فهرس الكتاب
شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد - الحديث رقم 29
رقم الحديث 29
قوله صلى الله عليه و سلم :
[ لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه ]
يعني على من وفقه الله له ثم أرشده لعبادته مخلصا له الدين
: يعبد الله لا يشرك به شيئا ثم قال : [ وتقيم الصلاة ] إقامتها
: الإتيان بها على أكمل أحوالها ثم ذكر شرائع الإسلام من الزكاة والصوم والحج ثم قال : [ ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة ] المراد بالصوم هنا
: غير رمضان لأنه قد تقدم ومراده الإكثار من الصوم [ والجنة ] المجن أي الصوم سترة لك ووقاية من النار ثم قال : [ والصدقة تطفئ الخطيئة ]
أراد بالصدقة هنا غير الزكاة ثم قال : [ وصلاة الرجل في جوف الليل ]
ثم تلا : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون * فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون }
معناه : أن من قام في جوف الليل وترك نومه ولذته وآثر على ذلك ما يرجوه من ربه فجزاؤه ما في الآية من قوله { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون } وقد جاء في بعض الأخبار : أن الله تعالى يباهي بقوام الليل في الظلام يقوم : [ إنظروا إلى عبادي وقد قاموا في ظلم الليل حيث لا يراهم أحد غيري : أشهدكم أني قد أبحتهم دار كرامتي ] ثم قال
: [ ألا أخبرك برأس الأمر ] إلى آخره : جعل الأمر كالفحل من الإبل وجعل الإسلام رأس هذا الأمر ولا يعيش الحيوان بغير رأس ثم قال [ وعموده الصلاة ] عمود الشئ هو الذي يقيمه مما لا ثبات له في العادة بغير عمود وقوله
: [ وذروة سنامه الجهاد ] وذروة كل شئ أعلاه وذورة سنام البعير : طرف سنامه والجهاد لا يقاومه شئ من الأعمال كما روى أبو هريرة قال
: [ جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال
: دلني على عمل يعدل الجهاد قال ] لا أجده [ ثم قال ] هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر ؟
[ فقال : ومن يستطيع ذلك ؟ ]
وقوله : [ ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ ] قلت : بلى يا رسول الله قال
: فأخذ بلسانه ثم قال : [ كف عليك هذا ] إلى آخره :
حضه أولا على جهاد الكفر ثم نقله إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس
وقمعها عن الكلام فيما يؤذيها ويرديها فإنه جعل أكثر دخول الناس النار بسبب ألسنتهم حيث قال : [ ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم ؟ ] وقد تقدم في الحديث المتفق عليه
[ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ]
وفي حديث آخر [ من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة ]