فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: لا تترك النار في البيت عند النوم

باب لاَ تُتْرَكُ النَّارُ فِى الْبَيْتِ عِنْدَ النَّوْمِ
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( لا تترك النار) بضم الفوقية مبنيًّا للمفعول والنار رفع نائب عن الفاعل أي لا يترك أحد ( في البيت عند النوم) .


[ قــ :5960 ... غــ : 6293 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ تَتْرُكُوا النَّارَ فِى بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا ابن عيينة) سفيان ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن سالم عن أبيه) عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( لا تتركوا النار) على أي صفة كانت كالسراج وغيره ( في بيوتكم حين تنامون) قيد به لحصول الغفلة به غالبًا.
نعم إذا أمن الضرر كالقناديل المعلقة فلا بأس.

والحديث أخرجه مسلم في الأشربة وأبو داود في الأدب والترمذي في الأطعمة وابن ماجة في الأدب.




[ قــ :5961 ... غــ : 694 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ: احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِىَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ»
وبه قال: ( حدّثنا محمد بن العلاء) أبو كريب الهمداني الكوفي قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( عن بريد بن عبد الله) بضم الموحدة وفتح الراء ( عن) جده ( أبي بردة) عامر وقيل الحارث ( عن) أبيه ( أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: احترق بيت بالمدينة) الشريفة ( على أهله) لم أقف على تسميتهم ( من الليل فحدّث) بضم الحاء المهملة مبنيًّا للمفعول ( بشأنهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( إن هذه النار إنما هي عدوّ لكم) أي لأنها كما قال ابن العربي تنافي أبداننا وأموالنا منافاة العدوّ وإن كانت لنا بها منفعة فأطلق عليها العداوة لوجود معناها ( فإذا نمتم فأطفئوها عنكم) .




[ قــ :596 ... غــ : 695 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ كَثِيرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «خَمِّرُوا الآنِيَةَ وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ، وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا جَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا حماد) هو ابن زيد ( عن كثير) زاد أبو ذر هو ابن شنظير بكسر المعجمتين بينهما نون ساكنة وبعد الظاء مثناة تحتية ساكنة فراء الأزدي البصري ( عن عطاء) هو ابن أبي رباح ( عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( خمّروا الآنية) أي غطّوها ( وأجيفوا) بفتح الهمزة وكسر الجيم وبعد التحتية الساكنة فاء مضمومة أي أغلقوا ( الأبواب وأطفئوا المصابيح) التي لا يؤمن معها الإِحراق ( فإن الفويسقة) بضم الفاء وفتح الواو وبالسين المهملة وبالقاف الفارة المأمور بقتلها في الحل والمحرم والفسق الخروج عن الاستقامة وسميت بذلك على الاستعارة لخبثها، وقيل لأنها عمدت إلى حبال السفينة فقطعتها وليس في الحيوان أفسد منها لا تأتي على حقير ولا جليل إلا أهلكته وأتلفته ( ربما جرت الفتيلة) التي في نحو السراج ( فأحرقت أهل البيت) .
وفي حديث يزيد بن أبي نعيم عند الطحاوي أنه سأل أبا سعيد الخدري: لَم سميت الفأرة الفويسقة؟ قال: استيقظ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات ليلة وقد أخذت فأرة فتيلة لتحرق على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البيت فقام إليها وقتلها وأحلّ قتلها للحلال والمحرم.

وعن ابن عباس قال: جاءت فأرة فأخذت تجرّ الفتيلة فذهبت الجارية تزجرها فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "دعيها" فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الخمرة التي كان قاعدًا عليها فأحرقت منها موضع درهم، فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا نمتم فأطفئوا سرجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فتحرقكم" ففيه بيان سبب الأمر بالإطفاء، وبيان السبب الحامل للفأرة على جرّ الفتيلة وهو الشيطان فيستعين وهو عدوّ الإنسان بعدوّ آخر وهي النار أعاذنا الله منها بوجهه الكريم دنيا وأخرى.

قال النووي: وهذا الأمر عام يدخل فيه نار السراج وغيرها، وأما القناديل المعلقة في المساجد وغيرها فإن خيف حريق بسببها دخلت في الأمر، وإن أمن ذلك كما هو الغالب فالظاهر أنه لا بأس بهما لانتفاء العلة التي علل بها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإذا انتفت العلة زال المنع.


فائدة:
ذكر أصحاب الكلام في الطبائع أن الله تعالى جمع في النار الحركة والحرارة واليبوسة واللطافة والنور، وهي تفعل بكل صورة من هذه الصور خلاف ما تفعل بالأخرى، فبالحركة تغلي
الأجسام، وبالحرارة تسخن، وباليبوسة تجفف وباللطافة تنفذ، وبالنور تضيء ما حولها.
ومنفعة النار تختص بالإنسان دون سائر الحيوان فلا يحتاج إليها شيء سواه وليس له غنى عنها في حال من الأحوال ولذا عظّمها المجوس.

والحديث سبق في كتاب بدء الخلق، وأخرجه أبو داود في الأشربة والترمذي في الاستئذان.