فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إكرام الكبير، ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال

باب إِكْرَامِ الْكَبِيرِ، وَيَبْدَأُ الأَكْبَرُ بِالْكَلاَمِ وَالسُّؤَالِ
( باب إكرام الكبير وببدأ الأكبر) في السن ( بالكلام والسؤال) إذا تساويا في الفضل وإلاّ فيقدّم الفاضل.

6142 و 6143 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى الأَنْصَارِ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَسَهْلَ بْنَ أَبِى حَثْمَةَ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ أَتَيَا خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِى النَّخْلِ فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَحُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَكَلَّمُوا فِى أَمْرِ صَاحِبِهِمْ، فَبَدَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَبِّرِ الْكُبْرَ» - قَالَ يَحْيَى: لِيَلِىَ الْكَلاَمَ الأَكْبَرُ فَتَكَلَّمُوا فِى أَمْرِ صَاحِبِهِمْ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَتَسْتَحِقُّونَ قَتِيلَكُمْ -أَوْ قَالَ صَاحِبَكُمْ- بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ» قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْرٌ لَمْ نَرَهُ قَالَ: «فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ فِى أَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ» قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْمٌ كُفَّارٌ فَوَدَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ قِبَلِهِ.
قَالَ سَهْلٌ: فَأَدْرَكْتُ نَاقَةً مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ فَدَخَلَتْ مِرْبَدًا لَهُمْ فَرَكَضَتْنِى بِرِجْلِهَا.
قَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِى يَحْيَى عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ يَحْيَى: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مَعَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلٍ وَحْدَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الأزدي الواشحي بشين معجمة فحاء مهملة قاضي مكة ثقة حافظ قال: ( حدّثنا حماد هو ابن زيد) أي ابن درهم الإمام أبو إسماعيل الأزدي الأزرق وسقط لفظ هو لأبي ذر ( عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن بشير بن يسار) بضم الموحدة وفتح الشين المعجمة في الأول وفتح التحتية والسين المهملة المخففة في الثاني الحارثي ( مولى الأنصار عن رافع بن خديج) بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة وبعد التحتية الساكنة جيم الأنصاري الحارثي الأوسي المدني ( وسهل بن أبي حثمة) بفتح السين المهملة وسكون الهاء وأبو حثمة بفتح الحاء المهملة وسكون المثلثة واسمه عامر بن ساعدة الأنصاري الحارثي -رضي الله عنهما- ( أنهما حدثاه) ولأبي الوقت أو حدثنا ( أن عبد الله بن سهل) الأنصاري أخا عبد الرحمن بن سهل ( ومحيصة) بضم الميم وفتح الحاء والصاد المهملتين بينهما تحتية مكسورة مشددة ( ابن مسعود أتيا خيبر) في أصحاب لهما يمتارون تمرًا ( فتفرقا) أي عبد الله بن سهل ومحيصة ( في النخل فقتل عبد الله بن سهل) فوجده محيصة في عين مطروحًا قد كسرت عنقه وهو يتشحط في دمه ( فجاء عبد الرحمن بن سهل) أخو عبد الله المقتول ( وحويصة) بضم الحاء المهملة وفتح الواو وتشديد
التحتية المكسورة بعدها صاد مهملة ( و) أخوه ( محيصة ابنا مسعود إلى النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتكلموا) أي الثلاثة ( في أمر صاحبهم) عبد الله المقتول ( فبدأ عبد الرحمن) أخوه بالكلام ( وكان أصغر القوم فقال النبي) ولأبي ذر فقال له النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( كبر الكبر) بهمزة وصل وضم الكاف وتسكين الموحدة جمع الأكبر أي قدم الأكبر سنًّا للتكلم لتحقق صورة القصة وكيفيتها إلا أنه يدعيها إذ حقيقة الدعوى إنما هي لأخيه عبد الرحمن ( قال يحيى) بن سعيد الأنصاري ( ليلي الكلام) ولأبي ذر يعني ليلي الكلام ( الأكبر) سنًّا ( فتكلموا في أمر صاحبهم) وفي الجهاد فسكت يعني عبد الرحمن فتكلما يعني حويصة ومحيصة ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: تستحقون قتيلكم) أي ديته ( أو قال صاحبكم بأيمان خمسين) رجلاً ( منكم) ( قالوا يا رسول الله أمر لم نره) فكيف نحلف عليه ( قال) : -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فتبرئكم) بتشديد الراء المكسورة أي تخلصكم والذي في اليونينية فتبرئكم بسكون الباء الموحدة ( يهود) من اليمين ( في أيمان خمسين رجلاً منهم) وتبرأ إليكم من دعواكم ( قالوا: يا رسول الله قوم كفار) كيف نأخذ أيمانكم؟ والحاصل أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بدأ بالمدعين في الأيمان فلما نكلوا ردها على المدعى عليهم فلم يرضوا بأيمانهم ( فوداهم) بواو ودال مهملة مخففة مفتوحتين أعطاهم ديته ولأبي ذر ففداهم ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من قبله) بكسر القاف وفتح الموحدة من عنده أو من بيت المال ولأبي ذر عن الكشميهني من قتله بفتح القاف وفوقية ساكنة بدل الموحدة.

( قال سهل) : هو ابن أبي حثمة المذكور ( فأدركت ناقة من تلك الإبل) التي وداها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في ديته ( فدخلت) بفتح اللام وسكون الفوقية أي الناقة ( مربدًا لهم) بفتح الميم في اليونينية وفي غيرها بكسرها وفتح الموحدة أي الموضع الذي تجتمع فيه الإبل ( فركضتني) أي رفستني ( برجلها) قال ذلك ليبين ضبطه للحديث ضبطًا شافيًا بليغًا.

( قال الليث) بن سعد الإمام مما وصله مسلم والترمذي والنسائي ( حدثني) بالإفراد ( يحيى) بن سعيد الأنصاري ( عن بشير) هو ابن يسار الذكور ( عن سهل) هو ابن أبي حثمة ( قال يحيى) بن سعيد الأنصاري ( حسبت أنه) أي بشيرًا ( قال) : عن سهل ( مع رافع بن خديج) .

( وقال ابن عيينة) سفيان مما وصله مسلم والنسائي ( حدّثنا يحيى) بن سعيد ( عن بشير عن سهل وحده) أي يقل ورافع بن خديج.


[ قــ :5814 ... غــ : 6144 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَخْبِرُونِى بِشَجَرَةٍ مَثَلُهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَلاَ تَحُتُّ وَرَقَهَا»، فَوَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، وَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَلَمَّا لَمْ يَتَكَلَّمَا قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هِىَ النَّخْلَةُ» فَلَمَّا خَرَجْتُ مَعَ أَبِى قُلْتُ: يَا أَبَتَاهْ وَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ
قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَهَا لَوْ كُنْتَ قُلْتَهَا كَانَ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: مَا مَنَعَنِى إِلاَّ أَنِّى لَمْ أَرَكَ وَلاَ أَبَا بَكْرٍ تَكَلَّمْتُمَا فَكَرِهْتُ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد ( عن عبيد الله) بضم العين أنه قال: ( حدثني) ولأبي ذر أخبرني بالإفراد فيهما ( نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لمن عنده من أصحابه:
( أخبروني) وعند الإسماعيلي أنبؤوني ( بشجرة) ولأبي ذر شجرة بإسقاط الجار والنصب ( مثلها) بفتح الميم والمثلثة كقوله ( مثل المسلم) في النفع العام في جميع الأحوال ( تؤتي أكلها) تعطي ثمرها ( كل حين) أقته الله لأثمارها ( بإذن ربها) بتيسير خالقها وتكوينه ( ولا تحت) بالبناء للفاعل والمفعول ( ورقها) برفع القاف ونصبها في اليونينية قال ابن عمر ( فوقع في نفسي النخلة) ولأبي ذر أنها النخلة ( فكرهت أن أتكلم وثم) بفتح المثلثة وهناك ( أبو بكر وعمر) -رضي الله عنهما- هيبة منهما وتوقيرًا ( فلما لم يتكلما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هي النخلة فلما خرجت مع أبي قلت: يا أبتاه) بسكون الهاء في الفرع كأصله وفي غيرهما بالضم ( وقع في نفسي النخلة) ولأبي ذر عن الكشميهني: إنها النخلة ( قال: ما منعك أن تقولها لو كنت قلتها كان أحب إليّ من كذا وكذا) في الرواية الأخرى من حمر النعم ( قال) ابن عمر قلت يا أبتاه ( ما منعني إلا أني لم أرك ولا أبا بكر تكلمتما فكرهت) ذلك لذلك.
قال في الفتح: وكأن البخاري أشار بإيراد هذا الحديث هنا إلى أن تقديم الكبير حيث يقع التساوي أما لو كان عند الصغير ما ليس عند الكبير فلا يمنع من الكلام بحضرة الكبير لأن عمر تأسف حيث لم يتكلم ولده مع أنه اعتذر له بكونه بحضوره وحضور أبي بكر ومع ذلك تأسف على كونه لم يتكلم اهـ.

والحاصل أن الصغير إذا تخصص بعلم جاز له أن يتقدم به ولا يعدّ ذلك سوء أدب ولا تنقيصًا لحق الكبير، ولذا قال عمر: لو كنت قلتها كان أحب إليّ.

وهذا الحديث قد سبق في مواضع.