فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

رقم الحديث 46 وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ، أَنَّهُ رَأَى رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقْلِسُ، مِرَارًا وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَا يَنْصَرِفُ، وَلَا يَتَوَضَّأُ، حَتَّى يُصَلِّيَ قَالَ يَحْيَى: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ قَلَسَ طَعَامًا، هَلْ عَلَيْهِ وُضُوءٌ؟ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ، وَلْيَتَمَضْمَضْ مِنْ ذَلِكَ، وَلْيَغْسِلْ فَاهُ.


( مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ) بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني.
وثقه ابن معين ولينه أبو حاتم، وفي التقريب: أنه صدوق ( عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) التيمي المدني ( عَنْ أُمِّ وَلَدٍ) اسمها حميدة تابعية صغيرة مقبولة ( لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ) الزهري قيل له رؤية وسماعه من عمر أثبته يعقوب بن شيبة مات سنة خمس وقيل ست وتسعين، ورواه قتيبة عند الترمذي وهشام بن عمار عند ابن ماجه كلاهما عن مالك فقال أم ولد لعبد الرحمن بن عوف.
قال الترمذي: ورواه عبد الله بن المبارك فقال عن أم ولد لهود بن عبد الرحمن بن عوف قال وهو وهم وإنما هو لإبراهيم وهو الصحيح ( أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ) هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية المخزومية أم المؤمنين ( زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) تزوجها بعد أبي سلمة سنة أربع وقيل ثلاث وعاشت بعد ذلك ستين سنة وماتت سنة اثنين وستين وقيل سنة إحدى وقيل قبل ذلك والأول أصح.
قال ابن عبد البر: رواه الحسين بن الوليد عن مالك فقال عن حميدة أنها سألت عائشة وهذا خطأ إنما هو لأم سلمة كما رواه الحفاظ في الموطأ وغيره عن مالك.

( فَقَالَتْ إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ) بذال معجمة.
( قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ) قال ابن عبد البر وغيره، قال مالك: معناه في القشب اليابس والقذر الجاف الذي لا يلصق منه بالثوب شيء وإنما يعلق به فيزول المتعلق بما بعده لا أن النجاسة يطهرها غير الماء اهـ.

وعن مالك أيضًا إنما هو أن يطأ الأرض القذرة ثم يطأ اليابسة النظيفة فإن بعضها يطهر بعضًا وأما النجاسة مثل البول ونحوه يصيب الثوب أو بعض الجسد فلا يطهره إلا الغسل.
قال: وهذا إجماع الأمة.

وقال الشافعي: هذا إنما هو فيما جر على ما كان يابسًا لا يعلق بالثوب منه شيء فأما إذا جر على رطب فلا يطهر إلا بالغسل.

وقال أحمد: ليس معناه إذا أصابه بول ثم مر بعده على الأرض أنها تطهره ولكنه يمر بالمكان فيقذره ثم يمر بمكان أطيب منه فيكون هذا بذاك لا على أنه لا يصيبه منه شيء.

وذهب بعض العلماء إلى حمل القذر في الحديث على النجاسة ولو رطبة وقالوا يطهر بالأرض اليابسة لأن الذيل للمرأة كالخف والنعل للرجل، ويؤيده ما في ابن ماجه عن أبي هريرة قيل يا رسول الله إنا نريد المسجد فنطأ الطريق النجسة.
فقال صلى الله عليه وسلم: الأرض يطهر بعضها بعضًا لكنه حديث ضعيف كما قاله البيهقي وغيره.

وحديث مالك رواه أبو داود عن عبد الله بن مسلمة والترمذي عن قتيبة وابن ماجه عن هشام بن عمار ثلاثتهم عن مالك، وله شاهد عند أبي داود وابن ماجه عن امرأة من بني عبد الأشهل قالت قلت يا رسول الله إن لنا طريقًا إلى المسجد منتنة فكيف نفعل إذا مطرنا؟ قال: أليس بعدها طريق هي أطيب منها قلت: بلى.
قال: فهذه بهذه.

( مالِكٍ أَنَّهُ رَأَى رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) واسمه فروخ القرشي مولاهم المدني ( يَقْلِسُ) بكسر اللام من باب ضرب قال في النهاية: القلس بالتحريك وقيل بالسكون ما خرج من الجوف ملء الفم أو دونه وليس بقيء فإن عاد فهو القيء ( مِرَارًا وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ) النبوي ( فَلَا يَنْصَرِفُ وَلَا يَتَوَضَّأُ حَتَّى يُصَلِّيَ) لأنه ليس بناقض.

( وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ قَلَسَ طَعَامًا هَلْ عَلَيْهِ وُضُوءٌ؟ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ وَلْيَتَمَضْمَضْ مِنْ ذَلِكَ) فاه ( وَلْيَغْسِلْ فَاهُ) استحبابًا.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَنَّطَ) بفتح المهملة والنون الثقيلة والطاء المهملة أي طيب بالحنوط وهو كل شيء خلط من الطيب للميت خاصة ( ابْنًا) اسمه عبد الرحمن كما في رواية الليث عن نافع عند العلاء بن موسى بن الجهم في نسخته ( لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ) بن عمرو بن نفيل العدوي أحد العشرة مات سنة خمسين أو بعدها بسنة أو بسنتين ( وَحَمَلَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ) .

قال أبو عمر: أدخل مالك هذا الحديث إنكارًا لما روي مرفوعًا من غسل ميتًا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ وإعلامًا أن العمل عندهم بخلافه ولم يختلف قوله أنه لا وضوء على من حمل ميتًا، واختلف قوله في غسل من غسل ميتًا، ومعنى الحديث أن من حمل ميتًا أو شيعه فليكن على وضوء لئلا تفوته الصلاة عليه لا أن حمله حدث اهـ.

وحديث من غسل ميتًا إلخ رواه أبو داود من طريق عمرو بن عمير عن أبي هريرة مرفوعًا ورواته ثقات إلا عمرًا فليس بمعروف.
وقال أبو داود: إنه منسوخ ولم يبين ناسخه، وحكى الحاكم عن الذهلي ليس فيمن غسل ميتًا فليغتسل حديث ثابت.

( وَسُئِلَ مَالِكٌ هَلْ فِي الْقَيْءِ وُضُوءٌ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنْ لِيَتَمَضْمَضْ مِنْ ذَلِكَ وَلْيَغْسِلْ فَاهُ) ندبًا ( وَلَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ) زيادة إيضاح لأنه مفاد قوله: لا.



رقم الحديث 124 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا يَحِلُّ لِي مِنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا ثُمَّ شَأْنَكَ بِأَعْلَاهَا.


مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

( مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا رواه بهذا اللفظ مسندًا ومعناه صحيح ثابت انتهى.
وقد روى أبو داود عن عبد الله بن سعد قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: لك ما فوق الإزار سكت عليه أبو داود فهو صالح للحجية وبه علم اسم الرجل السائل واختلف في أنه أنصاري أو قرشي عم حكيم بن حزام.

( فَقَالَ: مَا يَحِلُّ لِي مِنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا) ما تأتزر به في وسطها ( ثُمَّ شَأْنَكَ) بالنصب أي دونك ( بِأَعْلَاهَا) استمتع به إن شئت وجعل المئزر قطعًا للذريعة.

وفي الصحيحين عن عائشة كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها.
قالت: وأيكم يملك إربه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك إربه.
واستدل به الجمهور ومنهم الأئمة الثلاثة على تحريم الاستمتاع بما بين سرتها وركبتها بوطء وغيره.

وذهب كثير من السلف والثوري وأحمد وإسحاق إلى أن الممتنع من الحائض الفرج فقط، وبه قال محمد بن الحسن.
ورجحه الطحاوي واختاره أصبغ وابن المنذر لحديث مسلم والترمذي وأبي داود عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يواكلوها ولم يجامعوها في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: { { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ } } الآية فقال صلى الله عليه وسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح وسمى من السائلين ثابت بن الدحداح رواه الباوردي في معرفة الصحابة وحملوا حديث عائشة وحديث الموطأ على الاستحباب جمعًا بين الأدلة.

وقال ابن دقيق العيد: حديث عائشة يقتضي منع ما تحت الإزار لأنه فعل مجرد.
قال النووي: وهذا القول أرجح دليلاً.
قال الحافظ: ويدل على الجواز ما رواه أبو داود بإسناد قوي عن عكرمة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد من الحائض شيئًا ألقى على فرجها ثوبًا، واستدل الطحاوي للجواز بأن المباشرة تحت الإزار دون الفرج لا توجب حدًا ولا غسلاً فأشبهت المباشرة فوقه، وفصل بعض الشافعية فقال: إن كان يضبط نفسه عند المباشرة عن الفرج ويثق منها باجتنابه جاز، واستحسنه النووي.
ولا يبعد تخريج وجه الفرق بين ابتداء الحيض وما بعده لظاهر التقييد.
بقولها فور حيضتها ويؤيده ما رواه ابن ماجه بإسناد حسن عن أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم كان يتقي سورة الدم ثلاثًا ثم يباشر بعد ذلك ويجمع بينه وبين الأحاديث الدالة على المبادرة إلى المباشرة باختلاف هاتين الحالتين انتهى.

( مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مُضْطَجِعَةً) نائمة على جنبها ( مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) فيه جواز نوم الشريف مع أهله في ثوب واحد ( وَأَنَّهَا قَدْ وَثَبَتْ) أي قفزت والعامة تستعمل الوثوب بمعنى المبادرة والمسارعة ( وَثْبَةً شَدِيدَةً) خوفًا من وصول شيء من دمها إليه أو خافت أن يطلب الاستمتاع بها فذهبت لتتأهب لذلك أو تقذرت نفسها ولم ترضها لمضاجعته فلذا أذن لها في العود قاله النووي.

( فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكِ) أي شيء حدث لك حتى وثبت؟ قال أبو عمر: فيه أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم من الغيب إلا ما علمه الله تعالى ( لَعَلَّكِ نَفِسْتِ) بفتح النون وكسر الفاء على المعروف في الرواية وهو الصحيح المشهور لغة أي حضت وأما الولادة فبضم النون.
وقال الأصمعي وغيره بالوجهين فيهما وأصله خروج الدم وهو يسمى نفسًا قاله النووي، لكن قال الحافظ: ثبت في روايتنا بالوجهين فتح النون وضمها ( يَعْنِي الْحَيْضَةَ) بالفتح المرة من الحيض تفسير من بعض الرواة للمراد لإطلاق نفست عليها وعلى الولادة لغة.

( فَقَالَتْ: نَعَمْ) نفست ( قَالَ: شُدِّي عَلَى نَفْسِكِ إِزَارَكِ ثُمَّ عُودِي إِلَى مَضْجَعِكِ) بفتح الميم والجيم موضع ضجوعك والجمع مضاجع قال ابن عبد البر لم يختلف رواة الموطأ في إرسال هذا الحديث ولا أعلم أنه روي بهذا اللفظ من حديث عائشة البتة: ويتصل معناه من حديث أم سلمة وهو في الصحيح وغيره يعني ما أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن أم سلمة: بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعة في خميلة إذ حضت فانسللت فأخذت ثياب حيضتي قال: أنفست؟ قلت: نعم فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة وفيه جواز النوم مع الحائض في ثيابها والاضطجاع معها في لحاف واحد واستحباب اتخاذ المرأة ثيابًا للحيض غير ثيابها المعتادة.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ) بضم العين ( بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) بن الخطاب العدوي أبا بكر المدني شقيق سالم ثقة مات سنة ست ومائة ( أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا هَلْ يُبَاشِرُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَتْ: لِتَشُدَّ) بكسر اللام وشد الدال المفتوحة أي لتربط ( إِزَارَهَا عَلَى أَسْفَلِهَا) أي ما بين سرتها وركبتها ( ثُمَّ يُبَاشِرُهَا) الرجل بالعناق ونحوه، فالمراد بالمباشرة هنا التقاء البشرتين لا الجماع ( إِنْ شَاءَ) أي أراد فأفتته بما كان يفعله صلى الله عليه وسلم مع أزواجه كما في الصحيحين عنها.
وعن ميمونة أم المؤمنين أيضًا.

( مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) أحد الفقهاء السبعة ( وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ) أحدهم أيضًا ( سُئِلَا عَنِ الْحَائِضِ هَلْ يُصِيبُهَا زَوْجُهَا إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ) أي علامته بقصة أو جفوف ( قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ فَقَالَا:) أي كل منهما ( لَا) أي لا يصيبها ( حَتَّى تَغْتَسِلَ) لقوله تعالى: { { وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } } إذ هو تأكيد للحكم وبيان لغايته وهو أن يغتسلن بعد الانقطاع ويدل عليه صريحًا قراءة يطهرن بالتشديد بمعنى يغتسلن والتزامًا قوله: { { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ } } فإنه يقتضي تأخر جواز الإتيان عن الغسل، وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد وزفر وجمهور الفقهاء.

وحكى إسحاق بن راهويه إجماع علماء التابعين عليه وسواء انقطع دمها لأكثر دم الحيض أو لأقله.
وقال أبو حنيفة: إن انقطع لأكثره وهو عشرة أيام جاز وطؤها قبل الغسل وإن انقطع قبل ذلك منع حتى تغتسل أو يحكم بطهرها بمجيء آخر وقت الصلاة.

قال ابن عبد البر: وهذا تحكم لا وجه له وقد حكموا أي الحنفية للحائض بعد انقطاع دمها بحكم الحائض في العدة وقالوا لزوجها عليها الرجعة ما لم تغتسل.
قال فإن قيل قال الله تعالى { { حَتَّى يَطْهُرْنَ } } وحتى يجاء فيما بعدها بخلافها قيل فإن قوله تعالى { { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } } دليل على المنع حتى يطهرن بالماء لا يطهرن بالانقطاع كقوله تعالى { { وَإِن كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا } } يريد الاغتسال بالماء وقد يقع التحريم لشيء ولا يزول بزواله لعلة أخرى كقوله في المبتوتة: { { فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } } وليس بنكاح الزوج تحل له حتى يطلقها الزوج وتعتدّ.



رقم الحديث 125 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتْ مُضْطَجِعَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ.
وَأَنَّهَا قَدْ وَثَبَتْ وَثْبَةً شَدِيدَةً، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكِ؟ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ، يَعْنِي الْحَيْضَةَ.
فَقَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: شُدِّي عَلَى نَفْسِكِ إِزَارَكِ ثُمَّ عُودِي إِلَى مَضْجَعِكِ.


مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

( مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا رواه بهذا اللفظ مسندًا ومعناه صحيح ثابت انتهى.
وقد روى أبو داود عن عبد الله بن سعد قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: لك ما فوق الإزار سكت عليه أبو داود فهو صالح للحجية وبه علم اسم الرجل السائل واختلف في أنه أنصاري أو قرشي عم حكيم بن حزام.

( فَقَالَ: مَا يَحِلُّ لِي مِنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا) ما تأتزر به في وسطها ( ثُمَّ شَأْنَكَ) بالنصب أي دونك ( بِأَعْلَاهَا) استمتع به إن شئت وجعل المئزر قطعًا للذريعة.

وفي الصحيحين عن عائشة كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها.
قالت: وأيكم يملك إربه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك إربه.
واستدل به الجمهور ومنهم الأئمة الثلاثة على تحريم الاستمتاع بما بين سرتها وركبتها بوطء وغيره.

وذهب كثير من السلف والثوري وأحمد وإسحاق إلى أن الممتنع من الحائض الفرج فقط، وبه قال محمد بن الحسن.
ورجحه الطحاوي واختاره أصبغ وابن المنذر لحديث مسلم والترمذي وأبي داود عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يواكلوها ولم يجامعوها في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: { { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ } } الآية فقال صلى الله عليه وسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح وسمى من السائلين ثابت بن الدحداح رواه الباوردي في معرفة الصحابة وحملوا حديث عائشة وحديث الموطأ على الاستحباب جمعًا بين الأدلة.

وقال ابن دقيق العيد: حديث عائشة يقتضي منع ما تحت الإزار لأنه فعل مجرد.
قال النووي: وهذا القول أرجح دليلاً.
قال الحافظ: ويدل على الجواز ما رواه أبو داود بإسناد قوي عن عكرمة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد من الحائض شيئًا ألقى على فرجها ثوبًا، واستدل الطحاوي للجواز بأن المباشرة تحت الإزار دون الفرج لا توجب حدًا ولا غسلاً فأشبهت المباشرة فوقه، وفصل بعض الشافعية فقال: إن كان يضبط نفسه عند المباشرة عن الفرج ويثق منها باجتنابه جاز، واستحسنه النووي.
ولا يبعد تخريج وجه الفرق بين ابتداء الحيض وما بعده لظاهر التقييد.
بقولها فور حيضتها ويؤيده ما رواه ابن ماجه بإسناد حسن عن أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم كان يتقي سورة الدم ثلاثًا ثم يباشر بعد ذلك ويجمع بينه وبين الأحاديث الدالة على المبادرة إلى المباشرة باختلاف هاتين الحالتين انتهى.

( مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مُضْطَجِعَةً) نائمة على جنبها ( مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) فيه جواز نوم الشريف مع أهله في ثوب واحد ( وَأَنَّهَا قَدْ وَثَبَتْ) أي قفزت والعامة تستعمل الوثوب بمعنى المبادرة والمسارعة ( وَثْبَةً شَدِيدَةً) خوفًا من وصول شيء من دمها إليه أو خافت أن يطلب الاستمتاع بها فذهبت لتتأهب لذلك أو تقذرت نفسها ولم ترضها لمضاجعته فلذا أذن لها في العود قاله النووي.

( فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكِ) أي شيء حدث لك حتى وثبت؟ قال أبو عمر: فيه أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم من الغيب إلا ما علمه الله تعالى ( لَعَلَّكِ نَفِسْتِ) بفتح النون وكسر الفاء على المعروف في الرواية وهو الصحيح المشهور لغة أي حضت وأما الولادة فبضم النون.
وقال الأصمعي وغيره بالوجهين فيهما وأصله خروج الدم وهو يسمى نفسًا قاله النووي، لكن قال الحافظ: ثبت في روايتنا بالوجهين فتح النون وضمها ( يَعْنِي الْحَيْضَةَ) بالفتح المرة من الحيض تفسير من بعض الرواة للمراد لإطلاق نفست عليها وعلى الولادة لغة.

( فَقَالَتْ: نَعَمْ) نفست ( قَالَ: شُدِّي عَلَى نَفْسِكِ إِزَارَكِ ثُمَّ عُودِي إِلَى مَضْجَعِكِ) بفتح الميم والجيم موضع ضجوعك والجمع مضاجع قال ابن عبد البر لم يختلف رواة الموطأ في إرسال هذا الحديث ولا أعلم أنه روي بهذا اللفظ من حديث عائشة البتة: ويتصل معناه من حديث أم سلمة وهو في الصحيح وغيره يعني ما أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن أم سلمة: بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعة في خميلة إذ حضت فانسللت فأخذت ثياب حيضتي قال: أنفست؟ قلت: نعم فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة وفيه جواز النوم مع الحائض في ثيابها والاضطجاع معها في لحاف واحد واستحباب اتخاذ المرأة ثيابًا للحيض غير ثيابها المعتادة.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ) بضم العين ( بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) بن الخطاب العدوي أبا بكر المدني شقيق سالم ثقة مات سنة ست ومائة ( أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا هَلْ يُبَاشِرُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَتْ: لِتَشُدَّ) بكسر اللام وشد الدال المفتوحة أي لتربط ( إِزَارَهَا عَلَى أَسْفَلِهَا) أي ما بين سرتها وركبتها ( ثُمَّ يُبَاشِرُهَا) الرجل بالعناق ونحوه، فالمراد بالمباشرة هنا التقاء البشرتين لا الجماع ( إِنْ شَاءَ) أي أراد فأفتته بما كان يفعله صلى الله عليه وسلم مع أزواجه كما في الصحيحين عنها.
وعن ميمونة أم المؤمنين أيضًا.

( مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) أحد الفقهاء السبعة ( وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ) أحدهم أيضًا ( سُئِلَا عَنِ الْحَائِضِ هَلْ يُصِيبُهَا زَوْجُهَا إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ) أي علامته بقصة أو جفوف ( قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ فَقَالَا:) أي كل منهما ( لَا) أي لا يصيبها ( حَتَّى تَغْتَسِلَ) لقوله تعالى: { { وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } } إذ هو تأكيد للحكم وبيان لغايته وهو أن يغتسلن بعد الانقطاع ويدل عليه صريحًا قراءة يطهرن بالتشديد بمعنى يغتسلن والتزامًا قوله: { { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ } } فإنه يقتضي تأخر جواز الإتيان عن الغسل، وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد وزفر وجمهور الفقهاء.

وحكى إسحاق بن راهويه إجماع علماء التابعين عليه وسواء انقطع دمها لأكثر دم الحيض أو لأقله.
وقال أبو حنيفة: إن انقطع لأكثره وهو عشرة أيام جاز وطؤها قبل الغسل وإن انقطع قبل ذلك منع حتى تغتسل أو يحكم بطهرها بمجيء آخر وقت الصلاة.

قال ابن عبد البر: وهذا تحكم لا وجه له وقد حكموا أي الحنفية للحائض بعد انقطاع دمها بحكم الحائض في العدة وقالوا لزوجها عليها الرجعة ما لم تغتسل.
قال فإن قيل قال الله تعالى { { حَتَّى يَطْهُرْنَ } } وحتى يجاء فيما بعدها بخلافها قيل فإن قوله تعالى { { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } } دليل على المنع حتى يطهرن بالماء لا يطهرن بالانقطاع كقوله تعالى { { وَإِن كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا } } يريد الاغتسال بالماء وقد يقع التحريم لشيء ولا يزول بزواله لعلة أخرى كقوله في المبتوتة: { { فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } } وليس بنكاح الزوج تحل له حتى يطلقها الزوج وتعتدّ.



رقم الحديث 126 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا: هَلْ يُبَاشِرُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَتْ: لِتَشُدَّ إِزَارَهَا عَلَى أَسْفَلِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا إِنْ شَاءَ.


مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

( مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا رواه بهذا اللفظ مسندًا ومعناه صحيح ثابت انتهى.
وقد روى أبو داود عن عبد الله بن سعد قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: لك ما فوق الإزار سكت عليه أبو داود فهو صالح للحجية وبه علم اسم الرجل السائل واختلف في أنه أنصاري أو قرشي عم حكيم بن حزام.

( فَقَالَ: مَا يَحِلُّ لِي مِنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا) ما تأتزر به في وسطها ( ثُمَّ شَأْنَكَ) بالنصب أي دونك ( بِأَعْلَاهَا) استمتع به إن شئت وجعل المئزر قطعًا للذريعة.

وفي الصحيحين عن عائشة كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها.
قالت: وأيكم يملك إربه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك إربه.
واستدل به الجمهور ومنهم الأئمة الثلاثة على تحريم الاستمتاع بما بين سرتها وركبتها بوطء وغيره.

وذهب كثير من السلف والثوري وأحمد وإسحاق إلى أن الممتنع من الحائض الفرج فقط، وبه قال محمد بن الحسن.
ورجحه الطحاوي واختاره أصبغ وابن المنذر لحديث مسلم والترمذي وأبي داود عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يواكلوها ولم يجامعوها في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: { { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ } } الآية فقال صلى الله عليه وسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح وسمى من السائلين ثابت بن الدحداح رواه الباوردي في معرفة الصحابة وحملوا حديث عائشة وحديث الموطأ على الاستحباب جمعًا بين الأدلة.

وقال ابن دقيق العيد: حديث عائشة يقتضي منع ما تحت الإزار لأنه فعل مجرد.
قال النووي: وهذا القول أرجح دليلاً.
قال الحافظ: ويدل على الجواز ما رواه أبو داود بإسناد قوي عن عكرمة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد من الحائض شيئًا ألقى على فرجها ثوبًا، واستدل الطحاوي للجواز بأن المباشرة تحت الإزار دون الفرج لا توجب حدًا ولا غسلاً فأشبهت المباشرة فوقه، وفصل بعض الشافعية فقال: إن كان يضبط نفسه عند المباشرة عن الفرج ويثق منها باجتنابه جاز، واستحسنه النووي.
ولا يبعد تخريج وجه الفرق بين ابتداء الحيض وما بعده لظاهر التقييد.
بقولها فور حيضتها ويؤيده ما رواه ابن ماجه بإسناد حسن عن أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم كان يتقي سورة الدم ثلاثًا ثم يباشر بعد ذلك ويجمع بينه وبين الأحاديث الدالة على المبادرة إلى المباشرة باختلاف هاتين الحالتين انتهى.

( مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مُضْطَجِعَةً) نائمة على جنبها ( مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) فيه جواز نوم الشريف مع أهله في ثوب واحد ( وَأَنَّهَا قَدْ وَثَبَتْ) أي قفزت والعامة تستعمل الوثوب بمعنى المبادرة والمسارعة ( وَثْبَةً شَدِيدَةً) خوفًا من وصول شيء من دمها إليه أو خافت أن يطلب الاستمتاع بها فذهبت لتتأهب لذلك أو تقذرت نفسها ولم ترضها لمضاجعته فلذا أذن لها في العود قاله النووي.

( فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكِ) أي شيء حدث لك حتى وثبت؟ قال أبو عمر: فيه أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم من الغيب إلا ما علمه الله تعالى ( لَعَلَّكِ نَفِسْتِ) بفتح النون وكسر الفاء على المعروف في الرواية وهو الصحيح المشهور لغة أي حضت وأما الولادة فبضم النون.
وقال الأصمعي وغيره بالوجهين فيهما وأصله خروج الدم وهو يسمى نفسًا قاله النووي، لكن قال الحافظ: ثبت في روايتنا بالوجهين فتح النون وضمها ( يَعْنِي الْحَيْضَةَ) بالفتح المرة من الحيض تفسير من بعض الرواة للمراد لإطلاق نفست عليها وعلى الولادة لغة.

( فَقَالَتْ: نَعَمْ) نفست ( قَالَ: شُدِّي عَلَى نَفْسِكِ إِزَارَكِ ثُمَّ عُودِي إِلَى مَضْجَعِكِ) بفتح الميم والجيم موضع ضجوعك والجمع مضاجع قال ابن عبد البر لم يختلف رواة الموطأ في إرسال هذا الحديث ولا أعلم أنه روي بهذا اللفظ من حديث عائشة البتة: ويتصل معناه من حديث أم سلمة وهو في الصحيح وغيره يعني ما أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن أم سلمة: بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعة في خميلة إذ حضت فانسللت فأخذت ثياب حيضتي قال: أنفست؟ قلت: نعم فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة وفيه جواز النوم مع الحائض في ثيابها والاضطجاع معها في لحاف واحد واستحباب اتخاذ المرأة ثيابًا للحيض غير ثيابها المعتادة.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ) بضم العين ( بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) بن الخطاب العدوي أبا بكر المدني شقيق سالم ثقة مات سنة ست ومائة ( أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا هَلْ يُبَاشِرُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَتْ: لِتَشُدَّ) بكسر اللام وشد الدال المفتوحة أي لتربط ( إِزَارَهَا عَلَى أَسْفَلِهَا) أي ما بين سرتها وركبتها ( ثُمَّ يُبَاشِرُهَا) الرجل بالعناق ونحوه، فالمراد بالمباشرة هنا التقاء البشرتين لا الجماع ( إِنْ شَاءَ) أي أراد فأفتته بما كان يفعله صلى الله عليه وسلم مع أزواجه كما في الصحيحين عنها.
وعن ميمونة أم المؤمنين أيضًا.

( مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) أحد الفقهاء السبعة ( وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ) أحدهم أيضًا ( سُئِلَا عَنِ الْحَائِضِ هَلْ يُصِيبُهَا زَوْجُهَا إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ) أي علامته بقصة أو جفوف ( قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ فَقَالَا:) أي كل منهما ( لَا) أي لا يصيبها ( حَتَّى تَغْتَسِلَ) لقوله تعالى: { { وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } } إذ هو تأكيد للحكم وبيان لغايته وهو أن يغتسلن بعد الانقطاع ويدل عليه صريحًا قراءة يطهرن بالتشديد بمعنى يغتسلن والتزامًا قوله: { { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ } } فإنه يقتضي تأخر جواز الإتيان عن الغسل، وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد وزفر وجمهور الفقهاء.

وحكى إسحاق بن راهويه إجماع علماء التابعين عليه وسواء انقطع دمها لأكثر دم الحيض أو لأقله.
وقال أبو حنيفة: إن انقطع لأكثره وهو عشرة أيام جاز وطؤها قبل الغسل وإن انقطع قبل ذلك منع حتى تغتسل أو يحكم بطهرها بمجيء آخر وقت الصلاة.

قال ابن عبد البر: وهذا تحكم لا وجه له وقد حكموا أي الحنفية للحائض بعد انقطاع دمها بحكم الحائض في العدة وقالوا لزوجها عليها الرجعة ما لم تغتسل.
قال فإن قيل قال الله تعالى { { حَتَّى يَطْهُرْنَ } } وحتى يجاء فيما بعدها بخلافها قيل فإن قوله تعالى { { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } } دليل على المنع حتى يطهرن بالماء لا يطهرن بالانقطاع كقوله تعالى { { وَإِن كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا } } يريد الاغتسال بالماء وقد يقع التحريم لشيء ولا يزول بزواله لعلة أخرى كقوله في المبتوتة: { { فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } } وليس بنكاح الزوج تحل له حتى يطلقها الزوج وتعتدّ.



رقم الحديث 127 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ سُئِلَا عَنِ الْحَائِضِ، هَلْ يُصِيبُهَا زَوْجُهَا إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ؟ فَقَالَا: لَا حَتَّى تَغْتَسِلَ.


مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

( مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا رواه بهذا اللفظ مسندًا ومعناه صحيح ثابت انتهى.
وقد روى أبو داود عن عبد الله بن سعد قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: لك ما فوق الإزار سكت عليه أبو داود فهو صالح للحجية وبه علم اسم الرجل السائل واختلف في أنه أنصاري أو قرشي عم حكيم بن حزام.

( فَقَالَ: مَا يَحِلُّ لِي مِنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا) ما تأتزر به في وسطها ( ثُمَّ شَأْنَكَ) بالنصب أي دونك ( بِأَعْلَاهَا) استمتع به إن شئت وجعل المئزر قطعًا للذريعة.

وفي الصحيحين عن عائشة كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها.
قالت: وأيكم يملك إربه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك إربه.
واستدل به الجمهور ومنهم الأئمة الثلاثة على تحريم الاستمتاع بما بين سرتها وركبتها بوطء وغيره.

وذهب كثير من السلف والثوري وأحمد وإسحاق إلى أن الممتنع من الحائض الفرج فقط، وبه قال محمد بن الحسن.
ورجحه الطحاوي واختاره أصبغ وابن المنذر لحديث مسلم والترمذي وأبي داود عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يواكلوها ولم يجامعوها في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: { { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ } } الآية فقال صلى الله عليه وسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح وسمى من السائلين ثابت بن الدحداح رواه الباوردي في معرفة الصحابة وحملوا حديث عائشة وحديث الموطأ على الاستحباب جمعًا بين الأدلة.

وقال ابن دقيق العيد: حديث عائشة يقتضي منع ما تحت الإزار لأنه فعل مجرد.
قال النووي: وهذا القول أرجح دليلاً.
قال الحافظ: ويدل على الجواز ما رواه أبو داود بإسناد قوي عن عكرمة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد من الحائض شيئًا ألقى على فرجها ثوبًا، واستدل الطحاوي للجواز بأن المباشرة تحت الإزار دون الفرج لا توجب حدًا ولا غسلاً فأشبهت المباشرة فوقه، وفصل بعض الشافعية فقال: إن كان يضبط نفسه عند المباشرة عن الفرج ويثق منها باجتنابه جاز، واستحسنه النووي.
ولا يبعد تخريج وجه الفرق بين ابتداء الحيض وما بعده لظاهر التقييد.
بقولها فور حيضتها ويؤيده ما رواه ابن ماجه بإسناد حسن عن أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم كان يتقي سورة الدم ثلاثًا ثم يباشر بعد ذلك ويجمع بينه وبين الأحاديث الدالة على المبادرة إلى المباشرة باختلاف هاتين الحالتين انتهى.

( مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مُضْطَجِعَةً) نائمة على جنبها ( مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) فيه جواز نوم الشريف مع أهله في ثوب واحد ( وَأَنَّهَا قَدْ وَثَبَتْ) أي قفزت والعامة تستعمل الوثوب بمعنى المبادرة والمسارعة ( وَثْبَةً شَدِيدَةً) خوفًا من وصول شيء من دمها إليه أو خافت أن يطلب الاستمتاع بها فذهبت لتتأهب لذلك أو تقذرت نفسها ولم ترضها لمضاجعته فلذا أذن لها في العود قاله النووي.

( فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكِ) أي شيء حدث لك حتى وثبت؟ قال أبو عمر: فيه أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم من الغيب إلا ما علمه الله تعالى ( لَعَلَّكِ نَفِسْتِ) بفتح النون وكسر الفاء على المعروف في الرواية وهو الصحيح المشهور لغة أي حضت وأما الولادة فبضم النون.
وقال الأصمعي وغيره بالوجهين فيهما وأصله خروج الدم وهو يسمى نفسًا قاله النووي، لكن قال الحافظ: ثبت في روايتنا بالوجهين فتح النون وضمها ( يَعْنِي الْحَيْضَةَ) بالفتح المرة من الحيض تفسير من بعض الرواة للمراد لإطلاق نفست عليها وعلى الولادة لغة.

( فَقَالَتْ: نَعَمْ) نفست ( قَالَ: شُدِّي عَلَى نَفْسِكِ إِزَارَكِ ثُمَّ عُودِي إِلَى مَضْجَعِكِ) بفتح الميم والجيم موضع ضجوعك والجمع مضاجع قال ابن عبد البر لم يختلف رواة الموطأ في إرسال هذا الحديث ولا أعلم أنه روي بهذا اللفظ من حديث عائشة البتة: ويتصل معناه من حديث أم سلمة وهو في الصحيح وغيره يعني ما أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن أم سلمة: بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعة في خميلة إذ حضت فانسللت فأخذت ثياب حيضتي قال: أنفست؟ قلت: نعم فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة وفيه جواز النوم مع الحائض في ثيابها والاضطجاع معها في لحاف واحد واستحباب اتخاذ المرأة ثيابًا للحيض غير ثيابها المعتادة.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ) بضم العين ( بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) بن الخطاب العدوي أبا بكر المدني شقيق سالم ثقة مات سنة ست ومائة ( أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا هَلْ يُبَاشِرُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَتْ: لِتَشُدَّ) بكسر اللام وشد الدال المفتوحة أي لتربط ( إِزَارَهَا عَلَى أَسْفَلِهَا) أي ما بين سرتها وركبتها ( ثُمَّ يُبَاشِرُهَا) الرجل بالعناق ونحوه، فالمراد بالمباشرة هنا التقاء البشرتين لا الجماع ( إِنْ شَاءَ) أي أراد فأفتته بما كان يفعله صلى الله عليه وسلم مع أزواجه كما في الصحيحين عنها.
وعن ميمونة أم المؤمنين أيضًا.

( مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) أحد الفقهاء السبعة ( وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ) أحدهم أيضًا ( سُئِلَا عَنِ الْحَائِضِ هَلْ يُصِيبُهَا زَوْجُهَا إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ) أي علامته بقصة أو جفوف ( قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ فَقَالَا:) أي كل منهما ( لَا) أي لا يصيبها ( حَتَّى تَغْتَسِلَ) لقوله تعالى: { { وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } } إذ هو تأكيد للحكم وبيان لغايته وهو أن يغتسلن بعد الانقطاع ويدل عليه صريحًا قراءة يطهرن بالتشديد بمعنى يغتسلن والتزامًا قوله: { { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ } } فإنه يقتضي تأخر جواز الإتيان عن الغسل، وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد وزفر وجمهور الفقهاء.

وحكى إسحاق بن راهويه إجماع علماء التابعين عليه وسواء انقطع دمها لأكثر دم الحيض أو لأقله.
وقال أبو حنيفة: إن انقطع لأكثره وهو عشرة أيام جاز وطؤها قبل الغسل وإن انقطع قبل ذلك منع حتى تغتسل أو يحكم بطهرها بمجيء آخر وقت الصلاة.

قال ابن عبد البر: وهذا تحكم لا وجه له وقد حكموا أي الحنفية للحائض بعد انقطاع دمها بحكم الحائض في العدة وقالوا لزوجها عليها الرجعة ما لم تغتسل.
قال فإن قيل قال الله تعالى { { حَتَّى يَطْهُرْنَ } } وحتى يجاء فيما بعدها بخلافها قيل فإن قوله تعالى { { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } } دليل على المنع حتى يطهرن بالماء لا يطهرن بالانقطاع كقوله تعالى { { وَإِن كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا } } يريد الاغتسال بالماء وقد يقع التحريم لشيء ولا يزول بزواله لعلة أخرى كقوله في المبتوتة: { { فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } } وليس بنكاح الزوج تحل له حتى يطلقها الزوج وتعتدّ.