فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم

باب كَلاَمِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ
( باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم) .


[ قــ :7111 ... غــ : 7509 ]
- حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شُفِّعْتُ فَقُلْتُ: يَا رَبِّ أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ خَرْدَلَةٌ، فَيَدْخُلُونَ ثُمَّ أَقُولُ: أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ أَدْنَى شَىْءٍ».
فَقَالَ أَنَسٌ: كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا يوسف بن راشد) هو يوسف بن موسى بن راشد القطان الكوفي نزيل بغداد قال: ( حدّثنا أحمد بن عبد الله) اليربوعي روى عنه المصنف بغير واسطة في الوضوء وغيره قال: ( حدّثنا أبو بكر بن عياش) بالتحتية المشددة والمعجمة القارئ راوي عاصم أحد القرّاء ( عن حميد) بضم الحاء وفتح الميم الطويل أنه ( قال: سمعت أنسًا -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( إذا كان يوم القيامة شفعت) بضم المعجمة وكسر الفاء المشددة من التشفيع وهو تفويض الشفاعة إليه والقبول منه قاله في الكواكب، ولأبي ذر عن الكشميهني: شفعت بفتح المعجمة والفاء مع التخفيف ( فقلت يا رب أدخل الجنة) بفتح الهمزة وكسر الخاء المعجمة من الإدخال ( من كان في قلبه خردلة) من إيمان وفي الرواية الآتية بعد هذه إن الله تعالى هو الذي يقول له ذلك وهو المعروف في سائر الأخبار ( فيدخلون) الجنة ( ثم أقول) بالهمز يا رب ( أدخل الجنة من كان في قلبه أدنى شيء) من إيمان وهو التصديق الذي لا بدّ منه ( فقال أنس: كأني أنظر إلى أصابع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حيث يقلّله عند قوله أدنى شيء ويشير إلى رأس أصبعه بالقلة.
وقال في الفتح: كأنه يضم أصابعه ويشير بها.
وقال الداودي قوله ثم أقول خلاف سائر الروايات فإن فيها أن الله أمره أن يخرج، وتعقبه في الفتح فقال فيه نظر والموجود عند أكثر الرواة ثم أقول بالهمز، والذي أظن أن البخارى أشار إلى ما في بعض طرقه عادته، ففي مستخرج أبي نعيم من طريق أبي عاصم أحمد بن جوّاس بفتح الجيم وتشديد الواو آخره سين مهملة عن أبي بكر بن عياش أشفع يوم القيامة فيقال لي لك من في قلبه شعيرة، ولك من في قلبه خردلة، ولك من في قلبه شيء.
فهذا من كلام الرب مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قال: ويمكن التوفيق بينهما بأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسأل ذلك أوّلاً فيجاب إلى ذلك ثانيًا فوقع في إحدى الروايتين ذكر السؤال وفي البقية ذكر الإجابة.




[ قــ :711 ... غــ : 7510 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلاَلٍ الْعَنَزِىُّ قَالَ: اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: فَإِذَا هُوَ فِى قَصْرِهِ فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّى الضُّحَى، فَاسْتَأْذَنَّا فَأَذِنَ لَنَا وَهْوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَقُلْنَا لِثَابِتٍ: لاَ تَسْأَلْهُ عَنْ شَىْءٍ أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ هَؤُلاَءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَاءُوكَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِى بَعْضٍ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى، فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَأْتُونِى فَأَقُولُ أَنَا لَهَا فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى فَيُؤْذَنُ لِى وَيُلْهِمُنِى مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لاَ تَحْضُرُنِى الآنَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ وَأَخِرُّ لَهُ
سَاجِدًا فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ: أُمَّتِى أُمَّتِى فَيُقَالُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِى أُمَّتِى فَيُقَالُ، انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ، أَوْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِى أُمَّتِى فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ».
فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ.

قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا، لَوْ مَرَرْنَا بِالْحَسَنِ وَهْوَ مُتَوَارٍ فِى مَنْزِلِ أَبِى خَلِيفَةَ فَحَدَّثَنَا بِمَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَنَا فَقُلْنَا لَهُ يَا أَبَا سَعِيدٍ جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَلَمْ نَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِى الشَّفَاعَةِ فَقَالَ: هِيهِ فَحَدَّثْنَاهُ بِالْحَدِيثِ فَانْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ: هِيهِ، فَقُلْنَا لَمْ يَزِدْ لَنَا عَلَى هَذَا فَقَالَ: لَقَدْ حَدَّثَنِى وَهْوَ جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَلاَ أَدْرِى أَنَسِىَ أَمْ كَرِهَ أَنْ تَتَّكِلُوا، قُلْنَا يَا أَبَا سَعِيدٍ فَحَدِّثْنَا فَضَحِكَ.

     وَقَالَ : خُلِقَ الإِنْسَانُ عَجُولاً مَا ذَكَرْتُهُ إِلاَّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدَّثَنِى كَمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ، قَالَ «ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ ائْذَنْ لِى فِيمَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَيَقُولُ: وَعِزَّتِى وَجَلاَلِى وَكِبْرِيَائِى وَعَظَمَتِى لأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ».

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) بفتح الحاء المهملة وسكون الراء الواشحي قال: ( حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم الإمام أبو إسماعيل قال: ( حدّثنا معبد بن هلال) بفتح الميم والموحدة بينهما عين مهملة ساكنة ( العزي) بفتح العين المهملة وكسر الزاي ( قال: اجتمعنا ناس) بيان لقوله اجتمعنا وهو مرفوع خبر مبتدأ محذوف أي اجتمعنا نحن ناس ( من أهل البصرة) أي ليس فيهم أحد من غير أهلها ( فذهبنا إلى أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( وذهبنا معنا) بفتح العين ( بثابت إليه) إلى أنس ( يسأله) وثابت بالمثلثة ولأبي ذر والأصيلي بثابت البناني نسبة إلى بنانة بضم الموحدة وتخفيف النون أمة لسعد بن لؤي كانت تحضنه أو زوجته ونسب إليها أو لأنه كان ينزل سكة بنانة بالبصرة.
قال السفاقسي: فيه تقديم الرجل الذي هو من خاصة العالم ليسأله ولأبي ذر عن الكشميهني فسأله أي ثابت ( لنا عن حديث الشفاعة فإذا هو في قصره) بالزاوية على نحو فرسخين من البصرة ( فوافقنا) بسكون القاف وحذف الضمير وللكشميهني فوافقناه ( يصلي) الضحى ( فاستأذنا) في الدخول عليه ( فأذن لنا وهو قاعد على فراشه فقلنا لثابت: لا تسأله عن شيء أول من حديث الشفاعة) .
قال الكرماني أي أسبق وفيه إشعار بأنه أفعل لا فوعل وفيه اختلاف بين علماء التصريف ( فقال) ثابت: ( يا أبا حمزة) وهي كنية أنس ( هؤلاء إخوانك) معبد وأصحابه ( من
أهل البصرة جاؤوك)
وسقط الكاف من جاؤوك لأبي ذر والأصيلي ( يسألونك عن حديث الشفاعة فقال) أنس -رضي الله عنه- ( حدّثنا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( إذا كان يوم القيامة ماج الناس) بالجيم ( بعضهم في بعض) أي اضطربوا من هول ذلك اليوم يقال ماج البحر إذا اضطربت أمواجه ( فيأتون آدم) عليه السلام ( فيقولون اشفع لنا إلى ربك) ليريحنا مما نحن فيه وسقط لنا لأبي ذر ( فيقول لست لها) أي ليست لي هذه المرتبة ( ولكن عليكم بإبراهيم فإنه خليل الرحمن فيأتون إبراهيم) عليه السلام وفي الأحاديث السابقة فيقول آدم عليكم بنوح ولم يذكر هنا نوحًا ( فيقول) إبراهيم ( لست لها ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله) ولأبي ذر عن الكشميهني فإنه كلم الله بلفظ الماضي ( فيأتون موسى) عليه السلام ( فيقول لست لها ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله وكلمته فيأتون عيسى) عليه السلام ( فيقول لست لها ولكن عليكم بمحمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيأتوني) ولأبي ذر فيأتونني ( فأقول أنا لها) أي للشفاعة ( فأستأذن على ربي فيؤذن لى) أي في الشفاعة الموعود بها في فصل القضاء ففيه حذف وفي مسند البزار أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول ( يا رب عجل على الخلق الحساب) اهـ ثم تذهب كل أمة مع من كانت تعبد ويؤتى بجهنم والموازين والصراط وتتناثر الصحف وغير ذلك ثم من هنا ابتدأ ببيان الشفاعة الأخرى الخاصة بأمته ( ويلهمني) بالواو ولأبي ذر فيلهمني أي الله ( محامد) ولأبوي ذر والوقت بمحامد ( أحمده بها لا تحضرني الأن فأحمده بتلك المحامد وأخرّ له ساجدًا فيقال) ولأبي ذر عن الكشميهني فيقول ( يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وصَل تُعْطَ) سؤالك ولأبى ذر والأصيلي تعطه بهاء السكت ( واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي) أي شفعني في أمتي فيتعلق بمحذوف حذف لضيق المقام وشدة الاهتمام.
قال الداودي: قوله أمتي أمتي لا أراه محفوظًا لأن الخلائق اجتمعوا واستشفعوا، ولو كان المراد هذه الأمة خاصة لم تذهب إلى غير نبيها فدلّ على أن المراد الجمع إذا كانت الشفاعة لهم في فصل القضاء فكيف يخصّها بقوله أمتي ثم قال: وأول الحديث ليس متصلاً بآخره بل بقي بين طلبهم الشفاعة وبين قوله فاشفع كثرة أمور اهـ.

وأجيب: بأنه وقع في حديث حذيفة المعروف بحديث أبي هريرة بعد قوله فيأتون محمدًا فيقوم ويؤذن له في الشفاعة ويرسل الأمانة والرحم فيقومان جنبي الصراط يمينًا وشمالاً فيمر أوّلهم كالبرق الحديث فبهذا يتصل الكلام لأن الشفاعة التي لجأ الناس إليه فيها هي الإراحة من كرب الموقف ثم تجيء الشفاعة في الإخراج فيقول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يا رب أمتي.

( فيقال) ولأبي ذر عن الكشميهني فيقول ( انطلق فأخرج منها) أي من النار ( من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان فأنطلق فأفعل) ما أمرت به من الإخراج ( ثم أعود فأحمده) تعالى ( بتلك المحامد ثم أخرّ له ساجدًا فيقال) ولأبي ذر عن الكشميهني فيقول ( يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسََل تعط واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي فيقال) ولأبي ذر عن الكشميهني فيقول: ( انطلق فأخرج منها مَن كان في قلبه مثقال ذرة) بالذال المعجمة والراء المشددة ( أو خردلة من
إيمان)
ولأبي ذر فأخرجه بالجزم على الأمر ( فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخرّ له ساجدًا فيقال) ولأبي ذر عن الكشميهني فيقول ( يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وَسَلْ تُعْطَ واشفع تشفع فأقول: يا رب أمتي أمتي فيقول) وللأصيلي فيقال ( انطلق فأخرج) منها ( من كان في قلبه أدنى أدنى) مرتين وللكشميهني أدنى مرة ثالثة وفائدة التكرار التأكيد ( مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار) .
فهي ثلاث تأكيدات لفظية فهو بالغ أقصى المبالغة باعتبار الأدنى البالغ هذا المبلغ في الإيمان الذي هو التصديق ويحتمل أن يكون التكرار للتوزيع على الحبة والخردلة أي أقل حبة من أقل خردلة من الإيمان ويستفاد منه صحة القول بتجزئ الإيمان وزيادته ونقصانه ولأبي ذر من النار من النار من النار بالتكرير ثلاثًا كقوله: أدنى أدنى أدنى ( فأنطلق فأفعل) .

قال معبد ( فلما خرجنا من عند أنس قلت لبعض أصحابنا) البصريين ( لو مررنا بالحسن) البصري ( وهو متوارٍ) مختف ( في منزل أبي خليفة) الطائي البصري خوفًا من الحجاج بن يوسف الثقفي ( بما) وللأصيلي وأبي ذر عن الحموي والمستملي فحدّثنا وللكشميهني والأصيلي فحدّثناه بما ( حدّثنا) بفتح المثلثة ( أنس بن مالك فأتيناه فسلمنا عليه فأذن لنا فقلنا له: يا أبا سعيد) وهي كنية الحسن ( جئناك من عند أخيك) في الذين ( أنس بن مالك فلم نرَ مثل ما حدّثنا) بفتح المثلثة ( في الشفاعة.
فقال: هيه)
بكسر الهاءين من غير تنوين وقد تنوّن كلمة استرادة أي زيدوا من الحديث ( فحدّثناه) بسكون المثلثة ( بالحديث) الذي حدّثنا به أن ( فانتهى إلى هذا الموضع فقال هيه) أي زيدوا ( فقلنا: لم) وللأصيلي فقلنا له لم ( يزد لنا) أن ( على هذا فقال: لقد حدّثني) بالإفراد أنس ( وهو جميع) أي وهو مجتمع أي حي كان شابًّا مجتمع العقل وهو إشارة إلى أنه كان حينئذٍ لم يدخل في الكبر الذي هو مظنة تفرق الذهن وحدوث اختلاط الحفظ ( منذ) بالنون ( عشرين سنة فلا أدري أنسي أم كره أن تتكلوا) على الشفاعة فتتركوا العمل ( قلنا) ولأبي ذر عن الكشميهني فقلنا ( يا أبا سعيد فحدّثنا) بسكون المثلثة ( فضحك وقال: خلق الإنسان عجولاً ما ذكرته) لحكم ( إلا وأنا أريد أن أحدّثكم حدّثني) أنس ( كما حدّثتكم به قال) عليه الصلاة والسلام:
( ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك ثم) ولأبي ذر والأصيلي بتلك المحامد ثم ( أخرّ له ساجدًا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع) لك ( وسَلْ تُعْطَه) بهاء السكت ( واشفع تشفع فأقول: يا رب أئذن لي فيمن قال لا إله إلا الله فيقول) عز وجل ( وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجنّ) بضم الهمزة ( منها من قال: لا إله إلا الله) .
أي مع محمد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي مسلم ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله.
قال: ليس ذلك لك، ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأخرجن من قال: لا إله إلا الله أي ليس هذا لك وإنما أفعل ذلك تعظيمًا لاسمي وإجلالاً لتوحيدي.
وفي الحديث الإشعار بالانتقال من التصديق القلبي إلى اعتبار المقال من قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله.

واستشكل لأنه إن اعتبر تصديق القلب اللسان فهو كمال الإيمان فما وجه الترقي من الأدنى المؤكد وإن لم يعتبر التصديق القلبي بل مجرد اللفظ فيدخل المنافق فهو موضع إشكال على ما لا
يخفى.
وأجيب: بأن يحمل هذا على من أوجد هذا اللفظ وأهمل العمل بمقتضاه ولم يتخالج قلبه فيه بتصميم عليه ولا مُنافٍ له فيخرج المنافق لوجود التصميم منه على الكفر بدليل قوله في آخر الحديث كما في الرواية الأخرى فأقول: يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن أي من وجب عليه الخلود وهو الكافر، وأجاب الطيبي: بأن ما يختص بالله تعالى هو التصديق المجرد عن الثمرة وما يختص بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو الإيمان مع الثمرة من ازدياد اليقين أو العمل اهـ.

قال البيضاوي: وهذا الحديث مخصص لعموم قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث أبي هريرة أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة ويحتمل أن يجري على عمومه ويحمل على حال أو مقام اهـ.
لكن قال في شرح المشكاة: إذا قلنا إن المختص بالله التصديق المجرد عن الثمرة وإن المختص بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الإيمان معها فلا اختلاف.

ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة لا خفاء فيها.
والحديث أخرجه مسلم في الإيمان والنسائي في التفسير.




[ قــ :7113 ... غــ : 7511 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً الْجَنَّةَ، وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَبْوًا فَيَقُولُ لَهُ رَبُّهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ: رَبِّ الْجَنَّةُ مَلأَى فَيَقُولُ لَهُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَكُلُّ ذَلِكَ يُعِيدُ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ مَلأَى فَيَقُولُ: إِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا عَشْرَ مِرَارٍ».

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن خالد) .
هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذهلي كما جزم به الحاكم والكلاباذي وقيل هو محمد بن خالد بن جبلة الرافقي وجزم به أبو أحمد بن عدي وخلف في أطرافه.
قال الحافظ ابن حجر، وفي رواية الكشميهني محمد بن مخلد والأوّل هو الصواب ولم يذكر أحد ممن صنّف في رجال البخاري ولا في رجال الكتب الستة أحدًا اسمه محمد بن مخلد والمعروف محمد بن خالد قال: ( حدّثنا عبد الله) بضم العين ( ابن موسى) الكوفي ( عن إسرائيل) بن موسى بن أبي إسحاق السبيعي ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن إبراهيم) النخعي ( عن عبيده) بفتح العين وكسر الموحدة السلماني ( عن عبد الله) بن مسعود -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إن آخر أهل الجنة دخولاً الجنة وآخر أهل النار خروجًا من النار رجل يخرج حبوًا) بفتح الحاء المهملة وسكون الموحدة زحفًا ( فيقول له ربه) تعالى ( ادخل الجنة فيقول) وفي الرقاق فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى فيرجع فيقول ( رب) وللأصيلي أي رب ( الجنة ملأى فيقول) ( له ذلك ثلاث مرات فكل ذلك) بالفاء وللأصيلي وأبي ذر عن الحموي والمستملي كل ذلك ( يعيد) العبد ( عليه)
تعالى ( الجنة ملأى فيقول) عز وجل ( إن لك مثل الدنيا عشر مرار) .
وللكشميهني مرات.
والحديث سبق في صفة الجنة والرقاق مطوّلاً.




[ قــ :7114 ... غــ : 751 ]
- حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ».
قَالَ الأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن حجر) بضم الحاء المهملة وسكون الجيم السعدي المروزي حافظ مرو قال: ( أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي ( عن الأعمش) سليمان بن مهران ( عن خيثمة) بفتح الخاء المعجمة وسكون التحتية وبالمثلثة ابن عبد الرحمن الجعفي ( عن عدي بن حاتم) الطائي الجواد ابن الجواد -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ما منكم أحد) وللأصيلي من أحد ( إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان) بفتح الفوقية وتضم يترجم له ( فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله وينظر) ولأبي ذر عن الكشميهني ثم ينظر ( أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم) من عمله ( وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه) لأنها تكون في ممره فلا يمكنه أن يحيد عنها إذ لا بد له من المرور على الصراط ( فاتقوا النار ولو بشق تمرة) بكسر المعجمة بنصفها أي: فاحذروا النار فلا تظلموا أحدًا ولو بمقدار شق تمرة، أو فاجعلوا الصدقة جنة بينكم وبين النار ولو بشق تمرة.

( قال الأعمش) سليمان بالسند السابق: ( وحدّثني) بالإفراد ( عمرو بن مرة عن خيثمة) بن عبد الرحمن الجعفي عن عدي بن حاتم ( مثله) أي مثل السابق ( وزاد فيه: ولو بكلمة طيبة) كالدلالة على هدى والصلح بين اثنين أو بكلمة طيبة يردّ بها السائل ويطيب قلبه ليكون ذلك سببًا لنجاته من النار.

والحديث سبق بزيادة ونقص في أوائل الزكاة وكذا في الرقاق.




[ قــ :7115 ... غــ : 7513 ]
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ: إِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَعَلَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ وَالْخَلاَئِقَ عَلَى إِصْبَعٍ ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ فَلَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَضْحَكُ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} -إِلَى قَوْلِهِ- { يُشْرِكُونَ} [الأنعام: 91] .

وبه قال: ( حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) أبو الحسن العبسي مولاهم الكوفي الحافظ قال: ( حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن إبراهيم) النخعي ( عن عبيدة) بفتح العين السلماني ( عن عبد الله) بن مسعود ( رضي الله عنه) أنه ( قال: جاء حبر من اليهود فقال) وللأصيلي إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال ( إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله) عز وجل ( السماوات) السبع ( على أصبع والأرضين) السبع ( على أصبع والماء والثرى) بالمثلثة ( على أصبع والخلائق على أصبع ثم يهزهنّ) أي يحركهن إشارة إلى حقارتهن إذ لا يثقل عليه إمساكها ولا تحريكها ( ثم يقول: أنا الملك أنا الملك) مرتين ( فلقد رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يضحك حتى بدت) ظهرت ( نواجذه) بالذال المعجمة أنيابه التي تبدو عند الضحك ( تعجبًا) من قول الحبر ( وتصديقًا لقوله ثم قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( { وما قدروا الله حق قدره} -إلى قوله-: { يشركون} [الأنعام: 91] ) والتعبير بالأصبع والضحك من المتشابهات كما سبق فيتأوّل على نوع من المجاز وضرب من التمثيل مما جرت عادة الكلام بين الناس في عُرْف تخاطبهم، فيكون المعنى إن قدرته تعالى على طيها وسهولة الأمر في جمعها بمنزلة من جمع شيئًا في كفه فاستخف حمله فلم يشتمل عليه بجميع كفه بل أقله ببعض أصابعه، وقد يقول الإنسان في الأمر الشاق إذا أضيف إلى القوي إنه يأتي عليه بأصبع أو إنه يقله بخنصره، والظاهر أن هذا كما مرّ من تخليط اليهود وتحريفهم وأن ضحكه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما كان على وجه التعجب والنكير له والعلم عند الله قاله الخطابي فيما نقله عنه في الفتح.

ومطابقة الحديث في قوله ثم يقول: أنا الملك أنا الملك وسبق في باب قوله تعالى: { لما خلقت بيدي} [ص: 75] .




[ قــ :7116 ... غــ : 7514 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِى النَّجْوَى؟ قَالَ: «يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: أَعَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَيَقُولُ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ: نَعَمْ فَيُقَرِّرُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّى سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِى الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ».

وَقَالَ آدَمُ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) أي ابن مسرهد قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري ( عن قتادة) بن دعامة ( عن صفوان بن محرز) بضم الميم وسكون الحاء المهملة وبعد الراء المكسورة زاي المازني ( أن رجلاً) لم يسمّ ( سأل ابن عمر) -رضي الله عنهما- فقال له ( كيف سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول في النجوى) التي تقع بين الله وبين عبده يوم القيامة ( قال) ابن عمر سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول:
( يدنو أحدكم من ربه) أي يقرب منه تعالى قرب رحمة ( حتى يضع) الله تعالى ( كنفه عليه) بفتح الكاف والنون أي يحفظه ويستره عن أهل الموقف فضلاً منه حيث يذكر له معاصيه سرًّا
( فيقول) له ( أعملت كذا وكذا فيقول) العبد ( نعم) يا رب ( ويقول) له ( عملت) وللأصيلي أعملت ( كذا وكذا فيقول نعم) يا رب ( فيقرره) بذنوبه ليعرّفه منّته عليه في ستره في الدنيا وعفوه في الآخرة ( ثم يقول) تعالى ( إني سترت) ذنوبك ( عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) .

ومطابقته للترجمة في قوله فيقول في الموضعين وأخرجه في باب قول الله تعالى: { ألا لعنة الله على الظالمين} [هود: 18] من كتاب المظالم.

( وقال آدم) بن أبي إياس ( حدّثنا شيبان) بن عبد الرحمن قال: ( حدّثنا قتادة) بن دعامة قال: ( حدّثنا صفوان) بن محرز ( عن ابن عمر) أنه قال: ( سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ذكره لتصريح قتادة بقوله حدّثنا صفوان، وليس في أحاديث هذا الباب كلام الرب مع الأنبياء إلا في حديث أنس وإذا ثبت كلامه مع غير الأنبياء فوقوعه معهم أولى والله الموفّق.