فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الاستعاذة من أرذل العمر، ومن فتنة الدنيا وفتنة النار

باب الاِسْتِعَاذَةِ مِنْ أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَفِتْنَةِ النَّارِ
( باب الاستعاذة من أرذل العمر) وسبق قبل بباب باب التعوّذ من أرذل العمر ( ومن فتنة الدنيا وفتنة النار) ولأبي ذر عن الكشميهني وعذاب النار بدل قوله وفتنة النار.


[ قــ :6039 ... غــ : 6374 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ مُصْعَبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَعَوَّذُوا بِكَلِمَاتٍ كَانَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْقَبْرِ».

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر بالإفراد ( إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه قال: ( أخبرنا الحسين) بضم الحاء ابن علي الجعفي الزاهد المشهور ( عن زائدة) بن قدامة الكوفي ( عن عبد الملك) بن عمير ( عن مصعب بن سعد) وثبت ابن سعد لأبي ذر ( عن أبيه) سعد بن أبي وقاص أنه ( قال: تعوّذوا بكلمات) خمس ( كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتعوّذ بهن) عبودية وإرشادًا لأمته:
( اللهم إني أعوذ بك) أستجير وأعتصم وأصله أعوذ بسكون العين فنقلت حركة الواو تخفيفًا إليها ( من الجبن) ضد الشجاعة ( وأعوذ بك من البخل) ضد الكرم، ولما كان الجود إما بالنفس وإما بالمال ويسمى الأول شجاعة ويقابلها الجبن والثاني سخاوة ويقابلها البخل ولا تجتمع السخاوة والشجاعة إلا في نفس كاملة ولا ينعدمان إلا من متناه في النقص.
استعاذ منهما لما لا يخفى ( وأعوذ بك من أن أردّ إلى أرذل العمر) إلى أسفله وهو الهرم الشديد حتى لا يعلم ما كان قبل يعلم وهو أسوأ العمر أعاذنا الله من البلايا بمنّه وكرمه ( وأعوذ بك من فتنة الدنيا) وأعظمها فتنة الدجال ( و) من ( عذاب القبر) ما فيه من الأهوال والشدائد.




[ قــ :6040 ... غــ : 6375 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَغْرَمِ وَالْمَأْثَمِ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ النَّارِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى وَشَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَاىَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِى مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِى وَبَيْنَ خَطَايَاىَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ».

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن موسى) البلخي المعروف بخت قال: ( حدّثنا وكيع) بفتح الواو وكسر الكاف ابن الجرّاح أبو سفيان الرؤاسي أحد الأعلام قال: ( حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة) -رضي الله عنها- ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقول) :
( اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم) المفسر بأرذل العمر فيما مر ( و) أعوذ بك من ( المغرم) مصدر وضع موضع الاسم يراد به مغرم الذنوب والمعاصي، وقيل كالغرم وهو الدين ويريد به ما استدين فيما يكرهه الله أو فيما يجوز ثم عجز.
قال بعضهم: ما دخل همّ الدين قلبًا إلا أذهب من العقل ما لا يعود إليه فأما دين احتاج إليه وهو قادر على أدائه فلا يستعاذ منه ( والمأثم) الأمر الذي يأثم به الإنسان أو هو الإثم نفسه وضعًا للمصدر موضع الاسم ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار وفتنة النار) بسؤال الخزنة على سبيل التوبيخ ( وفتنة القبر) سؤال منكر ونكير مع الخوف وهذه ثابتة هنا لأبي ذر ساقطة لغيره ( و) من ( عذاب القبر) ومن ( شر فتنة الغنى) من البطر والطغيان والتفاخر به وصرف المال في المعاصي وما أشبه ذلك ( وشر فتنة الفقر) بإثبات لفظ شر، وسبق أن هذه ثابتة في رواية أبي ذر بعد قوله وفتنة النار ( ومن شر فتنة المسيح الدجال) سمي مسيحًا لأن إحدى عينيه ممسوحة فعيلاً بمعنى مفعول أو لأنه يمسح الأرض يقطعها في أيام معلومة بمعنى فاعل ( اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد) بفتح الموحدة والراء حب الغمام.
قال في الكواكب: العادة أنه إذا أريد المبالغة في الغسل يغسل بالماء الحار لا بالبارد.
قال الخطابي: هذه أمثال لم يرد بها أعيانها بل التأكيد في التطهير والمبالغة في محوها والثلج والبرد ماءان مقصوران
على الطهارة لم تمسهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال فكان ضرب المثل بها أوكد في المراد ( ونق قلبي من الخطايا كما ينقى) بضم التحتية وفتح القاف المشددة مبنيًّا للمفعول ( الثوب الأبيض من الدنس) أي الوسخ ( وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب) .

والحديث سبق قريبًا.