فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ زَكَاةِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالتِّجَارَةِ لَهُمْ فِيهَا

رقم الحديث 597 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ.


( زكاة أموال اليتامى والتجارة لهم فيها)

( مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة) إنما قال ذلك لقوله تعالى { { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } } وفسره صلى الله عليه وسلم بقوله أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها على فقرائكم ولم يخصص كبيرًا من صغير وإنما الزكاة توسعة على الفقراء فمتى وجد الغني وجبت الزكاة وبه قال الجمهور وقال أبو حنيفة في طائفة لا زكاة في مال يتيم ولا صغير وتأول بعض أصحابه قول عمر على أن الزكاة هنا النفقة كحديث إذا أنفق المسلم على أهله كانت له صدقة وتعقب بأن اسم الزكاة لا يطلق على النفقة لغة ولا شرعًا ولا يقاس على لفظ صدقة لأن اللغة لا تؤخذ بالقياس وأيضًا فالصدقة لا تطلق على النفقة وإنما وصفت بالصدقة في الحديث لأنه يؤجر عليها وحجة الجمهور عموم حديث تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم والقياس على زكاة الحرث والفطر والولي هو المخاطب بالزكاة فيأثم بترك إخراجها لا الطفل ( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد بن الصديق ( عن أبيه أنه قال كانت عائشة تليني) تتولى أمري ( أنا وأخًا لي يتيمين في حجرها) بعد قتل أبيهما بمصر ( فكانت تخرج من أموالنا الزكاة) وهي بالمكان العالي من المصطفى فدل ذلك على وجوبها في مال اليتامى واحتج له أبو عمر بالإجماع على زكاة حرث اليتيم وثماره وعلى وجوب أرش جنايته وقيمة ما يتلفه وعلى أن من جن أحيانًا والحائض لا يراعى قدر الجنون والحيض من الحول فدل ذلك كله على أنها حق المال لا البدن كالصلاة فتجب الزكاة على من تجب عليه الصلاة ومن لا تجب ( مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تعطي أموال اليتامى الذين في حجرها من يتجر لهم فيها) لئلا تأكلها الزكاة ( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( أنه اشترى لبني أخيه) عبد ربه بن سعيد يتامى في حجره ( مالا) أي شيئًا متمولا ( فبيع ذلك المال بعد) بالضم أي بعد ذلك ( بمال كثير) بموحدة أو مثلثة ( قال مالك لا بأس بالتجارة في أموال اليتامى لهم) قيد أول ( إذا كان الولي مأمونًا) قيد ثان في الجواز فإن خسرت أموالهم أو تلفت ( فلا أرى عليه ضمانًا) لأنه فعل ما هو مأمور به وأما إن تسلفها وتجر لنفسه فلا يجوز إلا أن تدعو ضرورة في وقت إلى قليل منه ثم يسرع برده وليس كتسلف المودع من الوديعة لأن المودع ترك الانتفاع به مع القدرة عليه فجاز للمودع الانتفاع على خلاف في ذلك ولا كذلك مال اليتيم لأنه مأمور بتنمية ماله كالمبضع معه؛ قاله الباجي والله أعلم.



رقم الحديث 598 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تَلِي بَنَاتَ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حَجْرِهَا لَهُنَّ الْحَلْيُ، فَلَا تُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ.


( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه) القاسم بن محمد بن الصديق ( أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تلي بنات أخيها) لأبيها محمد بن أبي بكر قاله الباجي ( يتامى في حجرها) أي منعها لهن من التصرف ( لهن الحلي) بفتح فسكون مفرد وبضم وكسر اللام وشد الياء جمع ( فلا تخرج من حليهن) بالجمع والإفراد ( الزكاة) ففيه أنه لا تجب الزكاة في الحلي قال الباجي قوله لهن يقتضي ملكهن له وإن لم يتصرفن فيه لكونهن محجورات فقد يملك من لا يتصرف كصغير وسفيه ويتصرف من لا يملك كالأب والوصي والإمام ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يحلي بناته وجواريه الذهب ثم لا يخرج من حليهن الزكاة) قال الباجي يحتمل أن يملكهن ذلك ويحتمل أن يزينهن به وهو على ملكه والذهب والفضة من الأموال المرصدة للتنمية فتجب فيها الزكاة ولا يخرج عن ذلك إلا بأمرين الصياغة المباحة واللبس المباح وقال أبو عمر ذهب الأئمة الثلاثة وأكثر المدنيين إلى أنه لا زكاة في الحلي وقالت طائفة كأبي حنيفة تجب فيه وتأولوا أن عائشة وابن عمر لم يخرجا زكاته لأنه لا زكاة في مال يتيم ولا صغير وتأولوا في الجواري أن ابن عمر كان يرى أن العبد يملك ولا زكاة على عبد وهو تأويل بعيد وابن عمر كان لا يزكي ما يحلي به بناته وليس في هذا يتيم ولا عبد وكان ابن عمر ينكح البنت له على ألف دينار يحليها منه بأربعمائة فلا يزكيه واحتجوا بظاهر حديث في الرقة ربع العشر وحديث ليس فيما دون خمس أواق وحديث الذهب في أربعين دينارًا دينار ولم يخص حليًا من غيره وهذا يرده العمل المعمول به في المدينة ويخصصه وقال أبو عبيد الرقة عند العرب الورق المنقوشة ذات السكة السائرة بين الناس واحتجوا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب أو فضة فقال أتعطين زكاة هذا قالت لا قال أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار فخلعتهما وألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت هما لله ولرسوله وعن عائشة نحو هذا وحديث الموطأ بإسقاط الزكاة أثبت إسنادًا ويستحيل أن تسمع عائشة منه مثل هذا الوعيد وتخالفه ولو صح ذلك عنها علم أنها علمت النسخ والأصل المجمع عليه في الزكاة إنما هو الأموال النامية أو المطلوب فيها النماء بالتصرف ( قال مالك من كان عنده تبر أو حلي من ذهب أو فضة) وهو نصاب ( لا ينتفع به للبس فإن عليه فيه الزكاة في كل عام يوزن فيؤخذ ربع عشره إلا أن ينقص من وزن عشرين دينارًا عينًا) أي ذهبًا خالصًا ( أو مائتي درهم فإن نقص من ذلك فليس فيه زكاة) ويعلم من هذا أن وزنه كل عام إذا كان يخرج منه أو نسي وزنه أما إذا أخرج عنه من غيره ولم ينس وزنه فيكفي علم وزنه أول عام ( وإنما تكون فيه الزكاة إذا كان إنما يمسكه لغير اللبس) كإعداده لعاقبة أو قنية ( فأما التبر والحلي المكسور الذي يريد أهله إصلاحه ولبسه فإنما هو بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله فليس على أهله فيه زكاة) وخالف الشافعي فأوجب فيه الزكاة ( قال مالك ليس في اللؤلؤ) وهو مطر الربيع يقع في الصدف ( ولا في المسك) الطيب المعروف وفي مسلم مرفوعًا أطيب الطيب المسك ( ولا العنبر زكاة) لأنها كسائر العروض لا زكاة في أعيانها اتفاقًا واختلف في اللؤلؤ والعنبر حين يخرجان من البحر فالجمهور لا شيء فيهما خلافًا لقول الحسن البصري فيه الخمس ورده البخاري بأنه صلى الله عليه وسلم إنما جعل في الركاز الخمس ليس في الذي يصاب في الماء أي لأنه لا يسمى لغة ركازًا قال ابن القصار ومفهوم الحديث أن غير الركاز لا خمس فيه ولا سيما اللؤلؤ والعنبر لأنهما يتولدان من حيوان البحر فأشبها السمك وبهذا يرد قول أبي يوسف في العنبر وكل حلية تخرج من البحر الخمس ولابن أبي شيبة سئل ابن عباس عن العنبر فقال إن كان فيه شيء ففيه الخمس وروى الشافعي والبيهقي وابن أبي شيبة أيضًا عن ابن عباس ليس العنبر بركاز إنما هو شيء دسره البحر وجمع بينهما بأنه كان يشك فيه ثم تبين له ما جزم به وقال أبو عمر أمر الله بإيتاء الزكاة وقال { { خذ من أموالهم صدقة } } فأخذ صلى الله عليه وسلم من بعض الأموال دون بعض فعلم أنه تعالى لم يرد جميع الأموال فلا سبيل إلى إيجاب زكاة إلا ما أخذه صلى الله عليه وسلم ووقف عليه أصحابه.


رقم الحديث 599 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تُعْطِي أَمْوَالَ الْيَتَامَى الَّذِينَ فِي حَجْرِهَا، مَنْ يَتَّجِرُ لَهُمْ فِيهَا.


( زكاة أموال اليتامى والتجارة لهم فيها)

( مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة) إنما قال ذلك لقوله تعالى { { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } } وفسره صلى الله عليه وسلم بقوله أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها على فقرائكم ولم يخصص كبيرًا من صغير وإنما الزكاة توسعة على الفقراء فمتى وجد الغني وجبت الزكاة وبه قال الجمهور وقال أبو حنيفة في طائفة لا زكاة في مال يتيم ولا صغير وتأول بعض أصحابه قول عمر على أن الزكاة هنا النفقة كحديث إذا أنفق المسلم على أهله كانت له صدقة وتعقب بأن اسم الزكاة لا يطلق على النفقة لغة ولا شرعًا ولا يقاس على لفظ صدقة لأن اللغة لا تؤخذ بالقياس وأيضًا فالصدقة لا تطلق على النفقة وإنما وصفت بالصدقة في الحديث لأنه يؤجر عليها وحجة الجمهور عموم حديث تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم والقياس على زكاة الحرث والفطر والولي هو المخاطب بالزكاة فيأثم بترك إخراجها لا الطفل ( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد بن الصديق ( عن أبيه أنه قال كانت عائشة تليني) تتولى أمري ( أنا وأخًا لي يتيمين في حجرها) بعد قتل أبيهما بمصر ( فكانت تخرج من أموالنا الزكاة) وهي بالمكان العالي من المصطفى فدل ذلك على وجوبها في مال اليتامى واحتج له أبو عمر بالإجماع على زكاة حرث اليتيم وثماره وعلى وجوب أرش جنايته وقيمة ما يتلفه وعلى أن من جن أحيانًا والحائض لا يراعى قدر الجنون والحيض من الحول فدل ذلك كله على أنها حق المال لا البدن كالصلاة فتجب الزكاة على من تجب عليه الصلاة ومن لا تجب ( مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تعطي أموال اليتامى الذين في حجرها من يتجر لهم فيها) لئلا تأكلها الزكاة ( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( أنه اشترى لبني أخيه) عبد ربه بن سعيد يتامى في حجره ( مالا) أي شيئًا متمولا ( فبيع ذلك المال بعد) بالضم أي بعد ذلك ( بمال كثير) بموحدة أو مثلثة ( قال مالك لا بأس بالتجارة في أموال اليتامى لهم) قيد أول ( إذا كان الولي مأمونًا) قيد ثان في الجواز فإن خسرت أموالهم أو تلفت ( فلا أرى عليه ضمانًا) لأنه فعل ما هو مأمور به وأما إن تسلفها وتجر لنفسه فلا يجوز إلا أن تدعو ضرورة في وقت إلى قليل منه ثم يسرع برده وليس كتسلف المودع من الوديعة لأن المودع ترك الانتفاع به مع القدرة عليه فجاز للمودع الانتفاع على خلاف في ذلك ولا كذلك مال اليتيم لأنه مأمور بتنمية ماله كالمبضع معه؛ قاله الباجي والله أعلم.



رقم الحديث 600 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ اشْتَرَى لِبَنِي أَخِيهِ يَتَامَى فِي حِجْرِهِ مَالًا فَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالُ بَعْدُ بِمَالٍ كَثِيرٍ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالتِّجَارَةِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَهُمْ، إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ مَأْمُونًا.
فَلَا أَرَى عَلَيْهِ ضَمَانًا.


( زكاة أموال اليتامى والتجارة لهم فيها)

( مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة) إنما قال ذلك لقوله تعالى { { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } } وفسره صلى الله عليه وسلم بقوله أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها على فقرائكم ولم يخصص كبيرًا من صغير وإنما الزكاة توسعة على الفقراء فمتى وجد الغني وجبت الزكاة وبه قال الجمهور وقال أبو حنيفة في طائفة لا زكاة في مال يتيم ولا صغير وتأول بعض أصحابه قول عمر على أن الزكاة هنا النفقة كحديث إذا أنفق المسلم على أهله كانت له صدقة وتعقب بأن اسم الزكاة لا يطلق على النفقة لغة ولا شرعًا ولا يقاس على لفظ صدقة لأن اللغة لا تؤخذ بالقياس وأيضًا فالصدقة لا تطلق على النفقة وإنما وصفت بالصدقة في الحديث لأنه يؤجر عليها وحجة الجمهور عموم حديث تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم والقياس على زكاة الحرث والفطر والولي هو المخاطب بالزكاة فيأثم بترك إخراجها لا الطفل ( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد بن الصديق ( عن أبيه أنه قال كانت عائشة تليني) تتولى أمري ( أنا وأخًا لي يتيمين في حجرها) بعد قتل أبيهما بمصر ( فكانت تخرج من أموالنا الزكاة) وهي بالمكان العالي من المصطفى فدل ذلك على وجوبها في مال اليتامى واحتج له أبو عمر بالإجماع على زكاة حرث اليتيم وثماره وعلى وجوب أرش جنايته وقيمة ما يتلفه وعلى أن من جن أحيانًا والحائض لا يراعى قدر الجنون والحيض من الحول فدل ذلك كله على أنها حق المال لا البدن كالصلاة فتجب الزكاة على من تجب عليه الصلاة ومن لا تجب ( مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تعطي أموال اليتامى الذين في حجرها من يتجر لهم فيها) لئلا تأكلها الزكاة ( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( أنه اشترى لبني أخيه) عبد ربه بن سعيد يتامى في حجره ( مالا) أي شيئًا متمولا ( فبيع ذلك المال بعد) بالضم أي بعد ذلك ( بمال كثير) بموحدة أو مثلثة ( قال مالك لا بأس بالتجارة في أموال اليتامى لهم) قيد أول ( إذا كان الولي مأمونًا) قيد ثان في الجواز فإن خسرت أموالهم أو تلفت ( فلا أرى عليه ضمانًا) لأنه فعل ما هو مأمور به وأما إن تسلفها وتجر لنفسه فلا يجوز إلا أن تدعو ضرورة في وقت إلى قليل منه ثم يسرع برده وليس كتسلف المودع من الوديعة لأن المودع ترك الانتفاع به مع القدرة عليه فجاز للمودع الانتفاع على خلاف في ذلك ولا كذلك مال اليتيم لأنه مأمور بتنمية ماله كالمبضع معه؛ قاله الباجي والله أعلم.