فهرس الكتاب

- باب الفصل بين الخطبتين بالجلوس

رقم الحديث 1935 [1935] لَا تَذْكُرُوا هَلْكَاكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ قِيلَ مَا الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَنَحْوِهِ وَبَيْنَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ وَمُرَّ بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَتْ وَلَمْ يَنْهَهُمْ عَنِ الثَّنَاءِ بِالشَّرِّ وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ سَبِّ الْأَمْوَاتِ هُوَ فِي غَيْرِ الْمُنَافِقِ وَالْكَافِرِ وَفِي غَيْرِ الْمُتَظَاهِرِ بِفِسْقٍ أَوْ بِدْعَةٍ فَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَلَا يَحْرُمُ ذِكْرُهُمْ بِالشَّرِّ لِلتَّحْذِيرِ مِنْ طَرِيقِهِمْ وَمِنْ الِاقْتِدَاءِ بِآثَارِهِمْ وَالتَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِهِمْ قَالَ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي أَثْنَوْا عَلَيْهِ شَرًّا كَانَ مَشْهُورًا بِنِفَاقٍ أَوْ نَحوه مِمَّا ذكرنَا

رقم الحديث 1937 [1937] يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلَاثَةٌ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ الْحَدِيثَ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ هَذَا يَقَعُ فِي الْأَغْلَبِ وَرُبَّ مَيِّتٍ لَا يَتْبَعُهُ إِلَّا عَمَلُهُ فَقَطْ وَالْمُرَادُ مَنْ يَتْبَعْ جِنَازَتَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَرَفِيقِهِ وَدَوَابِّهِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ وَإِذَا انْقَضَى أَمْرُ الْحُزْنِ عَلَيْهِ رَجَعُوا سَوَاءً أَقَامُوا بَعْدَ الدَّفْنِ أَمْ لَا وَمَعْنَى بَقَاءِ عَمَلِهِ أَنَّهُ يدْخل مَعَه الْقَبْرالْفَضْلِ وَالصِّدْقِ لَا الْفَسَقَةِ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُثْنُونَ عَلَى مَنْ يَكُونُ مِثْلَهُمْ وَلَا مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ عَدَاوَةٌ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَدُوِّ لَا تقبل.

     وَقَالَ  الْحَافِظ بن حَجَرٍ اقْتِصَارُ عُمَرَ عَلَى ذِكْرِ أَحَدِ الشِّقَّيْنِ إِمَّا لِلِاخْتِصَارِ وَإِمَّا لِإِحَالَتِهِ السَّامِعَ عَلَى الْقِيَاسِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا الثَّنَاءَ بِالْخَيْرِ لِمَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْفَضْلِ وَكَانَ ثَنَاؤُهُمْ مُطَابِقًا لِأَفْعَالِهِ فَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَيْسَ هُوَ مُرَادًا بِالْحَدِيثِ وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عَلَى عُمُومِهِ وَإِطْلَاقِهِ وَأَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ مَاتَ فَأَلْهَمَ اللَّهُ النَّاسَ أَوْ مُعْظَمَهُمُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِي ذَلِكَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِيهِ فَلَا تُحَتِّمُ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ بَلْ هُوَ فِي حَظْرِ الْمَشِيئَةِ فَإِذَا أَلْهَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادَهُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ اسْتَدْلَلْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ شَاءَ الْمَغْفِرَةَ وَبِهَذَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الثَّنَاءِ وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَتْ وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ لَوْ كَانَ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِيهِ لَمْ يَكُنْ لِلثَّنَاءِ فَائِدَةٌ وَقَدْ أَثْبَتَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَائِدَة