فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ بِالرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ

رقم الحديث 22 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَلَقِيَ رَجُلًا لَمْ يَشْهَدِ الْعَصْرَ.
فَقَالَ عُمَرُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ؟ فَذَكَرَ لَهُ الرَّجُلُ عُذْرًا، فَقَالَ عُمَرُ: طَفَّفْتَ قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ، وَيُقَالُ: لِكُلِّ شَيْءٍ وَفَاءٌ وَتَطْفِيفٌ.


جَامِعِ الْوُقُوتِ

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ) قال ابن بزيزة: فيه رد على من كره أن يقال فاتتنا الصلاة ( كَأَنَّمَا وُتِرَ) بضم الواو وكسر الفوقية ونائب الفاعل ضمير عائد على الذي يفوته أي هو فقوله ( أَهْلَهُ وَمَالَهُ) بالنصب في رواية الجمهور مفعول ثان لوتر إذ يتعدى لمفعولين كقوله: { { وَلَن يَّتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ } } والمعنى أصيب بأهله وماله، وقيل وتر بمعنى نقص فيرفع وينصب لأن من رد النقص إلى الرجل نصب وأضمر نائب الفاعل ومن رده إلى الأهل رفع.

وقال القرطبي: روي بالنصب على أن وتر بمعنى سلب يتعدى لمفعولين، وبالرفع على أن وتر بمعنى أخذ فأهله هو نائب الفاعل وقيل بدل اشتمال أو بعض وقيل النصب على التمييز أي وتر من حيث الأهل نحو غبن رأيه وألم نفسه ومنه: إلا من سفه نفسه في وجه أو على نزع الخافض أي في أهله.

وقال النووي: روي بنصب اللامين ورفعهما والنصب هو الصحيح المشهور على أنه مفعول ثان ومن رفع فعلى ما لم يسم فاعله ومعناه انتزع منه أهله وماله وهذا تفسير مالك وأما النصب فقال الخطابي وغيره: معناه نقص أهله وماله وسلبهم فبقي وترًا بلا أهل ولا مال فليحذر من تفويتها كحذره من ذهاب أهله وماله.

وقال ابن عبد البر: معناه عند أهل الفقه واللغة أنه كالذي يصاب بأهله وماله إصابة يطلب بها وترًا والوتر الجناية التي يطلب ثأرها فيجتمع عليه غمان غم المصيبة وغم مقاساة طلب الثأر، ولذا قال: وتر ولم يقل مات أهله.

وقال الداودي: معناه يتوجه عليه من الاسترجاع ما يتوجه على من فقدهما فيتوجه عليه الندم والأسف لتفويته الصلاة، وقيل معناه فاته من الثواب ما يلحقه من الأسف عليه كما يلحق من ذهب أهله وماله.

وقال الحافظ: حقيقة الوتر كما قال الخليل هو الظلم في الدم فاستعماله في غيره مجاز لكن قال الجوهري: الموتور هو الذي قتل له قتيل فلم يدرك دمه، ويقال أيضًا وتره حقه أي نقصه، وقيل: الموتور من أخذ أهله وماله وهو ينظر وذلك أشد لغمه فوقع التشبيه بذلك لمن فاتته الصلاة لأنه يجتمع عليه غمان غم الإثم وغم فوات الصلاة كما يجتمع على الموتور غمان غم السلب وغم الثأر، ويؤيده رواية أبي مسلم الكجي من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع في آخر الحديث وهو قاعد فهو إشارة إلى أنهما أخذا منه وهو ينظرهما.

وقال الحافظ زين الدين العراقي: كأن معناه أنه وتر هذا الوتر وهو قاعد غير مقاتل عنهم ولا ذاب وهو أبلغ في الغم لأنه لو فعل شيئًا من ذلك كان أسلى له، ويحتمل أن معناه وهو مشاهد لتلك المصائب غير غائب عنهم فهو أشد لتحسره قال: وإنما خص الأهل والمال بالذكر لأن الاشتغال في وقت العصر إنما هو بالسعي على الأهل والشغل بالمال فذكر أن تفويت هذه الصلاة نازل منزلة فقدهما فلا معنى لتفويتهما بالاشتغال بهما مع أن تفويتهما كفواتهما أصلاً ورأسًا.

واختلف في معنى الفوات في هذا الحديث فقال ابن وهب: هو فيمن لم يصلها في وقتها المختار وقيل بغروب الشمس.

وفي موطأ ابن وهب قال مالك: تفسيرها ذهاب الوقت وهو محتمل للمختار وغيره.

وأخرج عبد الرزاق هذا الحديث عن ابن جريج عن نافع وزاد في آخره قلت لنافع: حتى تغيب الشمس؟ قال: نعم.

قال الحافظ: وتفسير الراوي إذا كان فقيهًا أولى من غيره.

قال السيوطي: وورد مرفوعًا أخرجه ابن أبي شيبة عن هشام عن حجاج عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: من ترك العصر حتى تغيب الشمس من غير عذر فكأنما وتر أهله وماله.

وقال الأوزاعي: فواتها أن تدخل الشمس صفرة أخرجه أبو داود.

قال الحافظ: ولعله على مذهبه في خروج وقت العصر.

وقال مغلطاي في العلل لابن أبي حاتم عن أبيه: إن التفسير بذلك من قول نافع.

وقال المهلب ومن تبعه: إنما أراد فواتها في الجماعة لما يفوته من شهود الملائكة الليلية والنهارية، ويؤيده رواية ابن منده الموتور أهله وماله من وتر صلاة الوسطى في جماعة وهي صلاة العصر.

قال المهلب: وليس المراد فواتها باصفرار الشمس أو مغيبها إذ لو كان كذلك لبطل اختصاص العصر لأن ذهاب الوقت موجود في كل صلاة ونوقض بعين ما ادعاه لأن فوات الجماعة موجود في كل صلاة.

ويروى عن سالم أن هذا فيمن فاتته ناسيًا ومشى عليه الترمذي فبوب على الحديث ما جاء في السهو عن وقت العصر وعليه فالمراد أنه يلحقه من الأسف عند معاينة الثواب لمن صلى ما يلحق من ذهب أهله وماله ويؤخذ منه التنبيه على أن أسف العامد أشد لاجتماع فقد الثواب وحصول الإثم.

وقال الداودي: إنما هو في العامد.
النووي وهو الأظهر وأيد بقوله في الرواية السابقة من غير عذر واختلف أيضًا في تخصيص صلاة العصر بذلك فقيل نعم لزيادة فضلها وأنها الوسطى ولأنها تأتي في وقت تعب الناس في مقاساة أعمالهم وحرصهم على قضاء أشغالهم وتسويفهم بها إلى انقضاء وظائفهم ولاجتماع المتعاقبين من الملائكة فيها، ورجحه الرافعي والنووي وتعقبه ابن المنير بأن الفجر أيضًا فيها اجتماع المتعاقبين فلا يختص العصر بذلك قال: والحق أن الله تعالى يخص ما شاء من الصلوات بما شاء من الفضيلة.

وقال ابن عبد البر: يحتمل أن الحديث خرج جوابًا لسائل عمن تفوته العصر وأنه لو سئل عن غيرها لأجاب بمثل ذلك فيكون حكم سائر الصلوات كذلك وتعقبه النووي بأن الحديث ورد في العصر ولم تحقق العلة في هذا الحكم فلا يلحق بها غيرها بالشك والوهم وإنما يلحق غير المنصوص به إذا عرفت العلة واشتركا فيها.

قال الحافظ: هذا لا يدفع الاحتمال.
وقد احتج ابن عبد البر بما رواه ابن أبي شيبة وغيره من طريق أبي قلابة عن أبي الدرداء مرفوعًا: من ترك صلاة مكتوبة حتى تفوته الحديث وفي إسناده انقطاع لأن أبا قلابة لم يسمع من أبي الدرداء.
وقد رواه أحمد من حديث أبي الدرداء بلفظ من ترك العصر فرجع حديث أبي الدرداء إلى تعيين العصر.

وروى ابن حبان وغيره من حديث نوفل بن معاوية مرفوعًا: من فاتته الصلاة فكأنما وتر أهله وماله وهذا ظاهره العموم في الصلوات المكتوبات، وأخرجه عبد الرزاق عن نوفل بلفظ: لأن يوتر أحدكم أهله وماله خير له من أن يفوته وقت صلاة.
وهذا أيضًا ظاهره العموم ويستفاد منه ترجيح رواية النصب المصدر بها لكن المحفوظ من حديث نوفل بلفظ من الصلوات صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله أخرجه البخاري ومسلم والطبراني وغيرهم.

وللطبراني من وجه آخر عن الزهري قلت لأبي بكر يعني ابن عبد الرحمن وهو الذي حدثه به ما هذه الصلاة؟ قال: العصر.

ورواه ابن أبي خيثمة من وجه آخر فصرح بأنها العصر في نفس الخبر والمحفوظ أن كونها العصر من تفسير أبي بكر بن عبد الرحمن.
ورواه الطحاوي من وجه آخر وفيه أن التفسير من قول ابن عمر فالظاهر اختصاص العصر بذلك انتهى.

قال السيوطي: روى النسائي من طريق عراك بن مالك قال: سمعت نوفل بن معاوية يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من الصلوات صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله فقال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هي العصر نعم في فوائد تمام من طريق مكحول عن أنس مرفوعًا: من فاتته صلاة المغرب فكأنما وتر أهله وماله فإن كان راويه حفظ ولم يهم دل ذلك على عدم الاختصاص.

قال ابن عبد البر: في هذا الحديث إشارة إلى تحقير الدنيا وأن قليل العمل خير من كثير منها.

وقال ابن بطال لا يوجد حديث يقوم مقام هذا الحديث لأن الله قال: { { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ } } ولا يوجد حديث فيه تكليف المحافظة غير هذا الحديث: وأخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاري ( أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَلَقِيَ رَجُلًا لَمْ يَشْهَدِ) لم يحضر ( الْعَصْرَ) قال في الاستذكار: ذكر بعض من شرح الموطأ يعني ابن حبيب عن مطرف أن هذا الرجل هو عثمان بن عفان قال: وهذا لا يوجد في أثر علمته وإنما هو رجل من الأنصار من بني حديدة.

( فَقَالَ عُمَرُ: مَا حَبَسَكَ) منعك ( عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ) مع الجماعة ( فَذَكَرَ لَهُ الرَّجُلُ عُذْرًا) فكأنه لم يرضه ( فَقَالَ عُمَرُ طَفَّفْتَ) بفاءين أي نقصت نفسك حظها من الأجر لتأخرك عن صلاة الجماعة والتطفيف لغة الزيادة على العدل والنقصان منه.

( قَالَ يَحْيَى قَالَ مَالِكٌ وَيُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ وَفَاءٌ) بالمد ( وَتَطْفِيفٌ) أي نقص مقابل الوفاء.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْمُصَلِّيَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ وَمَا فَاتَهُ وَقْتُهَا) لكونه صلاها فيه ( وَلَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا) أوله أو أوسطه ( أَعْظَمُ أَوْ أَفْضَلُ) بالشك في اللفظ وإن اتحد المعنى ( مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ) .
قال ابن عبد البر: هذا له حكم المرفوع إذ يستحيل أن يكون مثله رأيًا وقد ورد نحوه مرفوعًا.
فأخرج الدارقطني في سننه من طريق عبيد الله بن موسى عن إبراهيم بن الفضل عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحدكم ليصلي الصلاة لوقتها وقد ترك من الوقت الأول ما هو خير له من أهله وماله.

وأخرج ابن عبد البر عن ابن عمر رفعه إن الرجل ليدرك الصلاة وما فاته منها خير من أهله وماله وأخرجه سعيد بن منصور عنه موقوفًا.
وعن طلق بن حبيب مرسلاً مرفوعًا.

( قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَدْرَكَ الْوَقْتَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ سَاهِيًا أَوْ نَاسِيًا) قال بعضهم فيما حكاه عياض السهو شغل عن الشيء والنسيان غفلة عنه وآفة.

( حَتَّى قَدِمَ عَلَى أَهْلِهِ) المراد حتى تم سفره سواء كان له أهل أم لا ( أَنَّهُ إِنْ كَانَ قَدِمَ عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ فِي الْوَقْتِ فَلْيُصَلِّ صَلَاةَ الْمُقِيمِ) أي يتم ( وَإِنْ كَانَ قَدْ قَدِمَ وَقَدْ ذَهَبَ الْوَقْتُ فَلْيُصَلِّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ) أي مقصورة ( لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَقْضِي مِثْلَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.
قَالَ مَالكٌ وَهَذَا الْأَمْرُ هُوَ الَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ النَّاسَ)
يعني التابعين ( وَأَهْلَ الْعِلْمِ) اتباعهم ( بِبَلَدِنَا) أي المدينة.

( وقَالَ مَالِكٌ: الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ الَّتِي) ترى ( فِي) أفق ( الْمَغْرِبِ) وهذا هو المعروف في مذهبه وعليه أكثر العلماء وقال أبو حنيفة إنه البياض الذي يليها ورد بأنه مختص في الاستعمال بالحمرة لقول أعرابي وقد رأى ثوبًا أحمر كأنه شفق وقال المفسرون في قوله تعالى: { { فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ } } أنه الحمرة.
وقال الخليل بن أحمد: رقبت البياض فوجدته يبقى إلى ثلث الليل، وقال غيره إلى نصفه فلو رتب الحكم عليه لزم تأخيرها إلى ثلثه أو نصفه.

( فَإِذَا ذَهَبَتِ الْحُمْرَةُ فَقَدْ وَجَبَتْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ) أي دخل وقت وجوبها.
وقد صح أن جبريل صلى بالمصطفى العشاء حين غاب الشفق ( وَخَرَجْتَ) أيها المصلي ( مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ) أي المختار وإلا فوقتها الليل كله، وهذا ظاهر جدًا في امتداد مختارها للشفق، وقد قال ابن العربي في شرح الترمذي: إنه الصحيح، وقال في أحكامه: إنه المشهور من مذهب مالك.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَذَهَبَ عَقْلُهُ) من الإغماء ( فَلَمْ يَقْضِ الصَّلَاةَ) حين أفاق.

( قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ فِيمَا نَرَى) بضم النون نظن ( وَاللَّهُ أَعْلَمُ) لم يجزم بذلك لأنه لم يعلم حقيقة مذهب ابن عمر ( أَنَّ الْوَقْتَ قَدْ ذَهَبَ فَأَمَّا مَنْ أَفَاقَ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي) وجوبًا إذ ما به السقوط به الإدراك.



رقم الحديث 67 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِأُصْبُعَيْهِ لِأُذُنَيْهِ.


مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ بِالرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِأُصْبُعَيْهِ لِأُذُنَيْهِ) قال عيسى أي يقبض أصابعه من كلتا يديه ويمرر سبابتيه ثم يمسح بهما أذنيه من داخل وخارج قال وهو حسن من الفعل.
قال الباجي: ويحتمل أن يأخذ الماء بأصبعين من كل يد فيمسح بهما أذنيه نحو حديث ابن عباس أن باطن الأذنين يمسح بالسبابة وظاهرهما بالإبهام.
( مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ سُئِلَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ فَقَالَ لَا حَتَّى يُمْسَحَ الشَّعْرُ بِالْمَاءِ) لأن الله تعالى قال: { { وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ } } والماسح على العمامة لم يمسح برأسه.

قال ابن عبد البر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على عمامته من حديث عمرو بن أمية وبلال والمغيرة وأنس وكلها معلومة.

وخرج البخاري حديث عمرو وقد بينا فساد إسناده في كتاب الأجوبة عن المسائل المستغربة من البخاري، وأجاز المسح عليها أحمد والأوزاعي وداود وغيرهم للآثار وقياسًا على الخفين ومنعه مالك والشافعي وأبو حنيفة لأن المسح على الخفين مأخوذ من الآثار لا من القياس، ولو كان منه لجاز المسح على القفازين.

وقال الخطابي: فرض الله مسح الرأس وحديث مسح العمامة محتمل للتأويل فلا يترك المتيقن للمحتمل وقياسه على الخف بعيد لمشقة نزعه بخلافها، وتعقب بأن الآية لا تنفي الاقتصار على المسح لا سيما عند من يحمل المشترك على حقيقته ومجازه لأن من قال قبلت رأس فلان يصدق ولو على حائل، وبأن المجيزين الاقتصار على مسح العمامة شرطوا فيه مشقة نزعها كالخف ورد الأول بأن الأصل حمل اللفظ على حقيقته ما لم يرد نص صريح بخلافه، والنصوص وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً وأمرًا بمسح الرأس فتحمل رواية مسح العمامة على أنه كان لعذر بدليل المسح على الناصية معها كما في مسلم.

( مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَنْزِعُ الْعِمَامَةَ وَيَمْسَحُ رَأْسَهُ بِالْمَاءِ) إذا توضأ.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ رَأَى صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ) بن مسعود الثقفية ( امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) تزوجها في حياة أبيه وأصدقها عمر عنه أربعمائة درهم وزاد هو سرًا مائتي درهم وولدت له واقدًا وأبا بكر وأبا عبيدة وعبيد الله وعمر وحفصة وسودة.

قال ابن منده: أدركت النبي صلى الله عليه وسلم ولم تسمع منه، وأنكره الدارقطني، وذكرها العجلي وابن حبان في ثقات التابعين، وجمع في الإصابة بأنها ولدت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبوها صحابي فيحمل نفي الإدراك على إدراك السماع فكأنها لم تميز إلا بعد الوفاة النبوية، وقد حدثت عن عمر وحفصة وعائشة وأم سلمة وعنها سالم ابن زوجها ونافع مولاه وعبد الله بن دينار وموسى بن عقبة وأسنت فكانت تطوف على راحلة.

( تَنْزِعُ خِمَارَهَا) بكسر المعجمة ما تغطي به رأسها ( وَتَمْسَحُ عَلَى رَأْسِهَا بِالْمَاءِ وَنَافِعٌ يَوْمَئِذٍ صَغِير) لم يبلغ فلذا رآها وفيه قبول رواية الصغير إذا رواها كبيرًا وكذا الكافر إذا روى بعد إسلامه.

( وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ) للرجل والمرأة ( فَقَالَ: لَا يَنْبَغِي) أي لا يجوز ( أَنْ يَمْسَحَ الرَّجُلُ وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى عِمَامَةٍ وَلَا خِمَارٍ) ولا يكفي إن وقع كما أفاده قوله ( وَلْيَمْسَحَا عَلَى رُءُوسِهِمَا) بالجمع كراهة توالي تثنيتين نحو { { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } }

( وَسُئِلَ مالكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ فَنَسِيَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى جَفَّ وَضُوءهُ؟ قَالَ: أَرَى) بفتح الهمزة أعتقد ( أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِهِ) وحده ويصح وضوءه لأن الفور إنما يجب مع الذكر لا مع النسيان.
قال الباجي: فإن ذكره بحضرة الوضوء أو قربه مسح رأسه وما بعده ليحصل الترتيب المشروع في الطهارة ( وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ) بعد مسح رأسه وجوبًا لتركه فرضًا من الوضوء.



رقم الحديث 68 وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ، سُئِلَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ؟ فَقَالَ: لَا.
حَتَّى يُمْسَحَ الشَّعْرُ بِالْمَاءِ.


مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ بِالرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِأُصْبُعَيْهِ لِأُذُنَيْهِ) قال عيسى أي يقبض أصابعه من كلتا يديه ويمرر سبابتيه ثم يمسح بهما أذنيه من داخل وخارج قال وهو حسن من الفعل.
قال الباجي: ويحتمل أن يأخذ الماء بأصبعين من كل يد فيمسح بهما أذنيه نحو حديث ابن عباس أن باطن الأذنين يمسح بالسبابة وظاهرهما بالإبهام.
( مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ سُئِلَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ فَقَالَ لَا حَتَّى يُمْسَحَ الشَّعْرُ بِالْمَاءِ) لأن الله تعالى قال: { { وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ } } والماسح على العمامة لم يمسح برأسه.

قال ابن عبد البر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على عمامته من حديث عمرو بن أمية وبلال والمغيرة وأنس وكلها معلومة.

وخرج البخاري حديث عمرو وقد بينا فساد إسناده في كتاب الأجوبة عن المسائل المستغربة من البخاري، وأجاز المسح عليها أحمد والأوزاعي وداود وغيرهم للآثار وقياسًا على الخفين ومنعه مالك والشافعي وأبو حنيفة لأن المسح على الخفين مأخوذ من الآثار لا من القياس، ولو كان منه لجاز المسح على القفازين.

وقال الخطابي: فرض الله مسح الرأس وحديث مسح العمامة محتمل للتأويل فلا يترك المتيقن للمحتمل وقياسه على الخف بعيد لمشقة نزعه بخلافها، وتعقب بأن الآية لا تنفي الاقتصار على المسح لا سيما عند من يحمل المشترك على حقيقته ومجازه لأن من قال قبلت رأس فلان يصدق ولو على حائل، وبأن المجيزين الاقتصار على مسح العمامة شرطوا فيه مشقة نزعها كالخف ورد الأول بأن الأصل حمل اللفظ على حقيقته ما لم يرد نص صريح بخلافه، والنصوص وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً وأمرًا بمسح الرأس فتحمل رواية مسح العمامة على أنه كان لعذر بدليل المسح على الناصية معها كما في مسلم.

( مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَنْزِعُ الْعِمَامَةَ وَيَمْسَحُ رَأْسَهُ بِالْمَاءِ) إذا توضأ.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ رَأَى صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ) بن مسعود الثقفية ( امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) تزوجها في حياة أبيه وأصدقها عمر عنه أربعمائة درهم وزاد هو سرًا مائتي درهم وولدت له واقدًا وأبا بكر وأبا عبيدة وعبيد الله وعمر وحفصة وسودة.

قال ابن منده: أدركت النبي صلى الله عليه وسلم ولم تسمع منه، وأنكره الدارقطني، وذكرها العجلي وابن حبان في ثقات التابعين، وجمع في الإصابة بأنها ولدت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبوها صحابي فيحمل نفي الإدراك على إدراك السماع فكأنها لم تميز إلا بعد الوفاة النبوية، وقد حدثت عن عمر وحفصة وعائشة وأم سلمة وعنها سالم ابن زوجها ونافع مولاه وعبد الله بن دينار وموسى بن عقبة وأسنت فكانت تطوف على راحلة.

( تَنْزِعُ خِمَارَهَا) بكسر المعجمة ما تغطي به رأسها ( وَتَمْسَحُ عَلَى رَأْسِهَا بِالْمَاءِ وَنَافِعٌ يَوْمَئِذٍ صَغِير) لم يبلغ فلذا رآها وفيه قبول رواية الصغير إذا رواها كبيرًا وكذا الكافر إذا روى بعد إسلامه.

( وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ) للرجل والمرأة ( فَقَالَ: لَا يَنْبَغِي) أي لا يجوز ( أَنْ يَمْسَحَ الرَّجُلُ وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى عِمَامَةٍ وَلَا خِمَارٍ) ولا يكفي إن وقع كما أفاده قوله ( وَلْيَمْسَحَا عَلَى رُءُوسِهِمَا) بالجمع كراهة توالي تثنيتين نحو { { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } }

( وَسُئِلَ مالكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ فَنَسِيَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى جَفَّ وَضُوءهُ؟ قَالَ: أَرَى) بفتح الهمزة أعتقد ( أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِهِ) وحده ويصح وضوءه لأن الفور إنما يجب مع الذكر لا مع النسيان.
قال الباجي: فإن ذكره بحضرة الوضوء أو قربه مسح رأسه وما بعده ليحصل الترتيب المشروع في الطهارة ( وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ) بعد مسح رأسه وجوبًا لتركه فرضًا من الوضوء.



رقم الحديث 69 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّ أَبَاهُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَنْزِعُ الْعِمَامَةَ، وَيَمْسَحُ رَأْسَهُ بِالْمَاءِ.


مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ بِالرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِأُصْبُعَيْهِ لِأُذُنَيْهِ) قال عيسى أي يقبض أصابعه من كلتا يديه ويمرر سبابتيه ثم يمسح بهما أذنيه من داخل وخارج قال وهو حسن من الفعل.
قال الباجي: ويحتمل أن يأخذ الماء بأصبعين من كل يد فيمسح بهما أذنيه نحو حديث ابن عباس أن باطن الأذنين يمسح بالسبابة وظاهرهما بالإبهام.
( مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ سُئِلَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ فَقَالَ لَا حَتَّى يُمْسَحَ الشَّعْرُ بِالْمَاءِ) لأن الله تعالى قال: { { وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ } } والماسح على العمامة لم يمسح برأسه.

قال ابن عبد البر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على عمامته من حديث عمرو بن أمية وبلال والمغيرة وأنس وكلها معلومة.

وخرج البخاري حديث عمرو وقد بينا فساد إسناده في كتاب الأجوبة عن المسائل المستغربة من البخاري، وأجاز المسح عليها أحمد والأوزاعي وداود وغيرهم للآثار وقياسًا على الخفين ومنعه مالك والشافعي وأبو حنيفة لأن المسح على الخفين مأخوذ من الآثار لا من القياس، ولو كان منه لجاز المسح على القفازين.

وقال الخطابي: فرض الله مسح الرأس وحديث مسح العمامة محتمل للتأويل فلا يترك المتيقن للمحتمل وقياسه على الخف بعيد لمشقة نزعه بخلافها، وتعقب بأن الآية لا تنفي الاقتصار على المسح لا سيما عند من يحمل المشترك على حقيقته ومجازه لأن من قال قبلت رأس فلان يصدق ولو على حائل، وبأن المجيزين الاقتصار على مسح العمامة شرطوا فيه مشقة نزعها كالخف ورد الأول بأن الأصل حمل اللفظ على حقيقته ما لم يرد نص صريح بخلافه، والنصوص وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً وأمرًا بمسح الرأس فتحمل رواية مسح العمامة على أنه كان لعذر بدليل المسح على الناصية معها كما في مسلم.

( مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَنْزِعُ الْعِمَامَةَ وَيَمْسَحُ رَأْسَهُ بِالْمَاءِ) إذا توضأ.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ رَأَى صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ) بن مسعود الثقفية ( امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) تزوجها في حياة أبيه وأصدقها عمر عنه أربعمائة درهم وزاد هو سرًا مائتي درهم وولدت له واقدًا وأبا بكر وأبا عبيدة وعبيد الله وعمر وحفصة وسودة.

قال ابن منده: أدركت النبي صلى الله عليه وسلم ولم تسمع منه، وأنكره الدارقطني، وذكرها العجلي وابن حبان في ثقات التابعين، وجمع في الإصابة بأنها ولدت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبوها صحابي فيحمل نفي الإدراك على إدراك السماع فكأنها لم تميز إلا بعد الوفاة النبوية، وقد حدثت عن عمر وحفصة وعائشة وأم سلمة وعنها سالم ابن زوجها ونافع مولاه وعبد الله بن دينار وموسى بن عقبة وأسنت فكانت تطوف على راحلة.

( تَنْزِعُ خِمَارَهَا) بكسر المعجمة ما تغطي به رأسها ( وَتَمْسَحُ عَلَى رَأْسِهَا بِالْمَاءِ وَنَافِعٌ يَوْمَئِذٍ صَغِير) لم يبلغ فلذا رآها وفيه قبول رواية الصغير إذا رواها كبيرًا وكذا الكافر إذا روى بعد إسلامه.

( وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ) للرجل والمرأة ( فَقَالَ: لَا يَنْبَغِي) أي لا يجوز ( أَنْ يَمْسَحَ الرَّجُلُ وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى عِمَامَةٍ وَلَا خِمَارٍ) ولا يكفي إن وقع كما أفاده قوله ( وَلْيَمْسَحَا عَلَى رُءُوسِهِمَا) بالجمع كراهة توالي تثنيتين نحو { { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } }

( وَسُئِلَ مالكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ فَنَسِيَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى جَفَّ وَضُوءهُ؟ قَالَ: أَرَى) بفتح الهمزة أعتقد ( أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِهِ) وحده ويصح وضوءه لأن الفور إنما يجب مع الذكر لا مع النسيان.
قال الباجي: فإن ذكره بحضرة الوضوء أو قربه مسح رأسه وما بعده ليحصل الترتيب المشروع في الطهارة ( وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ) بعد مسح رأسه وجوبًا لتركه فرضًا من الوضوء.



رقم الحديث 70 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ رَأَى صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ، امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، تَنْزِعُ خِمَارَهَا، وَتَمْسَحُ عَلَى رَأْسِهَا بِالْمَاءِ وَنَافِعٌ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ.
فَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْسَحَ الرَّجُلُ وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى عِمَامَةٍ وَلَا خِمَارٍ، وَلْيَمْسَحَا عَلَى رُءُوسِهِمَا وَسُئِلَ مالكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ، فَنَسِيَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى رَأْسِهِ، حَتَّى جَفَّ وَضُوءهُ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِهِ.
وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى، أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ.


مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ بِالرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِأُصْبُعَيْهِ لِأُذُنَيْهِ) قال عيسى أي يقبض أصابعه من كلتا يديه ويمرر سبابتيه ثم يمسح بهما أذنيه من داخل وخارج قال وهو حسن من الفعل.
قال الباجي: ويحتمل أن يأخذ الماء بأصبعين من كل يد فيمسح بهما أذنيه نحو حديث ابن عباس أن باطن الأذنين يمسح بالسبابة وظاهرهما بالإبهام.
( مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ سُئِلَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ فَقَالَ لَا حَتَّى يُمْسَحَ الشَّعْرُ بِالْمَاءِ) لأن الله تعالى قال: { { وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ } } والماسح على العمامة لم يمسح برأسه.

قال ابن عبد البر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على عمامته من حديث عمرو بن أمية وبلال والمغيرة وأنس وكلها معلومة.

وخرج البخاري حديث عمرو وقد بينا فساد إسناده في كتاب الأجوبة عن المسائل المستغربة من البخاري، وأجاز المسح عليها أحمد والأوزاعي وداود وغيرهم للآثار وقياسًا على الخفين ومنعه مالك والشافعي وأبو حنيفة لأن المسح على الخفين مأخوذ من الآثار لا من القياس، ولو كان منه لجاز المسح على القفازين.

وقال الخطابي: فرض الله مسح الرأس وحديث مسح العمامة محتمل للتأويل فلا يترك المتيقن للمحتمل وقياسه على الخف بعيد لمشقة نزعه بخلافها، وتعقب بأن الآية لا تنفي الاقتصار على المسح لا سيما عند من يحمل المشترك على حقيقته ومجازه لأن من قال قبلت رأس فلان يصدق ولو على حائل، وبأن المجيزين الاقتصار على مسح العمامة شرطوا فيه مشقة نزعها كالخف ورد الأول بأن الأصل حمل اللفظ على حقيقته ما لم يرد نص صريح بخلافه، والنصوص وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً وأمرًا بمسح الرأس فتحمل رواية مسح العمامة على أنه كان لعذر بدليل المسح على الناصية معها كما في مسلم.

( مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَنْزِعُ الْعِمَامَةَ وَيَمْسَحُ رَأْسَهُ بِالْمَاءِ) إذا توضأ.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ رَأَى صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ) بن مسعود الثقفية ( امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) تزوجها في حياة أبيه وأصدقها عمر عنه أربعمائة درهم وزاد هو سرًا مائتي درهم وولدت له واقدًا وأبا بكر وأبا عبيدة وعبيد الله وعمر وحفصة وسودة.

قال ابن منده: أدركت النبي صلى الله عليه وسلم ولم تسمع منه، وأنكره الدارقطني، وذكرها العجلي وابن حبان في ثقات التابعين، وجمع في الإصابة بأنها ولدت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبوها صحابي فيحمل نفي الإدراك على إدراك السماع فكأنها لم تميز إلا بعد الوفاة النبوية، وقد حدثت عن عمر وحفصة وعائشة وأم سلمة وعنها سالم ابن زوجها ونافع مولاه وعبد الله بن دينار وموسى بن عقبة وأسنت فكانت تطوف على راحلة.

( تَنْزِعُ خِمَارَهَا) بكسر المعجمة ما تغطي به رأسها ( وَتَمْسَحُ عَلَى رَأْسِهَا بِالْمَاءِ وَنَافِعٌ يَوْمَئِذٍ صَغِير) لم يبلغ فلذا رآها وفيه قبول رواية الصغير إذا رواها كبيرًا وكذا الكافر إذا روى بعد إسلامه.

( وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ) للرجل والمرأة ( فَقَالَ: لَا يَنْبَغِي) أي لا يجوز ( أَنْ يَمْسَحَ الرَّجُلُ وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى عِمَامَةٍ وَلَا خِمَارٍ) ولا يكفي إن وقع كما أفاده قوله ( وَلْيَمْسَحَا عَلَى رُءُوسِهِمَا) بالجمع كراهة توالي تثنيتين نحو { { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } }

( وَسُئِلَ مالكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ فَنَسِيَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى جَفَّ وَضُوءهُ؟ قَالَ: أَرَى) بفتح الهمزة أعتقد ( أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِهِ) وحده ويصح وضوءه لأن الفور إنما يجب مع الذكر لا مع النسيان.
قال الباجي: فإن ذكره بحضرة الوضوء أو قربه مسح رأسه وما بعده ليحصل الترتيب المشروع في الطهارة ( وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ) بعد مسح رأسه وجوبًا لتركه فرضًا من الوضوء.