فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يستر من العورة

باب مَا يَسْتُرُ مِنَ الْعَوْرَةِ
( باب ما يستر من العورة) بضم المثناة التحتية وفتح الفوقية ويجوز الفتح والضم وما مصدرية أو موصولة ومن بيانية والعورة السوأة وكل ما يستحيا منه.


[ قــ :363 ... غــ : 367 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَىْءٌ".
[الحديث 367 - أطرافه في: 1991، 2144، 2147، 5820، 5822، 6284] .

وبه قال ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي البلخيّ ( قال: حدّثنا ليث) هو ابن سعد الإمام وللأصيلي وابن عساكر الليث بالتعريف ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عبيد الله بن عبد الله) بتصغير الأول ( ابن عتبة) بن مسعود ( عن أبي سعيد الخدري) بالدال المهملة ( أنه قال) :
( نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن اشتمال الصماء) بالمهملة والمدّ.
قال الأصمعي: هو أن يشتمل بالثوب حتى يجلل به جسده لا يرفع منه جانبًا فلا يبقى ما يخرج منه يده اهـ.
ومن ثم سميت صمّاء كما قال ابن قتيبة لسدّ المنافذ كلها كالصخرة الصمّاء ليس فيها خرق، فيكون النهي مكروهًا لعدم قدرته على الاستعانة بيديه فيما يعرض له في الصلاة كدفع بعض الهوام، وفي كتاب اللباس عند المؤلّف والصمّاء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقّيه وهو موافق لتفسير الفقهاء، وحينئذ فيحرم إن انكشف منه بعض العورة وإلاّ فيكره.

( و) نهى عليه الصلاة والسلام أيضًا عن ( أن يحتبي الرجل) أو وعن احتباء الرجل بأن يقعد على أليتيه وينصب ساقيه ملتفًا ( في ثوب واحد ليس على فرجه منه) أي من الثوب ( شيء) أما إذا كان مستور العورة فلا يحرم.

ورواة هذا الحديث ما بين بلخي ومصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في اللباس والبيوع، وكذا مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.





[ قــ :364 ... غــ : 368 ]
- حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ بَيْعَتَيْنِ: عَنِ اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ".
[الحديث 368 - أطرافه في: 584، 588، 1993، 145، 146، 5819، 581] .

وبه قال: ( حدّثنا قبيصة بن عقبة) بفتح القاف في الأوّل وضمّ العين في الثاني وليس عند الأصيلي ابن عقبة ( قال: حدّثنا سفيان) الثّوري ( عن أبي الزناد) بكسر الزاي وبالنون عبد الله بن

ذكوان ( عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز من كبار التابعين ( عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر ( قال) :
( نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن بيعتين) بفتح الموحدة كما في الفرع وهو المشهور على الألسنة لكن الأحسن كسرها لأن المراد به الهيئة كالركبة والجلسة ( عن اللماس) بكسر اللام وهو أن يلمس ثوبًا مطويًّا أو في ظلمة ثم يشتريه على أن لا خيار له إذا رآه أيضًا اكتفاء بلمسه عن رؤيته، أو يقول إذا لمسته فقد بعتكه اكتفاء بلمسه عن الصيغة أو يبيعه شيئًا على أنه متى لمسه لزم البيع وانقطع خيار المجلس.

( و) عن ( النباذ) بكسر النون والمعجمة آخره وهو أن يجعلا النبذ بيعًا اكتفاء به عن الصيغة، فيقول أحدهما أنبذ إليك ثوبي، بعشرة فيأخذه الآخر، أو يقول بعتك هذا بكذا على أني إذا نبذت إليك لزم البيع وانقطع الخيار والبطلان فيهما لعدم الرؤية أو عدم الصيغة أو للشرط الفاسد.
( و) نهى عليه الصلاة والسلام أيضًا ( أن يشتمل) أي عن اشتمال الثوب كاشتمال الصخرة ( الصماء) لكونها مسدودة المنافذ فيعسر أو يتعذّر على المشتمل إخراج يده لما يعرض له في صلاته من دفع بعض الهوام ونحوها، أو لانكشاف عورته على التفسير السابق المعزوّ للفقهاء الموافق لما عند المؤلّف في اللباس كما مرّ ولابن عساكر وأن يشتمر بضم أوّله مبنيًّا للمفعول الصماء بالرفع نائبًا عن الفاعل، ( و) نهى ( أن يحتبي) بفتح أوّله وكسر الموحدة ولابن عساكر يحتبي بضم أوله وفتح الموحدة ( الرجل) أي عن احتباء الرجل القاعد على أليتيه منتصبًا ساقه وقوله الرجل ساقط لابن عساكر ملتفًا ( في ثوب واحد) والمطلق هنا في الاحتباء محمول على المقيد في الحديث السابق بقوله ليس على فرجه منه شيء.

وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة والقول ورواية تابعي عن صحابي، وهو مما قيل فيه أنه أصح الأسانيد، وأخرجه المؤلّف في الصلاة واللباس، ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه في التجارات واللباس.




[ قــ :365 ... غــ : 369 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: "بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ يَوْمَ النَّحْرِ تُؤَذِّنُ بِمِنًى أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.
قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ: لاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ".
[الحديث 369 - أطرافه في: 16، 3177، 4363، 4655، 4656، 4657] .

وبه قال: ( حدّثنا إسحاق) هو ابن راهويه أو ابن منصور تردّد فيه لأنهما يرويان عن يعقوب نعم جزم بالأول إمام السُّنَّة وحافظها ابن حجر مستندًا إلى أن في نسخته من طريق أبي ذر إسحاق بن إبراهيم وهو ابن راهويه ( قال: حدّثنا) وللأصيلي أخبرنا ( يعقوب بن إبراهيم) بن سعد سبط عبد الرحمن بن عوف ( قال: حدّثنا ابن أَخي ابن شهاب) هو محمد بن عبد الله بن أخي بن شهاب

محمد بن مسلم ( عن عمّه) محمد بن شهاب الزهري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( حميد بن عبد الرحمن) بضم الحاء المهملة وفتح الميم ( ابن عوف) التابعي ( أن أبا هريرة) رضي الله عنه ( قال) :

( بعثني أبو بكر) الصديق رضي الله عنه ( في تلك الحجة) التي حجّها أبو بكر بالناس قبل حجة الوداع بسنة ( في مؤذنين) بكسر الذال والنون أي رهط يؤذنون في الناس ( يوم النحر نؤذن) بنون فهمزة ( بمنى أن لا يحجّ بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان) بإدغام نون أن في لا يحج، ويحتمل أن تكون تفسيرية فلا نافية ويحجّ ويطوف رفع، أو لا ناهية كما قاله ابن حجر وردّه العيني قال الدماميني: لأن بعده ولا يطوف، ويحتمل أن تكون ناصبة فيحجّ ويطوف نصب والظاهر كما قاله الكرماني أن قوله بعد العام أي بعد خروج هذا العام لا بعد دخوله، لكن قال العيني: ينبغي أن يدخل هذا العام أيضًا بالنظر إلى التعليل اهـ.
وللكشميهني ألا لا يحج بتخفيف اللام للاستفهام قبل
حرف النهي.

( قال حميد بن عبد الرحمن) بن عوف التابعي ( ثم أردف) أي أرسل ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليًّا) وراء أبي بكر ( فأمره أن يؤذن ببراءة) بالرفع كما في اليونينية على الحكاية، ويجوز الفتح على أنها علم للسورة والكسر مع التنوين أي بسورة براءة والحكمة في تخصيص عليّ بذلك أن براءة تضمنت نقض العهد، وكان من سيرة العرب أن لا يحلّ العقد إلا الذي عقده أو رجل من أهل بيته، وهذا مرسل من تعاليق البخاري أو داخل تحت الإسناد وكذا قوله: ( قال أبو هريرة) ( فأذن) بتشديد الذال ( معنا) بفتح العين وإسكانها ( عليّ في أهل منى يوم النحر لا يحجّ بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان) بالرفع في يحج ويطوف فقط، وفيه إبطال ما كانت عليه الجاهلية من الطواف عُراة فستر العورة شرط خلافًا للحنفية لكن يكره عندهم.
وفي هذا الحديث رواية التابعي عن التابعي والتحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف في الجزية والمغازي والحج والتفسير، ومسلم في الحج، وكذا أبو داود والنسائي.