فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه

باب لاَ يَأْتِى زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِى بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ
( باب) بالتنوين يذكر فيه ( لا يأتي زمان إلا الذى بعده شر منه) .


[ قــ :6692 ... غــ : 7068 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِىٍّ قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ: «اصْبِرُوا فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِى عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِى بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ».
سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي قال: ( حدّثنا سفيان) الثوري ( عن الزبير) بضم الزاي ( ابن عدي) بفتح العين وكسر الدال المهملتين الكوفي الهمداني بسكون الميم من صغار التابعين ليس له في البخاري إلا هذا الحديث أنه ( قال: أتينا أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( فشكونا) ولأبي ذر عن الكشميهني فشكوا ( إليه ما نلقى) وللأصيلي ما يلقوا، ولأبي ذر وابن عساكر: ما يلقون ( من الحجاج) بن يوسف الثقفي الأمير المشهور من ظلمه وتعدّيه وفي قوله فشكونا إليه ما يلقون التفات ( فقال) أنس ( اصبروا) عليه ( فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم) أي حتى تموتوا وعند الطبراني بسند صحيح عن ابن مسعود قال أمس خير من اليوم واليوم خير من غد، وكذلك حتى تقوم الساعة، ولأبي ذر وابن عساكر: أشر منه بوزن أفعل على الأصل لأنه أفعل تفضيل لكن مجيئه كذلك قليل، وعند الإسماعيلي من رواية محمد بن القاسم الأسدي عن الثوري ومالك بن مغول ومسعر وأبي سنان الشيباني أربعتهم عن الزبير بن عدي بلفظ: لا يأتي على الناس زمان إلاّ شر من الزمان الذي كان قبله ( سمعته من نبيكم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .

واستشكل هذا الإطلاق بأن بعض الأزمنة قد يكون فيه الشر أقل من سابقه ولو لم يكن إلا زمن عمر بن عبد العزيز وهو بعد زمن الحجاج بيسير.
وأجاب الحسن البصري: بأنه لا بدّ للناس من تنفس فحمله على أكثر الأغلب، وأجاب غيره بأن المراد بالتفضيل تفضيل مجموع العصر على مجموع العصر فإن عصر الحجاج كان فيه كثير من الصحابة في الأحياء، وفي زمن عمر بن عبد العزيز انقرضوا، والزمان الذي فيه الصحابة خير من الزمان الذي بعده لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المروي في الصحيحين "خير القرون قرني".

وحديث الباب أخرجه الترمذي في الفتن.




[ قــ :6693 ... غــ : 7069 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ ح.

وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتِ: اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةً فَزِعًا يَقُولُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْخَزَائِنِ وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ لِكَىْ يُصَلِّينَ رُبَّ كَاسِيَةٍ فِى الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِى الآخِرَةِ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( ح) لتحويل السند قال البخاري:
( وحدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: ( حدّثني) بالإفراد ( أخي) أبو بكر عبد الحميد ( عن سليمان) ولأبي ذر زيادة ابن بلال ( عن محمد بن أبي عتيق) هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر التيمي المدني نسبه لجده ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن هند بنت الحارث الفراسية) بكسر الفاء وبالسين المهملة نسبة إلى بني فراس بطن من كنانة وهم إخوة قريش قيل إن لهند هذه صحبة ( أن أم سلمة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت: استيقظ) انتبه ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من نومه وليست السين في استيقظ للطلب ( ليلة) نصب على الظرفية حال كونه ( فزعًا) بفتح الفاء وكسر الزاي أي خائفًا حال كونه ( يقول) :
( سبحان الله ماذا أنزل الله من الخزائن) كخزائن فارس والروم مما فتح على الصحابة وقوله سبحان الله ماذا استفهام متضمن معنى التعجب ولابن عساكر إسقاط ليلة واسم الجلالة الشريفة من قوله أنزل الله ولأبي ذر عن الكشميهني أنزل بضم الهمزة وكسر الزاي الليلة من الخزائن جمع خزانة وهو ما يحفظ فيه الشيء ( وماذا أُنزل من الفتن) بضم الهمزة ( من يوقظ) أي من ينتدب فيوقظ ( صواحب الحجرات) بضم الحاء المهملة وفتح الجيم والذي في اليونينية بضم الجيم أيضًا ( يريد) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أزواجه) -رضي الله عنه- ( لكي يصلّين) ويستعذن مما أراه الله من الفتن النازلة كي يوافقن المرجوّ فيه الإجابة وخصّهنّ الحاضرات حينئذٍ ( رب كاسية في الدنيا) بالثياب لوجود الغنى ( عارية في الآخرة) من الثواب لعدم العلم في الدنيا أو كاسية بالثياب الشفافة التي لا تستر العورة عارية في الآخرة جزاء على ذلك، أو كاسية من نعم الله عارية من الشكر الذي تظهر ثمرته في الآخرة بالثواب، أو كاسية من خلعة التزوج بالرجل الصالح عارية في الآخرة من العمل لا ينفعها صلاح زوجها، وهذا وإن ورد في أمهات المؤمنين فالعبرة بعموم اللفظ وفيه إشارة إلى تقديم المرء ما يفتح عليه من خزائن الدنيا للآخرة يوم يحشر الناس عراة فلا يكسى إلا الأول فالأول في الطاعة والصدقة والإنفاق في سبيل الله.

والحديث سبق في باب العلم والعظة بالليل من كتاب العلم.