فهرس الكتاب

- باب ما يفعل من صلى خمسا

رقم الحديث 1619 [1619] أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ مُنَوِّرُهُمَا وَبِكَ يَهْتَدِي مَنْ فِيهِمَا وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنْتَ الْمُنَزَّهُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ يُقَالُ فُلَانٌ مُنَوِّرٌ أَيْ مُبَرَّأٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَيُقالُ هُوَ اسْمُ مَدْحٍ تَقُولُ فُلَانٌ نُورُ الْبَلَدِ أَيْ مُزَيِّنُهُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَاوَاتِ قَالَ قَتَادَةُ الْقَيَّامُ الْقَائِمُ بِتَدْبِيرِ خَلْقِهِ الْمُقِيمُ لِغَيْرِهِأَنْتَ حَقٌّ هُوَ الْمُتَحَقِّقُ الْوُجُودِ الثَّابِتُ بِلَا شَكَّ فِيهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الْوَصْفُ لَهُ سُبْحَانَهُ بِالْحَقِيقَةِ خَاصٌّ بِهِ لَا يَنْبَغِي لِغَيْرِهِ إِذْ وُجُودُهُ لِذَاتِهِ فَلَمْ يَسْبِقْهُ عَدَمٌ وَلَا يَلْحَقُهُ عَدَمٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَوَعْدُكَ حَقٌّ أَيْ ثَابِتٌ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ أَيْ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ تَعْظِيمًا لَهُ لَكَ أَسْلَمْتُ أَيْ انْقَدْتُ وَخَضَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ أَيْ صَدَّقْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ أَيْ بِمَا أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْبُرْهَانِ وَبِمَا لَقَّنْتَنِي مِنَ الْحُجَّةِ وَإليْكَ حَاكَمْتُ أَيْ كُلُّ مَنْ جَحَدَ الْحَقَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ أَيْ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ وَمَا أَخَّرْتُ عَنْهُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَيْ أَخْفَيْتُ وَأَظْهَرْتُ أَوْ مَا حَدَّثْتُ بِهِ نَفْسِي وَمَا تَحَرَّكَ بِهِ لِسَانِي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ قَالَ الْمُهَلَّبُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ الْمُقَدِّمُ فِي الْبَعْثِ فِي الْآخِرَةِ وَالْمُؤَخِّرُ فِي الْبَعْثِ فِي الدُّنْيَا.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عِيَاضٌ قِيلَ مَعْنَاهُ الْمُنْزِلُ لِلْأَشْيَاءِ مَنَازِلَهَا يُقَدِّمُ مَا يَشَاءُ وَيُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ وَيُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَجَعَلَ عِبَادَهُ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ وَقِيلَ هُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ إِذْ كُلُّ مُتَقَدِّمٍ عَلَى مُتَقَدِّمٍ فَهُوَ قَبْلَهُ وَكُلُّ مُؤَخَّرٍ عَلَى مُتَأَخِّرٍ فَهُوَ بَعْدَهُ وَيَكُونُ الْمُقَدِّمُ وَالْمُؤَخِّرُ بِمَعْنَى الْهَادِي وَالْمُضِلِّ قَدَّمَ مَنْ شَاءَ لِطَاعَتِهِ لِكَرَامَتِهِوَأَخَّرَ مَنْ شَاءَ بِقَضَائِهِ لِشَقَاوَتِهِ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ لِأَنَّ لَفْظَ الْقِيَامِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ وُجُودَ الْجَوَاهِرِ وَقِوَامَهَا مِنْهُ وَبِالنُّورِ إِلَى أَنَّ الْأَعْرَاضَ أَيْضًا مِنْهُ وَبِالْمُلْكِ إِلَى أَنَّهُ حَاكِمٌ عَلَيْهَا إِيجَادًا وَإِعْدَامًا يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ فَلِهَذَا قَرَنَ كُلًّا مِنْهَا بِالْحَمْدِ وَخَصَّصَ الْحَمْدَ بِهِ ثُمَّ .

     قَوْلُهُ  أَنْتَ الْحَقُّ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ الْمُبْدِئُ لِلْفِعْلِ وَالْقَوْلِ وَنَحْوِهِ إِلَى الْمَعَاشِ وَالسَّاعَةِ وَنَحْوِهَا إِشَارَةٌ إِلَى الْمَعَادِ وَفِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى النُّبُوَّةِ وَإلى الْجَزَاءِ ثَوَابًا وَعِقَابًا وَوُجُوبُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالتَّوَكُّلِ وَالْإِنَابَةِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلِلْخُضُوعِ لَهُ