فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يتقى من محقرات الذنوب

باب مَا يُتَّقَى مِنْ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ
( باب ما يتقى) بضم أوله وفتح ثالثه أي ما يجتنب ( من محقرات الذنوب) بفتح الفاف المشددة وهي التي يحتقرها فاعلها.


[ قــ :6154 ... غــ : 6492 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مَهْدِىٌّ، عَنْ غَيْلاَنَ، عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ: إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالاً هِىَ أَدَقُّ فِى أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إِنْ كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمُوبِقَاتِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَعْنِى بِذَلِكَ الْمُهْلِكَاتِ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: ( حدّثنا مهدي) بفتح الميم وسكون الهاء وكسر الدال المهملة بعدها تحتية مشددة ابن ميمون الأزدي ( عن غيلان) بفتغ الغين المعجمة وسكون التحتية بوزن عجلان.
قال في المقدمة: هو ابن جرير، وقال في الفتح: هو ابن جامع والسند كله بصريون اهـ.

وما في المقدمة هو الصواب فإن ابن جامع وهو المحاربي كوفيّ قاضيها يروي عن قتادة وسماك وابن جرير وهو الأزدي المعولي بصري يروي ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه ( قال: إنكم لتعملون) بلام التأكيد ( أعمالاً هي أدق) بفتح الهمزة والدال المهملة وتشديد القاف أفعل تفضيل من الدقة بكسر الدال أي أحقر وأهون ( في أعينكم من الشعر) بفتح المعجمة والمهملة ( إن كنا نعدّ) إن مخففة من الثقيلة وحذف الضمير من نعدّ واللام وهو رواية أبي ذر عن الحموي والمستملي قال ابن مالك: جاز استعمال إن المخففة بدون اللام الفارقة بينها وبين النافية عند الأمن من الالتباس
وللكشميهني نعدها أي الأعمال ولغيره كما قال: في الفتح إنه للأكثر لنعدها ( على عهد النبيّ) أي زمنه وأيامه ولأبي ذر على عهد رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الموبقات) بموحدة وقاف وللكشميهني من الموبقات.

( قال أبو عبد الله) البخاري: ( يعني بذلك) أي بالموبقات ( المهلكات) بكسر اللام وسقط لفظ بذلك لأبي ذر قال الكرماني ومعنى الحديث راجع إلى قوله تعالى { وتحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم} [النور: 15] اهـ.

وقد جزع بعضهم عند الموت فقيل له في ذلك فقال: إني أخاف ذنبًا لم يكن مني على بال وهو عند الله عظيم، وعن أبي أيوب الأنصاري إن الرجل ليعمل الحسنة فيثق بها وينسى المحقرات فيلقى الله وقد أحاطت به، وإن الرجل ليعمل السيئة فلا يزال منها مشفقًا حتى يلقى الله آمنًا أخرجه أسد بن موسى في الزهد.