فهرس الكتاب

- باب ما يستحب من تقصير الخطبة

رقم الحديث 1932 [1932] مُرَّ بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الَّذِي أَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا وَصَلَّى عَلَى الْآخَرِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَيِ الْمُخَاطَبُونَ بِذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ كَانَ على صفتهمْ من الْإِيمَان وَحكى بن التِّينِ أَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالصَّحَابَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْطِقُونَ بِالْحِكْمَةِ بِخِلَافِ مَنْ بَعْدَهُمْ قَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالثِّقَاتِوَالْمُتَّقِينَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الديلِي قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ لَمْ أَرَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ إِلَّا مُعَنْعَنًا وَقَدْ حَكَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ التَّتَبُّعِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَن بن بُرَيْدَةَ إِنَّمَا يَرْوِي عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ وَلَمْ يَقُلْ فِي هَذَا الحَدِيث سَمِعت أَبَا الْأسود وبن بُرَيْدَةَ وُلِدَ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَقَدْ أَدْرَكَ أَبَا الْأَسْوَدِ بِلَا رَيْبٍ قَالَ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا أَيْ سَرِيعًا فَأثْنى على صَاحبهَا خيرا قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ كَذَا فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ بِالنَّصْبِ وَكَذَا شَرًّا وَقَدْ غَلِطَ مَنْ ضَبَطَ أُثْنِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَإِنَّهُ فِي جَمِيعِ الْأُصُول مبْنى للْمَفْعُول قَالَ بن التِّين وَالصَّوَاب بِالرَّفْعِ وَفِي نَصْبِهِ بُعْدٌ فِي اللِّسَانِ وَوَجَّهَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ أُقِيمَ مَقَامَ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ وَخَيْرًا مَقَامَ الثَّانِي وَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ عَكْسُهُ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ هُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ أُثْنِيَ عَلَيْهَا بِخَيْرٍ.

     وَقَالَ  بن مَالِكٍ خَيْرًا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ فَأُقِيمَتْ مَقَامَهُ فَنُصِبَتْ لِأَنَّ أُثْنِيَ مُسْنَدٌ إِلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَالَ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْإِسْنَادِ إِلَى الْمَصْدَرِ وَالْإِسْنَادُ إِلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَلِيلٌ أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِالْخَيْرِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ الْحَدِيثَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ أَهْلِالْفَضْلِ وَالصِّدْقِ لَا الْفَسَقَةِ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُثْنُونَ عَلَى مَنْ يَكُونُ مِثْلَهُمْ وَلَا مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ عَدَاوَةٌ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَدُوِّ لَا تقبل.

     وَقَالَ  الْحَافِظ بن حَجَرٍ اقْتِصَارُ عُمَرَ عَلَى ذِكْرِ أَحَدِ الشِّقَّيْنِ إِمَّا لِلِاخْتِصَارِ وَإِمَّا لِإِحَالَتِهِ السَّامِعَ عَلَى الْقِيَاسِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا الثَّنَاءَ بِالْخَيْرِ لِمَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْفَضْلِ وَكَانَ ثَنَاؤُهُمْ مُطَابِقًا لِأَفْعَالِهِ فَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَيْسَ هُوَ مُرَادًا بِالْحَدِيثِ وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عَلَى عُمُومِهِ وَإِطْلَاقِهِ وَأَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ مَاتَ فَأَلْهَمَ اللَّهُ النَّاسَ أَوْ مُعْظَمَهُمُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِي ذَلِكَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِيهِ فَلَا تُحَتِّمُ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ بَلْ هُوَ فِي حَظْرِ الْمَشِيئَةِ فَإِذَا أَلْهَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادَهُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ اسْتَدْلَلْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ شَاءَ الْمَغْفِرَةَ وَبِهَذَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الثَّنَاءِ وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَتْ وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ لَوْ كَانَ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِيهِ لَمْ يَكُنْ لِلثَّنَاءِ فَائِدَةٌ وَقَدْ أَثْبَتَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَائِدَة