فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا لَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ

رقم الحديث 19 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: دُلُوكُ الشَّمْسِ مَيْلُهَا.


( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ) مولاه ( عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ دُلُوكُ الشَّمْسِ مَيْلُهَا) وقت الزوال.
وكذا روي عن ابن عباس وأبي هريرة وأبي برزة وعن خلق من التابعين.
وروى ابن أبي حاتم عن علي: دلوكها غروبها، ورجح الأول بأن نافعًا وإن وقفه فقد رواه سالم عن أبيه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه ابن مردويه فلا يعدل عنه وبأنه يدل له أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل لدلوك الشمس حين زالت فصلى بي الظهر أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده، وابن مردويه في تفسيره، والبيهقي في المعرفة من حديث أبي مسعود الأنصاري.

( مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ) بمهملتين مصغر المدني، وثقه ابن معين وابن سعد والعجلي وابن إسحاق وأحمد بن صالح المصري والنسائي.

وقال أبو حاتم: ليس بقوي لولا أن مالكًا روى عنه لترك حديثه.

وقال الباجي: منكر الحديث متهم برأي الخوارج.
قال ابن حبان: لم يكن داعية وقال ابن عدي: هو عندي صالح الحديث مات سنة خمس وثلاثين ومائة.

( قَالَ: أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ) هو عكرمة وكان مالك يكتم اسمه لكلام ابن المسيب فيه قاله في الاستذكار ونقل ذلك في التمهيد عن غيره ورده بأن مالكًا صرح برواية عكرمة في الحج وقدمها على رواية غيره.

وقال أبو داود ما روى داود بن الحصين عن عكرمة فمنكر وحديثه عن شيوخه مستقيم.

( أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ) الحبر ترجمان القرآن ذا المناقب الجمة ( كَانَ يَقُولُ: دُلُوكُ الشَّمْسِ إِذَا فَاءَ الْفَيْء) وهو رجوع الظل عن المغرب إلى المشرق وذلك من الزوال ومنتهاه الغروب ( وَغَسَقُ اللَّيْلِ اجْتِمَاعُ اللَّيْلِ وَظُلْمَتُهُ) وهذه الآية إحدى الآيات التي جمعت الصلوات الخمس فدلوك الشمس إشارة للظهرين وغسق الليل العشاءين وقرآن الفجر إلى صلاة الصبح.



رقم الحديث 47 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَنَّطَ ابْنًا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَحَمَلَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَالَ يَحْيَى: وَسُئِلَ مَالِكٌ، هَلْ فِي الْقَيْءِ وُضُوءٌ؟ قَالَ: لَا.
وَلَكِنْ، لِيَتَمَضْمَضْ مِنْ ذَلِكَ، وَلْيَغْسِلْ فَاهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ.


( مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ) بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني.
وثقه ابن معين ولينه أبو حاتم، وفي التقريب: أنه صدوق ( عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) التيمي المدني ( عَنْ أُمِّ وَلَدٍ) اسمها حميدة تابعية صغيرة مقبولة ( لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ) الزهري قيل له رؤية وسماعه من عمر أثبته يعقوب بن شيبة مات سنة خمس وقيل ست وتسعين، ورواه قتيبة عند الترمذي وهشام بن عمار عند ابن ماجه كلاهما عن مالك فقال أم ولد لعبد الرحمن بن عوف.
قال الترمذي: ورواه عبد الله بن المبارك فقال عن أم ولد لهود بن عبد الرحمن بن عوف قال وهو وهم وإنما هو لإبراهيم وهو الصحيح ( أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ) هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية المخزومية أم المؤمنين ( زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) تزوجها بعد أبي سلمة سنة أربع وقيل ثلاث وعاشت بعد ذلك ستين سنة وماتت سنة اثنين وستين وقيل سنة إحدى وقيل قبل ذلك والأول أصح.
قال ابن عبد البر: رواه الحسين بن الوليد عن مالك فقال عن حميدة أنها سألت عائشة وهذا خطأ إنما هو لأم سلمة كما رواه الحفاظ في الموطأ وغيره عن مالك.

( فَقَالَتْ إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ) بذال معجمة.
( قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ) قال ابن عبد البر وغيره، قال مالك: معناه في القشب اليابس والقذر الجاف الذي لا يلصق منه بالثوب شيء وإنما يعلق به فيزول المتعلق بما بعده لا أن النجاسة يطهرها غير الماء اهـ.

وعن مالك أيضًا إنما هو أن يطأ الأرض القذرة ثم يطأ اليابسة النظيفة فإن بعضها يطهر بعضًا وأما النجاسة مثل البول ونحوه يصيب الثوب أو بعض الجسد فلا يطهره إلا الغسل.
قال: وهذا إجماع الأمة.

وقال الشافعي: هذا إنما هو فيما جر على ما كان يابسًا لا يعلق بالثوب منه شيء فأما إذا جر على رطب فلا يطهر إلا بالغسل.

وقال أحمد: ليس معناه إذا أصابه بول ثم مر بعده على الأرض أنها تطهره ولكنه يمر بالمكان فيقذره ثم يمر بمكان أطيب منه فيكون هذا بذاك لا على أنه لا يصيبه منه شيء.

وذهب بعض العلماء إلى حمل القذر في الحديث على النجاسة ولو رطبة وقالوا يطهر بالأرض اليابسة لأن الذيل للمرأة كالخف والنعل للرجل، ويؤيده ما في ابن ماجه عن أبي هريرة قيل يا رسول الله إنا نريد المسجد فنطأ الطريق النجسة.
فقال صلى الله عليه وسلم: الأرض يطهر بعضها بعضًا لكنه حديث ضعيف كما قاله البيهقي وغيره.

وحديث مالك رواه أبو داود عن عبد الله بن مسلمة والترمذي عن قتيبة وابن ماجه عن هشام بن عمار ثلاثتهم عن مالك، وله شاهد عند أبي داود وابن ماجه عن امرأة من بني عبد الأشهل قالت قلت يا رسول الله إن لنا طريقًا إلى المسجد منتنة فكيف نفعل إذا مطرنا؟ قال: أليس بعدها طريق هي أطيب منها قلت: بلى.
قال: فهذه بهذه.

( مالِكٍ أَنَّهُ رَأَى رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) واسمه فروخ القرشي مولاهم المدني ( يَقْلِسُ) بكسر اللام من باب ضرب قال في النهاية: القلس بالتحريك وقيل بالسكون ما خرج من الجوف ملء الفم أو دونه وليس بقيء فإن عاد فهو القيء ( مِرَارًا وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ) النبوي ( فَلَا يَنْصَرِفُ وَلَا يَتَوَضَّأُ حَتَّى يُصَلِّيَ) لأنه ليس بناقض.

( وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ قَلَسَ طَعَامًا هَلْ عَلَيْهِ وُضُوءٌ؟ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ وَلْيَتَمَضْمَضْ مِنْ ذَلِكَ) فاه ( وَلْيَغْسِلْ فَاهُ) استحبابًا.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَنَّطَ) بفتح المهملة والنون الثقيلة والطاء المهملة أي طيب بالحنوط وهو كل شيء خلط من الطيب للميت خاصة ( ابْنًا) اسمه عبد الرحمن كما في رواية الليث عن نافع عند العلاء بن موسى بن الجهم في نسخته ( لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ) بن عمرو بن نفيل العدوي أحد العشرة مات سنة خمسين أو بعدها بسنة أو بسنتين ( وَحَمَلَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ) .

قال أبو عمر: أدخل مالك هذا الحديث إنكارًا لما روي مرفوعًا من غسل ميتًا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ وإعلامًا أن العمل عندهم بخلافه ولم يختلف قوله أنه لا وضوء على من حمل ميتًا، واختلف قوله في غسل من غسل ميتًا، ومعنى الحديث أن من حمل ميتًا أو شيعه فليكن على وضوء لئلا تفوته الصلاة عليه لا أن حمله حدث اهـ.

وحديث من غسل ميتًا إلخ رواه أبو داود من طريق عمرو بن عمير عن أبي هريرة مرفوعًا ورواته ثقات إلا عمرًا فليس بمعروف.
وقال أبو داود: إنه منسوخ ولم يبين ناسخه، وحكى الحاكم عن الذهلي ليس فيمن غسل ميتًا فليغتسل حديث ثابت.

( وَسُئِلَ مَالِكٌ هَلْ فِي الْقَيْءِ وُضُوءٌ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنْ لِيَتَمَضْمَضْ مِنْ ذَلِكَ وَلْيَغْسِلْ فَاهُ) ندبًا ( وَلَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ) زيادة إيضاح لأنه مفاد قوله: لا.