فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} [البقرة: 143] وما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة، وهم أهل العلم

باب قَوْلِهِ تَعَالَى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143]
وَمَا أَمَرَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ
( باب قول الله تعالى: { وكذلك جعلناكم أمة وسطًا} [البقرة: 143] ) خيارًا، وقيل للخيار وسط لأن الأطراف يتسارع إليها الخلل والأوساط محمية قال حبيب:
كانت هي الوسط المحميّ فاكتنفت ... بها الحوادث حتى أصبحت طرفا
أو عدولاً لأن الوسط عدل بين الأطراف ليس إلى بعضها أقرب من بعض أي: { جعلناكم أمة وسطًا} بين الغلوّ والتقصير فإنكم لم تغلوا غلوّ النصارى حيث وصفوا المسيح بالألوهية ولم تقصروا تقصير اليهود حيث وصفوا مريم بالزنا وعيسى بأنه ولد الزنا، وسقط لفظ قوله تعالى لأبي ذر ( وما أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أمته ( بلزوم الجماعة وهم أهل العلم) .
المجتهدون.


[ قــ :6956 ... غــ : 7349 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يُجَاءُ بِنُوحٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ فَيَقُولُ مَنْ شُهُودُكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ فَيُجَاءُ بِكُمْ فَتَشْهَدُونَ».
ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} -قَالَ عَدْلاً- { لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] .

وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَذَا.

وبه قال: ( حدّثنا إسحاق بن منصور) أبو يعقوب الكوسج المروزي قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر قال أي قال أبو أسامة قال: ( الأعمش) سليمان بن مهران قال: ( حدّثنا أبو صالح) ذكوان الزيات ( عن أبي سعيد الخدري) رضى الله عنه أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( يجاء بنوح) عليه السلام بضم التحتية وفتح الجيم وفي تفسير سورة البقرة يدعى نوح ( يوم القيامة فيقال له: هل بلغت) ؟ رسالتي إلى قومك ( فيقول: نعم يا رب) بلغتها ( فتُسأل أمته) بضم الفوقية من فتسأل ( هل بلغكم؟ فيقولون: ما جاءنا من نذير.
فيقول)
تبارك وتعالى له ولأبوي الوقت وذر فيقال ( من شهودك) ؟ الذين يشهدون لك أنك بلغتهم ( فيقول) نوح يشهد لي ( محمد وأمته فيجاء بكم) ولأبوي الوقت وذر فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيجاء بكم ( فتشهدون) أنه بلغهم ( ثم
قرأ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: { وكذلك جعلناكم أمة وسطًا} -قال)
في تفسير وسطًا أي ( عدلاً) { لتكونوا شهداء على الناس} ولأبي ذر عدلاً إلى قوله: ( { لتكونوا شهداء على الناس} ) واللام في لتكونوا لام كي فتفيد العلية أو هي لام الصيرورة وأتى بشهداء الذي هو جمع شهيد ليدل على المبالغة دون شهيد وشهود جمعي شاهد وفي على قولان إنها على بابها وهو الظاهر أو بمعنى اللام بمعنى إنكم تنقلون إليهم ما علمتموه من الوحي والدين كما نقله الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( { ويكون الرسول عليكم شهيدًا} [البقرة: 143] ) عطف على لتكونوا أي يزكيكم ويعلم بعدالتكم والشهادة قد تكون بلا مشاهدة كالشهادة بالتسامع في الأشياء المعروفة ولما كان الشهيد كالرقيب جيء بكلمة الاستعلاء، والاستدلال بالآية على أن الإجماع حجة لأن الله تعالى وصف الأمة بالعدالة والعدل هو المستحق للشهادة وقبولها فإذا اجتمعوا على شيء وشهدوا به لزم قبوله.

والحديث سبق في تفسير سورة البقرة وأحاديث الأنبياء.

قال إسحاق بن منصور: ( وعن جعفر بن عون) بفتح العين وبعد الواو الساكنة نون المخزومي القرشي قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا ( الأعمش) سليمان ( عن أبي صالح) ذكوان ( عن أبي سعيد الخدري عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذا) .
الحديث.
وحاصله أن إسحاق بن منصور شيخ البخاري روى هذا الحديث عن أبي أسامة بلفظ التحديث وعن جعفر بن عون بالعنعنة.