فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما جاء في ضرب شارب الخمر

باب مَا جَاءَ فِى ضَرْبِ شَارِبِ الْخَمْرِ
( باب ما جاء في ضرب شارب الخمر) .


[ قــ :6420 ... غــ : 6773 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ح حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَرَبَ فِى الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ.
[الحديث 6773 - طرفه في: 6776] .

وبه قال: ( حدّثنا حفص بن عمر) بن الحارث بن سخبرة الأزدي الحوضي قال: ( حدّثنا هشام) الدستوائي ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أنس) -رضي الله عنه- ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ح) للتحويل.

قال البخاري بالسند إليه: ( وحدّثنا آدم) ولأبي ذر: ابن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا قتادة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضرب) أي أمر بالضرب ( في الخمر بالجريد والنعال) الباء في بالجريد باء الآلة والجريد سعف النخل وسمي به لأنه جرد عن الخوص ( وجلد) أي أمر بالجلد فيه ( أبو بكر) الصديق -رضي الله عنه- في خلافته ( أربعين) جلدة، وهذا لفظ طريق هشام عن قتادة وأما لفظ طريق شعبة فأخرجه البيهقي في الخلافيات من طريق جعفر بن محمد القلانسي عن آدم شيخ البخاري فيه بلفظ: إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتي برجل شرب الخمر فضربه بجريدتين نحوًا من أربعين، ثم صنع أبو بكر مثل ذلك فلما كان عمر استشار الناس فقال له عبد الرَّحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون ففعله عمر.

وأخرجه مسلم والنسائي أيضًا من طريق محمد بن جعفر عن شعبة مثل رواية آدم إلا أنه قال: وفعله أبو بكر فلما كان عمر أي في خلافته استشار الناس فقال عبد الرَّحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون، وأمر به عمر ولم يقل عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربعين، نعم في رواية مسلم أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين، وقوله في الرواية السابقة: نحوًا من أربعين قيل لا بدّ من تأويله بأنه إنما عبر بنحو لعدم التساوي في الضرب والآلة، وإلاّ فالحدود إنما تكون محدودة وكون الراوي حاكيًا ذلك عن واقعة لا يلزم منه أن يكون تقريبًا بل تحديدًا وإن كان الراوي لم يحرر التحديد فيه فغايته أن يكون أربعين فوجب القول بأنها الحد، لا سيما وانضم إليها رواية مسلم السابقة ونحوها مما فيه الجزم بالأربعين ونحو قد تأتي بمعنى مثل، وفي مسلم أيضًا من طريق معاذ بن هشام عن أبيه ثم جلد أبو بكر أربعين فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى قال: ما ترون في جلد الخمر؟ فقال عبد الرَّحمن بن عوف: أرى أن تجعلها كأخف الحدود قال: فجلد عمر ثمانين والريف بكسر الراء كل أرض فيها زرع ونخل أو ما قارب المياه من أرض العرب وغيرها، أو ما فيه زرع وخصب أو هو الخصب والسعة في المأكل والمشرب، وعند النسائي من طريق يزيد بن هارون عن شعبة فضربه بالنعال نحوًا من أربعين ثم أتى به أبو بكر فصنع به مثل ذلك، ورواه همام عن قتادة بلفظ.
فأمر قريبًا من عشرين رجلاً فجلده كل رجل جلدتين بالجريد أخرجه أحمد والبيهقي.

قال في الفتح: وبهذا يجمع بين ما اختلف فيه على شعبة وأن جملة الضربات كانت نحو أربعين بجريدتين فتكون الجملة ثمانين.
وفي مسلم من طريق حضين بحاء مهملة وضاد معجمة مصغرًا ابن المنذر أن عثمان أمر عليًّا بجلد الوليد بن عقبة في الخمر فقال لعبد الله بن جعفر: اجلده فجلده فلما بلغ أربعين قال: أمسك جلد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين وكل سنّة.
وهذا
أحبّ إليّ ففيه الجزم بأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جلد أربعين، وسائر الأخبار ليس فيه عدد إلا بعض الروايات عن أنس ففيه نحو الأربعين والجمع بينهما أن عليًّا أطلق الأربعين فهو حجة على من ذكرها بلفظ التقريب، فمذهب الشافعية أن حدّ الحرّ أربعون جلدة لما سبق، وحدّ غيره ولو مبعضًا عشرون على النصف من الحر كنظائره متوالية في كل من الأربعين والعشرين بحيث يحصل بها زجر وتنكيل فلا تفرق على الأيام والساعات لعدم الإِيلام، وللإِمام زيادة على الحدّ إن رآه فيبلغ الحد ثمانين وغيره أربعين كما فعله عمر -رضي الله عنه- ورآه عليّ -رضي الله عنه- قال: لأنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى، وحدّ الافتراء ثمانون.
رواه الدارقطني فجعل سبب السبب سببًا وأجرى على الأول ما أجرى على الآخر، والزيادة على الحدّ تعازير لا حدّ وإلاّ لما جاز تركها.

واعترض بأن وضع التعزير النقص عن الحد فكيف يساويه؟ وأجيب: بأن ذلك تعازير لأن ذلك لجنايات تولدت من الشارب.
قال الرافعي: وليس شافيًا فإن الجناية لم تتحقق حتى يعزر والجنايات التي تتولد من الخمر لا تنحصر فلتجز الزيادة على الثمانين وقد منعوها قال: وفي قصة تبليغ الصحابة الضرب ثمانين ألفاظ مشعرة بأن الكل حد وعليه فحد الشارب مخصوص من بين سائر الحدود بأن يتحتم بعضه ويتعلق بعضه باجتهاد الإمام، ومذهب الحنفية والمالكية أن الثمانين حد وكذا عند الحنابلة على الصحيح عندهم، وقد اختلف النقل عن الصحابة في التحديد والتقدير في الحد، والذي تحصل من ذلك ستة.
أحدها: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يجعل في ذلك حدًّا معلومًا بل كان يقتصر على ضرب الشارب على ما يليق به.
الثاني: أنه أربعون بغير زيادة.
الثالث: مثله لكن للإمام أن يبلغ به ثمانين وهل الزيادة من تمام الحد أو تعزير قولان: الرابع: أنه ثمانون بغير زيادة عليها.
الخامس: كذلك وتجوز الزيادة تعزيرًا.
السادس: إن شرب فجلد ثلاث مرات فعاد فى الرابعة وجب قتله، وقيل إن شرب أربعًا فعاد في الخامسة وجب قتله وهو قول شاذ.

والحديث أخرجه مسلم في الحدود وكذا الترمذي وابن ماجة.