شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد - الحديث رقم 14

رقم الحديث 14 وفي بعض الروايات المتفق عليها [ لايحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث ] فقوله [ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ] كالتفسير لقوله [ مسلم ] وكذا قوله [ المفارق للجماعة ] كالتفسير لقوله [ التارك لدينه ] وهؤلاء الثلاثة مباحو الدم بالنص والمراد بالجماعة : المسلمون وإنما فراقهم بالردة عن الدين وهي سبب لإباحة دمه وقوله : [ التارك لدينه المفارق للجماعة ] عام في كل مرتد عن الإسلام بأي ردة كانت فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام قال العلماء : ويتناول أيضا كل خارج عن الجماعة ببدعة أو بغي أو غيرهما والله أعلم والظاهر أن هذا عام يخص منه الصائل ونحوه فيباح قتله في دفع أذاه وقد يجاب عن هذا بأنه داخل في المفارق للجماعة ويكون المراد : لا يحل تعمد قتله قصدا إلا في هؤلاء الثلاثة والله أعلم وقد استدل بعضهم على أن تارك الصلاة يقتل لتركها لأن تركها يسمى من هذه الثلاثة وفي المسألة خلاف بين العلماء : منهم من يكفر تارك الصلاة ومنهم من لا يكفره واستدل بعض من يكفره بالحديث الآخر وهو قوله صلى الله عليه و سلم : [ أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ] قال : فوجه الدليل أنه وقف العصمة على مجموع الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والمرتب على أشياء لا يحصل إلا بمجموعها وينتفى بانتفائها وهذا إن قصد به الإستدلال بالمنطوق - وهو قوله : [ أمرت أن أقاتل الناس الخ ] فإنه يقتضي الأمر بالقتال إلى هذه الغاية - فقد ذهل وسهى لأنه فرق بين المقاتلة على الشئ والقتل عليه فإن المقاتلة مفاعلة تقتضي الحصول من الجانبين ولا يلزم من وجوب المقاتلة على الصلاة وجوب القتل عليها إذا تركها من غير أن يقاتلنا والله أعلم وقوله [ الثيب الزاني ] هو المحصن ويدخل فيه الذكر والأنثى وهو حجة على ما اتفق عليه المسلمون من أن حكم الزاني الرجم بشروطه المذكورة في أبواب الفقه وقوله [ النفس بالنفس ] موافق لقوله تعالى { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } ويعني به النفوس المكتافئة في الإسلام والحرية بدليل قوله صلى الله عليه و سلم [ لا يقتل مسلم بكافر ] وكذلك الحرية شرط في المكافأة عند مالك والشافعي وأحمد وذهب أصحاب الرأي إلى أن المسلم يقتل بالذمى وأن الحر يقتل بالعبد وقد يستدلون بهذا الحديث والجمهور على خلاف ذلك