فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي»

باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «سَمُّوا بِاسْمِى وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى» قَالَهُ أَنَسٌ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سموا) أبناءكم ( باسمي) محمد أو أحمد ( ولا تكتنوا) بسكون الكاف وفتح الفوقية وضم النون ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ولا تكنوا بفتح الكاف والنون المشدّدة على حذف إحدى التاءين ( بكنيتي) بالياء.
قال في الفتح: وللأصيلي بكنوتي بالواو بدل التحتية وهي بمعناها تقول كنيته وكنوته معنى والكنية ما أوله أب أو أم كأبي القاسم وأبي عبد الله وأم الخير والاسم ما عري عنه ( قاله) بالهاء أي ما سبق لأبي الوقت قال بإسقاط الضمير ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فيه ( أنس عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما سبق موصولاً في البيوع وصفة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بلفظ سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي.


[ قــ :5858 ... غــ : 6187 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقَالُوا: لاَ نَكْنِيهِ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «سَمُّوا بِاسْمِى وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى».

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) بالسين المهملة ابن مسرهد بن مسربل الأسدي الحافظ البصري أبو الحسن قال: ( حدّثنا خالد) هو ابن عبد الله الواسطي الطحان أحد الأعلام يقال إنه اشترى نفسه من الله ثلاث مرات بوزنه فضة قال: ( حدّثنا حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن السلمي أبو هذيل الكوفي ( عن سالم) هو ابن أبي الجعد ( عن جابر) الأنصاري ( رضي الله عنه) أنه ( قال ولد لرجل منا) أي أعرف اسمه ( غلام فسماه القاسم فقالوا: لا نكنيه) بفتح النون وسكون الكاف بأبي القاسم ( حتى نسأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عن حكم ذلك فسألوه ( فقال) :
( سموا باسمي ولا تكنوا) بسكون الكاف وضم النون ولأبي ذر تكنوا بفتح الكاف والنون المشددة ( بكنيتي) أبي القاسم والحديث مر في الخمس.




[ قــ :5859 ... غــ : 6188 ]
- حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: أَبُو الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «سَمُّوا بِاسْمِى وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى».

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن أيوب) السختياني ( عن ابن سيرين) محمد أنه قال: ( سمعت أبا هريرة) -رضي الله عنه- يقول: ( قال: قال أبو القاسم-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سموا باسمي ولا تكنوا) بإسكان الكاف ولأبي ذر ولا تكنوا بفتح الكاف والنون المشدد: ( بكنيتي) .




[ قــ :5860 ... غــ : 6189 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ:
سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقَالُوا: لاَ نَكْنِيكَ بِأَبِى الْقَاسِمِ وَلاَ نُنْعِمُكَ عَيْنًا فَأَتَى النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «أَسْمِ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال: سمعت ابن المنكدر) محمدًا ( قال: سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري ( -رضي الله عنهما-) يقول ( ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم) بفتح السين والميم المشددة ولأبي ذر فأسماه بزيادة همزة مفتوحة وسكون السين ( فقالوا) له: ( لا نكنيك بأبي القاسم) بفتح النون وسكون الكاف ( ولا ننعمك عينًا) بضم النون الأولى وسكون الثانية وكسر العين المهملة أي لا نقر عينك بذلك ( فأتى) الرجل ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكر ذلك) الذي قالوه ( له) ولأبي ذر عن الكشميهني فذكروا ( فقال) له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( أسم ابنك عبد الرحمن) بهمزة قطع وسكون السين وقد اختلف في التكني بأبي القاسم فقيل لا يجوز مطلقًا سواء كان اسمه محمدًا أو أحمد أو لم يكن لظاهر الحديث، وذلك لأنه لما كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يكنى أبا القاسم لأنه يقسم بين الناس من قِبل الله تعالى ما يوحى إليه وينزلهم منازلهم التي يستحقولها في الشرف والفضل وقسم الغنائم، ولم يكن أحد منهم يشاركه في هذا المعنى منع أن يكنى به غيره لهذا المعنى.
قال البيضاوي: هذا إذا أريد به المعنى المذكور، وأما لو كني به أحد للنسبة إلى ابن له اسمه قاسم أو للعلمية المجردة جاز ويدل له التعليل المذكور.

الثاني: إن هذا كان في بدء الأمر ثم نسخ فيجوز التكني به اليوم لكل أحد مطلقًا اسمه محمد وغيره وعلته التباس خطابه بخطاب غيره ويدل عليه نهيه عنه في حديث أنس المروي في البيع من البخاري عقب ما سمع رجلاً يقول: يا أبا القاسم فالتفت إليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: لم أعنك.
قال القاضي عياض: وهذا مذهب جمهور السلف وفقهاء الأمصار.

الثالث: أنه ليس بمنسوخ وإنما كان النهي للتنزيه والأدب لا للتحريم.

الرابع: أن النهي عن الجمع فلا بأس بالكنية وحدها لمن لا يسمى باسمه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لحديث جابر: "من تسمى باسمي فلا يكتني بكنيتي ومن اكتنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي" رواه أبو داود وهو كقولهم: اشرب اللبن ولا تأكل السمك أي حين شربه فيكون النهي عن الجمع بينهما.

الخامس: المنع من التسمية بمحمد مطلقًا لحديث أنس تسمونهم محمدًا ثم تلعنونهم رواه البزار وأبو يعلى بسند لين وكتب عمر إلى أهل الكوفة لا تسموا أحدًا باسم نبي، وإنما فعل ذلك إعظامًا لاسم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لئلا ينتهك وكان سمع رجلاً يقول لمحمد بن زيد بن الخطاب: يا محمد فعل الله بك وفعل فدعاه وقال: لا أرى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسب بك فغيّر اسمه، لكن ورد ما يدل على أن عمر -رضي الله عنه- رجع عن ذلك وكره مالك التسمية بأسماء الملائكة كجبريل.