فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الرؤيا بالنهار

باب الرُّؤْيَا بِالنَّهَارِ
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: عَنِ ابْنِ سِيرِينَ رُؤْيَا النَّهَارِ مِثْلُ رُؤْيَا اللَّيْلِ.

( باب) حكم ( الرؤيا) الواقعة ( بالنهار) ولأبي ذر مما ليس في اليونينية باب رؤيا النهار.

( وقال ابن عون) بفتح العين المهملة وسكون الواو وهو عبد الله فيما وصله علي بن أبي
طالب القيرواني في كتاب التعبير له من طريق مسعدة بن اليسع عن عبد الله بن عون ( عن ابن سيرين) محمد ( رؤيا النهار مثل رؤيا الليل) وثبت قوله رؤيا الثانية في رواية أبي ذر عن الحموي.
وقال أهل التعبير: إن رؤيا النهار بالعكس لأن الأرواح لا تجول أصلاً والشمس في أعلى الفلك وذلك أن قوّتها تمنع من إظهار أمر الأرواح وتصرفها فيما تصرف فيه، وقيل: إن رؤيا النهار أقوى من رؤيا الليل وأتم في الحال لأن النور سابق لكل ظلمة والنور يسرح في الضياء ما لا يسرح في سائر الظل والأرواح تتعارف في الضوء ما لا تتعارف في غيره، وأما الوقت الذي تكون الرؤيا فيه أصح والذي تكون فيه فاسدة فقالوا تكون صحيحة في أيام الربيع في نيسان وذلك وقت دخول الشمس الحمل وهو ابتداء الزمان الذي خلق فيه آدم عليه السلام والوقت الذي سلك فيه الروح وهو وقت تكون الرؤيا فيه الأخذ باليد.


[ قــ :6636 ... غــ : 7001 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ وَجَعَلَتْ تَفْلِى رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري ( أنه سمع أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( يقول كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدخل على أم حرام) بالحاء والراء المهملتين المفتوحتين ( بنت ملحان) بكسر الميم وسكون اللام بعدها حاء مهملة وكانت خالته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الرضاع ( وكانت تحت عبادة بن الصامت) أي زوجته ( فدخل عليها) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( يومًا فأطعمته وجعلت تفلي رأسه) بفتح الفوقية وسكون الفاء وكسر اللام تفتش شعر رأسه لتستخرج هوامه ( فنام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عندها ( ثم استيقظ وهو) أي والحال أنه ( يضحك) فرحًا وسرورًا.




[ قــ :6636 ... غــ : 700 ]
- قَالَتْ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ غُزَاةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ -أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ-» شَكَّ إِسْحَاقُ قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ غُزَاةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ» كَمَا قَالَ فِى الأُولَى قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ قَالَ: «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ» فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِى زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ.

( قالت) أم حرام ( فقلت) له: ( ما يضحكك يا رسول الله قال) :
( ناس من أمتي عرضوا عليّ) بضم العين المهملة وكسر الراء مخففة حال كونهم ( غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر) بمثلثة وموحدة مفتوحتين آخره جيم وسطه أو هوله ( ملوكًا على الأسرّة) قال ابن عبد البر: في الجنة، وقال النووي: أي يركبون مراكب الملوك في الدنيا لسعة حالهم واستقامة أمرهم ونصب ملوكًا بنزع الخافض ( أو) قال ( مثل الملوك على الأسرة شك إسحاق) بن عبد الله بن أبي طلحة ( قالت) أم حرام ( فقلت يا رسول ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بذلك ( ثم وضع رأسه) فنام ( ثم استيقظ وهو يضحك فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال: ناس) ولأبي ذر عن المستملي أناس ( من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله كما قال في الأولى) من العرض ولكن قال يركبون في البر ( قالت: فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال: أنت من الأوّلين) بكسر اللام الذين يركبون ثبج البحر ( فركبت البحر في زمان) غزو ( معاوية بن أبي سفيان) -رضي الله عنهما- في خلافة عثمان مع زوجها في أوّل غزوة كانت إلى الروم ( فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت) في الطريق لما رجعوا من غزوهم من غير مباشرة للقتال والحديث سبق في الجهاد والاستئذان وأخرجه مسلم في الجهاد.