فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: هل يأمر الإمام رجلا فيضرب الحد غائبا عنه

باب هَلْ يَأْمُرُ الإِمَامُ رَجُلاً فَيَضْرِبُ الْحَدَّ غَائِبًا عَنْهُ وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ
هذا ( باب) بالتنوين ( هل يأمر الإمام رجلاً فيضرب الحد) رجلاً وجب عليه الحدّ حال كونه ( غائبًا عنه) عن الإمام بأن يقول له اذهب إلى فلان الغائب فأقم عليه الحدّ ( وقد فعله عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- أخرجه سعيد بن منصور بسند صحيح عنه ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وفعله عمر بإسقاط قد، وقال في الفتح: ثبت هذا الأثر في رواية الكشميهني.


[ قــ :6498 ... غــ : 6859 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ قَالاَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلاَّ قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ، فَقَالَ صَدَقَ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «قُلْ» فَقَالَ: إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا فِى أَهْلِ هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ، وَإِنِّى سَأَلْتُ رِجَالاً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ فَقَالَ: «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، الْمِائَةُ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَيَا أُنَيْسُ اغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَسَلْهَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن يوسف) بن واقد الفريابي قال: ( حدّثنا ابن عيينة) سفيان ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله بن عتبة) بن مسعود ( عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني) -رضي الله عنهما- أنهما ( قالا: جاء رجل) من الإعراب لم يسم ( إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) : يا رسول الله ( أنشدك الله) فعل ومفعول ونصب الجلالة بإسقاط الخافض أي أقسم عليك بالله ( إلا قضيت بيننا بكتاب الله) الجملة من قضيت في محل الحال وشرط الفعل الواقع حالاً بعد إلا أن يكون مقترنًا بقد أو يتقدم إلا فعل منفي كقوله تعالى: { وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين} [الأنعام: 4] ولما لم يأت هنا شرط الحال.
قال ابن مالك: التقدير ما أسألك إلا فعلك فهي في معنى كلام آخر.
قال ابن الأثير: المعنى أسألك
وأقسم عليك أن ترفع نشيدتي أو صوتي بأن تلبي دعوتي وتجيبني.
وقال ابن مالك في شواهد التوضيح: التقدير ما نشدتك إلا الفعل وبتقدير ابن مالك هنا وفي التسهيل يحصل شرط الحال بعد إلا، وقوله بكتاب الله أي بحكم الله ( فقام خصمه) لم يسم ( وكان أفقه منه) جملة معترضة لا محل لها من الإعراب ( فقال: صدق) يا رسول الله ( اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي يا رسول الله) أن أقول ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( قل) ما في نفسك أو ما عندك ( فقال: إن ابني كان عسيفًا) بالعين والسين المهملتين وبالفاء أجيرًا ( في) خدمة ( أهل هذا فزنى بامرأته) معطوف على كان عسيفًا ( فافتديت منه بمائة شاة وخادم وإني سألت رجالاً من أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام وإن على امرأة هذا الرجم فقال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( والذي نفسي بيده) أي وحق الذي نفسي بيده فالذي مع صلته وعائده مقسم به ونفسي مبتدأ وبيده في محل الخبر وبه يتعلق حرف الجر وجواب القسم قوله: ( لأقضين بينكما بكتاب الله) أي بما تضمنه كتاب الله أو بحكم الله وهو أولى لأن الحكم فيه التغريب والتغريب ليس مذكورًا في القرآن ( المائة) شاة ( والخادم ردّ) أي مردود ( عليك وعلى ابنك جلد مائة) جلد مبتدأ والخبر في المجرور ( وتغريب عام) مصدر غرب وهو مضاف إلى ظرفه لأن التقدير أن يجلد مائة وأن يغرب عامًا وليس هو ظرفًا على ظاهره مقدّرًا بفي لأنه ليس المراد التغريب فيه حتى يقع في جزء منه بل المراد أن يخرج فيلبث عامًا فيقدّر يغرب بيغيب أي يغيب عامًا ( ويا أنيس) هو رجل من أسلم ( اغدُ على امرأة هذا) اذهب إليها متأمرًا عليها وحاكمًا عليها واغد مضمن معنى اذهب لأنهم يستعملون الرواح والغدو بمعنى الذهاب يقولون رحت إلى فلان وغدوت إلى فلان فيعدونها بإلى بمعنى الذهاب، فيحتمل أن يكون أتى بعلى لفائدة الاستعلاء ( فسلها) بفتح السين وسكون اللام بلا همز هل تعفو عن الرجل فيما ذكر عنها من القذف أو لا ( فإن اعترفت) بالزنا ( فارجمها) فذهب أنيس إليها ( فاعترفت) بالزنا ( فرجمها) بعد أن راجع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو بما له من التأمر عليها والحكم من قبله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وإنما خص أنيسًا لأنه أسلميّ والمرأة أسلمية والحديث سبق.