز من الهجران لمن عصى) لينتهي عن عصيانه ( وقال كعب) هو ابن مالك الأنصاري كما سبق موصولاً في حديثه الطويل في أواخر المغازي ( حين تخلف) في غزوة تبوك ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ونهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المسلمين عن كلامنا) زاد في غزوة تبوك أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه فاجتنبنا الناس الحديث وسمى الاثنين فيه وهما مرارة بن الربيع وهلال بن أمية ( وذكر) أن زمان هجرة المسلمين عنهم كان ( خمسين ليلة) .
قال الطبري: وهذه القصة أصل في هجران أهل المعاصي أي نحو الفاسق والمبتدع وإنما لم يهجر الكافر مع كونه أشد جرمًا لأن الهجرة تكون بالقلب واللسان فالكافر بالقلب وترك التودد والتعاون والتناصر ولم يشرع هجرانه بالكلام لعدم ارتداعه به عن كفره بخلاف المسلم العاصي فإنه ينزجر بذلك غالبًا.


[ قــ :5750 ... غــ : 6078 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنِّى لأَعْرِفُ غَضَبَكِ وَرِضَاكِ».
قَالَتْ: قُلْتُ: وَكَيْفَ تَعْرِفُ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِنَّكِ إِذَا كُنْتِ رَاضِيَةً قُلْتِ: بَلَى وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ سَاخِطَةً قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ» قَالَتْ:.

قُلْتُ أَجَلْ لَسْتُ أُهَاجِرُ إِلاَّ اسْمَكَ.

وبه قال: ( حدّثنا محمد) هو ابن سلام قال: ( أخبرنا عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة ابن سليمان ( عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة رضى الله عنها) أنها ( قالت: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إني لأعرف غضبك ورضاك قالت: قلت) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وقلت ( وكيف تعرف ذاك) الغضب والرضا مني ( يا رسول الله؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( إنك إذا كنت راضية قلت بلى) ولأبي ذر لا ( ورب محمد وإذا كنت ساخطة قلت لا ورب إبراهيم قالت: قلت أجل لست أهجر إلا اسمك) بفتح الهمزة والجيم وتخفيف اللام كنعم وزنًا ومعنى إلا أن نعم أحسن في جواب الاستفهام وأجل أحسن في التصديق قاله الأخفش.

فإن قلت: الغضب على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- معصية كبيرة.
أجيب: بأن الحامل لعائشة على ذلك إنما هو الغيرة التي جبلت عليها النساء وهي لا تنشأ إلا عن فرط المحبة فلما كان غضبها ذلك لا
يستلزم البغض اغتفر وقد دل قولها -رضي الله عنها- لا أهجر إلا اسمك على أن قلبها مملوء بمحبته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

والحديث أخرجه مسلم في الفضائل.