فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة

باب الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) .


[ قــ :6621 ... غــ : 6986 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا لَقِيتُهُ بِالْيَمَامَةِ عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ فَلْيَتَعَوَّذْ مِنْهُ وَلْيَبْصُقْ عَنْ شِمَالِهِ فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ».
وَعَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدثنا عبد الله بن يحيى بن أبي كثير) اليماني ( وأثنى عليه) مسدد ( خيرًا) حال تحديثه ( وقال لقيته باليمامة) بالتخفيف بين مكة والمدينة ( عن أبيه) يحيى أنه قال: ( حدّثنا أبو سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف ( عن أبي قتادة) الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان فإذا حلم) بفتح الحاء المهملة واللام بوزن ضرب ( فليتعوذ) بالله ( منه) من الشيطان ( وليبصق) طردًا للشيطان وتحقيرًا واستقذارًا له ( عن شماله) لأنه محل الأقذار والمكروهات ( فإنها) أي الرؤيا المكروهة ( لا تضره) لأن الله تعالى جعل ما ذكر من
التعوذ وغيره سببًا للسلامة من المكروه المترتب على الرؤيا كما جعل الصدقة وقاية للمال وسببًا لدفع البلاء قاله النووي -رحمه الله تعالى-، وقد ورد النفث والتفل والبصق فقيل: النفث والتفل بمعنى ولا يكونان إلا بريق، وقال أبو عبيد يشترط في التفل ريق يسير ولا يكون في النفث، وقيل عكسه، وقيل الذي يجمع الثلاثة الحمل على التفل فإنه نفخ معه ريق فبالنظر إلى النفخ قيل له نفث وبالنظر إلى الريق قيل له بصاق.

( و) بالسند السابق ( عن أبيه) أي عن أبي عبد الله وهو يحيى بن أبي كثير واسم أبي كثير صالح بن المتوكل ( قال: حدّثنا عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه) أبي قتادة الحارث ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مثله) .
أي مثل الحديث السابق.
واعتراض الزركشي في تنقيحه على البخاري حيث قال وإدخاله حديث أبي قتادة في باب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة لا وجه له أخذه من قول الإسماعيلي ليس هذا الحديث من هذا الباب في شيء وأجاب عنه في المصابيح بأن له وجهًا ظاهرًا وهو التنبيه على أن هذا الكلام وإن كان عامًا فهو مخصوص بالرؤيا الصالحة كما دلت عليه أحاديث الباب قال: وإذا كان مخصوصًا بالرؤيا الصالحة اتجه إدخاله في بابها اتجاهًا ظاهرًا اهـ.
وهو مثل قول الحافظ ابن حجر وجه دخوله في هذه الترجمة إشارة إلى أن الرؤيا الصالحة إنما كانت جزءًا من أجزاء النبوة لكونها من الله تعالى بخلاف التي من الشيطان فإنها ليست من أجزاء النبوة.




[ قــ :66 ... غــ : 6987 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ».

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة المعروف ببندار قال: ( حدّثنا غندر) هو محمد بن جعفر قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بن دعامة السدوسي ( عن أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( عن عبادة بن الصامت) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( رؤيا المؤمن من جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) قد سبق ما في ذلك قريبًا.
قال الغزالي لا تظن أن تقدير النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يجري على لسانه كيفما اتفق بل لا ينطق إلا بحقيقة الحق فقوله رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة تقدير تحقق لكن ليس في قوة غيره أن يعرف علة تلك النسبة إلا بتخمين لأن النبوّة عبارة عما يختص به النبي ويفارق به غيره وهو مختص بأنواع من الخواص كل واحد منها يمكن انقاسمه إلى أقسام بحيث يمكننا أن نقسمها إلى ستة وأربعين جزءًا بحيث تقع الرؤيا الصحيحة جزءًا من جملتها، لكنه لا يرجع إلا إلى الظن والتخمين لا إنه الذي أراده النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حقيقة.


تنبيه:
قال في فتح الباري: خالف قتادة غيره فلم يذكروا عبادة بن الصامت في السند.

والحديث أخرجه مسلم في التعبير والترمذي والنسائي في الرؤيا.




[ قــ :663 ... غــ : 6988 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ».
رَوَاهُ ثَابِتٌ وَحُمَيْدٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَشُعَيْبٌ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
[الحديث 6988 - طرفه في: 7017] .

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن قزعة) بفتح القاف والزاي القرشي المكي المؤذن قال: ( حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو إسحاق المدني نزيل بغداد ثقة حجة تكلم فيه بلا قادح ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) هو نظير قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءًا من النبوة" أي من أخلاق أهل النبوة، وأما الحصر في السنّة والأربعين فالأولى أن يجتنب القول فيه ويتلقى بالتسليم لعجزنا عن حقيقة معرفته على ما هو عليه ( رواه) أي الحديث السابق ولأبي ذر ورواه ( ثابت) البناني فيما وصله المؤلّف عن معلى بن أسد في باب من رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وحميد) الطويل فيما وصله الإمام أحمد عن محمد بن أبي عدي عنه ( وإسحاق بن عبد الله) بن أبي طلحة فيما سبق قريبًا ( وشعيب) هو ابن الحبحاب فيما وصله ابن منده أربعتهم ( عن أنس) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي بغير واسطة لم يقل عن أنس عن عبادة بن الصامت كما في السابق.




[ قــ :664 ... غــ : 6989 ]
- حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ، عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( إبراهيم بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي أبو إسحاق القرشي قال: ( حدّثني ابن أبي حازم) بالمهملة والزاي أيضًا بينهما ألف عبد العزيز واسم أبي حازم سلمة بن دينار ( والدراوردي) عبد العزيز بن محمد بن عبيد وهو نسبة إلى دراورد قرية من قرى خراسان ( عن يزيد بن عبد الله بن خباب) بالخاء المعجمة والموحدتين المشددة أولاهما بينهما ألف المعروف بابن الهاد ( عن أبي سعيد الخدري) -رضي الله عنه- ( أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( الرؤيا الصالحة) وفي رواية الصادقة وهي المطابقة للواقع ( جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) وقوله الصالحة تقييد لما أطلق في الروايتين السابقتين وكذا وقع التقييد في باب رؤيا الصالحين بالرجل الصالح فرؤيا الصالح هي التي تنسب إلى أجزاء النبوة ومعنى صلاحها انتظامها واستقامتها فرؤيا الفاسق لا تعدّ من أجزاء النبوة، وأما رؤيا الكافر فلا تعدّ أصلاً، ولو صدقت رؤيهم أحيانًا فذاك كما يصدق الكذوب وليس كل من حدّث عن غيب يكون خبره من أجزاء النبوة كالكاهن والمنجم، وقد وقعت الرؤيا الصادقة من بعض الكفار كما في رؤيا صاحبي السجن مع يوسف عليه السلام ورؤيا ملكهما.