فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ

رقم الحديث 766 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اعْتَمَرَ ثَلَاثًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعَامَ الْقَضِيَّةِ، وَعَامَ الْجِعِرَّانَةِ.


( العمرة في أشهر الحج)

( مالك أنه بلغه) وأخرجه البزار عن جابر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاثًا عام الحديبية) بالتخفيف أفصح من التشديد في ذي القعدة سنة ست حيث صده المشركون بالحديبية فنحر الهدي بها وحلق هو وأصحابه ورجع إلى المدينة وفي عدهم لها عمرة دليل على أنها عمرة تامة ( وعام القضية) وتسمى عمرة القضية والقضاء لأنه صلى الله عليه وسلم قاضى قريشًا فيها على أن يأتي مكة من العام المقبل ويقيم ثلاثًا لا أنها وقعت قضاء عن العمرة التي صد عنها إذ لو كانت كذلك لكانتا عمرة واحدة وهذا مذهب المالكية والشافعية والجمهور أنه لا يجب القضاء على من صد عن البيت وقال الحنفية هي قضاء عنها وتسمية الصحابة وجميع السلف إياها بعمرة القضاء ظاهر في خلافه ( وعام الجعرانة) بكسر الجيم وسكون المهملة وخفة الراء عند الأصمعي وصوبه الخطابي وبكسر العين وشد الراء بين الطائف ومكة حين قسم غنائم حنين في ذي القعدة ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه) مرسل وصله أبو داود من طريق داود بن عبد الرحمن وسعيد بن منصور بإسناد قوي من طريق الدراوردي كلاهما عن هشام عن أبيه عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر إلا ثلاثًا) لا يخالف هذا الحصر ما في الصحيحين عنها أنه اعتمر أربعًا وفيهما عن أنس اعتمر أربعًا عمرة الحديبية حيث ردوه ومن العام القابل وعمرة الجعرانة وعمرة مع حجته ولأحمد وأبي داود عن عائشة اعتمر أربع عمر لأنها لم تعد التي في حجته لأنها لم تكن في ذي القعدة بل في ذي الحجة ( إحداهن في شوال) هذا مغاير لقولها ولقول أنس في ذي القعدة وجمع الحافظ بأن ذلك وقع في آخر شوال وأول ذي القعدة ويؤيده ما رواه ابن ماجه بإسناد صحيح عن مجاهد عن عائشة لم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا في ذي القعدة ولعبد الرزاق عن الزهري اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر في ذي القعدة وهذه عمرة الجعرانة ( واثنين في ذي القعدة) عمرة الحديبية وعمرة القضية وأما قول البراء عند البخاري اعتمر صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة قبل أن يحج مرتين فكأنه لم يعد التي في حجته لكونها في ذي الحجة وحديثه مقيد بذي القعدة ولم يعد التي صد عنها وإن وقعت في القعدة أو عدها ولم يعد عمرة الجعرانة لخفائها عليه كما خفيت على غيره كما ذكر ذلك محرش الكعبي عند الترمذي وفي الصحيح عن ابن عمر اعتمر صلى الله عليه وسلم أربع عمرات إحداهن في رجب قالت عائشة يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قط زاد مسلم وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم سكت فسكوته يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أو شك وأنه رجع لصوابها فلا يشكل بأن تقديم قول عائشة النافي على قول ابن عمر المثبت خلاف القاعدة وتعسف من قال مراد ابن عمر بقوله في رجب قبل هجرته لأنه وإن احتمل لكن قولها ما اعتمر في رجب يلزم منه عدم مطابقة ردها عليه وسكوته ولا سيما وقد بينت الأربع وأنها بعد الهجرة فما الذي يمنعه أن يفصح بمراده فيرتفع الإشكال وقول هذا القائل لأن قريشًا كانوا يعتمرون في رجب يحتاج إلى نقل وعلى تقديره فمن أين أنه وافقهم وهبه صلى الله عليه وسلم وافقهم فكيف اقتصر على مرة وما رواه الدارقطني وقال إسناده حسن عن عائشة خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة في رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت الحديث فقال في الهدي إنه غلط لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان قال الحافظ ويمكن أن قولها في رمضان متعلق بقولها خرجت والمراد سفر مكة واعتمر صلى الله عليه وسلم في تلك السنة من الجعرانة لكن في ذي القعدة كما تقدم وقد رواه الدارقطني بإسناد آخر فلم يقل في رمضان ( مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي) المدني الصدوق ( أن رجلاً سأل سعيد بن المسيب فقال أعتمر) بتقدير همزة الاستفهام ( قبل أن أحج فقال سعيد نعم قد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج) ثلاث عمر قال ابن عبد البر يتصل هذا الحديث من وجوه صحاح وهو أمر مجمع عليه لا خلاف بين العلماء في جواز العمرة قبل الحج لمن شاء وفي الصحيح أن عكرمة بن خالد سأل ابن عمر عن العمرة قبل الحج فقال لا بأس اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج ولأحمد وابن خزيمة فقال لا بأس على أحد أن يعتمر قبل الحج وروى أحمد عن عكرمة بن خالد المخزومي قال قدمت المدينة في نفر من أهل مكة فلقيت ابن عمر فقلت إنا لم نحج قط أفنعتمر من المدينة قال نعم وما يمنعكم من ذلك قد اعتمر صلى الله عليه وسلم عمره كلها قبل حجه قال فاعتمرنا قال ابن بطال هذا يدل على أن فرض الحج كان قد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل اعتماره ويتفرع عليه هل الحج على الفور أو التراخي وهذا يدل على أنه على التراخي إذ لو كان وقته مضيقًا لوجب إذا أخره إلى سنة أخرى أن يكون قضاء واللازم باطل وتعقبه ابن المنير بأن القضاء خاص بما وقت بوقت معين مضيق كالصلاة والصيام وأما ما ليس كذلك فلا يعد تأخيره قضاء سواء كان على الفور أو على التراخي كما في الزكاة يؤخرها بعد تمكنه من أدائها فورًا فإنه إثم ولا يعد أداؤه بعد ذلك قضاء بل هو أداء ومن ذلك الإسلام واجب على الكفار فورًا فلو تراخى عنه كافر ثم أسلم لم يعد ذلك قضاء ونوزع أيضًا بأنه لا يلزم من صحة تقديم أحد النسكين على الآخر نفي الفورية ( مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن أبي سلمة) بن عبد الأسد المخزومي ربيب النبي صلى الله عليه وسلم أمه أم سلمة مات سنة ثلاث وثمانين على الصحيح ( استأذن عمر بن الخطاب أن يعتمر في شوال فأذن له فاعتمر ثم قفل) رجع ( إلى أهله ولم يحج) تلك السنة وفي هذا وما سبق دليل على جواز العمرة في أشهر الحج وفي الصحيحين عن ابن عباس قال كانوا أي أهل الجاهلية يرون أن العمرة في شهر الحج من أفجر الفجور في الأرض قال العلماء وهذا من مبتدعاتهم الباطلة التي لا أصل لها ولابن حبان عن ابن عباس قال والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع بذلك أمر المشركين فإن هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون فذكر نحوه.



رقم الحديث 767 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْتَمِرْ إِلَّا ثَلَاثًا: إِحْدَاهُنَّ فِي شَوَّالٍ، وَاثْنَتَيْنِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ.


( العمرة في أشهر الحج)

( مالك أنه بلغه) وأخرجه البزار عن جابر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاثًا عام الحديبية) بالتخفيف أفصح من التشديد في ذي القعدة سنة ست حيث صده المشركون بالحديبية فنحر الهدي بها وحلق هو وأصحابه ورجع إلى المدينة وفي عدهم لها عمرة دليل على أنها عمرة تامة ( وعام القضية) وتسمى عمرة القضية والقضاء لأنه صلى الله عليه وسلم قاضى قريشًا فيها على أن يأتي مكة من العام المقبل ويقيم ثلاثًا لا أنها وقعت قضاء عن العمرة التي صد عنها إذ لو كانت كذلك لكانتا عمرة واحدة وهذا مذهب المالكية والشافعية والجمهور أنه لا يجب القضاء على من صد عن البيت وقال الحنفية هي قضاء عنها وتسمية الصحابة وجميع السلف إياها بعمرة القضاء ظاهر في خلافه ( وعام الجعرانة) بكسر الجيم وسكون المهملة وخفة الراء عند الأصمعي وصوبه الخطابي وبكسر العين وشد الراء بين الطائف ومكة حين قسم غنائم حنين في ذي القعدة ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه) مرسل وصله أبو داود من طريق داود بن عبد الرحمن وسعيد بن منصور بإسناد قوي من طريق الدراوردي كلاهما عن هشام عن أبيه عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر إلا ثلاثًا) لا يخالف هذا الحصر ما في الصحيحين عنها أنه اعتمر أربعًا وفيهما عن أنس اعتمر أربعًا عمرة الحديبية حيث ردوه ومن العام القابل وعمرة الجعرانة وعمرة مع حجته ولأحمد وأبي داود عن عائشة اعتمر أربع عمر لأنها لم تعد التي في حجته لأنها لم تكن في ذي القعدة بل في ذي الحجة ( إحداهن في شوال) هذا مغاير لقولها ولقول أنس في ذي القعدة وجمع الحافظ بأن ذلك وقع في آخر شوال وأول ذي القعدة ويؤيده ما رواه ابن ماجه بإسناد صحيح عن مجاهد عن عائشة لم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا في ذي القعدة ولعبد الرزاق عن الزهري اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر في ذي القعدة وهذه عمرة الجعرانة ( واثنين في ذي القعدة) عمرة الحديبية وعمرة القضية وأما قول البراء عند البخاري اعتمر صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة قبل أن يحج مرتين فكأنه لم يعد التي في حجته لكونها في ذي الحجة وحديثه مقيد بذي القعدة ولم يعد التي صد عنها وإن وقعت في القعدة أو عدها ولم يعد عمرة الجعرانة لخفائها عليه كما خفيت على غيره كما ذكر ذلك محرش الكعبي عند الترمذي وفي الصحيح عن ابن عمر اعتمر صلى الله عليه وسلم أربع عمرات إحداهن في رجب قالت عائشة يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قط زاد مسلم وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم سكت فسكوته يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أو شك وأنه رجع لصوابها فلا يشكل بأن تقديم قول عائشة النافي على قول ابن عمر المثبت خلاف القاعدة وتعسف من قال مراد ابن عمر بقوله في رجب قبل هجرته لأنه وإن احتمل لكن قولها ما اعتمر في رجب يلزم منه عدم مطابقة ردها عليه وسكوته ولا سيما وقد بينت الأربع وأنها بعد الهجرة فما الذي يمنعه أن يفصح بمراده فيرتفع الإشكال وقول هذا القائل لأن قريشًا كانوا يعتمرون في رجب يحتاج إلى نقل وعلى تقديره فمن أين أنه وافقهم وهبه صلى الله عليه وسلم وافقهم فكيف اقتصر على مرة وما رواه الدارقطني وقال إسناده حسن عن عائشة خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة في رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت الحديث فقال في الهدي إنه غلط لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان قال الحافظ ويمكن أن قولها في رمضان متعلق بقولها خرجت والمراد سفر مكة واعتمر صلى الله عليه وسلم في تلك السنة من الجعرانة لكن في ذي القعدة كما تقدم وقد رواه الدارقطني بإسناد آخر فلم يقل في رمضان ( مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي) المدني الصدوق ( أن رجلاً سأل سعيد بن المسيب فقال أعتمر) بتقدير همزة الاستفهام ( قبل أن أحج فقال سعيد نعم قد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج) ثلاث عمر قال ابن عبد البر يتصل هذا الحديث من وجوه صحاح وهو أمر مجمع عليه لا خلاف بين العلماء في جواز العمرة قبل الحج لمن شاء وفي الصحيح أن عكرمة بن خالد سأل ابن عمر عن العمرة قبل الحج فقال لا بأس اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج ولأحمد وابن خزيمة فقال لا بأس على أحد أن يعتمر قبل الحج وروى أحمد عن عكرمة بن خالد المخزومي قال قدمت المدينة في نفر من أهل مكة فلقيت ابن عمر فقلت إنا لم نحج قط أفنعتمر من المدينة قال نعم وما يمنعكم من ذلك قد اعتمر صلى الله عليه وسلم عمره كلها قبل حجه قال فاعتمرنا قال ابن بطال هذا يدل على أن فرض الحج كان قد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل اعتماره ويتفرع عليه هل الحج على الفور أو التراخي وهذا يدل على أنه على التراخي إذ لو كان وقته مضيقًا لوجب إذا أخره إلى سنة أخرى أن يكون قضاء واللازم باطل وتعقبه ابن المنير بأن القضاء خاص بما وقت بوقت معين مضيق كالصلاة والصيام وأما ما ليس كذلك فلا يعد تأخيره قضاء سواء كان على الفور أو على التراخي كما في الزكاة يؤخرها بعد تمكنه من أدائها فورًا فإنه إثم ولا يعد أداؤه بعد ذلك قضاء بل هو أداء ومن ذلك الإسلام واجب على الكفار فورًا فلو تراخى عنه كافر ثم أسلم لم يعد ذلك قضاء ونوزع أيضًا بأنه لا يلزم من صحة تقديم أحد النسكين على الآخر نفي الفورية ( مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن أبي سلمة) بن عبد الأسد المخزومي ربيب النبي صلى الله عليه وسلم أمه أم سلمة مات سنة ثلاث وثمانين على الصحيح ( استأذن عمر بن الخطاب أن يعتمر في شوال فأذن له فاعتمر ثم قفل) رجع ( إلى أهله ولم يحج) تلك السنة وفي هذا وما سبق دليل على جواز العمرة في أشهر الحج وفي الصحيحين عن ابن عباس قال كانوا أي أهل الجاهلية يرون أن العمرة في شهر الحج من أفجر الفجور في الأرض قال العلماء وهذا من مبتدعاتهم الباطلة التي لا أصل لها ولابن حبان عن ابن عباس قال والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع بذلك أمر المشركين فإن هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون فذكر نحوه.



رقم الحديث 768 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: أَعْتَمِرُ قَبْلَ أَنْ أَحُجَّ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: نَعَمْ.
قَدِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ.


( العمرة في أشهر الحج)

( مالك أنه بلغه) وأخرجه البزار عن جابر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاثًا عام الحديبية) بالتخفيف أفصح من التشديد في ذي القعدة سنة ست حيث صده المشركون بالحديبية فنحر الهدي بها وحلق هو وأصحابه ورجع إلى المدينة وفي عدهم لها عمرة دليل على أنها عمرة تامة ( وعام القضية) وتسمى عمرة القضية والقضاء لأنه صلى الله عليه وسلم قاضى قريشًا فيها على أن يأتي مكة من العام المقبل ويقيم ثلاثًا لا أنها وقعت قضاء عن العمرة التي صد عنها إذ لو كانت كذلك لكانتا عمرة واحدة وهذا مذهب المالكية والشافعية والجمهور أنه لا يجب القضاء على من صد عن البيت وقال الحنفية هي قضاء عنها وتسمية الصحابة وجميع السلف إياها بعمرة القضاء ظاهر في خلافه ( وعام الجعرانة) بكسر الجيم وسكون المهملة وخفة الراء عند الأصمعي وصوبه الخطابي وبكسر العين وشد الراء بين الطائف ومكة حين قسم غنائم حنين في ذي القعدة ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه) مرسل وصله أبو داود من طريق داود بن عبد الرحمن وسعيد بن منصور بإسناد قوي من طريق الدراوردي كلاهما عن هشام عن أبيه عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر إلا ثلاثًا) لا يخالف هذا الحصر ما في الصحيحين عنها أنه اعتمر أربعًا وفيهما عن أنس اعتمر أربعًا عمرة الحديبية حيث ردوه ومن العام القابل وعمرة الجعرانة وعمرة مع حجته ولأحمد وأبي داود عن عائشة اعتمر أربع عمر لأنها لم تعد التي في حجته لأنها لم تكن في ذي القعدة بل في ذي الحجة ( إحداهن في شوال) هذا مغاير لقولها ولقول أنس في ذي القعدة وجمع الحافظ بأن ذلك وقع في آخر شوال وأول ذي القعدة ويؤيده ما رواه ابن ماجه بإسناد صحيح عن مجاهد عن عائشة لم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا في ذي القعدة ولعبد الرزاق عن الزهري اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر في ذي القعدة وهذه عمرة الجعرانة ( واثنين في ذي القعدة) عمرة الحديبية وعمرة القضية وأما قول البراء عند البخاري اعتمر صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة قبل أن يحج مرتين فكأنه لم يعد التي في حجته لكونها في ذي الحجة وحديثه مقيد بذي القعدة ولم يعد التي صد عنها وإن وقعت في القعدة أو عدها ولم يعد عمرة الجعرانة لخفائها عليه كما خفيت على غيره كما ذكر ذلك محرش الكعبي عند الترمذي وفي الصحيح عن ابن عمر اعتمر صلى الله عليه وسلم أربع عمرات إحداهن في رجب قالت عائشة يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قط زاد مسلم وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم سكت فسكوته يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أو شك وأنه رجع لصوابها فلا يشكل بأن تقديم قول عائشة النافي على قول ابن عمر المثبت خلاف القاعدة وتعسف من قال مراد ابن عمر بقوله في رجب قبل هجرته لأنه وإن احتمل لكن قولها ما اعتمر في رجب يلزم منه عدم مطابقة ردها عليه وسكوته ولا سيما وقد بينت الأربع وأنها بعد الهجرة فما الذي يمنعه أن يفصح بمراده فيرتفع الإشكال وقول هذا القائل لأن قريشًا كانوا يعتمرون في رجب يحتاج إلى نقل وعلى تقديره فمن أين أنه وافقهم وهبه صلى الله عليه وسلم وافقهم فكيف اقتصر على مرة وما رواه الدارقطني وقال إسناده حسن عن عائشة خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة في رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت الحديث فقال في الهدي إنه غلط لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان قال الحافظ ويمكن أن قولها في رمضان متعلق بقولها خرجت والمراد سفر مكة واعتمر صلى الله عليه وسلم في تلك السنة من الجعرانة لكن في ذي القعدة كما تقدم وقد رواه الدارقطني بإسناد آخر فلم يقل في رمضان ( مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي) المدني الصدوق ( أن رجلاً سأل سعيد بن المسيب فقال أعتمر) بتقدير همزة الاستفهام ( قبل أن أحج فقال سعيد نعم قد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج) ثلاث عمر قال ابن عبد البر يتصل هذا الحديث من وجوه صحاح وهو أمر مجمع عليه لا خلاف بين العلماء في جواز العمرة قبل الحج لمن شاء وفي الصحيح أن عكرمة بن خالد سأل ابن عمر عن العمرة قبل الحج فقال لا بأس اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج ولأحمد وابن خزيمة فقال لا بأس على أحد أن يعتمر قبل الحج وروى أحمد عن عكرمة بن خالد المخزومي قال قدمت المدينة في نفر من أهل مكة فلقيت ابن عمر فقلت إنا لم نحج قط أفنعتمر من المدينة قال نعم وما يمنعكم من ذلك قد اعتمر صلى الله عليه وسلم عمره كلها قبل حجه قال فاعتمرنا قال ابن بطال هذا يدل على أن فرض الحج كان قد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل اعتماره ويتفرع عليه هل الحج على الفور أو التراخي وهذا يدل على أنه على التراخي إذ لو كان وقته مضيقًا لوجب إذا أخره إلى سنة أخرى أن يكون قضاء واللازم باطل وتعقبه ابن المنير بأن القضاء خاص بما وقت بوقت معين مضيق كالصلاة والصيام وأما ما ليس كذلك فلا يعد تأخيره قضاء سواء كان على الفور أو على التراخي كما في الزكاة يؤخرها بعد تمكنه من أدائها فورًا فإنه إثم ولا يعد أداؤه بعد ذلك قضاء بل هو أداء ومن ذلك الإسلام واجب على الكفار فورًا فلو تراخى عنه كافر ثم أسلم لم يعد ذلك قضاء ونوزع أيضًا بأنه لا يلزم من صحة تقديم أحد النسكين على الآخر نفي الفورية ( مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن أبي سلمة) بن عبد الأسد المخزومي ربيب النبي صلى الله عليه وسلم أمه أم سلمة مات سنة ثلاث وثمانين على الصحيح ( استأذن عمر بن الخطاب أن يعتمر في شوال فأذن له فاعتمر ثم قفل) رجع ( إلى أهله ولم يحج) تلك السنة وفي هذا وما سبق دليل على جواز العمرة في أشهر الحج وفي الصحيحين عن ابن عباس قال كانوا أي أهل الجاهلية يرون أن العمرة في شهر الحج من أفجر الفجور في الأرض قال العلماء وهذا من مبتدعاتهم الباطلة التي لا أصل لها ولابن حبان عن ابن عباس قال والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع بذلك أمر المشركين فإن هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون فذكر نحوه.



رقم الحديث 769 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ اسْتَأْذَنَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي شَوَّالٍ.
فَأَذِنَ لَهُ.
فَاعْتَمَرَ ثُمَّ قَفَلَ إِلَى أَهْلِهِ وَلَمْ يَحُجَّ.


( العمرة في أشهر الحج)

( مالك أنه بلغه) وأخرجه البزار عن جابر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاثًا عام الحديبية) بالتخفيف أفصح من التشديد في ذي القعدة سنة ست حيث صده المشركون بالحديبية فنحر الهدي بها وحلق هو وأصحابه ورجع إلى المدينة وفي عدهم لها عمرة دليل على أنها عمرة تامة ( وعام القضية) وتسمى عمرة القضية والقضاء لأنه صلى الله عليه وسلم قاضى قريشًا فيها على أن يأتي مكة من العام المقبل ويقيم ثلاثًا لا أنها وقعت قضاء عن العمرة التي صد عنها إذ لو كانت كذلك لكانتا عمرة واحدة وهذا مذهب المالكية والشافعية والجمهور أنه لا يجب القضاء على من صد عن البيت وقال الحنفية هي قضاء عنها وتسمية الصحابة وجميع السلف إياها بعمرة القضاء ظاهر في خلافه ( وعام الجعرانة) بكسر الجيم وسكون المهملة وخفة الراء عند الأصمعي وصوبه الخطابي وبكسر العين وشد الراء بين الطائف ومكة حين قسم غنائم حنين في ذي القعدة ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه) مرسل وصله أبو داود من طريق داود بن عبد الرحمن وسعيد بن منصور بإسناد قوي من طريق الدراوردي كلاهما عن هشام عن أبيه عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر إلا ثلاثًا) لا يخالف هذا الحصر ما في الصحيحين عنها أنه اعتمر أربعًا وفيهما عن أنس اعتمر أربعًا عمرة الحديبية حيث ردوه ومن العام القابل وعمرة الجعرانة وعمرة مع حجته ولأحمد وأبي داود عن عائشة اعتمر أربع عمر لأنها لم تعد التي في حجته لأنها لم تكن في ذي القعدة بل في ذي الحجة ( إحداهن في شوال) هذا مغاير لقولها ولقول أنس في ذي القعدة وجمع الحافظ بأن ذلك وقع في آخر شوال وأول ذي القعدة ويؤيده ما رواه ابن ماجه بإسناد صحيح عن مجاهد عن عائشة لم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا في ذي القعدة ولعبد الرزاق عن الزهري اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر في ذي القعدة وهذه عمرة الجعرانة ( واثنين في ذي القعدة) عمرة الحديبية وعمرة القضية وأما قول البراء عند البخاري اعتمر صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة قبل أن يحج مرتين فكأنه لم يعد التي في حجته لكونها في ذي الحجة وحديثه مقيد بذي القعدة ولم يعد التي صد عنها وإن وقعت في القعدة أو عدها ولم يعد عمرة الجعرانة لخفائها عليه كما خفيت على غيره كما ذكر ذلك محرش الكعبي عند الترمذي وفي الصحيح عن ابن عمر اعتمر صلى الله عليه وسلم أربع عمرات إحداهن في رجب قالت عائشة يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قط زاد مسلم وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم سكت فسكوته يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أو شك وأنه رجع لصوابها فلا يشكل بأن تقديم قول عائشة النافي على قول ابن عمر المثبت خلاف القاعدة وتعسف من قال مراد ابن عمر بقوله في رجب قبل هجرته لأنه وإن احتمل لكن قولها ما اعتمر في رجب يلزم منه عدم مطابقة ردها عليه وسكوته ولا سيما وقد بينت الأربع وأنها بعد الهجرة فما الذي يمنعه أن يفصح بمراده فيرتفع الإشكال وقول هذا القائل لأن قريشًا كانوا يعتمرون في رجب يحتاج إلى نقل وعلى تقديره فمن أين أنه وافقهم وهبه صلى الله عليه وسلم وافقهم فكيف اقتصر على مرة وما رواه الدارقطني وقال إسناده حسن عن عائشة خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة في رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت الحديث فقال في الهدي إنه غلط لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان قال الحافظ ويمكن أن قولها في رمضان متعلق بقولها خرجت والمراد سفر مكة واعتمر صلى الله عليه وسلم في تلك السنة من الجعرانة لكن في ذي القعدة كما تقدم وقد رواه الدارقطني بإسناد آخر فلم يقل في رمضان ( مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي) المدني الصدوق ( أن رجلاً سأل سعيد بن المسيب فقال أعتمر) بتقدير همزة الاستفهام ( قبل أن أحج فقال سعيد نعم قد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج) ثلاث عمر قال ابن عبد البر يتصل هذا الحديث من وجوه صحاح وهو أمر مجمع عليه لا خلاف بين العلماء في جواز العمرة قبل الحج لمن شاء وفي الصحيح أن عكرمة بن خالد سأل ابن عمر عن العمرة قبل الحج فقال لا بأس اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج ولأحمد وابن خزيمة فقال لا بأس على أحد أن يعتمر قبل الحج وروى أحمد عن عكرمة بن خالد المخزومي قال قدمت المدينة في نفر من أهل مكة فلقيت ابن عمر فقلت إنا لم نحج قط أفنعتمر من المدينة قال نعم وما يمنعكم من ذلك قد اعتمر صلى الله عليه وسلم عمره كلها قبل حجه قال فاعتمرنا قال ابن بطال هذا يدل على أن فرض الحج كان قد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل اعتماره ويتفرع عليه هل الحج على الفور أو التراخي وهذا يدل على أنه على التراخي إذ لو كان وقته مضيقًا لوجب إذا أخره إلى سنة أخرى أن يكون قضاء واللازم باطل وتعقبه ابن المنير بأن القضاء خاص بما وقت بوقت معين مضيق كالصلاة والصيام وأما ما ليس كذلك فلا يعد تأخيره قضاء سواء كان على الفور أو على التراخي كما في الزكاة يؤخرها بعد تمكنه من أدائها فورًا فإنه إثم ولا يعد أداؤه بعد ذلك قضاء بل هو أداء ومن ذلك الإسلام واجب على الكفار فورًا فلو تراخى عنه كافر ثم أسلم لم يعد ذلك قضاء ونوزع أيضًا بأنه لا يلزم من صحة تقديم أحد النسكين على الآخر نفي الفورية ( مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن أبي سلمة) بن عبد الأسد المخزومي ربيب النبي صلى الله عليه وسلم أمه أم سلمة مات سنة ثلاث وثمانين على الصحيح ( استأذن عمر بن الخطاب أن يعتمر في شوال فأذن له فاعتمر ثم قفل) رجع ( إلى أهله ولم يحج) تلك السنة وفي هذا وما سبق دليل على جواز العمرة في أشهر الحج وفي الصحيحين عن ابن عباس قال كانوا أي أهل الجاهلية يرون أن العمرة في شهر الحج من أفجر الفجور في الأرض قال العلماء وهذا من مبتدعاتهم الباطلة التي لا أصل لها ولابن حبان عن ابن عباس قال والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع بذلك أمر المشركين فإن هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون فذكر نحوه.