شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد - الحديث رقم 22

رقم الحديث 22 هذا الرجل السائل هو النعمان بن قوقل - بقافين مفتوحتين - قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى : الظاهر أنه أراد بقوله [ وحرمت الحرام ] أمرين أحدهما : أن يعتقد كونه حراما والثاني : أن لا يفعله بخلاف تحليل الحلال فإنه يكفي فيه مجرد اعتقاده حلالا قال صاحب المفهم : لم يذكر النبى صلى الله عليه و سلم للسائل في هذا الحديث شيئا من التطوعات على الجملة وهذا يدل على جواز ترك التطوعات على الجملة لكن من تركها ولم يفعل شيئا فقد فوت على نفسه ربحا عظيما وثوابا جسيما ومن داوم على ترك شئ من السنن كان ذلك نقصا في دينه وقدحا في عدالته كان تركه نهاونا ورغبة عنها كان ذلك فسقا يستحق به ذما قال علماؤنا : لو أن أهل بلدة تواطئوا على ترك سنة لقوتلوا عليها حتى يرجعوا ولقد كان صدر الصحابة رضى الله عنهم ومن بعدهم يثابرون على فعل السنن والفضائل مثابرتهم على الفرائض ولم يكونوا يفرقون بينهما في اغتنام ثوابها وإنما احتاج أئمة الفقهاء إلى ذكر الفرق لما يترتب عليه من وجوب الإعادة وتركها وخوف العقاب على الترك ونفيه إن حصل ترك بوجه ما وإنما ترك النبى صلى الله عليه و سلم تنبيهه على السنن والفضائل تسهيلا وتيسيرا لقرب عهده بالإسلام لئلا يكون الإكثار من ذلك تنفيرا له وعلم أنه إذا تمكن في الإسلام وشرح الله صدره رغب فيما رغب فيه غيره أو لئلا يعتقد أن السنن والتطوعات واجبة فتركه لذلك وكذلك في الحديث الأخير : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن الصلاة فأخبر أنها خمس فقال : هل علي غيرها ؟ قال [ لا إلا أن تطوع ] ثم سأله عن الصوم والحج والشرائع فأجابه ثم قال في آخر ذلك : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه فقال [ أفلح إن صدق ] - وفي رواية [ إن تمسك بما أمر به دخل الجنة ] وهذا يسمى - بمحافظته على فرائضه وإيقامها والإتيان بها في أوقاتها من غير إخلال بها - فلاحا كثير الفلاح والنجاح وليتنا وفقنا كذلك ومن أتى بالفرائض وأتبعها النوافل كان أكثر فلاحا منه وإنما شرعت لتتميم الفرائض فهذا السائل والذي قبله إنما تركهما النبى صلى الله عليه و سلم تسهيلا عليهما إلى أن تنشرح صدورهما بالفهم عنه والحرص على تحصيل المندوبات فيسهل عليهما