فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب علامة حب الله عز وجل

باب عَلاَمَةِ حُبِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: { إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]
( باب) بيان ( علامة حب الله) ولأبي ذر الحب في الله ( عز وجل لقوله) تعالى ( { إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} ) [آل عمران: 31] محبة العبد لله إيثاره طاعته على غير ذلك ومحبة الله للعبد أن يرضى عنه ويحمده على فعله، وعن الحسن فيما أخرجه ابن أبي حاتم قال: كان قوم يزعمون أنهم يحبون الله فأراد الله أن يجعل لقولهم تصديقًا من عمل، فأنزل هذه الآية فمن ادّعى محبته تعالى وخالف سنّة رسوله فهو كذّاب وكتاب الله يكذبه، وقيل محبة الله معرفته ودوام خشيته ودوام اشتغال القلب به وتذكره ودوام الإنس به، وقيل هي اتّباع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أقواله وأفعاله وأحواله إلا ما خص به، وقال في الكواكب: يحتمل أن يراد بالترجمة محبة الله للعبد فهو المحب أو محبته لله فهو المحبوب أو المحبة بين العباد في ذات الله بحيث لا يشوبها شيء من الرياء، والآية مساعدة للأولين إذ اتباع الرسول علامة للأولى لأنها مسببة للاتباع وللثانية لأنها سببية له.


[ قــ :5839 ... غــ : 6168 ]
- حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ».
[الحديث 6168 - طرفه في: 6169] .

وبه قال: ( حدّثنا بشر بن خالد) بكسر الموحدة وسكون المعجمة العسكري الفرضي قال: ( حدّثنا محمد بن جعفر) غندر ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن سليمان) بن مهران الأعمش ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة ( عن عبد الله) بن مسعود -رضي الله عنه- أو هو عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال) :
( المرء مع من أحب) في الجنة بحسن نيته من غير زيادة عمل لأن محبته لهم كطاعتهم والمحبة من أفعال القلوب فأثيب على معتقده لأن النية الأصل والعمل تابع لها وليس من لازم المعية الاستواء في الدرجات.

والحديث أخرجه مسلم في الأدب.




[ قــ :5840 ... غــ : 6169 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه -: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَقُولُ فِى رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ».
تَابَعَهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) قال: ( حدّثنا جرير) بفتح الجيم ابن عبد الحميد ( عن الأعمش) سليمان بن مهران ( عن أبي وائل) شقيق أنه ( قال: قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- جاء رجل إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الرجل هو أبو ذر رواه أحمد من حديثه أو أبو موسى كما قال في المقدمة ( فقال: يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قومًا ولم يلحق بهم) ؟ في العمل والفضل ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( المرء) رجل أو امرأة ( مع من أحب) في الجنة مع رفع الحجب حتى تحصل الرؤية والمشاهدة وكل في درجته.
( تابعه) أي تابع جرير بن عبد الحميد ( جرير بن حازم) البصري فيما وصله أبو نعيم في كتاب المحبين ( و) تابعه أيضًا ( سليمان بن قرم) بفتح القاف وسكون الراء فيما وصله مسلم ( و) كذا تابعه ( أبو عوانة) الوضاح فيما وصله أبو عوانة يعقوب في صحيحه فيما رواه الثلاثة ( عن الأعمش) سليمان بن مهران ( عن أبي وائل) شقيق ( عن عبد الله) ولم ينسبه كل من أبي نعيم في كتاب المحبين ولا من بعده ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .




[ قــ :5841 ... غــ : 6170 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ، عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِىِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ قَالَ: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ».

تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا سفيان) الثوري ( عن الأعمش) سليمان ولأبي ذر: حدّثنا الأعمش ( عن أبي وائل عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله عنه- كذا صرح به أبو نعيم بأن عبد الله هو أبو موسى.
قال في فتح الباري: وهذا يؤيد قول بندار أن عبد الله حيث لم ينسبه، فالمراد به في هذا الحديث أبو موسى وأن من نسبه ظن أنه ابن مسعود لكثرة مجيء ذلك على هذه الصورة في رواية أبي وائل، ولكنه هنا خرج عن القاعدة وتبين برواية من صرح بأنه أبو موسى الأشعري أن المراد بعبد الله عبد الله بن قيس وهو أبو موسى الأشعري ولم أر من صرح في روايته عن الأعمش بأنه عبد الله بن مسعود إلا ما وقع في رواية جرير بن عبد الحميد هذه يعني السابقة في هذا الباب عند البخاري عن قتيبة عنه.

( قال) أي أبو موسى ( قيل للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يا رسول الله ( الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم) بالألف بعد الميم المشددة وهي أبلغ من لم فإن النفي بلما أبلغ لأنه يستمر إلى الحال كقوله:
فإن كنت مأكولاً فكن خير آكل ... وإلاّ فأدركني ولما أمزق
فيؤخذ منه هنا أن الحكم ثابت ولو بعد اللحاق.
وقال في الكواكب: وفي كلمة لما إشعار بأنه يتوقع اللحوق يعني هو قاصد لذلك ساع في تحصيل تلك المرتبة له، وعند مسلم ولما يلحق بعملهم، وفي حديث صفوان بن عسال عند أبي نعيم ولم يعمل بمثل عملهم ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( المرء مع من أحب) إذ لكل امرئ ما نوى.
قال في الفتح: جمع أبو نعيم الحافظ طرق هذا الحديث في كتاب المحبين مع المحبوبين وبلغ عدد الصحابة فيه نحو العشرين، وفي رواية أكثرهم بهذا اللفظ يعني المرء مع من أحب وفي بعضها بلفظ حديث أنس مع من أحببت ( تابعه) أي تابع سفيان الثوري ( أبو معاوية) محمد بن خازم بالخاء والزاي المعجمتين ( ومحمد بن عبيد) بضم العين بن نمير كلاهما عن الأعمش فيما وصله مسلم.




[ قــ :584 ... غــ : 6171 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبِى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَتَّى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا»؟ قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلاَةٍ وَلاَ صَوْمٍ، وَلاَ صَدَقَةٍ وَلَكِنِّى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ».

وبه قال: ( حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان المروزي قال: ( أخبرنا أبي) عثمان بن جبلة ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن عمرو بن مرة) بضم الميم وتشديد الراء المفتوحة وفتح عين عمرو ( عن سالم بن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين المهملة بعدها دال مهملة واسمه رافع الكوفي ( عن أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( أن رجلاً سأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- متى الساعة) قائمة ( يا رسول الله) ؟ قال في الفتح: الرجل هو ذو الخويصرة اليماني الذي بال في المسجد وحديثه في ذلك مخرج عند الدارقطني ومن زعم أنه أبو موسى أو أبو ذر فقد وهم فإنهما وإن اشتركا في معنى الجواب وهو أن المرء مع من أحب فقد اختلف سؤالهما فإن كلاًّ من أبي موسى أو أبي ذر إنما سأل عن الرجل يحب القوم ولم يلق بهم وهذا سأل متى الساعة ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( ما أعددت لها) ؟ قال في شرح المشكاة: سلك مع السائل طريق الأسلوب الحكيم لأنه سأل عن وقت الساعة وأيان مرساها فقيل له: فيم أنت من ذكراها وإنما يهمك أن تهتم بأهبتها وتعتني بما ينفعك عند إرسائها من العقائد الحقية، والأعمال الصالحة المرضية.
فأجاب حيث ( قال: ما أعددت لها من كثير صلاة) بالمثلثة ( ولا صوم) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ولا صيام ( ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله قال: أنت مع من أحببت) أي ملحق بهم وداخل زمرتهم وزاد أبو نعيم الأصبهاني من طريق سلام بن أبي الصهباء عن ثابت عن أنس ولك ما احتسبت.