فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام

باب مَنْ رَأَى النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى الْمَنَامِ
(باب من رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المنام).


[ قــ :6628 ... غــ : 6993 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَنْ رَآنِى فِى الْمَنَامِ فَسَيَرَانِى فِى الْيَقَظَةِ، وَلاَ يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِى».
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِذَا رَآهُ فِى صُورَتِهِ.

وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو عبد الله بن عثمان المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك
(عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه قال: (حدّثني) بالإفراد (أبو سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- (قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) بفتح القاف يوم القيامة رؤية خاصة في القرب منه أو من رآني في المنام ولم يكن هاجر يوفقه الله للهجرة إليّ والتشرّف بلقائي، ويكون الله تعالى جعل رؤيته في المنام علمًا على رؤياه في اليقظة.
قال في المصابيح: وعلى القول الأوّل ففيه بشارة لرائيه بأنه يموت على الإسلام وكفى بها بشارة وذلك لأنه لا يراه في القيامة تلك الرؤية الخاصة باعتبار القرب منه إلا من تحققت منه الوفاة على الإسلام حقق الله لنا ولأحبابنا وللمسلمين ذلك بمنه وكرمه آمين (ولا يتمثل الشيطان بي) هو كالتتميم للمعنى والتعليل للحكم أي لا يحصل له أي للشيطان مثال صورتي ولا يتشبه بي، فكما منع الله الشيطان أن يتصوّر بصورته الكريمة في اليقظة كذلك منعه في المنام لئلا يشتبه الحق بالباطل.

(قال أبو عبد الله) البخاري -رحمه الله تعالى- فيما وصله إسماعيل بن إسحاق القاضي من طريق حماد بن زيد عن أيوب (قال ابن سيرين) محمد لا تعتبر رؤيته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا (إذا رآه) الرائي (في صورته).
التي جاء وصفه بها في حياته ومقتضاه أنه إذا رآه على خلافها كانت رؤيا تأويل لا حقيقة، والصحيح أنها حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها.
قال ابن العريى رؤيته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بصفته المعلومة إدراك على الحقيقة ورؤيته على غيرها إدراك للمثال فإن الصواب أن الأنبياء لا تغيرهم الأرض ويكون إدراك الذات الكريمة حقيقة وإدراك الصفات إدراك المثال.
قال: وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع بعيني الرأس حقيقة في اليقظة انتهى.

وقد ذكرت مباحث ذلك في كتابي المواهب اللدنية بالمنح المحمدية.
وقد نقل عن جماعة من الصوفية أنهم رأوه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك وفيه بحث ذكرته في المواهب.

ومن فوائد رؤيته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تسكين تشوق الرائي لكونه صادقًا في محبته ليعمل على مشاهدته، وسقط قوله قال أبو عبد الله إلى آخره لأبي ذر.




[ قــ :669 ... غــ : 6994 ]
- حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ، عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ رَآنِى فِى الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِى، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَخَيَّلُ بِى وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ».

وبه قال: ( حدّثنا معلى بن أسد) العمي بفتح المهملة وتشديد الميم أبو الهيثم البصري قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن مختار) الدباغ البصري مولى حفصة بنت سيرين قال: ( حدّثنا ثابت البناني) بضم الموحدة ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: من رآني في المنام فقد رآني) .
قال الكرماني فإن قلت: الشرط والجزاء متحدان فما معناه؟ وأجاب: بأنه في معنى الإخبار
أي من رآني فأخبره بأن رؤيته حق ليست من أضغاث الأحلام، وقال في شرح المشكاة أي من رآني فقد رأى حقيقتي على كمالها لا شبهة ولا ارتياب فيما رأى ( فإن الشيطان لا يتمثل بي) فإن قيل: كيف يكون ذلك وهو في المدينة والرائي في المشرق أو المغرب؟ أجيب: بأن الرؤية أمر يخلقه الله تعالى ولا يشترط فيها عقلاً مواجهة ولا مقابلة ولا مقارنة ولا خروج شعاع ولا غيره، ولذا جاز أن يرى أعمى الصين بقة أندلس.
فإن قلت: كثيرًا يرى على خلاف صورته المعروفة ويراه شخصان في حالة واحدة في مكانين والجسم الواحد لا يكون إلا في مكان واحد أجيب: بأنه يعتبر في صفاته لا في ذاته فتكون ذاته عليه الصلاة والسلام مرئية وصفاته متخيلة غير مرئية فالإدراك لا يشترط فيه تحديق الأبصار ولا قرب المسافة فلا يكون المرئي مدفونًا في الأرض ولا ظاهرًا عليها، وإنما يشترط كونه موجودًا ولو رآه يأمر بقتل من يحرم قتله كان هذا من صفاته المتخيلة لا المرئية ( ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) لأنها من الله تعالى بخلاف التي من الشيطان فإنها ليست من أجزاء النبوة، وفيه مباحث سبقت قريبًا وسقطت الواو من قوله ورؤيا لأبي ذر.




[ قــ :6630 ... غــ : 6995 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلاَثًا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَزَايَا بِى».

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة وهو جد يحيى واسم أبيه عبد الله قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عبيد الله) بضم العين ( ابن أبي جعفر) الأموي القرشي أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( أبو سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف ( عن أبي قتادة) بن الحارث رضى الله عنه أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان) وإضافة الرؤيا الصالحة إلى الله إضافة تشريف وإضافة الحلم إلى الشيطان لأنها صفته من الكذب والتهويل وإن كانا بخلق الله تعالى وتقديره ( فمن رأى) في منامه ( شيئًا يكرهه فلينفث) بكسر الفاء بعدها مثلثة أي فلينفغ نفخًا لطيفًا من غير ريق ( عن شماله) طردًا للشيطان وإظهارًا لاحتقاره ( ثلاثًا) للتأكيد وخص الشمال لأنها محل الأقذار ( وليتعوّذ) بالله ( من الشيطان فإنها لا تضرّه) لأن الله تعالى جعل ذلك سببًا لسلامته ( وإن الشيطان لا يتزايا بي) بالزاي المعجمة لا يتصدى لأن يصير مرئيًّا بصورتي، ولأبي ذر لا يتراءى بالراء المهملة.

والحديث سبق في الطب والتعبير.




[ قــ :6631 ... غــ : 6996 ]
- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خَلِىٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِى الزُّبَيْدِىُّ، عَنِ الزُّهْرِىِّ
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَالَ أَبُو قَتَادَةَ - رضى الله عنه -: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ رَآنِى فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ»، تَابَعَهُ يُونُسُ وَابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ.

وبه قال: ( حدّثنا خالد بن خليّ) بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام المخففة وتشديد التحتية أبو القاسم الحمصي قاضيها من أفراد البخاري قال: ( حدّثنا محمد بن حرب) أبو عبد الله النيسابوري قال: ( حدّثني) بالإفراد ( الزبيدي) بضم الزاي محمد بن الوليد بن عامر الشامي الحمصي ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه قال: ( قال أبو سلمة) بن عبد الرحمن ( قال أبو قتادة) الحارث بن ربعي ( -رضي الله عنه-) قال ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( من رآني) في منامه ( فقد رأى الحق) أي فقد رآني رؤية الحق لا الباطل ( تابعه) أي تابع الزبيدي في روايته عن الزهري ( يونس) بن يزيد ( وابن أخي الزهري) محمد بن عبد الله بن مسلم وصلها مسلم بن الحجاج في صحيحه من طريقهما وساقه على لفظ رواية يونس وأحال برواية ابن أخي الزهري عليه.




[ قــ :663 ... غــ : 6997 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ سَمِعَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَنْ رَآنِى فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَكَوَّنُنِى».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام قال: ( حدّثني) بالإفراد ( ابن الهاد) يزيد بن عبد الله بن أسامة ( عن عبد الله بن خباب) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة وبعد الألف موحدة أخرى ( عن أبي سعيد الخدري) -رضي الله عنه- أنه ( سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( من رآني فقد رأى الحق) سواء رآه على صفته المعروفة أو غيرها لكن يكون في الأولى مما لا يحتاج إلى تعبير والثانية مما يحتاج إلى التعبير ( فإن الشيطان لا يتكوّنني) أي لا يتكوّن كوني فحذف المضاف ووصل المضاف إليه بالفعل بمعنى أن الله تعالى وإن أمكنه من التصوّر في أي صورة أراد فإنه لم يمكنه من التصور في صورة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

والحديث من أفراده.