فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ذكر الدجال

باب ذِكْرِ الدَّجَّالِ
( باب ذكر الدجال) بتشديد الجيم فعال من أبنية المبالغة أي يكثر منه الكذب والتلبيس وهو الذي يظهر في آخر الزمان يدّعي الإلهية ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مخلوقاته كإحياء الميت الذي يقتله وإمطار السماء وإنبات الأرض بأمره ثم يعجزه الله بعد ذلك فلا يقدر على شيء، ثم يقتله عيسى عليه السلام وفتنته عظيمة جدًّا تدهش العقول وتحير الألباب.


[ قــ :6740 ... غــ : 7122 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى قَيْسٌ قَالَ: قَالَ لِى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الدَّجَّالِ مَا سَأَلْتُهُ وَإِنَّهُ قَالَ لِى: «مَا يَضُرُّكَ مِنْهُ» قُلْتُ: لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ مَعَهُ جَبَلَ خُبْزٍ وَنَهَرَ مَاءٍ قَالَ: «هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ».

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي خالد قال: ( حدّثني) بالإفراد ( قيس) هو ابن أبي حازم ( قال: قال لي المغيرة بن شعبة) -رضي الله عنه- ( ما سأل أحد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الدجال ما سألته) ولأبي ذر أكثر ما سألته ( وإنه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قال لي) :
( ما يضرك منه) ؟ أي من الدجال ( قلت) يا رسول الله الخشية منه ( لأنهم) ولأبي ذر عن الحموي أنهم ( يقولون: إن معه جبل خبز) بضم الخاء المعجمة وسكون الموحدة بعدها زاي أي معه من الخبز قدر الجبل، وعند مسلم من رواية هشيم جبال خبز ولحم ( ونهر ماء) بفتح النون والهاء وتسكن ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( هو أهون على الله) من أن يجعل شيئًا ( من ذلك) آية على صدقه لا سيما وقد جعل الله فيه آية ظاهرة في كذبه وكفره يقرؤها من قرأ ومن لم يقرأ زيادة على شواهد كذبه من حدثه ونقصه بالعور، وليس المراد ظاهره وأنه لا يجعل على يديه شيئًا من ذلك بل هو على التأويل المذكور.

والحديث أخرجه مسلم وابن ماجة في الفتن.




[ قــ :6741 ... غــ : 713 ]
- حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَجِىءُ الدَّجَّالُ حَتَّى يَنْزِلَ فِى نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلُّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ».

وبه قال: ( حدّثنا سعد بن حفص) بسكون العين الطلحي مولاهم أبو محمد الكوفي وزيادة التحتية بعد العين تحريف قال: ( حدّثنا شيبان) بالشين المعجمة المفتوحة بعدها تحتية ساكنة فموحدة فألف فنون ابن عبد الرحمن النحوي المؤدب التميمي مولاهم البصري أبو معاوية ( عن يحيى) بن أبي كثير ( عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن) عمه ( أنس بن مالك) -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( يجيء الدجال) من أرض بالمشرق يقال لها خراسان ( حتى ينزل في ناحية المدينة) ولابن ماجة نزل عند الطريق الأحمر عند منقطع السبخة ( ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات) بفتح الجيم ( فيخرج إليه كل كافر ومنافق) .
قيل: والمراد بالكافر غلاة الروافض لأنهم كفرة.
والحديث من أفراده.




[ قــ :674 ... غــ : 714 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَلَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي قال: ( حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ( عن أبيه) سعد ( عن جده) إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ( عن أبي بكرة) نفيع -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال) المسيح بالحاء المهملة لا بالمعجمة وقال صاحب القاموس إنه اجتمع له من الأقوال في سبب تسمية المسيح خمسون قولاً ( ولها) أي المدينة ( يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان) زاد الحاكم من رواية الزهري عن طلحة بن عبيد الله بن عوف عن عياض بن مسافع عن أبي بكرة يذبّان عنه رعب المسيح.

وهذا الحديث ثابت هنا في رواية أبي الوقت وأبي ذر عن المستملي وحده ساقط لغيرهما.




[ قــ :6743 ... غــ : 715 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ».

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي الحافظ قال: ( حدّثنا وهيب) بضم الواو وفتح الهاء ابن خالد قال: ( حدّثنا أيوب) السختياني ( عن نافع عن ابن عمر) -رضي الله عنهما- قال
البخاري ( أراه) بضم الهمزة أظنه ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقط قوله أراه الخ للمستملي وأبي زيد المروزي وأبي أحمد الجرجاني فيصير موقوفًا لكنه في الأصل مرفوع كما في مسلم ( قال) :
إن الدجال ( أعور عين اليمنى) من إضافة الموصوف إلى الصفة على رأي الكوفيين أو مؤوّل على الحذف أي أعور عين الجهة اليمنى ( كأنها عنبة طافية) بلا همز ناتئة ولم يذكر الموصوف بذلك ومثله عند الإسماعيلي لكنه قال في آخره يعني الدجال.

وهذا الحديث ساقط هنا من رواية الحموي.




[ قــ :6744 ... غــ : 716 ]
- حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الْمَسِيحِ لَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ».
.

     وَقَالَ  ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَقَالَ لِى أَبُو بَكْرَةَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَذَا.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا محمد بن بشر) بالموحدة المكسورة والمعجمة الساكنة العبدي قال: ( حدّثنا مسعر) بكسر الميم وسكون السين وفتح العين المهملتين آخره راء ابن كدام الكوفي قال: ( حدّثنا سعد بن إبراهيم) بسكون العين ( عن أبيه) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ( عن أبي بكرة) نفيع -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( لا يدخل المدينة رعب المسيح) الدجال ( لها يومئذ سبعة أبواب على كل باب) ولأبي ذر عن الكشميهني لكل باب ( ملكان) يحرسونها منه.

وهذا الحديث ثبت للمستملي وحده.

( وقال ابن إسحاق) محمد صاحب المغازي مما وصله الطبراني في الأوسط من رواية محمد بن سلمة الحراني عنه ( عن صالح بن إبراهيم) بن عبد الرحمن بن عوف ( عن أبيه قال: قدمت البصرة فقال لي أبو بكرة) نفيع ( سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذا) أي أصل الحديث السابق وتمامه كما في الطبراني بعد قوله فلقيت أبا بكرة فقال: أشهد أني سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "كل قرية يدخلها فزع الدجال إلا المدينة يأتيها ليدخلها فيجد على بابها ملكًا مصلتًا بالسيف فيردّ عنها".
قال الطبراني: لم يروه عن أبي صالح إلا ابن إسحاق، وأراد المؤلّف بذكر هذا هنا ثبوت لقاء إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف لأبي بكرة لأن إبراهيم مدني وقد تستنكر روايته عن أبي بكرة لأنه نزل البصرة من عهد عمر إلى أن مات.

وهذا التعليق ثابت في رواية المستملي والكشميهني.




[ قــ :6745 ... غــ : 717 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى النَّاسِ فَأَثْنَى
عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: «إِنِّى لأُنْذِرُكُمُوهُ وَمَا مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّى سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبِىٌّ لِقَوْمِهِ إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي قال: ( حدّثنا إبراهيم) بن سعد ( عن صالح) هو ابن كيسان ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن سالم عن عبد الله أن) أباه ( عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال) :
( إني لأنذركموه) بضم الهمزة وكسر المعجمة ( وما من نبي إلا وقد أنذره قومه) تحذيرًا لهم من فتنته.
وفي حديث أبي عبيدة بن الجراح عند أبي داود وحسّنه الترمذي: لم يكن نبي بعد نوح إلا وقد أنذر قومه الدجال.
وعند أحمد من وجه آخر عن ابن عمر لقد أنذره نوح أمته والنبيون من بعده وإنما أنذر نوح وغيره أمته به وإن كان إنما يخرج بعد وقائع وأن عيسى يقتله لأنهم أنذروا به إنذارًا غير معين بوقت خروجه فحذروا قومهم فتنته، ويدل له قول نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض طرق الحديث: إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه فقد حملوه على أنه كان قبل أن يعلم وقت خروجه وعلاماته فكان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يجوّز أن يكون خروجه في حياته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثم أعلمه الله بعد ذلك فأخبر به أمته وخصّ نوحًا بالذكر لأنه مقدم المشاهير من الأنبياء كما خصّ بالتقديم في قوله تعالى: { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا} [الشورى: 13] ( ولكني) وللكشميهني ولكن ( سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه) والسر في تخصيصه عليه الصلاة والسلام بذلك لأن الدجال إنما يخرج في أمته دون غيرها من الأمم ( إنه أعور وإن الله ليس بأعور) يحتمل أن أحدًا من الأنبياء غير نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يخبر بأنه أعور أو أخبر ولم يقدر له أن يخبر به كرامة لنبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى يكون هو الذي يبين بهذا الوصف دحوض حجته الداحضة ويبصر بأمره جهال العوام فضلاً عن ذوي الألباب والأفهام.




[ قــ :6746 ... غــ : 718 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ يَنْطُفُ أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: ابْنُ مَرْيَمَ ثُمَّ ذَهَبْتُ، أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ أَحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ، أَعْوَرُ الْعَيْنِ كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قَالُوا: هَذَا الدَّجَّالُ أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ».

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي مولاهم المصري ونسبه لجده قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام الفقيه الفهمي أبو الحارث المصري ( عن عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد بن عقيل بفتح العين الأيلي بفتح الهمزة وسكون التحتية وكسر اللام ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن سالم عن أبيه عن عبد الله بن عمر) -رضي الله عنهما- ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( بينا) بغير ميم ( أنا نائم أطوف) زاد في التعبير رأيتني أطوف ( بالكعبة فإذا رجل آدم) بمدّ الهمزة أسمر ( سبط الشعر) بفتح المهملة وسكون الموحدة وتكسر مسترسله غير جعد ( ينطف) بضم الطاء المهملة في الفرع بكسرها يقطر ( أو) قال ( يهراق) بفتح الهاء بعد ضم التحتية والشك من الراوي ( رأسه ماء) وفي رواية مالك له لمة قد رجلها فهي تقطر ماء واللمة بكسر اللام شعر الرأس وكأنه يقطر من الذي سرحه به أو أن المراد الاستعارة وكني بذلك عن مزيد النظافة والنضارة ( قلت: من هذا؟ قالوا: ابن مريم) عيسى عليهما السلام ( ثم ذهبت ألتفت فإذا رجل جسيم أحمر) اللون ( جعد) شعر ( الرأس) بفتح الجيم وسكون العين المهملة ( أعور العين كأن عينه عنبة طافية) بارزة وهي غير الممسوحة وهي بغير همز على الراجح ولبعضهم بالهمز أي ذهب ضوءها.
قال القاضي عياض: رويناه عن الأكثر بغير همز وهو الذي صححه الجمهور وجزم به الأخفش، ومعناه أنها ناتئة نتوء حبة العنب من بين أخواتها وضبطه بعضهم بالهمزة وأنكره بعضهم، ولا وجه لإنكاره فقد جاء في آخر أنه ممسوح العين مطموسة وليست حجراء ولا ناتئة رواه أبو داود وهذه صفة حبة العنب إذا سال ماؤها.

وقال في الفتح: والصواب أنه بغير همز لأنه قيده في رواية الباب بأنها اليمنى وصرح في حديث ابن مغفل وسمرة بأن اليسرى ممسوحة والطافية البارزة.
قال: والعجب ممن يجوّز الهمز وعدمه مع تضادّ المعنى في حديث واحد فلو كان ذلك في حديثين لسهل الأمر وزاد في رواية حنظلة اليمنى وكذا في رواية شعيب عند المؤلّف في التعبير وفي مسلم عن حذيفة: أعور عين اليسرى، ومقتضاه أن كلاًّ من عينيه عوراء.
وفي حديث حذيفة أيضًا مطموس العين عليها ظفرة غليظة.
وفي حديث سعيد عند أحمد والطبراني أعور عينه اليسرى بعينه اليمنى ظفرة غليظة والظفرة تغشى العين إذا لم تقطع عميت العين.
وفي حديث عبد الله بن مغفل عند الطبراني ممسوح العين، وفي حديث أبي سعيد عند أحمد وعينه اليمنى عوراء جاحظة كأنها نخاعة في أصل حائط مجصص وعينه اليسرى كأنها كوكب دريّ فوصف عينيه معًا، والمراد بوصفها بالكوكب شدة اتقادها وعند أحمد والطبراني من حديث أبيّ بن كعب إحدى عينيه كأنها زجاجة خضراء وهو يوافق وصفها بالكوكب، وظاهر هذه الروايات التضاد لكن وصف اليمنى بالعور أرجح لاتفاق الشيخين عليه من حديث ابن عمر، ويحتمل أن يكون كل من عينيه عوراء فإحداهما بما أصابها من الظفرة الغليظة المذهبة للإدراك والأخرى من أصل الخلقة فيكون الدجال أعمى أو قريبًا منه لكن وصف إحداهما بالكوكب الدري يرد هذا الاحتمال، فالأقرب أن الذي ذهب ضوءها هي المطموسة الممسوحة والأخرى معيبة بارزة معها بقاء ضوء فلا تنافي لأن كثيرًا ممن يحدث له النتوء يبقى معه الإدراك فيكون الدجال من هذا القبيل.
وعند الطبراني من حديث عبد الله بن مغفل أنه أدم فيجمع بينه وبين وصفه هنا بأنه أحمر بأن أدمته صافية ولا ينافي أن يوصف مع ذلك بالحمرة لأن كثيرًا من الأدم قد تحمر وجنته.

( قالوا: هذا الدجال) قال في الفتح: لم أقف على اسم القائل معينًا ( أقرب الناس به شبهًا)
بفتح المعجمة والموحدة ( ابن قطن) بفتح القاف والطاء المهملة بعدها نون اسمه عبد العزى بن قطن بن عمرو بن جندب بن سعيد بن عائذ بن مالك بن المصطلق واسم أمه هالة بنت خويلد قاله الدمياطي والمحفوظ أنه هلك في الجاهلية كما قاله الزهري ( رجل من خزاعة) .

والحديث سبق في التعبير.




[ قــ :6747 ... غــ : 719 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَعِيذُ فِى صَلاَتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ.

وبه قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) بن يحيى بن عمر بن أويس الأويسي المدني قال: ( حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين القرشي ( عن صالح) هو ابن كيسان ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن عروة) بن الزبير ( أن عائشة) -رضي الله عنها- ( قالت: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يستعيذ) بالله تعالى ( في صلاته من فتنة الدجال) تعليمًا لأمته إذ لا فتنة أعظم من فتنته.

والحديث سبق في الصلاة.




[ قــ :6748 ... غــ : 7130 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنِى أَبِى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ رِبْعِىٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِى الدَّجَّالِ: «إِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ وَمَاؤُهُ نَارٌ» قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا عبدان) هو عبد الله بن عثمان بن جبلة العتكي مولاهم المروزي قال: ( أخبرني) بالإفراد ( أبي) عثمان ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن عبد الملك) بن عمير الكوفي ( عن ربعي) بكسر الراء وسكون الموحدة ابن حراش بكسر الحاء المهملة آخره شين معجمة ( عن حذيفة) بن اليمان -رضي الله عنه- ( عن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال في) شأن ( الدجال) :
( إن معه ماءً ونارًا فناره) التي يراها الرائي نارًا ( ماء بارد) في نفس الأمر ( وماؤه) الذي يراه ماء ( نار) في نفس الأمر فذلك راجع إلى اختلاف المرئي بالنسبة إلى الرائي، فيحتمل أن يكون الدجال ساحرًا فيخيل الشيء بصورة عكسه.

قال في الكواكب، فإن قلت: النار كيف تكون ماء وهما حقيقتان مختلفتان؟ وأجاب: بأن المعنى ما صورته نعمة ورحمة فهو في الحقيقة لمن مال إليه نقمة وبالعكس، وفي رواية أبي مالك الأشجعي عن ربعي عند مسلم فإما أدركن أحدًا فليأت النهر الذي يراه نارًا وليغمض ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه فإنه ماء بارد، وفي رواية شعيب بن صفوان عن عبد الملك عن ربعي عن عقبة بن عمرو أبي مسعود الأنصاري عند مسلم فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه نارًا فإنه ماء عذب طيب، وفي مسلم أيضًا عن أبي هريرة -رضي الله عنه- وأنه يجيء معه مثل الجنة
والنار فالتي يقول إنها جنة هي النار وهذا من فتنته التي امتحن الله بها عباده فيحق الحق ويبطل الباطل ثم يفضحه ويظهر للناس عجزه.

( قال ابن مسعود) عبد الله: ( أنا سمعته من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) كذا في الفرع ابن بالنون بعد الموحدة مصلحة على كشط والذي في اليونينية وغيرها أبو مسعود بواو بدل النون وهو عقبة بن عمرو البدري الأنصاري وهذا هو الصواب، فقد رواه مسلم عن ربعي عن عقبة بن عمرو أبي مسعود الأنصاري قال: انطلقت معه إلى حذيفة فقال له عقبة: حدّثني ما سمعت من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الدجال الحديث وفي آخره قال عقبة: وأنا قد سمعته من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صديقًا لحذيفة، وعنده أيضًا عن ربعي قال: اجتمع حذيفة وأبو مسعود فقال حذيفة: لأنا بمانع الدجال أعلم منه الحديث ثم قال في آخره قال أبو مسعود: هكذا سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول.




[ قــ :6749 ... غــ : 7131 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا بُعِثَ نَبِىٌّ إِلاَّ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ، أَلاَ إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ».
فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ما بعث نبي) بضم الموحدة مبنيًّا للمفعول ( إلاّ أنذر أمته الأعور الكذاب ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام حرف تنبيه ( إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور) إنما اقتصر على وصف الدجال بالعور مع أن أدلة الحدوث كثيرة ظاهرة لأن العور أثر محسوس يدركه كل أحد فدعواه الربوبية مع نقص خلقته علم كذبه لأن الإله يتعالى عن النقص ( وإن بين عينيه مكتوب كافر) برفع مكتوب فاسم إن محذوف وهو ضمير نصب أما ضمير الشأن أو عائد على الدجال وبين عينيه مكتوب جملة هي الخبر وكافر خبر مبتدأ محذوف أي بين عينيه شيء مكتوب وذلك الشيء هو كلمة كافر، ولأبي ذر والأصيلي مكتوبًا بالنصب.
قال في المصابيح: فالظاهر جعله اسم إن وكافر على ما سبق ولا يحتاج مع هذا إلى أن يرتكب حذف اسم إن مع كونه ضميرًا فإنه ضعيف أو قليل اهـ.

وقوله في الفتح: وإما حال.
قال العيني ليس صحيحًا بل قوله كافرًا عمل فيه مكتوبًا، وزاد أبو أمامة عند ابن ماجة يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب وهذا إخبار بالحقيقة لأن الإدراك في البصر يخلقه الله للعبد كيف شاء ومتى شاء فهذا يراه المؤمن بعين بصره ولو كان لا يعرف الكتابة ولا يراه الكافر ولو كان يعرف الكتابة.

( فيه) أي في الباب ( أبو هريرة وابن عباس) أي يدخل فيه حديثهما ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
فأما حديث أبي هريرة فسبق في ترجمة نوح في أحاديث الأنبياء، وأما حديث ابن عباس ففي صفة موسى، وقد وصف -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الدجال وصفًا لم يبق معه لذي لب إشكال، وتلك الأوصاف كلها ذميمة
تبين لكل ذي حاسة سليمة كذبه فيما يدعيه وإن الإيمان به حق وهو مذهب أهل السُّنَّة خلافًا لمن أنكر ذلك من الخوارج وبعض المعتزلة ووافقنا على إثباته بعض الجهمية وغيرهم، لكن زعموا أن ما عنده مخاريق وحيل لأنها لو كانت أمورًا صحيحة لكان ذلك إلباسًا للكاذب بالصادق، وحينئذٍ لا يكون فرق بين النبي والمتنبي، وهذا هذيان لا يلتفت إليه ولا يعرج عليه فإن هذا إنما كان يلزم لو أن الدجال يدّعي النبوّة وليس كذلك فإنه إنما يدّعي الإلهية، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "إن الله ليس بأعور" تنبيهًا للعقول على حدوثه ونقصه، وأما الفرق بين النبي والمتنبي فلأنه يلزم منه انقلاب دليل الصدق دليل الكذب وهو محال، وقوله إن الذي يأتي به الدجال حيل ومخاريق فقول معزول عن الحقائق لأن ما أخبر به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من تلك الأمور حقائق والعقل لا يحيل شيئًا منها فوجب إبقاؤها على حقائقها اهـ.
ملخصًا من التذكرة.