فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: لا يدخل الدجال المدينة

باب لاَ يَدْخُلُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( لا يدخل الدجال المدينة) النبوية.


[ قــ :6750 ... غــ : 7132 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا حَدِيثًا طَوِيلاً عَنِ الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا يُحَدِّثُنَا بِهِ أَنَّهُ قَالَ: «يَأْتِى الدَّجَّالُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ، فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِى تَلِى الْمَدِينَةَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ وَهْوَ خَيْرُ النَّاسِ -أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ- فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِى حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثَهُ فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِى الأَمْرِ؟ فَيَقُولُونَ: لاَ فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّى الْيَوْمَ فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ».
[الحديث 7132 - طرفه في: 7408] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا سعيد) سعد بن مالك الخدري -رضي الله عنه- ( قال: حدّثنا رسول الله) ولأبي ذر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومًا حديثًا طويلاً عن الدجال فكان فيما يحدّثنا به أنه قال) :
( يأتي الدجال) إلى ظاهر المدينة ( وهو محرّم عليه أن يدخل نقاب المدينة) بكسر النون جمع نقب بفتحها وسكون القاف مثل حبل وحبال وكلب وكلاب طريق بين الجبلين أو بقعة بعينها ( فينزل) بالفاء ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ينزل ( بعض السباخ) بكسر السين المهملة وتخفيف الموحدة وبعد الألف خاء معجمة جمع سبخة أرض لا تنبت شيئًا لملوحتها خارج المدينة من غير جهة الحرة وهي ( التي تلي المدينة) من قبل الشام ( فيخرج إليه) من المدينة ( يومئذٍ رجل هو خير الناس أو من خير الناس) قيل هو الخضر ( فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدّثنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثه) وفي
رواية عطية عن أبي سعيد عند أبي يعلى والبزار فيقول أنت الدجال الكهان الذي أنذرناه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وزاد فيقول له الدجال لتطيعني فيما آمرك به أو لأشقّنّك شقتين فينادي يا أيها الناس هذا المسيح الكذاب ( فيقول الدجال) أي لأوليائه كما في رواية عطية: ( أرأيتم إن قتلت هذا) الرجل أي الذي خرج إليه ( ثم أحييته هل تشكون في الأمر) ؟ أي الذي يدّعيه من الإلهية ( فيقولون) أي أولياؤه من أتباعه: ( لا فيقتله ثم يحييه) .
وفي حديث عطية فيأمر به فتمد رجلاه ثم يأمر بحديدة فتوضع على عجب ذنبه ثم يشقه شقتين ثم قال الدجال لأوليائه: أرأيتم إن أحييت لكم هذا ألستم تعلمون أني ربكم؟ فيقولون: نعم فأخذ عصاه فضرب إحدى شقتيه فاستوى قائمًا فلما رأى ذلك أولياؤه صدّقوه وأيقنوا بذلك أنه ربهم وعطية ضعيف.
وفي حديث عبد الله بن معتمر بسند ضعيف جدًّا ثم يدعو برجل فيما يرون فيأمر به فيقتل ثم تقطع أعضاؤه كل عضو على حدة فيفرق بينها حتى يراه الناس ثم يجمعها ثم يضرب بعصاه فإذا هو قائم فيقول: أنا الذي أميت وأحيي قال: وذلك كله سحر يسحر أعين الناس ليس يعمل من ذلك شيئًا.
وفي رواية أبي الوداك عن أبي سعيد عند مسلم فيأمر به الدجال فيشج فيقول خذوه وشجوه فيوسع ظهره وبطنه ضربًا قال فيقول أما تؤمن بي؟ قال: فيقول: أنت المسيح الكذاب.
قال: فيؤمر به فيوشر بالميشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه.
قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له: قم فيستوي قائمًا ثم يقول له: أتؤمن بي؟ ( فيقول) الرجل ( والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم) لأن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبر أن ذلك من جملة علاماته.
وفي رواية أبي الوداك ما ازددت فيك إلا بصيرة ثم يقول: يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس، وفي رواية عطية فيقول له الرجل: أنا الآن أشد بصيرة فيك مني ثم ينادي: يا أيها الناس هذا المسيح الكذاب من أطاعه فهو في النار ومن عصاه فهو في الجنة ( فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه) .
وفي رواية أبي الوداك فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته وترقوته نحاس فلا يستطيع إليه سبيلاً.
وفي صحيح مسلم عقب رواية عبد الله بن عبد الله بن عتبة قال أبو إسحاق يقال إن هذا الرجل هو الخضر وأبو إسحاق هو إبراهيم بن محمد بن سفيان الزاهد راوي صحيح مسلم عنه لا السبيعي كما ظنه القرطبي.
قال في الفتح: ولعل مستنده في ذلك ما في جامع معمر بعد ذكر هذا الحديث قال معمر: بلغني أن الذي يقتله الدجال هو الخضر، وكذا أخرجه ابن حبان من طريق عبد الرزاق عن معمر قال: كانوا يرون أنه الخضر.
وقال ابن العربي: سمعت من يقول إن الذي يقتله الدجال هو الخضر وهذه دعوى لا برهان لها.
قال الحافظ ابن حجر: قد يتمسك من قاله بما أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي عبيدة بن الجراح رفعه في ذكر الدجال لعله يدركه بعض من رآني أو سمع كلامي الحديث ويعكر عليه قوله في رواية لمسلم شاب ممتلئ شبابًا ويمكن أن يجُاب بأن من جملة خصائص الخضر أن لا يزال شابًّا ويحتاج إلى دليل اهـ.

وقول الخطابي وقد يسأل عن هذا فيقال: كيف يجوز أن يجري الله عز وجل آياته على أيدي أعدائه وإحياء الموتى آية عظيمة فكيف يمكن منها الدجال وهو كذاب مُقتَرٍ على الله؟ والجواب: أنه
جائز على جهة المحنة لعباده إذا كان معه ما يدل على أنه مبطل غير محق في دعواه وهو أنه أعور مكتوب على جبهته كافر يراه كل مسلم فدعواه داحضة.
تعقبه في المصابيح فقال: هذا السؤال ساقط وجوابه كذلك.
أما السؤال فلأن الدجال لم يدع النبوّة ولا حام حول حِماها حتى تكون تلك الآية دليلاً على صدقه، وإنما ادّعى الألوهية وإثباتها لمن هو متّسم بسِمات الحدوث وهو من جملة المخلوقين لا يمكن ولو أقام ما لا يحصر من الآيات إذ حدوثه قاطع ببطلان ألوهيته فما تغنيه الآيات والخوارق وأما الجواب فلأنه جعل المبطل لدعواه كونه أعور مكتوبًا بين عينيه كافر، ونحن نقول ببطلان دعواه مطلقًا سواء كان هذا معه أم لم يكن لما قررناه اهـ.

والحديث سبق في آخر باب الحج.




[ قــ :6751 ... غــ : 7133 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلاَئِكَةٌ لاَ يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلاَ الدَّجَّالُ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بن قعنب أبو عبد الرحمن القعنبي الحارثي المدني سكن البصرة ( عن) إمام دار الهجرة والأئمة ( مالك) الأصبحي ( عن نعيم بن عبد الله) بضم النون وفتح العين المهملة ( المجمر) بضم الميم وسكون الجيم بعدها ميم ثانية مكسورة فراء صفة نعيم لا أبيه وكان عبد الله يبخّر المسجد النبوي ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( على أنقاب المدينة) طيبة بهمزة مفتوحة وسكون النون طرقها والأنقاب جمع قلة والنقاب جمع كثرة ( ملائكة) يحرسونها ( لا يدخلها الطاعون ولا الدجال) .
المسيح وقد عدّ عدم دخول الطاعون من خصائصها وهو من لازم دعائه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لها بالصحة.

والحديث سبق في الطب.




[ قــ :675 ... غــ : 7134 ]
- حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْمَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ فَيَجِدُ الْمَلاَئِكَةَ يَحْرُسُونَهَا، فَلاَ يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ وَلاَ الطَّاعُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( يحيى بن موسى) بن عبد ربه المشهور بخت بالخاء المعجمة والفوقية قال: ( حدّثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي قال: ( أخبرنا شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( المدينة) طابة ( يأتيها الدجال) ليدخلها ( فيجد الملائكة) أي على أنقابها ( يحرسونها فلا يقربها الدجال ولا الطاعون إن شاء الله) .
عز وجل وهذا الاستثناء قيل للتبرك فيشملهما وقيل للتعليق وإنه يختص بالطاعون وإنه يجوز دخول الطاعون المدينة، وسبق في الطب مبحث ذلك والله الموفق.