فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ جَامِعِ السَّعْيِ

رقم الحديث 840 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ:.

قُلْتُ لِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ، أَرأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا } } فَمَا عَلَى الرَّجُلِ شَيْءٌ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَلَّا.
لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ، لَكَانَتْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا.
إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَنْصَارِ كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ.
سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا } }


( جامع السعي)

( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال قلت لعائشة أم المؤمنين) كما قال تعالى { { وأزواجه أمهاتهم } } وهل يقال لهن أيضًا أمهات المؤمنات قولان مرجحان ( وأنا يومئذ حديث السن) أي صغير قال ابن الأثير كناية عن الشباب وأول العمر والحديث ضد القديم وفيه تقديم عذره في السؤال وأن التباسه عليه نشأ من الحداثة ( أرأيت قول الله) أي أخبرني عن مفهوم قوله ( تبارك وتعالى { { إن الصفا والمروة } } ) جبلي السعي اللذين يسعى من إحداهما إلى الآخر والصفا في الأصل جمع صفاة وهي الصخرة والحجر الأملس والمروة في الأصل حجر أبيض براق { { من شعائر الله } } أي المعالم التي ندب الله إليها وأمر بالقيام عليها قاله الأزهري وقال الجوهري الشعائر أعمال الحج وكل ما جعل علمًا لطاعة الله { { فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح } } لا إثم { { عليه أن يطوف } } بشد الطاء أصله يتطوف أبدلت التاء طاء لقرب مخرجه أو أدغمت التاء في الطاء { { بهما } } أي يسعى بينهما ( فما على الرجل) وصف طردي والمراد الحاج أو المعتمر ( شيء) وفي رواية القعنبي وابن وهب والتنيسي فما أرى على أحد شيئًا بضم الهمزة أظن وبفتحها أعتقد وفي رواية الزهري عن عروة فوالله ما على أحد جناح ( أن لا يطوف بهما) إذ مفهومها أن السعي ليس بواجب لأنها دلت على رفع الجناح وهو الإثم عن فاعله وذلك يدل على إباحته ولو كان واجبًا لما قيل فيه ذلك لأن رفع الإثم علامة الإباحة ويزاد المستحب بإثبات الأجر والوجوب بعقاب التارك ( فقالت عائشة) ردًا عليه ( كلا) ردع له وزجر عن اعتقاده ذلك وفهمه من الآية وفي رواية الزهري بئس ما قلت يا ابن أختي ( لو كان) الأمر والشأن ( كما تقول) وفي رواية الزهري كما أولتها عليه ( لكانت) الآية ( فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما) أي لا جناح في ترك الطواف بهما فكانت تدل على رفع الإثم عن التارك وذلك حقيقة المباح أما ولفظها بدون لا فهي ساكتة عن الوجوب وعدمه مصرحة بعدم الإثم عن الفاعل وحكمته مطابقة جواب السائلين لأنهم توهموا من فعلهم ذلك في الجاهلية أن لا يستمر ذلك في الإسلام فجاء الجواب مطابقًا لسؤالهم وأما الوجوب فمستفاد من أدلة أخر كفعله صلى الله عليه وسلم له ومواظبته عليه في كل نسك مع قوله خذوا عني مناسككم قال المازري هذا من بديع فقه عائشة ومعرفتها بأحكام الألفاظ لأن الآية إنما اقتضى ظاهرها رفع الحرج عن الطائف بينهما وليس نصًا في سقوط الوجوب فأخبرته أن ذلك محتمل ولو كان نصًا لقال أن لا يطوف وقد يكون الفعل واجبًا ويعتقد إنسان أنه قد يمنع من إيقاعه على صفة كمن عليه الظهر فظن أنه لا يشرع له صلاتها عند الغروب فسأل فقيل لا حرج عليك إن صليته فالجواب صحيح ولا يقتضي نفي وجوب الظهر عليه ثم بينت له أن التعبير بنفي الجناح لوروده على سبب فقالت ( إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار) بالراء كما عزاه الخطابي لأكثر الروايات وأن في بعضها الأنصاب بالموحدة بدل الراء قال فإن كان محفوظًا فهو جمع نصب وهو ما ينصب من الأصنام ليعبد من دون الله انتهى وقد حكى ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس أنهم قرؤوا الآية أن لا يطوف وأجاب ابن جرير والطحاوي بحملها على القراءة المشهورة ولا زائدة وقال غيرهما لا حجة في الشواذ إذا خالفت المشهور ( كانوا يهلون) أي يحجون قبل أن يسلموا ( لمناة) بفتح الميم والنون الخفيفة فألف ثم تاء مخفوض بالفتحة للعلمية والتأنيث سميت بذلك لأن النسائك كانت تمنى أي تراق عندها وهي صنم كانت في الجاهلية وقال ابن الكلبي كانت صخرة نصبها عمرو بن لحي لهذيل فكانوا يعبدونها ( وكانت مناة حذو) بفتح المهملة وسكون المعجمة أي مقابل ( قديد) بضم القاف وفتح المهملة بعدها تحتية ثم مهملة قرية جامعة بين مكة والمدينة كثيرة المياه قاله أبو عبيد البكري وفي رواية سفيان عن الزهري بالمشلل من قديد بضم الميم وفتح المعجمة وفتح اللام الأولى ثنية مشرفة على قديد ( وكانوا يتحرجون) بالمهملة والجيم أي يتحرزون ( أن يطوفوا بين الصفا والمروة) أي يتركون ذلك خشية الحرج وهو الإثم مثل قولهم يتحنث ويتأثم أي ينفي الحنث والإثم عن نفسه والمعنى أنهم كانوا في الجاهلية لا يطوفون بينهما ويقتصرون على الطواف بمناة ( فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك) وفي رواية سفيان عن الزهري عند مسلم وإنما كان من أهل لمناة الطاغية التي بالمشلل لا يطوفون بين الصفا والمروة وله من رواية يونس عن الزهري أن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا هم وغسان يهلون لمناة وكان ذلك سنة في آبائهم من أحرم لمناة لم يطف بين الصفا والمروة فهذا كله موافق لرواية مالك عن هشام وقد تابعه عليها أبو أسامة عن هشام بلفظ إنما أنزل الله هذا في أناس من الأنصار كانوا إذا أهلوا لمناة في الجاهلية فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة أخرجه مسلم وخالفهما أبو معاوية عنده عن هشام وخالف جميع الروايات عن الزهري فقال إنما كان ذلك لأن الأنصار كانوا يهلون في الجاهلية لصنمين على شط البحر يقال لهما إساف ونائلة ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة ثم يحلقون فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون فمقتضاه أن تحرجهم إنما كان لئلا يفعلوا في الإسلام شيئًا فعلوه في الجاهلية لأن الإسلام أبطل أفعالها إلا ما أذن فيه الشارع فخشوا أن ذلك مما أبطله وجمع الحافظ باحتمال أن الأنصار في الجاهلية كانوا فريقين منهم من كان يطوف بينهما على ما اقتضته هذه الرواية ومنهم من لا يطوف بينهما على ما اقتضاه باقي الروايات واشترك الفريقان في الإسلام في التوقف عن الطواف بينهما لكونه كان عندهم جميعًا من أفعال الجاهلية وقد أشار إلى نحو هذا الجمع البيهقي إلا أن قوله لصنمين على شط البحر وهم فإنهما ما كانا قط على شطه وإنما كانا على الصفا والمروة وإنما كانت مناة مما يلي جهة البحر نبه عليه عياض وللنسائي بإسناد قوي عن زيد بن حارثة قال كان على الصفا والمروة صنمان من نحاس يقال لهما إساف ونائلة كان المشركون إذا طافوا يمسحوا بهما وسقط أيضًا من روايته إهلالهم أولاً لمناة فكأنهم يهلون لمناة يبدؤون بها ثم يطوفون بين الصفا والمروة لأجل إساف ونائلة فمن ثم تحرجوا عن الطواف بينهما في الإسلام ويؤيده حديث الصحيحين عن عاصم قلت لأنس أكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة قال نعم لأنها كانت من شعائر الجاهلية ( فأنزل الله تبارك وتعالى { { إن الصفا والمروة من شعائر الله } } ) أعلام مناسكه جمع شعيرة وهي العلامة { { فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح } } إثم { { عليه } } في { { أن يطوف بهما } } زاد أبو معاوية قالت فطافوا وزاد أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة أخرجهما مسلم وفي رواية الزهري في الصحيحين قالت عائشة وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما والمراد فرضه بالسنة لا نفي الفريضة لقولها ما أتم الله إلخ وقد ذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أن السعي ركن لا يصح الحج إلا به ولا يجبر بدم ولا غيره وقال به مالك والشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة هو واجب فإن تركه عصى وجبر بالدم وصح حجه وقال به الحسن البصري وقتادة وسفيان الثوري وقال أنس وابن الزبير ومحمد بن سيرين إنه تطوع قال الطحاوي لا حجة لمن قال إنه مستحب في قوله تعالى { { فمن تطوع خيرًا } } لأنه راجع إلى أصل الحج والعمرة لا إلى خصوص السعي لإجماع المسلمين على أن التطوع بالسعي لغير الحاج والمعتمر غير مشروع وروى الطبري وابن أبي حاتم بإسناد حسن عن ابن عباس قال قالت الأنصار إن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية فأنزل الله الآية وروى الفاكهي وإسماعيل القاضي بإسناد صحيح عن الشعبي قال كان صنم بالصفا يدعى إساف ووثن بالمروة يدعى نائلة فكان أهل الجاهلية يسعون بينهما فلما جاء الإسلام رمى بهما وقال إنما كان يصنعه أهل الجاهلية من أجل أوثانهم فأمسكوا عن السعي بينهما فأنزل الله الآية وذكر الواحدي عن ابن عباس نحوه وزاد فيه يزعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة فمسخا حجرين فوضعا على الصفا والمروة ليعتبر بهما فلما طالت المدة عبدا وفي الحديث أنه لا بأس بمباحثة الصغير للكبير واستنباطه بحضوره من القرآن وتعبيره بلفظ أرأيت وبلفظ ما أرى لأن عائشة لم تنكر شيئًا من ذلك وأخرجه البخاري في التفسير عن عبد الله بن يوسف وأبو داود هنا عن القعنبي والنسائي من طريق ابن القاسم وأبو داود أيضًا من طريق ابن وهب الأربعة عن مالك به وتابعه أبو أسامة وأبو معاوية عن هشام بنحوه عند مسلم وتابعه في شيخه هشام بن شهاب عن عروة في الصحيحين وغيرهما بنحوه ( مالك عن هشام بن عروة أن سودة بنت عبد الله بن عمر كانت عند عروة بن الزبير فخرجت تطوف بين الصفا والمروة في حج أو عمرة) شك الراوي ( ماشية وكانت امرأة ثقيلة) ضد خفيفة كناية عن سمنها أو بطئها في المشي ( فجاءت حين انصرف الناس من) صلاة ( العشاء) لتطوف وتسعى ليلاً لأنه أستر ( فلم تقض) تتم ( طوافها حتى نودي بالأول) وفي نسخة بالأولى ( من الصبح فقضت طوافها فيما بينها) أي الأولى ( وبينه) أي الانصراف من العشاء أو فيما بين العشاء وبين البدء بالأولى فحاصله أنها لثقلها أقامت في الطواف والسعي من العشاء إلى الأذان الأول للصبح ( وكان عروة إذا رآهم يطوفون على الدواب ينهاهم أشد النهي فيعتلون) أي يتمسكون له ( بالمرض حياء منه) لا حقيقة يقال اعتل إذا تمسك بحجة ذكر معناه الفارابي ( فيقول لنا فيما بيننا وبينه لقد خاب هؤلاء وخسروا) لمخالفة المصطفى لأنه سعى ماشيًا كما يأتي ( قال مالك من نسي السعي بين الصفا والمروة في عمرة فلم يذكر حتى يستبعد من مكة) أي يجاوزها ببعد ( أنه يرجع) وجوبًا مجتنبًا ما يحرم على المحرم فيسعى ولا فرق في وجوب رجوعه له بين أن تكون لم تفسد أم لا ( و) لكن ( إن كان قد أصاب النساء) ففسدت ( فليرجع فليسع بين الصفا والمروة حتى يتم ما بقي عليه من تلك العمرة) التي فسدت لوجوب إتمامها ( ثم عليه عمرة أخرى) قضاء عن التي أفسد ( والهدي) في القضاء للفساد ( سئل مالك عن الرجل يلقاه الرجل بين الصفا والمروة فيقف معه فيحدثه فقال لا أحب ذلك) لأن المطلوب حينئذ الذكر والدعاء ( قال مالك ومن نسي من طوافه شيئًا أو شك فيه فلم يذكر) ذلك ( إلا وهو يسعى بين الصفا والمروة فإنه يقطع سعيه ثم يتم طوافه بالبيت على ما يستيقن) فيبني على الأقل إن شك ( ويركع ركعتي الطواف ثم يبتدئ سعيه بين الصفا والمروة) ولا يعتد بما سعى لأن صحته بتقدم طواف ( مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل بين الصفا والمروة) كذا رواه ابن وضاح ولابن يحيى بإسقاط قوله والمروة وكأنه اكتفى بلفظ بين المقيدة لذلك قال ابن عبد البر كذا ليحيى بين الصفا والمروة وقال غيره من رواة الموطأ إذا نزل من الصفا مشى ولا أعلم لرواية يحيى وجهًا إلا أن تحمل على ما رواه الناس لأن ظاهر قوله نزل بين الصفا والمروة يدل على أنه كان راكبًا فنزل بينهما ورواية غيره من الصفا والصفا جبل لا تحتمل ذلك ( مشى) المشي المعتاد ( حتى إذا انصبت قدماه) قال عياض مجاز من قولهم صب الماء وانصب أي انحدرت ومنه إذا مشى كأنه ينحط في صبب أي موضع منحدر ( في بطن الوادي سعى) أي مشى بقوة أي أسرع في المشي وفي رواية مسلم وغيره رمل ( حتى يخرج منه) أي بطن الوادي فيمشي على العادة باقي السعي فيسن الإسراع ببطن الوادي ولا دم في تركه عند الجمهور وقد روى الشافعي وأحمد والدارقطني عن صفية بنت شيبة أخبرتني نسوة من بني عبد الدار أنهن رأين رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى وإن مئزره ليدور من شدة السعي ويقول اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي في إسناده عبد الله بن المؤمل فيه ضعف لكن له طريق أخرى عند ابن خزيمة مختصرة وعند الطبراني عن ابن عباس كالأول وإذا انضمت إلى الأولى قويت ( قال مالك في رجل جهل فبدأ بالسعي بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت قال ليرجع) وجوبًا ( فليطف بالبيت ثم ليسعى) وفي نسخة ثم يسعى بين الصفا والمروة ( وإن جهل ذلك) أي استمر جهله ( حتى يخرج من مكة ويستبعد فإنه يرجع إلى مكة فيطوف بالبيت و) بعده ( يسعى بين الصفا والمروة) لأن ما فعله أولا كلا فعل ( وإن كان أصاب النساء رجع فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة حتى يتم ما بقي عليه من تلك العمرة) التي فسدت لوجوب إتمام المفسد ( ثم عليه عمرة أخرى) قضاء ( والهدي) في القضاء جبرًا.



رقم الحديث 842 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، كَانَتْ عِنْدَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فَخَرَجَتْ تَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، مَاشِيَةً، وَكَانَتِ امْرَأَةً ثَقِيلَةً.
فَجَاءَتْ حِينَ انْصَرَفَ النَّاسُ مِنَ الْعِشَاءِ.
فَلَمْ تَقْضِ طَوَافَهَا.
حَتَّى نُودِيَ بِالْأُولَى مِنَ الصُّبْحِ.
فَقَضَتْ طَوَافَهَا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ،
وَكَانَ عُرْوَةُ، إِذَا رَآهُمْ يَطُوفُونَ عَلَى الدَّوَابِّ، يَنْهَاهُمْ أَشَدَّ النَّهْيِ.
فَيَعْتَلُّونَ بِالْمَرَضِ حَيَاءً مِنْهُ، فَيَقُولُ لَنَا، فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ: لَقَدْ خَابَ هَؤُلَاءِ وَخَسِرُوا قَالَ مالِكٌ: مَنْ نَسِيَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فِي عُمْرَةٍ.
فَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى يَسْتَبْعِدَ مِنْ مَكَّةَ: أَنَّهُ يَرْجِعُ فَيَسْعَى.
وَإِنْ كَانَ قَدْ أَصَابَ النِّسَاءَ، فَلْيَرْجِعْ، فَلْيَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
حَتَّى يُتِمَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ أُخْرَى وَالْهَدْيُ وَسُئِلَ مالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَلْقَاهُ الرَّجُلُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَيَقِفُ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ؟ فَقَالَ: لَا أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ قَالَ مالِكٍ: وَمَنْ نَسِيَ مِنْ طَوَافِهِ شَيْئًا، أَوْ شَكَّ فِيهِ، فَلَمْ يَذْكُرْ إِلَّا وَهُوَ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
فَإِنَّهُ يَقْطَعُ سَعْيَهُ.
ثُمَّ يُتِمُّ طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ.
وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ.
ثُمَّ يَبْتَدِئُ سَعْيَهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.


( جامع السعي)

( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال قلت لعائشة أم المؤمنين) كما قال تعالى { { وأزواجه أمهاتهم } } وهل يقال لهن أيضًا أمهات المؤمنات قولان مرجحان ( وأنا يومئذ حديث السن) أي صغير قال ابن الأثير كناية عن الشباب وأول العمر والحديث ضد القديم وفيه تقديم عذره في السؤال وأن التباسه عليه نشأ من الحداثة ( أرأيت قول الله) أي أخبرني عن مفهوم قوله ( تبارك وتعالى { { إن الصفا والمروة } } ) جبلي السعي اللذين يسعى من إحداهما إلى الآخر والصفا في الأصل جمع صفاة وهي الصخرة والحجر الأملس والمروة في الأصل حجر أبيض براق { { من شعائر الله } } أي المعالم التي ندب الله إليها وأمر بالقيام عليها قاله الأزهري وقال الجوهري الشعائر أعمال الحج وكل ما جعل علمًا لطاعة الله { { فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح } } لا إثم { { عليه أن يطوف } } بشد الطاء أصله يتطوف أبدلت التاء طاء لقرب مخرجه أو أدغمت التاء في الطاء { { بهما } } أي يسعى بينهما ( فما على الرجل) وصف طردي والمراد الحاج أو المعتمر ( شيء) وفي رواية القعنبي وابن وهب والتنيسي فما أرى على أحد شيئًا بضم الهمزة أظن وبفتحها أعتقد وفي رواية الزهري عن عروة فوالله ما على أحد جناح ( أن لا يطوف بهما) إذ مفهومها أن السعي ليس بواجب لأنها دلت على رفع الجناح وهو الإثم عن فاعله وذلك يدل على إباحته ولو كان واجبًا لما قيل فيه ذلك لأن رفع الإثم علامة الإباحة ويزاد المستحب بإثبات الأجر والوجوب بعقاب التارك ( فقالت عائشة) ردًا عليه ( كلا) ردع له وزجر عن اعتقاده ذلك وفهمه من الآية وفي رواية الزهري بئس ما قلت يا ابن أختي ( لو كان) الأمر والشأن ( كما تقول) وفي رواية الزهري كما أولتها عليه ( لكانت) الآية ( فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما) أي لا جناح في ترك الطواف بهما فكانت تدل على رفع الإثم عن التارك وذلك حقيقة المباح أما ولفظها بدون لا فهي ساكتة عن الوجوب وعدمه مصرحة بعدم الإثم عن الفاعل وحكمته مطابقة جواب السائلين لأنهم توهموا من فعلهم ذلك في الجاهلية أن لا يستمر ذلك في الإسلام فجاء الجواب مطابقًا لسؤالهم وأما الوجوب فمستفاد من أدلة أخر كفعله صلى الله عليه وسلم له ومواظبته عليه في كل نسك مع قوله خذوا عني مناسككم قال المازري هذا من بديع فقه عائشة ومعرفتها بأحكام الألفاظ لأن الآية إنما اقتضى ظاهرها رفع الحرج عن الطائف بينهما وليس نصًا في سقوط الوجوب فأخبرته أن ذلك محتمل ولو كان نصًا لقال أن لا يطوف وقد يكون الفعل واجبًا ويعتقد إنسان أنه قد يمنع من إيقاعه على صفة كمن عليه الظهر فظن أنه لا يشرع له صلاتها عند الغروب فسأل فقيل لا حرج عليك إن صليته فالجواب صحيح ولا يقتضي نفي وجوب الظهر عليه ثم بينت له أن التعبير بنفي الجناح لوروده على سبب فقالت ( إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار) بالراء كما عزاه الخطابي لأكثر الروايات وأن في بعضها الأنصاب بالموحدة بدل الراء قال فإن كان محفوظًا فهو جمع نصب وهو ما ينصب من الأصنام ليعبد من دون الله انتهى وقد حكى ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس أنهم قرؤوا الآية أن لا يطوف وأجاب ابن جرير والطحاوي بحملها على القراءة المشهورة ولا زائدة وقال غيرهما لا حجة في الشواذ إذا خالفت المشهور ( كانوا يهلون) أي يحجون قبل أن يسلموا ( لمناة) بفتح الميم والنون الخفيفة فألف ثم تاء مخفوض بالفتحة للعلمية والتأنيث سميت بذلك لأن النسائك كانت تمنى أي تراق عندها وهي صنم كانت في الجاهلية وقال ابن الكلبي كانت صخرة نصبها عمرو بن لحي لهذيل فكانوا يعبدونها ( وكانت مناة حذو) بفتح المهملة وسكون المعجمة أي مقابل ( قديد) بضم القاف وفتح المهملة بعدها تحتية ثم مهملة قرية جامعة بين مكة والمدينة كثيرة المياه قاله أبو عبيد البكري وفي رواية سفيان عن الزهري بالمشلل من قديد بضم الميم وفتح المعجمة وفتح اللام الأولى ثنية مشرفة على قديد ( وكانوا يتحرجون) بالمهملة والجيم أي يتحرزون ( أن يطوفوا بين الصفا والمروة) أي يتركون ذلك خشية الحرج وهو الإثم مثل قولهم يتحنث ويتأثم أي ينفي الحنث والإثم عن نفسه والمعنى أنهم كانوا في الجاهلية لا يطوفون بينهما ويقتصرون على الطواف بمناة ( فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك) وفي رواية سفيان عن الزهري عند مسلم وإنما كان من أهل لمناة الطاغية التي بالمشلل لا يطوفون بين الصفا والمروة وله من رواية يونس عن الزهري أن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا هم وغسان يهلون لمناة وكان ذلك سنة في آبائهم من أحرم لمناة لم يطف بين الصفا والمروة فهذا كله موافق لرواية مالك عن هشام وقد تابعه عليها أبو أسامة عن هشام بلفظ إنما أنزل الله هذا في أناس من الأنصار كانوا إذا أهلوا لمناة في الجاهلية فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة أخرجه مسلم وخالفهما أبو معاوية عنده عن هشام وخالف جميع الروايات عن الزهري فقال إنما كان ذلك لأن الأنصار كانوا يهلون في الجاهلية لصنمين على شط البحر يقال لهما إساف ونائلة ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة ثم يحلقون فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون فمقتضاه أن تحرجهم إنما كان لئلا يفعلوا في الإسلام شيئًا فعلوه في الجاهلية لأن الإسلام أبطل أفعالها إلا ما أذن فيه الشارع فخشوا أن ذلك مما أبطله وجمع الحافظ باحتمال أن الأنصار في الجاهلية كانوا فريقين منهم من كان يطوف بينهما على ما اقتضته هذه الرواية ومنهم من لا يطوف بينهما على ما اقتضاه باقي الروايات واشترك الفريقان في الإسلام في التوقف عن الطواف بينهما لكونه كان عندهم جميعًا من أفعال الجاهلية وقد أشار إلى نحو هذا الجمع البيهقي إلا أن قوله لصنمين على شط البحر وهم فإنهما ما كانا قط على شطه وإنما كانا على الصفا والمروة وإنما كانت مناة مما يلي جهة البحر نبه عليه عياض وللنسائي بإسناد قوي عن زيد بن حارثة قال كان على الصفا والمروة صنمان من نحاس يقال لهما إساف ونائلة كان المشركون إذا طافوا يمسحوا بهما وسقط أيضًا من روايته إهلالهم أولاً لمناة فكأنهم يهلون لمناة يبدؤون بها ثم يطوفون بين الصفا والمروة لأجل إساف ونائلة فمن ثم تحرجوا عن الطواف بينهما في الإسلام ويؤيده حديث الصحيحين عن عاصم قلت لأنس أكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة قال نعم لأنها كانت من شعائر الجاهلية ( فأنزل الله تبارك وتعالى { { إن الصفا والمروة من شعائر الله } } ) أعلام مناسكه جمع شعيرة وهي العلامة { { فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح } } إثم { { عليه } } في { { أن يطوف بهما } } زاد أبو معاوية قالت فطافوا وزاد أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة أخرجهما مسلم وفي رواية الزهري في الصحيحين قالت عائشة وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما والمراد فرضه بالسنة لا نفي الفريضة لقولها ما أتم الله إلخ وقد ذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أن السعي ركن لا يصح الحج إلا به ولا يجبر بدم ولا غيره وقال به مالك والشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة هو واجب فإن تركه عصى وجبر بالدم وصح حجه وقال به الحسن البصري وقتادة وسفيان الثوري وقال أنس وابن الزبير ومحمد بن سيرين إنه تطوع قال الطحاوي لا حجة لمن قال إنه مستحب في قوله تعالى { { فمن تطوع خيرًا } } لأنه راجع إلى أصل الحج والعمرة لا إلى خصوص السعي لإجماع المسلمين على أن التطوع بالسعي لغير الحاج والمعتمر غير مشروع وروى الطبري وابن أبي حاتم بإسناد حسن عن ابن عباس قال قالت الأنصار إن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية فأنزل الله الآية وروى الفاكهي وإسماعيل القاضي بإسناد صحيح عن الشعبي قال كان صنم بالصفا يدعى إساف ووثن بالمروة يدعى نائلة فكان أهل الجاهلية يسعون بينهما فلما جاء الإسلام رمى بهما وقال إنما كان يصنعه أهل الجاهلية من أجل أوثانهم فأمسكوا عن السعي بينهما فأنزل الله الآية وذكر الواحدي عن ابن عباس نحوه وزاد فيه يزعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة فمسخا حجرين فوضعا على الصفا والمروة ليعتبر بهما فلما طالت المدة عبدا وفي الحديث أنه لا بأس بمباحثة الصغير للكبير واستنباطه بحضوره من القرآن وتعبيره بلفظ أرأيت وبلفظ ما أرى لأن عائشة لم تنكر شيئًا من ذلك وأخرجه البخاري في التفسير عن عبد الله بن يوسف وأبو داود هنا عن القعنبي والنسائي من طريق ابن القاسم وأبو داود أيضًا من طريق ابن وهب الأربعة عن مالك به وتابعه أبو أسامة وأبو معاوية عن هشام بنحوه عند مسلم وتابعه في شيخه هشام بن شهاب عن عروة في الصحيحين وغيرهما بنحوه ( مالك عن هشام بن عروة أن سودة بنت عبد الله بن عمر كانت عند عروة بن الزبير فخرجت تطوف بين الصفا والمروة في حج أو عمرة) شك الراوي ( ماشية وكانت امرأة ثقيلة) ضد خفيفة كناية عن سمنها أو بطئها في المشي ( فجاءت حين انصرف الناس من) صلاة ( العشاء) لتطوف وتسعى ليلاً لأنه أستر ( فلم تقض) تتم ( طوافها حتى نودي بالأول) وفي نسخة بالأولى ( من الصبح فقضت طوافها فيما بينها) أي الأولى ( وبينه) أي الانصراف من العشاء أو فيما بين العشاء وبين البدء بالأولى فحاصله أنها لثقلها أقامت في الطواف والسعي من العشاء إلى الأذان الأول للصبح ( وكان عروة إذا رآهم يطوفون على الدواب ينهاهم أشد النهي فيعتلون) أي يتمسكون له ( بالمرض حياء منه) لا حقيقة يقال اعتل إذا تمسك بحجة ذكر معناه الفارابي ( فيقول لنا فيما بيننا وبينه لقد خاب هؤلاء وخسروا) لمخالفة المصطفى لأنه سعى ماشيًا كما يأتي ( قال مالك من نسي السعي بين الصفا والمروة في عمرة فلم يذكر حتى يستبعد من مكة) أي يجاوزها ببعد ( أنه يرجع) وجوبًا مجتنبًا ما يحرم على المحرم فيسعى ولا فرق في وجوب رجوعه له بين أن تكون لم تفسد أم لا ( و) لكن ( إن كان قد أصاب النساء) ففسدت ( فليرجع فليسع بين الصفا والمروة حتى يتم ما بقي عليه من تلك العمرة) التي فسدت لوجوب إتمامها ( ثم عليه عمرة أخرى) قضاء عن التي أفسد ( والهدي) في القضاء للفساد ( سئل مالك عن الرجل يلقاه الرجل بين الصفا والمروة فيقف معه فيحدثه فقال لا أحب ذلك) لأن المطلوب حينئذ الذكر والدعاء ( قال مالك ومن نسي من طوافه شيئًا أو شك فيه فلم يذكر) ذلك ( إلا وهو يسعى بين الصفا والمروة فإنه يقطع سعيه ثم يتم طوافه بالبيت على ما يستيقن) فيبني على الأقل إن شك ( ويركع ركعتي الطواف ثم يبتدئ سعيه بين الصفا والمروة) ولا يعتد بما سعى لأن صحته بتقدم طواف ( مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل بين الصفا والمروة) كذا رواه ابن وضاح ولابن يحيى بإسقاط قوله والمروة وكأنه اكتفى بلفظ بين المقيدة لذلك قال ابن عبد البر كذا ليحيى بين الصفا والمروة وقال غيره من رواة الموطأ إذا نزل من الصفا مشى ولا أعلم لرواية يحيى وجهًا إلا أن تحمل على ما رواه الناس لأن ظاهر قوله نزل بين الصفا والمروة يدل على أنه كان راكبًا فنزل بينهما ورواية غيره من الصفا والصفا جبل لا تحتمل ذلك ( مشى) المشي المعتاد ( حتى إذا انصبت قدماه) قال عياض مجاز من قولهم صب الماء وانصب أي انحدرت ومنه إذا مشى كأنه ينحط في صبب أي موضع منحدر ( في بطن الوادي سعى) أي مشى بقوة أي أسرع في المشي وفي رواية مسلم وغيره رمل ( حتى يخرج منه) أي بطن الوادي فيمشي على العادة باقي السعي فيسن الإسراع ببطن الوادي ولا دم في تركه عند الجمهور وقد روى الشافعي وأحمد والدارقطني عن صفية بنت شيبة أخبرتني نسوة من بني عبد الدار أنهن رأين رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى وإن مئزره ليدور من شدة السعي ويقول اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي في إسناده عبد الله بن المؤمل فيه ضعف لكن له طريق أخرى عند ابن خزيمة مختصرة وعند الطبراني عن ابن عباس كالأول وإذا انضمت إلى الأولى قويت ( قال مالك في رجل جهل فبدأ بالسعي بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت قال ليرجع) وجوبًا ( فليطف بالبيت ثم ليسعى) وفي نسخة ثم يسعى بين الصفا والمروة ( وإن جهل ذلك) أي استمر جهله ( حتى يخرج من مكة ويستبعد فإنه يرجع إلى مكة فيطوف بالبيت و) بعده ( يسعى بين الصفا والمروة) لأن ما فعله أولا كلا فعل ( وإن كان أصاب النساء رجع فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة حتى يتم ما بقي عليه من تلك العمرة) التي فسدت لوجوب إتمام المفسد ( ثم عليه عمرة أخرى) قضاء ( والهدي) في القضاء جبرًا.



رقم الحديث 843 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا نَزَلَ مِنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، مَشَى حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي، سَعَى حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ جَهِلَ فَبَدَأَ بِالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ؟ قَالَ: لِيَرْجِعْ.
فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ.
ثُمَّ لْيَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ وَيَسْتَبْعِدَ.
فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَكَّةَ فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
وَإِنْ كَانَ أَصَابَ النِّسَاءَ رَجَعَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
حَتَّى يُتِمَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْعُمْرَةِ.
ثُمَّ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ أُخْرَى وَالْهَدْيُ.


( جامع السعي)

( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال قلت لعائشة أم المؤمنين) كما قال تعالى { { وأزواجه أمهاتهم } } وهل يقال لهن أيضًا أمهات المؤمنات قولان مرجحان ( وأنا يومئذ حديث السن) أي صغير قال ابن الأثير كناية عن الشباب وأول العمر والحديث ضد القديم وفيه تقديم عذره في السؤال وأن التباسه عليه نشأ من الحداثة ( أرأيت قول الله) أي أخبرني عن مفهوم قوله ( تبارك وتعالى { { إن الصفا والمروة } } ) جبلي السعي اللذين يسعى من إحداهما إلى الآخر والصفا في الأصل جمع صفاة وهي الصخرة والحجر الأملس والمروة في الأصل حجر أبيض براق { { من شعائر الله } } أي المعالم التي ندب الله إليها وأمر بالقيام عليها قاله الأزهري وقال الجوهري الشعائر أعمال الحج وكل ما جعل علمًا لطاعة الله { { فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح } } لا إثم { { عليه أن يطوف } } بشد الطاء أصله يتطوف أبدلت التاء طاء لقرب مخرجه أو أدغمت التاء في الطاء { { بهما } } أي يسعى بينهما ( فما على الرجل) وصف طردي والمراد الحاج أو المعتمر ( شيء) وفي رواية القعنبي وابن وهب والتنيسي فما أرى على أحد شيئًا بضم الهمزة أظن وبفتحها أعتقد وفي رواية الزهري عن عروة فوالله ما على أحد جناح ( أن لا يطوف بهما) إذ مفهومها أن السعي ليس بواجب لأنها دلت على رفع الجناح وهو الإثم عن فاعله وذلك يدل على إباحته ولو كان واجبًا لما قيل فيه ذلك لأن رفع الإثم علامة الإباحة ويزاد المستحب بإثبات الأجر والوجوب بعقاب التارك ( فقالت عائشة) ردًا عليه ( كلا) ردع له وزجر عن اعتقاده ذلك وفهمه من الآية وفي رواية الزهري بئس ما قلت يا ابن أختي ( لو كان) الأمر والشأن ( كما تقول) وفي رواية الزهري كما أولتها عليه ( لكانت) الآية ( فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما) أي لا جناح في ترك الطواف بهما فكانت تدل على رفع الإثم عن التارك وذلك حقيقة المباح أما ولفظها بدون لا فهي ساكتة عن الوجوب وعدمه مصرحة بعدم الإثم عن الفاعل وحكمته مطابقة جواب السائلين لأنهم توهموا من فعلهم ذلك في الجاهلية أن لا يستمر ذلك في الإسلام فجاء الجواب مطابقًا لسؤالهم وأما الوجوب فمستفاد من أدلة أخر كفعله صلى الله عليه وسلم له ومواظبته عليه في كل نسك مع قوله خذوا عني مناسككم قال المازري هذا من بديع فقه عائشة ومعرفتها بأحكام الألفاظ لأن الآية إنما اقتضى ظاهرها رفع الحرج عن الطائف بينهما وليس نصًا في سقوط الوجوب فأخبرته أن ذلك محتمل ولو كان نصًا لقال أن لا يطوف وقد يكون الفعل واجبًا ويعتقد إنسان أنه قد يمنع من إيقاعه على صفة كمن عليه الظهر فظن أنه لا يشرع له صلاتها عند الغروب فسأل فقيل لا حرج عليك إن صليته فالجواب صحيح ولا يقتضي نفي وجوب الظهر عليه ثم بينت له أن التعبير بنفي الجناح لوروده على سبب فقالت ( إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار) بالراء كما عزاه الخطابي لأكثر الروايات وأن في بعضها الأنصاب بالموحدة بدل الراء قال فإن كان محفوظًا فهو جمع نصب وهو ما ينصب من الأصنام ليعبد من دون الله انتهى وقد حكى ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس أنهم قرؤوا الآية أن لا يطوف وأجاب ابن جرير والطحاوي بحملها على القراءة المشهورة ولا زائدة وقال غيرهما لا حجة في الشواذ إذا خالفت المشهور ( كانوا يهلون) أي يحجون قبل أن يسلموا ( لمناة) بفتح الميم والنون الخفيفة فألف ثم تاء مخفوض بالفتحة للعلمية والتأنيث سميت بذلك لأن النسائك كانت تمنى أي تراق عندها وهي صنم كانت في الجاهلية وقال ابن الكلبي كانت صخرة نصبها عمرو بن لحي لهذيل فكانوا يعبدونها ( وكانت مناة حذو) بفتح المهملة وسكون المعجمة أي مقابل ( قديد) بضم القاف وفتح المهملة بعدها تحتية ثم مهملة قرية جامعة بين مكة والمدينة كثيرة المياه قاله أبو عبيد البكري وفي رواية سفيان عن الزهري بالمشلل من قديد بضم الميم وفتح المعجمة وفتح اللام الأولى ثنية مشرفة على قديد ( وكانوا يتحرجون) بالمهملة والجيم أي يتحرزون ( أن يطوفوا بين الصفا والمروة) أي يتركون ذلك خشية الحرج وهو الإثم مثل قولهم يتحنث ويتأثم أي ينفي الحنث والإثم عن نفسه والمعنى أنهم كانوا في الجاهلية لا يطوفون بينهما ويقتصرون على الطواف بمناة ( فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك) وفي رواية سفيان عن الزهري عند مسلم وإنما كان من أهل لمناة الطاغية التي بالمشلل لا يطوفون بين الصفا والمروة وله من رواية يونس عن الزهري أن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا هم وغسان يهلون لمناة وكان ذلك سنة في آبائهم من أحرم لمناة لم يطف بين الصفا والمروة فهذا كله موافق لرواية مالك عن هشام وقد تابعه عليها أبو أسامة عن هشام بلفظ إنما أنزل الله هذا في أناس من الأنصار كانوا إذا أهلوا لمناة في الجاهلية فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة أخرجه مسلم وخالفهما أبو معاوية عنده عن هشام وخالف جميع الروايات عن الزهري فقال إنما كان ذلك لأن الأنصار كانوا يهلون في الجاهلية لصنمين على شط البحر يقال لهما إساف ونائلة ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة ثم يحلقون فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون فمقتضاه أن تحرجهم إنما كان لئلا يفعلوا في الإسلام شيئًا فعلوه في الجاهلية لأن الإسلام أبطل أفعالها إلا ما أذن فيه الشارع فخشوا أن ذلك مما أبطله وجمع الحافظ باحتمال أن الأنصار في الجاهلية كانوا فريقين منهم من كان يطوف بينهما على ما اقتضته هذه الرواية ومنهم من لا يطوف بينهما على ما اقتضاه باقي الروايات واشترك الفريقان في الإسلام في التوقف عن الطواف بينهما لكونه كان عندهم جميعًا من أفعال الجاهلية وقد أشار إلى نحو هذا الجمع البيهقي إلا أن قوله لصنمين على شط البحر وهم فإنهما ما كانا قط على شطه وإنما كانا على الصفا والمروة وإنما كانت مناة مما يلي جهة البحر نبه عليه عياض وللنسائي بإسناد قوي عن زيد بن حارثة قال كان على الصفا والمروة صنمان من نحاس يقال لهما إساف ونائلة كان المشركون إذا طافوا يمسحوا بهما وسقط أيضًا من روايته إهلالهم أولاً لمناة فكأنهم يهلون لمناة يبدؤون بها ثم يطوفون بين الصفا والمروة لأجل إساف ونائلة فمن ثم تحرجوا عن الطواف بينهما في الإسلام ويؤيده حديث الصحيحين عن عاصم قلت لأنس أكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة قال نعم لأنها كانت من شعائر الجاهلية ( فأنزل الله تبارك وتعالى { { إن الصفا والمروة من شعائر الله } } ) أعلام مناسكه جمع شعيرة وهي العلامة { { فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح } } إثم { { عليه } } في { { أن يطوف بهما } } زاد أبو معاوية قالت فطافوا وزاد أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة أخرجهما مسلم وفي رواية الزهري في الصحيحين قالت عائشة وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما والمراد فرضه بالسنة لا نفي الفريضة لقولها ما أتم الله إلخ وقد ذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أن السعي ركن لا يصح الحج إلا به ولا يجبر بدم ولا غيره وقال به مالك والشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة هو واجب فإن تركه عصى وجبر بالدم وصح حجه وقال به الحسن البصري وقتادة وسفيان الثوري وقال أنس وابن الزبير ومحمد بن سيرين إنه تطوع قال الطحاوي لا حجة لمن قال إنه مستحب في قوله تعالى { { فمن تطوع خيرًا } } لأنه راجع إلى أصل الحج والعمرة لا إلى خصوص السعي لإجماع المسلمين على أن التطوع بالسعي لغير الحاج والمعتمر غير مشروع وروى الطبري وابن أبي حاتم بإسناد حسن عن ابن عباس قال قالت الأنصار إن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية فأنزل الله الآية وروى الفاكهي وإسماعيل القاضي بإسناد صحيح عن الشعبي قال كان صنم بالصفا يدعى إساف ووثن بالمروة يدعى نائلة فكان أهل الجاهلية يسعون بينهما فلما جاء الإسلام رمى بهما وقال إنما كان يصنعه أهل الجاهلية من أجل أوثانهم فأمسكوا عن السعي بينهما فأنزل الله الآية وذكر الواحدي عن ابن عباس نحوه وزاد فيه يزعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة فمسخا حجرين فوضعا على الصفا والمروة ليعتبر بهما فلما طالت المدة عبدا وفي الحديث أنه لا بأس بمباحثة الصغير للكبير واستنباطه بحضوره من القرآن وتعبيره بلفظ أرأيت وبلفظ ما أرى لأن عائشة لم تنكر شيئًا من ذلك وأخرجه البخاري في التفسير عن عبد الله بن يوسف وأبو داود هنا عن القعنبي والنسائي من طريق ابن القاسم وأبو داود أيضًا من طريق ابن وهب الأربعة عن مالك به وتابعه أبو أسامة وأبو معاوية عن هشام بنحوه عند مسلم وتابعه في شيخه هشام بن شهاب عن عروة في الصحيحين وغيرهما بنحوه ( مالك عن هشام بن عروة أن سودة بنت عبد الله بن عمر كانت عند عروة بن الزبير فخرجت تطوف بين الصفا والمروة في حج أو عمرة) شك الراوي ( ماشية وكانت امرأة ثقيلة) ضد خفيفة كناية عن سمنها أو بطئها في المشي ( فجاءت حين انصرف الناس من) صلاة ( العشاء) لتطوف وتسعى ليلاً لأنه أستر ( فلم تقض) تتم ( طوافها حتى نودي بالأول) وفي نسخة بالأولى ( من الصبح فقضت طوافها فيما بينها) أي الأولى ( وبينه) أي الانصراف من العشاء أو فيما بين العشاء وبين البدء بالأولى فحاصله أنها لثقلها أقامت في الطواف والسعي من العشاء إلى الأذان الأول للصبح ( وكان عروة إذا رآهم يطوفون على الدواب ينهاهم أشد النهي فيعتلون) أي يتمسكون له ( بالمرض حياء منه) لا حقيقة يقال اعتل إذا تمسك بحجة ذكر معناه الفارابي ( فيقول لنا فيما بيننا وبينه لقد خاب هؤلاء وخسروا) لمخالفة المصطفى لأنه سعى ماشيًا كما يأتي ( قال مالك من نسي السعي بين الصفا والمروة في عمرة فلم يذكر حتى يستبعد من مكة) أي يجاوزها ببعد ( أنه يرجع) وجوبًا مجتنبًا ما يحرم على المحرم فيسعى ولا فرق في وجوب رجوعه له بين أن تكون لم تفسد أم لا ( و) لكن ( إن كان قد أصاب النساء) ففسدت ( فليرجع فليسع بين الصفا والمروة حتى يتم ما بقي عليه من تلك العمرة) التي فسدت لوجوب إتمامها ( ثم عليه عمرة أخرى) قضاء عن التي أفسد ( والهدي) في القضاء للفساد ( سئل مالك عن الرجل يلقاه الرجل بين الصفا والمروة فيقف معه فيحدثه فقال لا أحب ذلك) لأن المطلوب حينئذ الذكر والدعاء ( قال مالك ومن نسي من طوافه شيئًا أو شك فيه فلم يذكر) ذلك ( إلا وهو يسعى بين الصفا والمروة فإنه يقطع سعيه ثم يتم طوافه بالبيت على ما يستيقن) فيبني على الأقل إن شك ( ويركع ركعتي الطواف ثم يبتدئ سعيه بين الصفا والمروة) ولا يعتد بما سعى لأن صحته بتقدم طواف ( مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل بين الصفا والمروة) كذا رواه ابن وضاح ولابن يحيى بإسقاط قوله والمروة وكأنه اكتفى بلفظ بين المقيدة لذلك قال ابن عبد البر كذا ليحيى بين الصفا والمروة وقال غيره من رواة الموطأ إذا نزل من الصفا مشى ولا أعلم لرواية يحيى وجهًا إلا أن تحمل على ما رواه الناس لأن ظاهر قوله نزل بين الصفا والمروة يدل على أنه كان راكبًا فنزل بينهما ورواية غيره من الصفا والصفا جبل لا تحتمل ذلك ( مشى) المشي المعتاد ( حتى إذا انصبت قدماه) قال عياض مجاز من قولهم صب الماء وانصب أي انحدرت ومنه إذا مشى كأنه ينحط في صبب أي موضع منحدر ( في بطن الوادي سعى) أي مشى بقوة أي أسرع في المشي وفي رواية مسلم وغيره رمل ( حتى يخرج منه) أي بطن الوادي فيمشي على العادة باقي السعي فيسن الإسراع ببطن الوادي ولا دم في تركه عند الجمهور وقد روى الشافعي وأحمد والدارقطني عن صفية بنت شيبة أخبرتني نسوة من بني عبد الدار أنهن رأين رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى وإن مئزره ليدور من شدة السعي ويقول اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي في إسناده عبد الله بن المؤمل فيه ضعف لكن له طريق أخرى عند ابن خزيمة مختصرة وعند الطبراني عن ابن عباس كالأول وإذا انضمت إلى الأولى قويت ( قال مالك في رجل جهل فبدأ بالسعي بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت قال ليرجع) وجوبًا ( فليطف بالبيت ثم ليسعى) وفي نسخة ثم يسعى بين الصفا والمروة ( وإن جهل ذلك) أي استمر جهله ( حتى يخرج من مكة ويستبعد فإنه يرجع إلى مكة فيطوف بالبيت و) بعده ( يسعى بين الصفا والمروة) لأن ما فعله أولا كلا فعل ( وإن كان أصاب النساء رجع فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة حتى يتم ما بقي عليه من تلك العمرة) التي فسدت لوجوب إتمام المفسد ( ثم عليه عمرة أخرى) قضاء ( والهدي) في القضاء جبرًا.