فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا عرض الذمي وغيره بسب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصرح، نحو قوله: السام عليك

باب إِذَا عَرَّضَ الذِّمِّىُّ وَغَيْرُهُ بِسَبِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَلَمْ يُصَرِّحْ نَحْوَ قَوْلِهِ السَّامُ عَلَيْكَ.

هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( إذا عرض الذمي) اليهودي أو النصراني ( وغيره) أي غير الذمي كالمعاهد ومن يظهر إسلامه وعرض بتشديد الراء أي كنى ولم يصرح ( بسب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي بتنقيصه ( ولم يصرح) بذلك وهو تأكيد إذ التعريض خلاف التصريح ( نحو قوله: السام عليك) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: عليكم بالجمع، واعترض بأن هذا اللفظ ليس فيه تعريض بالسب فلا مطابقة بينه وبين الترجمة.
وأجيب بأنه أطلق التعريض على ما يخالف التصريح ولم يرد التعريض المصطلح وهو أن يستعمل اللفظ في حقيقته يلوح به إلى معنى آخر يقصده.


[ قــ :6560 ... غــ : 6926 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: مَرَّ يَهُودِىٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: السَّامُ عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَعَلَيْكَ» فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ: قَالَ السَّامُ عَلَيْكَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَقْتُلُهُ قَالَ: «لاَ، إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ».

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن) الكسائي نزيل بغداد ثم مكة قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: ( أخبرنا شعبة) بن الحجاج ( عن هشام بن زيد بن أنس) ولغير أبي ذر زيادة ابن مالك ( قال: سمعت) جدي ( أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( يقول: مرّ يهودي برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: السام) بألف بعد المهملة من غير همز أي الموت ( عليك) بالإفراد اتفاقًا من رواة أنس ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) له:
( وعليك) بالإفراد ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أتدرون ما يقول) ؟ ولأبي ذر: ماذا يقول ( قال: السام عليك.
قالوا: يا رسول الله ألا)
بالتخفيف ( نقتله؟ قال: لا) تقتلوه ( إذا سلّم عليكم أهل الكتاب فقولوا) لهم: ( وعليكم) أي ما تستحقونه من اللعن والعذاب، قيل وإنما لم يقتله لأنه لم يحمل ذلك على السب بل على الدعاء بالموت الذي لا بدّ منه، ومن ثم قال في الرد عليه وعليك أي الموت نازل عليّ وعليك فلا معنى للدعاء به وليس ذلك بصريح في السب.

والحديث أخرجه النسائي في اليوم والليلة.




[ قــ :6561 ... غــ : 697 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ فَقُلْتُ: بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ، يُحِبُّ الرِّفْقَ فِى الأَمْرِ كُلِّهِ» قُلْتُ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: «قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) بضم النون الفضل بن دكين ( عن ابن عيينة) سفيان ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن عروة بن الزبير عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت: استأذن رهط) دون العشرة من الرجال لا واحد له من لفظه ( من اليهود على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالوا: السام عليك) بالإفراد ولأبي ذر عن الحموي والمستملي عليكم ( فقلت: بل عليكم السام واللعنة) والسام الموت كما مر وألفه منقلبة عن ياء فإن كان عربيًّا فهو سام يسوم إذا مضى لأن الموت مضيّ ( فقال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله) قالت عائشة -رضي الله عنها- ( قلت) يا رسول الله ( أو لم تسمع ما قالوا) ؟ بواو العطف المسبوقة بهمزة الاستفهام ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد ( قلت) لهم ( وعليكم) بإثبات الواو وكذا في أكثر الروايات، والمعنى قالوا عليك الموت فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعليكم أيضًا، أي: نحن وأنتم فيه سواء كلنا نموت أو الواو هنا للاستئناف لا للعطف والتشريك.
أي وعليكم ما تستحقونه من الذم واختار بعضهم حذف الواو لئلا يفضي إلى التشريك، وصوبه الخطابي، وصوب النووي جواز الحذف والإثبات كما صرحت به الروايات قال وإثباتها أجود لأن السام الموت وهو علينا وعليهم فلا ضرر فيه.

والحديث سبق في باب الرفق في الأمر كله، وأخرجه مسلم والترمذي في الاستئذان والنسائي في التفسير وفي اليوم والليلة.