فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي حِجَامَةِ الصَّائِمِ

رقم الحديث 669 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ.
قَالَ: ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ بَعْدُ.
فَكَانَ إِذَا صَامَ لَمْ يَحْتَجِمْ حَتَّى يُفْطِرَ.


( ما جاء في حجامة الصائم)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يحتجم قال) نافع ( وهو صائم ثم ترك ذلك بعد) لما بلغه فيها ( فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر) وكان من الورع بمكان قاله ابن عبد البر وقال الباجي لما كبر وضعف خاف أن تضطره الحجامة إلى الفطر أي فكان يفعل ذلك في حال قوة يأمن فيها الضعف ثم ترك خيفة الضعف لما أسن ( مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص) مالك أحد العشرة ( وعبد الله بن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان) ثم ترك ذلك ابن عمر كما قال نافع قال ابن عبد البر هذا منقطع ثم أخرجه من وجه آخر عن عامر بن سعد عن أبيه ثم قال وفعل سعد يضعف حديثه المرفوع أفطر الحاجم والمحجوم وقد انفرد به داود بن الزبرقان وهو متروك وإن صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم عن غير سعد وعندي أنه منسوخ لحديث ابن عباس يعني عند البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم لأن في حديث شداد وغيره أنه صلى الله عليه وسلم مر عام الفتح على من يحتجم لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان فقال أفطر الحاجم والمحجوم وابن عباس شهد معه حجة الوداع وشهد حجامته حينئذ وهو محرم صائم وحديث ابن عباس لا مدفع فيه عند أهل الحديث فهو ناسخ لا محالة لأنه لم يدرك بعد ذلك رمضان مع النبي صلى الله عليه وسلم لوفاته في ربيع الأول ومن جهة النظر أن الأحاديث متعارضة فسقط الاحتجاج بها والأصل أن الصائم على صومه لا ينتقض إلا بسنة لا معارض لها ثم قال والمسألة أثرية لا نظرية وقد صح النسخ فيها وأيضًا فإنه قال أفطر الحاجم والإجماع على أن رجلاً لو أطعم رجلاً طائعًا أو مكرهًا لم يفطر الفاعل فدل على أنه ليس على ظاهره وإنما معناه ذهب أجرهما لما علمه صلى الله عليه وسلم من ذلك كخبر من لغا يوم الجمعة فلا صلاة له أي ذهب أجر جمعته وقيل إنهما كانا مغتابين أو قاذفين فبطل أجرهما لا حكم صومهما انتهى وأوله بعضهم بأن المراد سيفطران نحو إني أراني أعصر خمرًا ولا يخفى بعده وقال البغوي معناه تعرضًا للإفطار وأما الحاجم فلأنه لا يأمن وصول شيء من الدم إلى جوفه عند المص وأما المحجوم فلا يأمن ضعف قوته بخروج الدم فيؤول إلى الفطر وقيل معنى أفطرا فعلاً مكروهًا وهو الحجامة فصارا كأنهما غير متلبسين بالصيام وقال ابن خزيمة جاء بعضهم بأعجوبة فزعم أنه صلى الله عليه وسلم إنما قال أفطر الحاجم والمحجوم لأنهما كانا يغتابان فإذا قيل له فالغيبة تفطر قال لا فلم يخرج من مخالفة الحديث قال الحافظ أخرجه الطحاوي والبيهقي وعثمان الدارمي وفيه متروك وقال ابن المديني إنه حديث باطل ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يحتجم وهو صائم ثم لا يفطر وما رأيته احتجم قط إلا وهو صائم) لأنه كان يواصل الصوم قاله ابن عبد البر وقال الباجي يحتمل أن يريد يحتجم قبل أن يأكل وقال أبو عبد الملك يحتمل أنه حكى أكثر أفعاله وفي البخاري أن ثابتًا سأل أنس بن مالك أكنتم تكرهون الحجامة للصائم قال لا إلا من أجل الضعف ولذا ( قال مالك لا تكره الحجامة للصائم إلا خشية من أن يضعف) فليلجأ إلى الفطر ( ولولا ذلك لم يكره) لأنها إخراج وقد قال ابن عباس وغيره الفطر مما دخل وليس مما خرج وهو محمول على الغالب وإلا فإخراج المني فيه القضاء والكفارة ( ولو أن رجلاً احتجم في رمضان ثم سلم من أن يفطر لم أر عليه شيئًا) لأن فاعل المكروه لا شيء عليه ( ولم آمره بالقضاء لذلك اليوم الذي احتجم فيه لأن الحجامة إنما تكره للصائم لموضع التغرير) بمعجمة وراءين ( بالصيام فمن احتجم وسلم من أن يفطر حتى يمسي فلا أرى عليه شيئًا وليس عليه قضاء ذلك اليوم) وبهذا قال الجمهور وقال أحمد وداود والأوزاعي وإسحاق وابن المبارك وابن مهدي لا يجوز فإن احتجم فعليه القضاء وشذ عطاء فقال إن تعمد الاحتجام أو استقاء فعليه القضاء والكفارة قال أبو عمر فإن احتج بحديث من ذرعه القيء فلا شيء عليه ومن استقاء فعليه القضاء وبحديث أنه صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر قيل هذه حجة لنا لأنه لما لم يكن على من ذرعه القيء شيء دل على أن ما خرج من نجس أو غيره لا يفطر وأما المستقئ فبخلافه لأنه لا يؤمن منه رجوع القيء لتردده وأما حديث قاء فأفطر ليس بالقوي ومعنى قاء استقاء وقال صلى الله عليه وسلم ثلاث لا يفطرن الصائم القيء والحجامة والاحتلام وقال أبو سعيد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبلة والحجامة للصائم انتهى وروى النسائي وابن خزيمة والدارقطني عن أبي سعيد أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم قال ابن حزم وإسناده صحيح فوجب الأخذ به لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة فدل على نسخ الفطر بالحجامة.



رقم الحديث 670 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَا يَحْتَجِمَانِ وَهُمَا صَائِمَانِ.



( ما جاء في حجامة الصائم)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يحتجم قال) نافع ( وهو صائم ثم ترك ذلك بعد) لما بلغه فيها ( فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر) وكان من الورع بمكان قاله ابن عبد البر وقال الباجي لما كبر وضعف خاف أن تضطره الحجامة إلى الفطر أي فكان يفعل ذلك في حال قوة يأمن فيها الضعف ثم ترك خيفة الضعف لما أسن ( مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص) مالك أحد العشرة ( وعبد الله بن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان) ثم ترك ذلك ابن عمر كما قال نافع قال ابن عبد البر هذا منقطع ثم أخرجه من وجه آخر عن عامر بن سعد عن أبيه ثم قال وفعل سعد يضعف حديثه المرفوع أفطر الحاجم والمحجوم وقد انفرد به داود بن الزبرقان وهو متروك وإن صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم عن غير سعد وعندي أنه منسوخ لحديث ابن عباس يعني عند البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم لأن في حديث شداد وغيره أنه صلى الله عليه وسلم مر عام الفتح على من يحتجم لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان فقال أفطر الحاجم والمحجوم وابن عباس شهد معه حجة الوداع وشهد حجامته حينئذ وهو محرم صائم وحديث ابن عباس لا مدفع فيه عند أهل الحديث فهو ناسخ لا محالة لأنه لم يدرك بعد ذلك رمضان مع النبي صلى الله عليه وسلم لوفاته في ربيع الأول ومن جهة النظر أن الأحاديث متعارضة فسقط الاحتجاج بها والأصل أن الصائم على صومه لا ينتقض إلا بسنة لا معارض لها ثم قال والمسألة أثرية لا نظرية وقد صح النسخ فيها وأيضًا فإنه قال أفطر الحاجم والإجماع على أن رجلاً لو أطعم رجلاً طائعًا أو مكرهًا لم يفطر الفاعل فدل على أنه ليس على ظاهره وإنما معناه ذهب أجرهما لما علمه صلى الله عليه وسلم من ذلك كخبر من لغا يوم الجمعة فلا صلاة له أي ذهب أجر جمعته وقيل إنهما كانا مغتابين أو قاذفين فبطل أجرهما لا حكم صومهما انتهى وأوله بعضهم بأن المراد سيفطران نحو إني أراني أعصر خمرًا ولا يخفى بعده وقال البغوي معناه تعرضًا للإفطار وأما الحاجم فلأنه لا يأمن وصول شيء من الدم إلى جوفه عند المص وأما المحجوم فلا يأمن ضعف قوته بخروج الدم فيؤول إلى الفطر وقيل معنى أفطرا فعلاً مكروهًا وهو الحجامة فصارا كأنهما غير متلبسين بالصيام وقال ابن خزيمة جاء بعضهم بأعجوبة فزعم أنه صلى الله عليه وسلم إنما قال أفطر الحاجم والمحجوم لأنهما كانا يغتابان فإذا قيل له فالغيبة تفطر قال لا فلم يخرج من مخالفة الحديث قال الحافظ أخرجه الطحاوي والبيهقي وعثمان الدارمي وفيه متروك وقال ابن المديني إنه حديث باطل ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يحتجم وهو صائم ثم لا يفطر وما رأيته احتجم قط إلا وهو صائم) لأنه كان يواصل الصوم قاله ابن عبد البر وقال الباجي يحتمل أن يريد يحتجم قبل أن يأكل وقال أبو عبد الملك يحتمل أنه حكى أكثر أفعاله وفي البخاري أن ثابتًا سأل أنس بن مالك أكنتم تكرهون الحجامة للصائم قال لا إلا من أجل الضعف ولذا ( قال مالك لا تكره الحجامة للصائم إلا خشية من أن يضعف) فليلجأ إلى الفطر ( ولولا ذلك لم يكره) لأنها إخراج وقد قال ابن عباس وغيره الفطر مما دخل وليس مما خرج وهو محمول على الغالب وإلا فإخراج المني فيه القضاء والكفارة ( ولو أن رجلاً احتجم في رمضان ثم سلم من أن يفطر لم أر عليه شيئًا) لأن فاعل المكروه لا شيء عليه ( ولم آمره بالقضاء لذلك اليوم الذي احتجم فيه لأن الحجامة إنما تكره للصائم لموضع التغرير) بمعجمة وراءين ( بالصيام فمن احتجم وسلم من أن يفطر حتى يمسي فلا أرى عليه شيئًا وليس عليه قضاء ذلك اليوم) وبهذا قال الجمهور وقال أحمد وداود والأوزاعي وإسحاق وابن المبارك وابن مهدي لا يجوز فإن احتجم فعليه القضاء وشذ عطاء فقال إن تعمد الاحتجام أو استقاء فعليه القضاء والكفارة قال أبو عمر فإن احتج بحديث من ذرعه القيء فلا شيء عليه ومن استقاء فعليه القضاء وبحديث أنه صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر قيل هذه حجة لنا لأنه لما لم يكن على من ذرعه القيء شيء دل على أن ما خرج من نجس أو غيره لا يفطر وأما المستقئ فبخلافه لأنه لا يؤمن منه رجوع القيء لتردده وأما حديث قاء فأفطر ليس بالقوي ومعنى قاء استقاء وقال صلى الله عليه وسلم ثلاث لا يفطرن الصائم القيء والحجامة والاحتلام وقال أبو سعيد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبلة والحجامة للصائم انتهى وروى النسائي وابن خزيمة والدارقطني عن أبي سعيد أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم قال ابن حزم وإسناده صحيح فوجب الأخذ به لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة فدل على نسخ الفطر بالحجامة.



رقم الحديث 671 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ لَا يُفْطِرُ، قَالَ: وَمَا رَأَيْتُهُ احْتَجَمَ قَطُّ إِلَّا وَهُوَ صَائِمٌ قَالَ مَالِكٌ: لَا تُكْرَهُ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ إِلَّا خَشْيَةً مِنْ أَنْ يَضْعُفَ.
وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ تُكْرَهْ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا احْتَجَمَ فِي رَمَضَانَ.
ثُمَّ سَلِمَ مِنْ أَنْ يُفْطِرَ.
لَمْ أَرَ عَلَيْهِ شَيْئًا.
وَلَمْ آمُرْهُ بِالْ قَضَاءِ، لِذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي احْتَجَمَ فِيهِ.
لِأَنَّ الْحِجَامَةَ إِنَّمَا تُكْرَهُ لِلصَّائِمِ لِمَوْضِعِ التَّغْرِيرِ بِالصِّيَامِ.
فَمَنِ احْتَجَمَ وَسَلِمَ مِنْ أَنْ يُفْطِرَ، حَتَّى يُمْسِيَ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا.
وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ.


( ما جاء في حجامة الصائم)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يحتجم قال) نافع ( وهو صائم ثم ترك ذلك بعد) لما بلغه فيها ( فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر) وكان من الورع بمكان قاله ابن عبد البر وقال الباجي لما كبر وضعف خاف أن تضطره الحجامة إلى الفطر أي فكان يفعل ذلك في حال قوة يأمن فيها الضعف ثم ترك خيفة الضعف لما أسن ( مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص) مالك أحد العشرة ( وعبد الله بن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان) ثم ترك ذلك ابن عمر كما قال نافع قال ابن عبد البر هذا منقطع ثم أخرجه من وجه آخر عن عامر بن سعد عن أبيه ثم قال وفعل سعد يضعف حديثه المرفوع أفطر الحاجم والمحجوم وقد انفرد به داود بن الزبرقان وهو متروك وإن صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم عن غير سعد وعندي أنه منسوخ لحديث ابن عباس يعني عند البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم لأن في حديث شداد وغيره أنه صلى الله عليه وسلم مر عام الفتح على من يحتجم لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان فقال أفطر الحاجم والمحجوم وابن عباس شهد معه حجة الوداع وشهد حجامته حينئذ وهو محرم صائم وحديث ابن عباس لا مدفع فيه عند أهل الحديث فهو ناسخ لا محالة لأنه لم يدرك بعد ذلك رمضان مع النبي صلى الله عليه وسلم لوفاته في ربيع الأول ومن جهة النظر أن الأحاديث متعارضة فسقط الاحتجاج بها والأصل أن الصائم على صومه لا ينتقض إلا بسنة لا معارض لها ثم قال والمسألة أثرية لا نظرية وقد صح النسخ فيها وأيضًا فإنه قال أفطر الحاجم والإجماع على أن رجلاً لو أطعم رجلاً طائعًا أو مكرهًا لم يفطر الفاعل فدل على أنه ليس على ظاهره وإنما معناه ذهب أجرهما لما علمه صلى الله عليه وسلم من ذلك كخبر من لغا يوم الجمعة فلا صلاة له أي ذهب أجر جمعته وقيل إنهما كانا مغتابين أو قاذفين فبطل أجرهما لا حكم صومهما انتهى وأوله بعضهم بأن المراد سيفطران نحو إني أراني أعصر خمرًا ولا يخفى بعده وقال البغوي معناه تعرضًا للإفطار وأما الحاجم فلأنه لا يأمن وصول شيء من الدم إلى جوفه عند المص وأما المحجوم فلا يأمن ضعف قوته بخروج الدم فيؤول إلى الفطر وقيل معنى أفطرا فعلاً مكروهًا وهو الحجامة فصارا كأنهما غير متلبسين بالصيام وقال ابن خزيمة جاء بعضهم بأعجوبة فزعم أنه صلى الله عليه وسلم إنما قال أفطر الحاجم والمحجوم لأنهما كانا يغتابان فإذا قيل له فالغيبة تفطر قال لا فلم يخرج من مخالفة الحديث قال الحافظ أخرجه الطحاوي والبيهقي وعثمان الدارمي وفيه متروك وقال ابن المديني إنه حديث باطل ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يحتجم وهو صائم ثم لا يفطر وما رأيته احتجم قط إلا وهو صائم) لأنه كان يواصل الصوم قاله ابن عبد البر وقال الباجي يحتمل أن يريد يحتجم قبل أن يأكل وقال أبو عبد الملك يحتمل أنه حكى أكثر أفعاله وفي البخاري أن ثابتًا سأل أنس بن مالك أكنتم تكرهون الحجامة للصائم قال لا إلا من أجل الضعف ولذا ( قال مالك لا تكره الحجامة للصائم إلا خشية من أن يضعف) فليلجأ إلى الفطر ( ولولا ذلك لم يكره) لأنها إخراج وقد قال ابن عباس وغيره الفطر مما دخل وليس مما خرج وهو محمول على الغالب وإلا فإخراج المني فيه القضاء والكفارة ( ولو أن رجلاً احتجم في رمضان ثم سلم من أن يفطر لم أر عليه شيئًا) لأن فاعل المكروه لا شيء عليه ( ولم آمره بالقضاء لذلك اليوم الذي احتجم فيه لأن الحجامة إنما تكره للصائم لموضع التغرير) بمعجمة وراءين ( بالصيام فمن احتجم وسلم من أن يفطر حتى يمسي فلا أرى عليه شيئًا وليس عليه قضاء ذلك اليوم) وبهذا قال الجمهور وقال أحمد وداود والأوزاعي وإسحاق وابن المبارك وابن مهدي لا يجوز فإن احتجم فعليه القضاء وشذ عطاء فقال إن تعمد الاحتجام أو استقاء فعليه القضاء والكفارة قال أبو عمر فإن احتج بحديث من ذرعه القيء فلا شيء عليه ومن استقاء فعليه القضاء وبحديث أنه صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر قيل هذه حجة لنا لأنه لما لم يكن على من ذرعه القيء شيء دل على أن ما خرج من نجس أو غيره لا يفطر وأما المستقئ فبخلافه لأنه لا يؤمن منه رجوع القيء لتردده وأما حديث قاء فأفطر ليس بالقوي ومعنى قاء استقاء وقال صلى الله عليه وسلم ثلاث لا يفطرن الصائم القيء والحجامة والاحتلام وقال أبو سعيد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبلة والحجامة للصائم انتهى وروى النسائي وابن خزيمة والدارقطني عن أبي سعيد أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم قال ابن حزم وإسناده صحيح فوجب الأخذ به لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة فدل على نسخ الفطر بالحجامة.