فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب لا مانع لما أعطى الله

باب لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ
هذا ( باب) بالتنوين ( لا مانع لما أعطى الله) .


[ قــ :6269 ... غــ : 6615 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبِى لُبَابَةَ، عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ اكْتُبْ إِلَىَّ مَا سَمِعْتَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ خَلْفَ الصَّلاَةِ، فَأَمْلَى عَلَىَّ الْمُغِيرَةُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ خَلْفَ الصَّلاَةِ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ».
.

     وَقَالَ  ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِى عَبْدَةُ أَنَّ وَرَّادًا أَخْبَرَهُ بِهَذَا، ثُمَّ وَفَدْتُ بَعْدُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَسَمِعْتُهُ يَأْمُرُ النَّاسَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن سنان) بكسر السين المهملة وتخفيف النون العوقي قال: ( حدّثنا فليح) بضم الفاء عبد الملك بن سليمان قال: ( حدّثنا عبدة) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة ( ابن أبي لبابة) بضم اللام وتخفيف الموحدة الأسدي الكوفي سكن دمشق ( عن وراد) بفتح الواو والراء المشددة ( مولى المغيرة بن شعبة) وكاتبه أنه ( قال: كتب معاوية) بن أبي سفيان ( إلى المغيرة) بن شعبة ( اكتب إلي) بتشديد الياء ( ما) ولأبي ذر بما ( سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: خلف الصلاة) المكتوبة ( فأملى عليّ المغيرة) بفتح الهمزة واللام بينهما ميم ساكنة وعلي بتشديد الياء ( قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: خلف الصلاة) المكتوبة:
( لا إله إلا الله وحده لا شريك له) ذكره بعد استفادة الحصر من الذي قبله وهو لا إله إلا الله تأكيد مع ما فيه من تكثير حسنات الذاكر ( اللهم لا مانع لما أعطيت) أي لما أردت إعطاءه وإلا فبعد الإعطاء من كل أحد لا مانع له إذ الواقع لا يرتفع ( ولا معطي لما منعت) ما موصول وجملة أعطيت صلتها والعائد محذوف أي لما أعطيته.
وقال في العدة: ولا مانع اسم نكرة مبني مع لا وخبر لا الاستقرار المتعلق به المجرور أو الخبر محذوف وجوبًا على لغة بني تميم ووافقهم كثير من الحجازيين فيتعلق حرف الجر بمانع، قيل فيجب نصبه وتنوينه لأنه مطوّل والرواية على بنائه من غير تنوين فيحتمل له بأن يعلق بخبر لمانع محذوف أي لا مانع لنا لما أعطيت فيتعلق بالكون المقدر لا بمانع ما قيل في قوله تعالى { لا غالب لكم اليوم} [الأنفال: 48] .
ويحتمل أن يكون أصله
لا مانعًا بالتنوين ثم حذف التنوين بعد أن أبدل منه ألف ثم حذفت الألف فصار على صورة المبني، ويجوز أن يكون لما أعطيت في محل صفة لمانع والخبر محذوف، ويحتمل أن يقدر لا مانع لما أعطيت يمنع فيتعلق بيمنع ويكون يمنع خبر لا على إحدى اللغتين، واختار الزمخشري في قوله تعالى: { لا تثريب عليكم اليوم} [يوسف: 92] إن اليوم معمول بتثريب، وردّ عليه أبو حيان لأجل الفصل بين المصدر ومعموله بعليكم وهو إما خبر أو صفة وأيًّا ما كان فلا يجوز وكان يلزم تنوين تثريب ( ولا ينفع ذا الجد منك الجد) بفتح الجيم فيهما على المشهور ومنك يتعلق بينفع أي لا ينفع صاحب الحظ من نزول عذابك حظه وإنما ينفعه عمله الصالح.
وقال في الكواكب: ومن هي البدلية أي المحظوظ لا ينفعه بذلك أي بدل طاعتك.

والحديث سبق في الصلاة والدعوات.

( وقال ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز فيما وصله الإمام أحمد ومسلم ( أخبرني) بالإفراد ( عبدة) بن أبي لبابة ( أن ورادًا) مولى المغيرة ( أخبره بهذا) الحديث قال عبدة ( ثم وفدت) بالفاء من الوفود ( بعد إلى معاوية) لما كان بالشام ( فسمعته يأمر الناس بذلك القول) وهو لا إله إلا الله إلى آخره، ومراد المؤلّف من سياق هذا التعليق التصريح بأن ورادًا أخبر به عبدة لأنه رواه في الرواية السابقة بالعنعنة.