فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الشهادة على الخط المختوم، وما يجوز من ذلك وما يضيق عليهم، وكتاب الحاكم إلى عامله والقاضي إلى القاضي

باب الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ الْمَخْتُومِ وَمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا يَضِيقُ عَلَيْهِمْ وَكِتَابِ الْحَاكِمِ إِلَى عَامِلِهِ وَالْقَاضِى إِلَى الْقَاضِى
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: كِتَابُ الْحَاكِمِ جَائِزٌ إِلاَّ فِى الْحُدُودِ ثُمَّ قَالَ: إِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَهْوَ جَائِزٌ لأَنَّ هَذَا مَالٌ بِزَعْمِهِ وَإِنَّمَا صَارَ مَالاً بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ فَالْخَطَأُ وَالْعَمْدُ وَاحِدٌ، وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَامِلِهِ فِى الْجَارُودِ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِى سِنٍّ كُسِرَتْ،.

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيمُ: كِتَابُ الْقَاضِى إِلَى الْقَاضِى جَائِزٌ، إِذَا عَرَفَ الْكِتَابَ وَالْخَاتَمَ، وَكَانَ الشَّعْبِىُّ يُجِيزُ الْكِتَابَ الْمَخْتُومَ بِمَا فِيهِ مِنَ الْقَاضِى وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ،.

     وَقَالَ  مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الثَّقَفِىُّ: شَهِدْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ يَعْلَى قَاضِىَ الْبَصْرَةِ، وَإِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، وَالْحَسَنَ وَثُمَامَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ وَبِلاَلَ بْنَ أَبِى بُرْدَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِىَّ وَعَامِرَ بْنَ عَبِيدَةَ وَعَبَّادَ بْنَ مَنْصُورٍ يُجِيزُونَ كُتُبَ الْقُضَاةِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الشُّهُودِ فَإِنْ قَالَ: الَّذِى جِىءَ عَلَيْهِ بِالْكِتَابِ إِنَّهُ زُورٌ قِيلَ لَهُ اذْهَبْ فَالْتَمِسِ الْمَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ وَأَوَّلُ مَنْ سَأَلَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِى الْبَيِّنَةَ ابْنُ أَبِى لَيْلَى وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.

وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحْرِزٍ جِئْتُ بِكِتَابٍ مِنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَاضِى الْبَصْرَةِ وَأَقَمْتُ عِنْدَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لِى عِنْدَ فُلاَنٍ كَذَا وَكَذَا وَهْوَ بِالْكُوفَةِ وَجِئْتُ بِهِ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَجَازَهُ وَكَرِهَ الْحَسَنُ وَأَبُو قِلاَبَةَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى وَصِيَّةٍ حَتَّى يَعْلَمَ مَا فِيهَا لأَنَّهُ لاَ يَدْرِى لَعَلَّ فِيهَا جَوْرًا وَقَدْ كَتَبَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَهْلِ خَيْبَرَ «إِمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ تُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ».

وَقَالَ الزُّهْرِىُّ: فِى شَهَادَةٍ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ إِنْ عَرَفْتَهَا فَاشْهَدْ وَإِلاَّ فَلاَ تَشْهَدْ.

( باب) حكم ( الشهادة على الخط المختوم) أنه خط فلان وقال المختوم لأنه أقرب إلى عدم تزوير الخط وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني المحكوم بالحاء المهملة بدل المعجمة والكاف بدل الفوقية أي المحكوم به ( وما يجوز من ذلك) أي من الشهادة على الخط ( وما يضيق عليهم) وللأصيلي زيادة فيه فلا يجوز لهم الشهادة به، ولأبي ذر عليه أي الشاهد فالقول بذلك ليس على التعميم إثباتًا ونفيًا بل لا يمنع مطلقًا لما فيه من تضييع الحقوق ولا يعمل به مطلقًا إذ لا يؤمن فيه التزوير ( و) حكم ( كتاب الحاكم إلى عماله) بضم العين وتشديد الميم وفي الفرع كأصله إلى عامله بلفظ الإفراد ( و) كتاب ( القاضي إلى القاضي.
وقال بعض الناس)
: أبو حنيفة وأصحابه ( كتاب الحاكم جائز إلا في الحدود ثم) ناقض بعض الناس حيث ( قال: إن كان القتل خطأ فهو) أي كتاب الحاكم ( جائز لأن هذا) أي قتل الخطأ في نفس الأمر ( مال بزعمه) بضم الزاي وفتحها وإنما كان عنده مالاً لعدم القصاص فيه فيلحق بسائر الأموال في هذا الحكم ثم ذكر المؤلّف وجه
المناقضة فقال ( وإنما صار) قتل الخطأ ( مالاً بعد أن ثبت) ولأبي ذر أن يثبت ( القتل) عند الحاكم ( فالخطأ والعمد) في أول الأمر حكمهما ( واحد) لا تفاوت في كونهما حدًّا.

( وقد كتب عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- ( إلى عامله في الحدود) بالحاء والدالين المهملات والعامل المذكور هو يعلى بن أمية عامله على اليمن كتب إليه في قصة رجل زنى بامرأة مضيفه: إن كان عالمًا بالتحريم فحدّه، وللأصيلي وأبي ذر عن المستملي والكشميهني في الجارود بالجيم بعدها ألف فراء فواو فدال مهملة ابن المعلى أبي المنذر العبدي، وله قصة مع قدامة بن مظعون عامل عمر على البحرين ذكرها عبد الرزاق بسند صحيح من طريق عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: استعمل عمر قدامة بن مظعون فقدم الجارود بسبب عبد القيس على عمر فقال: إن قدامة شرب فسكر فكتب عمر إلى قدامة في ذلك فذكر القصة بطولها في قدوم قدامة وشهادة الجارود وأبي هريرة عليه، وفي احتجاج قدامة بآية المائدة، وفي رد عمر عليه وجلده الحد.

( وكتب عمر بن عبد العزيز) -رحمه الله- إلى عامله زريق بن حكيم ( في) شأن ( سنّ كسرت) بضم الكاف وكسر السين وهذا وصله أبو بكر الخلال في كتاب القصاص والديات من طريق عبد الله بن المبارك عن حكيم بن زريق بن حكيم عن أبيه بلفظ كتب إليّ عمر بن عبد العزيز كتابًا أجاز فيه شهادة رجل على سن كسرت.

( وقال إبراهيم) النخعي مما وصله ابن أبي شيبة عن عيسى بن يونس عن عبيدة عنه ( كتاب القاضي إلى القاضي جائز إذا عرف) القاضي المكتوب إليه ( الكتاب والخاتم) الذي يختم به عليه بحيث لا يلتبسان بغيرهما.

( وكان الشعبي) عامر بن شراحيل مما وصله ابن أبي شيبة من طريق عيسى بن أبي عزة ( يجيز الكتاب المختوم بما فيه من القاضي ويروى عن ابن عمر) -رضي الله عنهما- ( نحوه) :
أي نحو ما روي عن الشعبي.
قال في فتح الباري: ولم يقع لي هذا الأثر عن ابن عمر إلى الآن.

( وقال معاوية بن عبد الكريم الثقفي) : المعروف بالضال بضاد معجمة ولام مشددة سمي به لأنه ضل في طريق مكة ( شهدت) أي حضرت ( عبد الملك بن يعلى قاضي البصرة) الليثي التابعي ولاه عليها يزيد بن هبيرة لما ولي إمارتها من قبل يزيد بن عبد الملك بن مروان كما ذكره عمر بن شبة في أخبار البصرة ( و) شهدت ( إياس بن معاوية) بكسر الهمزة وتخفيف التحتية المزني وكان ولي قضاء البصرة في خلافة عمر بن عبد العزيز من قبل عدي بن أرطأة عامل عمر بن عبد العزيز عليها ( والحسن) البصري، وكان قد وليس القضاء بالبصرة مدة قليلة ولاّه عدي بن أرطأة عاملها ( وثمامة بن عبد الله بن أنس) أي ابن مالك وكان قاضي البصرة في أوائل خلافة هشام بن عبد الملك ولاه خالد القسري ( وبلال بن أبي بردة) بضم الموحدة عامر أو الحارث بن أبي موسى
الأشعري ولاه خالد القسري قضاء البصرة ( وعبد الله بن بريدة) بضم الموحدة ( الأسلمي) التابعي المشهور ولي قضاء مرو ( وعامر بن عبيدة) بفتح العين وكسر الموحدة بعدها تحتية مصحح عليه في الفرع وأصله وزاد في فتح الباري عبدة بفتح العين وسكون الموحدة وفتحها وقال ذكره ابن ماكولا بالوجهين وعامر هو أبو إياس البجلي الكوفي ( وعباد بن منصور) بفتح العين والموحدة المشددة الناجي بالنون والجيم يكنى أبا سلمة الثمانية حال كونهم ( يجيزون كتب القضاة بغير محضر من الشهود) بضم الشين ولأبي ذر من المشهود بزيادة ميم وسكون الشين ( فإن قال الذي جيء عليه بالكتاب) بكسر الجيم وسكون التحتية بعدها همزة ( أنه) أي الكتاب ( زور قيل له اذهب فالتمس المخرج من ذلك) بفتح الميم والراء بينهما، معجمة ساكنة أي اطلب الخروج من عهدة ذلك إما بالقدح في البيّنة بما يقبل فتبطل الشهادة، وإما بما يدل على البراءة من المشهود به.
وقال المالكية: إذا جاء كتاب من قاض إلى قاض آخر مع شاهدين فإنه يعتمد على ما شهد به الشاهدان ولو خالفا ما في الكتاب، وقيد ذلك في الجواهر بما إذا طابقت شهادتهما الدعوى قال: ولو شهدا بما فيه وهو مفتوح جاز وندب ختمه ولم يفد وحده فلا بد من شهود بأن هذا الكتاب كتاب فلان القاضي، وزاد أشهب ويشهدون أنه أشهدهم بما فيه اهـ.

واحتج من لم يشترط الإشهاد بأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كتب إلى الملوك ولم ينقل أنه أشهد أحدًا على كتابه.
وأجيب: بأنه لما حصل في الناس الفساد احتيط للدماء والأموال.

قال البخاري: ( وأول من سأل على كتاب القاضي البيّنة ابن أبي ليلى) محمد بن عبد الرحمن قاضي الكوفة، وأول ما وليها في زمن يوسف بن عمر الثقفي في خلافة الوليد بن يزيد وهو صدوق لكنه اتفق على ضعف حديثه لسوء حفظه ( وسوار بن عبد الله) بفتح السين المهملة والواو المشددة وبعد الألف راء العنبري قاضي البصرة من قبل المنصور.

قال البخاري بالسند إليه: ( وقال لنا أبو نعيم) الفضل بن دكين مذاكرة ( حدّثنا عبيد الله) بضم العين ( ابن محرز) بضم الميم وسكون المهملة وكسر الراء بعدها زاي الكوفي قال: ( جئت بكتاب من موسى بن أنس) أي ابن مالك التابعي ( قاضي البصرة و) كنت ( أقمت عنده البيّنة أن لي عند فلان كذا وكذا وهو) أي فلان ( بالكوفة، وجئت به) بالواو وللأصيلي وأبي ذر فجئت به أي بالكتاب ( القاسم بن عبد الرحمن) بن أبي عبد الله بن مسعود المسعودي التابعي قاضي الكوفة زمن عمر بن عبد العزيز ( فأجازه) بجيم وزاي أمضاه وعمل به.

( وكره الحسن) البصري ( وأبو قلابة) الجرمي بفتح الجيم وسكون الراء وكسر الميم ( أن يشهد) بفتح أوله الشاهد ( على وصية حتى يعلم ما فيها لأنه لا يدري لعل فيها جورًا) أي باطلاً.
وقال الداودي من المالكية: وهذا هو الصواب، وتعقبه ابن التين بأنها إذا كان فيها جور لم يمنع التحمل لأن الحاكم قادر على ردّه إذا أوجب حكم الشرع ردّه وما عداه يعمل به فليس خشية الجور فيها مانعًا من التحمل، وإنما المانع الجهل بما يشهد به، ومذهب مالك -رحمه الله- جواز الشهادة على
الوصية وإن لم يعلم الشاهد ما فيها وكذا الكتاب المطويّ ويقول الشاهد: إن للحاكم نشهد على إقراره بما في الكتاب لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كتب إلى عماله من غير أن يقرأها على من حملها وهي مشتملة على الأحكام والسنن، وأثر الحسن وصله الدارمي بلفظ: لا تشهد على وصية حتى تقرأ عليك ولا تشهد على من لا تعرف، وأثر أبي قلابة وصله ابن أبي شيبة ويعقوب بن سفيان بلفظ قال أبو قلابة في الرجل يقول: اشهدوا على ما في هذه الصحيفة.
قال: لا حتى لا نعلم ما فيها.
زاد يعقوب وقال لعل فيها جور أو في هذه الزيادة بيان السبب في المنع المذكور.

( وقد كتب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أهل خيبر) في قصة حويصة ومحيصة ( إما) بكسر الهمزة وتشديد الميم ( أن تدوا) بالفوقية والتحتية ( صاحبكم) عبد الله بن سهل أي تعطوا ديته وأضافه إليهم لكونه وجد قتيلاً بين اليهود بخيبر والإضافة تكون بأدنى ملابسة وهذا وإن كان تدوا بتاء الخطاب وإن كان بالتحتية فظاهر ( وإما أن تؤذنوا بحرب) أي تعلموا به.

وهذا طرف من حديث سبق في باب القسامة من الدّيات.

( وقال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب فيما وصله أبو بكر بن أبي شيبة ( في شهادة) ولأبي ذر في الشهادة ( على المرأة من وراء الستر) بكسر السين المهملة ( إن عرفتها فاشهد) عليها ( وإلاّ) أي وإن لم تعرفها ( فلا تشهد) ومقتضاه أنه لا يشترط أن يراها حالة الإشهاد بل تكفي معرفته لها بأي طريق كان.
وقال الشافعية: لا تصح شهادة على متنقبة اعتمادًا على صوتها فإن الأصوات تتشابه فإن عرفها بعينها أو باسم ونسب وأمسكها حتى شهد عليها جاز التحمل عليها متنقبة وأدى بما علم من ذلك فيشهد في العلم بعينها عند حضورها وفي العلم بالاسم والنسب عند غيبتها لا بتعريف عدل أو عدلين أنها فلانة بنت فلان.
أي فلا يجوز التحمل عليها بذلك وهذا ما عليه الأكثر والعمل بخلافه وهو العمل عليها بذلك.

وقال المالكية: لا يشهد على متنقبة حتى يكشف وجهها ليعينها عند الأداء ويميزها عن غيرها وإن أخبره عنها رجل يثق به أو امرأة جاز له أن يشهد، وكذا لفيف النساء إذا شهدن عنده أنها فلانة إذا وقع عنده العلم بشهادتين وجوّز مالك شهادة الأعمى في الأقوال كأن يقر بشيء لأن الصحابة رووا عن أمهات المؤمنين من وراء الحجاب وميّزوهن بأصواتهن.

وقال الشافعية: ولا تقبل شهادة أعمى يقول كعقد وفسخ وإقرار لجواز اشتباه الأصوات، وقد يحكي الإنسان صوت غيره فيشتبه به إلا أن يقر شخص في أذنه بنحو طلاق أو عتق أو مال لرجل معروف الاسم والنسب فيمسكه حتى يشهد عليه عند قاض أو يكون عماه بعد تحمله والمشهود له والمشهود عليه معروفي الاسم والنسب فيقبل لحصول العلم بأنه المشهود عليه.


[ قــ :6780 ... غــ : 7162 ]
- حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ قَالُوا: إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلاَّ
مَخْتُومًا فَاتَّخَذَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِهِ وَنَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر بالجمع ( محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشدّدة بندار قال: ( حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: سمعت قتادة) بن دعامة ( عن أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( قال: لما أراد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يكتب إلى) أهل ( الروم) في سنة ست ( قالوا: إنهم) أي قال الصحابة له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إن الروم ( لا يقرؤون كتابًا مختومًا) ولم أعرف القائل بعينه ( فاتخذ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خاتمًا) بفتح التاء وكسرها ( من فضة كأني أنظر إلى وبيصه) بفتح الواو وكسر الموحدة وبعد التحتية الساكنة صاد مهملة إلى لمعانه وبريقه ( ونقشه محمد رسول الله) .
ويستفاد منه أن الكتاب إذا لم يكن مختومًا فالحجة بما فيه قائمة لكونه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أراد أن يكتب إليهم وإنما اتخذ الخاتم لقولهم إنهم لا يقبلون الكتاب إلا إذا كان مختومًا، فدل على أن كتاب القاضي حجة مختومًا كان أو غير مختوم، وفي الباب العمل بالشهادة على الخط وقد أجازها مالك وخالفه ابن وهب فيه، وقال الطحاوي: خالف مالكًا جميع الفقهاء في ذلك لأن الخط قد يشبه الخط، وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: لا يقضى في دهرنا بالشهادة على الخط لأن الناس قد أحدثوا ضروبًا من الفجور، وقد قال مالك: تحدث للناس أقضية على نحو ما أحدثوا من الفجور، وقد كان الناس فيما مضى يجيزون الشهادة على خاتم القاضي ثم رأى مالك أن ذلك لا يجوز.