فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الْهَدْيِ

رقم الحديث 850 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَهْدَى جَمَلًا كَانَ لِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.


( ما يجوز من الهدي)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) الأنصاري المدني قاضيها قال ابن عبد البر لا خلاف بين رواة الموطأ أنه لمالك عن عبد الله وغلط يحيى فقال عن نافع عن عبد الله ولم يرو نافع عن عبد الله شيئًا بل عبد الله ممن يصلح أن يروي عن نافع وقد روى عنه من هو أجل منه ولسويد بن سعيد مالك عن الزهري عن أنس عن أبي بكر وهو من خطأ سويد وغلطه ولم يروه ابن وضاح عن يحيى إلا كما رواه سائر الرواة عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر وهو مرسل يستند من وجوه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى جملاً) ذكر الإبل باتفاق أهل اللغة ونقل الجوهري عن ابن السكيت أنه إنما يسمى جملاً إذا أربع أي دخل في السنة الرابعة وذكر المنذري أن اسم هذا الجمل عصيفير ( كان لأبي جهل) عمرو ( بن هشام) المخزومي فرعون هذه الأمة الأحول المأبون كنته العرب أبا الحكم وكناه الشارع بأبي جهل ( في حج أو عمرة) شك الراوي وورد أنه في عمرة أبي داود من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هداياه جملاً كان لأبي جهل في رأسه برة من فضة وفي رواية من ذهب يغيظ بذلك المشركين وابن إسحاق مدلس ولم يصرح بالتحديث لكن له شاهد في ابن ماجه من طريق الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى في بدنه جملاً لأبي جهل برته من فضة وبرة بضم الموحدة وفتح الراء الخفيفة وهاء حلقة تجعل في أنف البعير وفيه إهداء الذكر وحكي عن ابن عمر كراهته في الإبل وإنما أغاظهم به لأنه كان معروفًا بأبي جهل فحازه المصطفى فغاظهم أن يروه في يده وصاحبه قتيل سليب قاله الخطابي أو بسبب حليته أو بالأمرين معًا ( مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً) قال الحافظ لم أقف على اسمه بعد طول البحث ( يسوق بدنة) زاد مسلم من طريق المغيرة عن أبي الزناد مقلدة وللبخاري من وجه آخر مقلدة نعلاً والبدنة تقع على الجمل والناقة والبقرة وكثر استعمالها فيما كان هديًا وفي البخاري قال مجاهد سميت البدن ببدنها بفتح الموحدة والمهملة للأكثر وبضمها وسكون الدال وفي رواية لبدانتها أي سمنها ولعبد بن حميد عن مجاهد إنما سميت البدن من قبل السمانة ( فقال اركبها) لضرورتك ففي رواية أنه رأى رجلاً يسوق بدنة وقد أجهد فقال له اركبها ( فقال يا رسول الله إنها بدنة) أي هدي ( فقال اركبها ويلك في الثانية أو الثالثة) بالشك من الراوي وفي رواية همام عند مسلم ويلك اركبها ويلك اركبها ولأحمد من رواية عبد الرحمن بن إسحاق والثوري كلاهما عن أبي الزناد ومن طريق ابن عجلان عن أبي هريرة قال اركبها ويحك قال إنها بدنة قال اركبها ويحك زاد البخاري من رواية عكرمة عن أبي هريرة فلقد رأيته راكبها يساير النبي صلى الله عليه وسلم والنعل في عنقها وهذه الطرق دالة على أنه أطلق البدنة على الواحدة من الإبل المهداة إلى البيت إذ لو كان المراد مدلولها اللغوي لم يحسن الجواب بأنها بدنة لأن كونها من الإبل معلوم فالظاهر أن الرجل ظن أنه خفي عليه كونها هديًا فقال إنها بدنة والحق أن ذلك لم يخف على النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت مقلدة ولذا قال لما زاد في مراجعته ويلك تأديبًا لمراجعته مع عدم خفاء الحال عليه وبه جزم ابن عبد البر وابن العربي وبالغ فقال الويل لمن راجع في ذلك بعد هذا ولولا أنه صلى الله عليه وسلم اشترط على ربه ما اشترط لهلك الرجل لا محالة قال القرطبي ويحتمل أنه فهم عنه ترك ركوبها على عادة الجاهلية في السائبة وغيرها فزجره عن ذلك فعلى الحالتين فهي دعاء ورجحه عياض وغيره قالوا والأمر هنا وإن قلنا إنه للإرشاد لكنه استحق الذم بتوقفه عن امتثال الأمر والذي يظهر أنه ما ترك الامتثال عنادًا ويحتمل أنه ظن أنه يلزم غرم بركوبها أو إثم وأن الإذن بركوبها إنما هو للشفقة عليه فلما أغلظ له بادر إلى الامتثال وقيل لأنه أشرف على هلكة من الجهد وويل يقال لمن وقع في هلكة فالمعنى أشرفت على الهلكة فاركب فعلى هذا هي إخبار وقيل هي كلمة تدعم بها العرب كلامها ولا تقصد معناها كقولهم لا أم لك ويقويه ما تقدم في بعض الروايات بلفظ ويحك بدل ويلك فإنه يقال ويلك لمن وقع في هلكة يستحقها وويح لمن وقع في هلكة لا يستحقها وفي الحديث تكرير الفتوى والندب إلى المبادرة إلى امتثال الأمر وزجر من لم يبادر وتوبيخه وجواز مسايرة الكبار في السفر وأن الكبير إذا رأى مصلحة للصغير لا يأنف عن إرشاده إليها واحتج بإطلاقه وبقوله تعالى { { لكم فيها منافع } } من أجاز ركوب الهدي اختيارًا حيث لا يضرها ورواه ابن نافع عن مالك وكرهه الجمهور ومالك في المشهور إلا لضرورة لحديث مسلم عن جابر مرفوعًا اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرًا قال المازري لأنه مقيد والمقيد يقضي على المطلق ولأنه شيء خرج عنه لله تعالى فلا يرجع فيه ولو أبيح النفع بلا ضرورة أبيح إجارته ولا يجوز باتفاق ثم إذا ركب للعذر لا يلزمه النزول بعد الراحة استصحابًا لإباحة الركوب وهو ما رواه ابن القاسم عن مالك وعنه أيضًا يلزمه لأنه في معنى وجود غيرها وقال بعض أهل الظاهر يجب ركوبها تمسكًا بظاهر الأمر ولمخالفة ما كانوا عليه في الجاهلية من البحيرة والسائبة ورده ابن عبد البر بأن الذين ساقوا الهدي في عهده صلى الله عليه وسلم كانوا كثيرًا ولم يأمر أحدًا منهم بذلك ويرد عليه ما رواه أحمد أن عليًا سئل هل يركب الرجل هديه فقال لا بأس قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالرجال يمشون فيأمرهم يركبون هدي النبي صلى الله عليه وسلم إسناده صالح وله شاهد عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح رواه أبو داود في المراسيل عن عطاء قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالبدنة إذا احتاج إليها سيدها أن يحمل عليها ويركبها غير منهكها قلت هذا المرسل مقيد بالحاجة وعليها يحمل حديث علي فلا يرد على أبي عمر وفيه أنه لا فرق بين هدي التطوع والواجب لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل صاحب البدنة عن ذلك فدل على أن الحكم لا يختلف ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى وأبو داود عن القعنبي والنسائي عن قتيبة الأربعة عن مالك به وتابعه المغيرة بن عبد الرحمن عند مسلم وسفيان الثوري عند ابن ماجه كلاهما عن أبي الزناد به ( مالك عن عبد الله بن دينار أنه كان يرى عبد الله بن عمر يهدي في الحج بدنتين بدنتين) بالتكرير لإفادة عموم التثنية ( وفي العمرة بدنة بدنة) بالتكرير لذلك أيضًا وفيه إيماء لفضل الحج عليها ( قال ورأيته في العمرة ينحر بدنة) مفرد بدن بسكون الدال وبه قرأ الجمهور وبضمهما وبه قرأ الأعرج ورواية عن عاصم وأصلها من الإبل ( وهي قائمة) لاستحباب ذلك ( في دار خالد بن أسيد) بفتح الألف وكسر السين ابن أبي العاصي ابن أمية وهو أخو عتاب أمير مكة وجد أمية بن عبد الله بن خالد قال هشام بن الكلبي أسلم يوم الفتح وأقام بمكة وكان من المؤلفة قال ابن دريد كان جزارًا وروى ابن منده عن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل حين راح إلى منى وفيه ضعف وقيل إنه فقد يوم اليمامة وقيل مات قبل فتح مكة ( وكان فيها) أي الدار ( منزله) أي ابن عمر إذا حج أو اعتمر ( قال) ابن دينار ( ولقد رأيته) أي ابن عمر ( طعن في لبة) بفتح اللام والموحدة ( بدنته حتى خرجت الحربة من تحت كتفها) من قوة الطعنة ( مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز أهدى جملاً في حج أو عمرة) اقتداء بفعل المصطفى فلا كراهة في إهداء الذكور خلافًا لمن قاله ( مالك عن أبي جعفر القارئ) بالهمز المخزومي مولاهم المدني اسمه يزيد بن القعقاع وقيل جندب بن فيروز مات سنة سبع وعشرين وقيل سنة ثلاثين ومائة ( أن عبد الله بن عياش) بشد التحتية وشين معجمة ( ابن أبي ربيعة) واسمه عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي ( المخزومي) الصحابي ابن الصحابي ولد بالحبشة وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن عمر وغيره وأبوه قديم الإسلام ( أهدى بدنتين إحداهما بختية) بضم الباء وإسكان الخاء المعجمة وكسر الفوقية فتحتية ثقيلة أنثى بختي قال في المشارق إبل غلاظ لها سنامان وفي النهاية جمال طوال الأعناق وفي رواية نجيبة بفتح النون وكسر الجيم وإسكان التحتية وموحدة مؤنث نجيب واحد النجب قال في المشارق وهو ما اتخذ للسير والرحائل وفي النهاية هو القوي من الإبل الخفيف السريع ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول إذا نتجت) بضم النون وكسر التاء أي وضعت ( البدنة فليحمل ولدها) على غيرها ( حتى ينحر معها فإن لم يوجد له محمل حمل على أمه حتى ينحر معها) ( مالك عن هشام بن عروة أن أباه قال إذا اضطررت إلى بدنتك فاركبها ركوبًا غير فادح) بالفاء والدال والحاء المهملتين أي ثقيل صعب عليها لقوله صلى الله عليه وسلم اركبها بالمعروف إذا ألجئت إلى ظهرها ( وإذا اضطررت إلى لبنها فاشرب بعد ما يروى فصيلها) وكرهه مالك في حال الاختيار ولو فضل عن ريه لأنه نوع من الرجوع في الصدقة وليتصدق بما فضل ومحل الكراهة حيث لا ضرر وإلا غرم إن أضرها أو فصيلها بشربه أرش النقص أو البدل إن حصل تلف ( فإذا نحرتها فانحر فصيلها معها) وجوبًا.



رقم الحديث 851 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: ارْكَبْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ.
إِنَّهَا بَدَنَةٌ.
فَقَالَ: ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ.


( ما يجوز من الهدي)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) الأنصاري المدني قاضيها قال ابن عبد البر لا خلاف بين رواة الموطأ أنه لمالك عن عبد الله وغلط يحيى فقال عن نافع عن عبد الله ولم يرو نافع عن عبد الله شيئًا بل عبد الله ممن يصلح أن يروي عن نافع وقد روى عنه من هو أجل منه ولسويد بن سعيد مالك عن الزهري عن أنس عن أبي بكر وهو من خطأ سويد وغلطه ولم يروه ابن وضاح عن يحيى إلا كما رواه سائر الرواة عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر وهو مرسل يستند من وجوه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى جملاً) ذكر الإبل باتفاق أهل اللغة ونقل الجوهري عن ابن السكيت أنه إنما يسمى جملاً إذا أربع أي دخل في السنة الرابعة وذكر المنذري أن اسم هذا الجمل عصيفير ( كان لأبي جهل) عمرو ( بن هشام) المخزومي فرعون هذه الأمة الأحول المأبون كنته العرب أبا الحكم وكناه الشارع بأبي جهل ( في حج أو عمرة) شك الراوي وورد أنه في عمرة أبي داود من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هداياه جملاً كان لأبي جهل في رأسه برة من فضة وفي رواية من ذهب يغيظ بذلك المشركين وابن إسحاق مدلس ولم يصرح بالتحديث لكن له شاهد في ابن ماجه من طريق الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى في بدنه جملاً لأبي جهل برته من فضة وبرة بضم الموحدة وفتح الراء الخفيفة وهاء حلقة تجعل في أنف البعير وفيه إهداء الذكر وحكي عن ابن عمر كراهته في الإبل وإنما أغاظهم به لأنه كان معروفًا بأبي جهل فحازه المصطفى فغاظهم أن يروه في يده وصاحبه قتيل سليب قاله الخطابي أو بسبب حليته أو بالأمرين معًا ( مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً) قال الحافظ لم أقف على اسمه بعد طول البحث ( يسوق بدنة) زاد مسلم من طريق المغيرة عن أبي الزناد مقلدة وللبخاري من وجه آخر مقلدة نعلاً والبدنة تقع على الجمل والناقة والبقرة وكثر استعمالها فيما كان هديًا وفي البخاري قال مجاهد سميت البدن ببدنها بفتح الموحدة والمهملة للأكثر وبضمها وسكون الدال وفي رواية لبدانتها أي سمنها ولعبد بن حميد عن مجاهد إنما سميت البدن من قبل السمانة ( فقال اركبها) لضرورتك ففي رواية أنه رأى رجلاً يسوق بدنة وقد أجهد فقال له اركبها ( فقال يا رسول الله إنها بدنة) أي هدي ( فقال اركبها ويلك في الثانية أو الثالثة) بالشك من الراوي وفي رواية همام عند مسلم ويلك اركبها ويلك اركبها ولأحمد من رواية عبد الرحمن بن إسحاق والثوري كلاهما عن أبي الزناد ومن طريق ابن عجلان عن أبي هريرة قال اركبها ويحك قال إنها بدنة قال اركبها ويحك زاد البخاري من رواية عكرمة عن أبي هريرة فلقد رأيته راكبها يساير النبي صلى الله عليه وسلم والنعل في عنقها وهذه الطرق دالة على أنه أطلق البدنة على الواحدة من الإبل المهداة إلى البيت إذ لو كان المراد مدلولها اللغوي لم يحسن الجواب بأنها بدنة لأن كونها من الإبل معلوم فالظاهر أن الرجل ظن أنه خفي عليه كونها هديًا فقال إنها بدنة والحق أن ذلك لم يخف على النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت مقلدة ولذا قال لما زاد في مراجعته ويلك تأديبًا لمراجعته مع عدم خفاء الحال عليه وبه جزم ابن عبد البر وابن العربي وبالغ فقال الويل لمن راجع في ذلك بعد هذا ولولا أنه صلى الله عليه وسلم اشترط على ربه ما اشترط لهلك الرجل لا محالة قال القرطبي ويحتمل أنه فهم عنه ترك ركوبها على عادة الجاهلية في السائبة وغيرها فزجره عن ذلك فعلى الحالتين فهي دعاء ورجحه عياض وغيره قالوا والأمر هنا وإن قلنا إنه للإرشاد لكنه استحق الذم بتوقفه عن امتثال الأمر والذي يظهر أنه ما ترك الامتثال عنادًا ويحتمل أنه ظن أنه يلزم غرم بركوبها أو إثم وأن الإذن بركوبها إنما هو للشفقة عليه فلما أغلظ له بادر إلى الامتثال وقيل لأنه أشرف على هلكة من الجهد وويل يقال لمن وقع في هلكة فالمعنى أشرفت على الهلكة فاركب فعلى هذا هي إخبار وقيل هي كلمة تدعم بها العرب كلامها ولا تقصد معناها كقولهم لا أم لك ويقويه ما تقدم في بعض الروايات بلفظ ويحك بدل ويلك فإنه يقال ويلك لمن وقع في هلكة يستحقها وويح لمن وقع في هلكة لا يستحقها وفي الحديث تكرير الفتوى والندب إلى المبادرة إلى امتثال الأمر وزجر من لم يبادر وتوبيخه وجواز مسايرة الكبار في السفر وأن الكبير إذا رأى مصلحة للصغير لا يأنف عن إرشاده إليها واحتج بإطلاقه وبقوله تعالى { { لكم فيها منافع } } من أجاز ركوب الهدي اختيارًا حيث لا يضرها ورواه ابن نافع عن مالك وكرهه الجمهور ومالك في المشهور إلا لضرورة لحديث مسلم عن جابر مرفوعًا اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرًا قال المازري لأنه مقيد والمقيد يقضي على المطلق ولأنه شيء خرج عنه لله تعالى فلا يرجع فيه ولو أبيح النفع بلا ضرورة أبيح إجارته ولا يجوز باتفاق ثم إذا ركب للعذر لا يلزمه النزول بعد الراحة استصحابًا لإباحة الركوب وهو ما رواه ابن القاسم عن مالك وعنه أيضًا يلزمه لأنه في معنى وجود غيرها وقال بعض أهل الظاهر يجب ركوبها تمسكًا بظاهر الأمر ولمخالفة ما كانوا عليه في الجاهلية من البحيرة والسائبة ورده ابن عبد البر بأن الذين ساقوا الهدي في عهده صلى الله عليه وسلم كانوا كثيرًا ولم يأمر أحدًا منهم بذلك ويرد عليه ما رواه أحمد أن عليًا سئل هل يركب الرجل هديه فقال لا بأس قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالرجال يمشون فيأمرهم يركبون هدي النبي صلى الله عليه وسلم إسناده صالح وله شاهد عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح رواه أبو داود في المراسيل عن عطاء قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالبدنة إذا احتاج إليها سيدها أن يحمل عليها ويركبها غير منهكها قلت هذا المرسل مقيد بالحاجة وعليها يحمل حديث علي فلا يرد على أبي عمر وفيه أنه لا فرق بين هدي التطوع والواجب لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل صاحب البدنة عن ذلك فدل على أن الحكم لا يختلف ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى وأبو داود عن القعنبي والنسائي عن قتيبة الأربعة عن مالك به وتابعه المغيرة بن عبد الرحمن عند مسلم وسفيان الثوري عند ابن ماجه كلاهما عن أبي الزناد به ( مالك عن عبد الله بن دينار أنه كان يرى عبد الله بن عمر يهدي في الحج بدنتين بدنتين) بالتكرير لإفادة عموم التثنية ( وفي العمرة بدنة بدنة) بالتكرير لذلك أيضًا وفيه إيماء لفضل الحج عليها ( قال ورأيته في العمرة ينحر بدنة) مفرد بدن بسكون الدال وبه قرأ الجمهور وبضمهما وبه قرأ الأعرج ورواية عن عاصم وأصلها من الإبل ( وهي قائمة) لاستحباب ذلك ( في دار خالد بن أسيد) بفتح الألف وكسر السين ابن أبي العاصي ابن أمية وهو أخو عتاب أمير مكة وجد أمية بن عبد الله بن خالد قال هشام بن الكلبي أسلم يوم الفتح وأقام بمكة وكان من المؤلفة قال ابن دريد كان جزارًا وروى ابن منده عن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل حين راح إلى منى وفيه ضعف وقيل إنه فقد يوم اليمامة وقيل مات قبل فتح مكة ( وكان فيها) أي الدار ( منزله) أي ابن عمر إذا حج أو اعتمر ( قال) ابن دينار ( ولقد رأيته) أي ابن عمر ( طعن في لبة) بفتح اللام والموحدة ( بدنته حتى خرجت الحربة من تحت كتفها) من قوة الطعنة ( مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز أهدى جملاً في حج أو عمرة) اقتداء بفعل المصطفى فلا كراهة في إهداء الذكور خلافًا لمن قاله ( مالك عن أبي جعفر القارئ) بالهمز المخزومي مولاهم المدني اسمه يزيد بن القعقاع وقيل جندب بن فيروز مات سنة سبع وعشرين وقيل سنة ثلاثين ومائة ( أن عبد الله بن عياش) بشد التحتية وشين معجمة ( ابن أبي ربيعة) واسمه عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي ( المخزومي) الصحابي ابن الصحابي ولد بالحبشة وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن عمر وغيره وأبوه قديم الإسلام ( أهدى بدنتين إحداهما بختية) بضم الباء وإسكان الخاء المعجمة وكسر الفوقية فتحتية ثقيلة أنثى بختي قال في المشارق إبل غلاظ لها سنامان وفي النهاية جمال طوال الأعناق وفي رواية نجيبة بفتح النون وكسر الجيم وإسكان التحتية وموحدة مؤنث نجيب واحد النجب قال في المشارق وهو ما اتخذ للسير والرحائل وفي النهاية هو القوي من الإبل الخفيف السريع ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول إذا نتجت) بضم النون وكسر التاء أي وضعت ( البدنة فليحمل ولدها) على غيرها ( حتى ينحر معها فإن لم يوجد له محمل حمل على أمه حتى ينحر معها) ( مالك عن هشام بن عروة أن أباه قال إذا اضطررت إلى بدنتك فاركبها ركوبًا غير فادح) بالفاء والدال والحاء المهملتين أي ثقيل صعب عليها لقوله صلى الله عليه وسلم اركبها بالمعروف إذا ألجئت إلى ظهرها ( وإذا اضطررت إلى لبنها فاشرب بعد ما يروى فصيلها) وكرهه مالك في حال الاختيار ولو فضل عن ريه لأنه نوع من الرجوع في الصدقة وليتصدق بما فضل ومحل الكراهة حيث لا ضرر وإلا غرم إن أضرها أو فصيلها بشربه أرش النقص أو البدل إن حصل تلف ( فإذا نحرتها فانحر فصيلها معها) وجوبًا.



رقم الحديث 852 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ كَانَ يَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُهْدِي فِي الْحَجِّ بَدَنَتَيْنِ بَدَنَتَيْنِ، وَفِي الْعُمْرَةِ بَدَنَةً بَدَنَةً.
قَالَ: وَرَأَيْتُهُ فِي الْعُمْرَةِ يَنْحَرُ بَدَنَةً وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي دَارِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ.
وَكَانَ فِيهَا مَنْزِلُهُ.
قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ طَعَنَ فِي لَبَّةِ بَدَنَتِهِ، حَتَّى خَرَجَتِ الْحَرْبَةُ مِنْ تَحْتِ كَتِفِهَا.


( ما يجوز من الهدي)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) الأنصاري المدني قاضيها قال ابن عبد البر لا خلاف بين رواة الموطأ أنه لمالك عن عبد الله وغلط يحيى فقال عن نافع عن عبد الله ولم يرو نافع عن عبد الله شيئًا بل عبد الله ممن يصلح أن يروي عن نافع وقد روى عنه من هو أجل منه ولسويد بن سعيد مالك عن الزهري عن أنس عن أبي بكر وهو من خطأ سويد وغلطه ولم يروه ابن وضاح عن يحيى إلا كما رواه سائر الرواة عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر وهو مرسل يستند من وجوه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى جملاً) ذكر الإبل باتفاق أهل اللغة ونقل الجوهري عن ابن السكيت أنه إنما يسمى جملاً إذا أربع أي دخل في السنة الرابعة وذكر المنذري أن اسم هذا الجمل عصيفير ( كان لأبي جهل) عمرو ( بن هشام) المخزومي فرعون هذه الأمة الأحول المأبون كنته العرب أبا الحكم وكناه الشارع بأبي جهل ( في حج أو عمرة) شك الراوي وورد أنه في عمرة أبي داود من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هداياه جملاً كان لأبي جهل في رأسه برة من فضة وفي رواية من ذهب يغيظ بذلك المشركين وابن إسحاق مدلس ولم يصرح بالتحديث لكن له شاهد في ابن ماجه من طريق الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى في بدنه جملاً لأبي جهل برته من فضة وبرة بضم الموحدة وفتح الراء الخفيفة وهاء حلقة تجعل في أنف البعير وفيه إهداء الذكر وحكي عن ابن عمر كراهته في الإبل وإنما أغاظهم به لأنه كان معروفًا بأبي جهل فحازه المصطفى فغاظهم أن يروه في يده وصاحبه قتيل سليب قاله الخطابي أو بسبب حليته أو بالأمرين معًا ( مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً) قال الحافظ لم أقف على اسمه بعد طول البحث ( يسوق بدنة) زاد مسلم من طريق المغيرة عن أبي الزناد مقلدة وللبخاري من وجه آخر مقلدة نعلاً والبدنة تقع على الجمل والناقة والبقرة وكثر استعمالها فيما كان هديًا وفي البخاري قال مجاهد سميت البدن ببدنها بفتح الموحدة والمهملة للأكثر وبضمها وسكون الدال وفي رواية لبدانتها أي سمنها ولعبد بن حميد عن مجاهد إنما سميت البدن من قبل السمانة ( فقال اركبها) لضرورتك ففي رواية أنه رأى رجلاً يسوق بدنة وقد أجهد فقال له اركبها ( فقال يا رسول الله إنها بدنة) أي هدي ( فقال اركبها ويلك في الثانية أو الثالثة) بالشك من الراوي وفي رواية همام عند مسلم ويلك اركبها ويلك اركبها ولأحمد من رواية عبد الرحمن بن إسحاق والثوري كلاهما عن أبي الزناد ومن طريق ابن عجلان عن أبي هريرة قال اركبها ويحك قال إنها بدنة قال اركبها ويحك زاد البخاري من رواية عكرمة عن أبي هريرة فلقد رأيته راكبها يساير النبي صلى الله عليه وسلم والنعل في عنقها وهذه الطرق دالة على أنه أطلق البدنة على الواحدة من الإبل المهداة إلى البيت إذ لو كان المراد مدلولها اللغوي لم يحسن الجواب بأنها بدنة لأن كونها من الإبل معلوم فالظاهر أن الرجل ظن أنه خفي عليه كونها هديًا فقال إنها بدنة والحق أن ذلك لم يخف على النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت مقلدة ولذا قال لما زاد في مراجعته ويلك تأديبًا لمراجعته مع عدم خفاء الحال عليه وبه جزم ابن عبد البر وابن العربي وبالغ فقال الويل لمن راجع في ذلك بعد هذا ولولا أنه صلى الله عليه وسلم اشترط على ربه ما اشترط لهلك الرجل لا محالة قال القرطبي ويحتمل أنه فهم عنه ترك ركوبها على عادة الجاهلية في السائبة وغيرها فزجره عن ذلك فعلى الحالتين فهي دعاء ورجحه عياض وغيره قالوا والأمر هنا وإن قلنا إنه للإرشاد لكنه استحق الذم بتوقفه عن امتثال الأمر والذي يظهر أنه ما ترك الامتثال عنادًا ويحتمل أنه ظن أنه يلزم غرم بركوبها أو إثم وأن الإذن بركوبها إنما هو للشفقة عليه فلما أغلظ له بادر إلى الامتثال وقيل لأنه أشرف على هلكة من الجهد وويل يقال لمن وقع في هلكة فالمعنى أشرفت على الهلكة فاركب فعلى هذا هي إخبار وقيل هي كلمة تدعم بها العرب كلامها ولا تقصد معناها كقولهم لا أم لك ويقويه ما تقدم في بعض الروايات بلفظ ويحك بدل ويلك فإنه يقال ويلك لمن وقع في هلكة يستحقها وويح لمن وقع في هلكة لا يستحقها وفي الحديث تكرير الفتوى والندب إلى المبادرة إلى امتثال الأمر وزجر من لم يبادر وتوبيخه وجواز مسايرة الكبار في السفر وأن الكبير إذا رأى مصلحة للصغير لا يأنف عن إرشاده إليها واحتج بإطلاقه وبقوله تعالى { { لكم فيها منافع } } من أجاز ركوب الهدي اختيارًا حيث لا يضرها ورواه ابن نافع عن مالك وكرهه الجمهور ومالك في المشهور إلا لضرورة لحديث مسلم عن جابر مرفوعًا اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرًا قال المازري لأنه مقيد والمقيد يقضي على المطلق ولأنه شيء خرج عنه لله تعالى فلا يرجع فيه ولو أبيح النفع بلا ضرورة أبيح إجارته ولا يجوز باتفاق ثم إذا ركب للعذر لا يلزمه النزول بعد الراحة استصحابًا لإباحة الركوب وهو ما رواه ابن القاسم عن مالك وعنه أيضًا يلزمه لأنه في معنى وجود غيرها وقال بعض أهل الظاهر يجب ركوبها تمسكًا بظاهر الأمر ولمخالفة ما كانوا عليه في الجاهلية من البحيرة والسائبة ورده ابن عبد البر بأن الذين ساقوا الهدي في عهده صلى الله عليه وسلم كانوا كثيرًا ولم يأمر أحدًا منهم بذلك ويرد عليه ما رواه أحمد أن عليًا سئل هل يركب الرجل هديه فقال لا بأس قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالرجال يمشون فيأمرهم يركبون هدي النبي صلى الله عليه وسلم إسناده صالح وله شاهد عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح رواه أبو داود في المراسيل عن عطاء قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالبدنة إذا احتاج إليها سيدها أن يحمل عليها ويركبها غير منهكها قلت هذا المرسل مقيد بالحاجة وعليها يحمل حديث علي فلا يرد على أبي عمر وفيه أنه لا فرق بين هدي التطوع والواجب لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل صاحب البدنة عن ذلك فدل على أن الحكم لا يختلف ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى وأبو داود عن القعنبي والنسائي عن قتيبة الأربعة عن مالك به وتابعه المغيرة بن عبد الرحمن عند مسلم وسفيان الثوري عند ابن ماجه كلاهما عن أبي الزناد به ( مالك عن عبد الله بن دينار أنه كان يرى عبد الله بن عمر يهدي في الحج بدنتين بدنتين) بالتكرير لإفادة عموم التثنية ( وفي العمرة بدنة بدنة) بالتكرير لذلك أيضًا وفيه إيماء لفضل الحج عليها ( قال ورأيته في العمرة ينحر بدنة) مفرد بدن بسكون الدال وبه قرأ الجمهور وبضمهما وبه قرأ الأعرج ورواية عن عاصم وأصلها من الإبل ( وهي قائمة) لاستحباب ذلك ( في دار خالد بن أسيد) بفتح الألف وكسر السين ابن أبي العاصي ابن أمية وهو أخو عتاب أمير مكة وجد أمية بن عبد الله بن خالد قال هشام بن الكلبي أسلم يوم الفتح وأقام بمكة وكان من المؤلفة قال ابن دريد كان جزارًا وروى ابن منده عن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل حين راح إلى منى وفيه ضعف وقيل إنه فقد يوم اليمامة وقيل مات قبل فتح مكة ( وكان فيها) أي الدار ( منزله) أي ابن عمر إذا حج أو اعتمر ( قال) ابن دينار ( ولقد رأيته) أي ابن عمر ( طعن في لبة) بفتح اللام والموحدة ( بدنته حتى خرجت الحربة من تحت كتفها) من قوة الطعنة ( مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز أهدى جملاً في حج أو عمرة) اقتداء بفعل المصطفى فلا كراهة في إهداء الذكور خلافًا لمن قاله ( مالك عن أبي جعفر القارئ) بالهمز المخزومي مولاهم المدني اسمه يزيد بن القعقاع وقيل جندب بن فيروز مات سنة سبع وعشرين وقيل سنة ثلاثين ومائة ( أن عبد الله بن عياش) بشد التحتية وشين معجمة ( ابن أبي ربيعة) واسمه عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي ( المخزومي) الصحابي ابن الصحابي ولد بالحبشة وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن عمر وغيره وأبوه قديم الإسلام ( أهدى بدنتين إحداهما بختية) بضم الباء وإسكان الخاء المعجمة وكسر الفوقية فتحتية ثقيلة أنثى بختي قال في المشارق إبل غلاظ لها سنامان وفي النهاية جمال طوال الأعناق وفي رواية نجيبة بفتح النون وكسر الجيم وإسكان التحتية وموحدة مؤنث نجيب واحد النجب قال في المشارق وهو ما اتخذ للسير والرحائل وفي النهاية هو القوي من الإبل الخفيف السريع ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول إذا نتجت) بضم النون وكسر التاء أي وضعت ( البدنة فليحمل ولدها) على غيرها ( حتى ينحر معها فإن لم يوجد له محمل حمل على أمه حتى ينحر معها) ( مالك عن هشام بن عروة أن أباه قال إذا اضطررت إلى بدنتك فاركبها ركوبًا غير فادح) بالفاء والدال والحاء المهملتين أي ثقيل صعب عليها لقوله صلى الله عليه وسلم اركبها بالمعروف إذا ألجئت إلى ظهرها ( وإذا اضطررت إلى لبنها فاشرب بعد ما يروى فصيلها) وكرهه مالك في حال الاختيار ولو فضل عن ريه لأنه نوع من الرجوع في الصدقة وليتصدق بما فضل ومحل الكراهة حيث لا ضرر وإلا غرم إن أضرها أو فصيلها بشربه أرش النقص أو البدل إن حصل تلف ( فإذا نحرتها فانحر فصيلها معها) وجوبًا.



رقم الحديث 853 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَهْدَى جَمَلًا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.


( ما يجوز من الهدي)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) الأنصاري المدني قاضيها قال ابن عبد البر لا خلاف بين رواة الموطأ أنه لمالك عن عبد الله وغلط يحيى فقال عن نافع عن عبد الله ولم يرو نافع عن عبد الله شيئًا بل عبد الله ممن يصلح أن يروي عن نافع وقد روى عنه من هو أجل منه ولسويد بن سعيد مالك عن الزهري عن أنس عن أبي بكر وهو من خطأ سويد وغلطه ولم يروه ابن وضاح عن يحيى إلا كما رواه سائر الرواة عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر وهو مرسل يستند من وجوه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى جملاً) ذكر الإبل باتفاق أهل اللغة ونقل الجوهري عن ابن السكيت أنه إنما يسمى جملاً إذا أربع أي دخل في السنة الرابعة وذكر المنذري أن اسم هذا الجمل عصيفير ( كان لأبي جهل) عمرو ( بن هشام) المخزومي فرعون هذه الأمة الأحول المأبون كنته العرب أبا الحكم وكناه الشارع بأبي جهل ( في حج أو عمرة) شك الراوي وورد أنه في عمرة أبي داود من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هداياه جملاً كان لأبي جهل في رأسه برة من فضة وفي رواية من ذهب يغيظ بذلك المشركين وابن إسحاق مدلس ولم يصرح بالتحديث لكن له شاهد في ابن ماجه من طريق الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى في بدنه جملاً لأبي جهل برته من فضة وبرة بضم الموحدة وفتح الراء الخفيفة وهاء حلقة تجعل في أنف البعير وفيه إهداء الذكر وحكي عن ابن عمر كراهته في الإبل وإنما أغاظهم به لأنه كان معروفًا بأبي جهل فحازه المصطفى فغاظهم أن يروه في يده وصاحبه قتيل سليب قاله الخطابي أو بسبب حليته أو بالأمرين معًا ( مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً) قال الحافظ لم أقف على اسمه بعد طول البحث ( يسوق بدنة) زاد مسلم من طريق المغيرة عن أبي الزناد مقلدة وللبخاري من وجه آخر مقلدة نعلاً والبدنة تقع على الجمل والناقة والبقرة وكثر استعمالها فيما كان هديًا وفي البخاري قال مجاهد سميت البدن ببدنها بفتح الموحدة والمهملة للأكثر وبضمها وسكون الدال وفي رواية لبدانتها أي سمنها ولعبد بن حميد عن مجاهد إنما سميت البدن من قبل السمانة ( فقال اركبها) لضرورتك ففي رواية أنه رأى رجلاً يسوق بدنة وقد أجهد فقال له اركبها ( فقال يا رسول الله إنها بدنة) أي هدي ( فقال اركبها ويلك في الثانية أو الثالثة) بالشك من الراوي وفي رواية همام عند مسلم ويلك اركبها ويلك اركبها ولأحمد من رواية عبد الرحمن بن إسحاق والثوري كلاهما عن أبي الزناد ومن طريق ابن عجلان عن أبي هريرة قال اركبها ويحك قال إنها بدنة قال اركبها ويحك زاد البخاري من رواية عكرمة عن أبي هريرة فلقد رأيته راكبها يساير النبي صلى الله عليه وسلم والنعل في عنقها وهذه الطرق دالة على أنه أطلق البدنة على الواحدة من الإبل المهداة إلى البيت إذ لو كان المراد مدلولها اللغوي لم يحسن الجواب بأنها بدنة لأن كونها من الإبل معلوم فالظاهر أن الرجل ظن أنه خفي عليه كونها هديًا فقال إنها بدنة والحق أن ذلك لم يخف على النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت مقلدة ولذا قال لما زاد في مراجعته ويلك تأديبًا لمراجعته مع عدم خفاء الحال عليه وبه جزم ابن عبد البر وابن العربي وبالغ فقال الويل لمن راجع في ذلك بعد هذا ولولا أنه صلى الله عليه وسلم اشترط على ربه ما اشترط لهلك الرجل لا محالة قال القرطبي ويحتمل أنه فهم عنه ترك ركوبها على عادة الجاهلية في السائبة وغيرها فزجره عن ذلك فعلى الحالتين فهي دعاء ورجحه عياض وغيره قالوا والأمر هنا وإن قلنا إنه للإرشاد لكنه استحق الذم بتوقفه عن امتثال الأمر والذي يظهر أنه ما ترك الامتثال عنادًا ويحتمل أنه ظن أنه يلزم غرم بركوبها أو إثم وأن الإذن بركوبها إنما هو للشفقة عليه فلما أغلظ له بادر إلى الامتثال وقيل لأنه أشرف على هلكة من الجهد وويل يقال لمن وقع في هلكة فالمعنى أشرفت على الهلكة فاركب فعلى هذا هي إخبار وقيل هي كلمة تدعم بها العرب كلامها ولا تقصد معناها كقولهم لا أم لك ويقويه ما تقدم في بعض الروايات بلفظ ويحك بدل ويلك فإنه يقال ويلك لمن وقع في هلكة يستحقها وويح لمن وقع في هلكة لا يستحقها وفي الحديث تكرير الفتوى والندب إلى المبادرة إلى امتثال الأمر وزجر من لم يبادر وتوبيخه وجواز مسايرة الكبار في السفر وأن الكبير إذا رأى مصلحة للصغير لا يأنف عن إرشاده إليها واحتج بإطلاقه وبقوله تعالى { { لكم فيها منافع } } من أجاز ركوب الهدي اختيارًا حيث لا يضرها ورواه ابن نافع عن مالك وكرهه الجمهور ومالك في المشهور إلا لضرورة لحديث مسلم عن جابر مرفوعًا اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرًا قال المازري لأنه مقيد والمقيد يقضي على المطلق ولأنه شيء خرج عنه لله تعالى فلا يرجع فيه ولو أبيح النفع بلا ضرورة أبيح إجارته ولا يجوز باتفاق ثم إذا ركب للعذر لا يلزمه النزول بعد الراحة استصحابًا لإباحة الركوب وهو ما رواه ابن القاسم عن مالك وعنه أيضًا يلزمه لأنه في معنى وجود غيرها وقال بعض أهل الظاهر يجب ركوبها تمسكًا بظاهر الأمر ولمخالفة ما كانوا عليه في الجاهلية من البحيرة والسائبة ورده ابن عبد البر بأن الذين ساقوا الهدي في عهده صلى الله عليه وسلم كانوا كثيرًا ولم يأمر أحدًا منهم بذلك ويرد عليه ما رواه أحمد أن عليًا سئل هل يركب الرجل هديه فقال لا بأس قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالرجال يمشون فيأمرهم يركبون هدي النبي صلى الله عليه وسلم إسناده صالح وله شاهد عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح رواه أبو داود في المراسيل عن عطاء قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالبدنة إذا احتاج إليها سيدها أن يحمل عليها ويركبها غير منهكها قلت هذا المرسل مقيد بالحاجة وعليها يحمل حديث علي فلا يرد على أبي عمر وفيه أنه لا فرق بين هدي التطوع والواجب لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل صاحب البدنة عن ذلك فدل على أن الحكم لا يختلف ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى وأبو داود عن القعنبي والنسائي عن قتيبة الأربعة عن مالك به وتابعه المغيرة بن عبد الرحمن عند مسلم وسفيان الثوري عند ابن ماجه كلاهما عن أبي الزناد به ( مالك عن عبد الله بن دينار أنه كان يرى عبد الله بن عمر يهدي في الحج بدنتين بدنتين) بالتكرير لإفادة عموم التثنية ( وفي العمرة بدنة بدنة) بالتكرير لذلك أيضًا وفيه إيماء لفضل الحج عليها ( قال ورأيته في العمرة ينحر بدنة) مفرد بدن بسكون الدال وبه قرأ الجمهور وبضمهما وبه قرأ الأعرج ورواية عن عاصم وأصلها من الإبل ( وهي قائمة) لاستحباب ذلك ( في دار خالد بن أسيد) بفتح الألف وكسر السين ابن أبي العاصي ابن أمية وهو أخو عتاب أمير مكة وجد أمية بن عبد الله بن خالد قال هشام بن الكلبي أسلم يوم الفتح وأقام بمكة وكان من المؤلفة قال ابن دريد كان جزارًا وروى ابن منده عن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل حين راح إلى منى وفيه ضعف وقيل إنه فقد يوم اليمامة وقيل مات قبل فتح مكة ( وكان فيها) أي الدار ( منزله) أي ابن عمر إذا حج أو اعتمر ( قال) ابن دينار ( ولقد رأيته) أي ابن عمر ( طعن في لبة) بفتح اللام والموحدة ( بدنته حتى خرجت الحربة من تحت كتفها) من قوة الطعنة ( مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز أهدى جملاً في حج أو عمرة) اقتداء بفعل المصطفى فلا كراهة في إهداء الذكور خلافًا لمن قاله ( مالك عن أبي جعفر القارئ) بالهمز المخزومي مولاهم المدني اسمه يزيد بن القعقاع وقيل جندب بن فيروز مات سنة سبع وعشرين وقيل سنة ثلاثين ومائة ( أن عبد الله بن عياش) بشد التحتية وشين معجمة ( ابن أبي ربيعة) واسمه عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي ( المخزومي) الصحابي ابن الصحابي ولد بالحبشة وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن عمر وغيره وأبوه قديم الإسلام ( أهدى بدنتين إحداهما بختية) بضم الباء وإسكان الخاء المعجمة وكسر الفوقية فتحتية ثقيلة أنثى بختي قال في المشارق إبل غلاظ لها سنامان وفي النهاية جمال طوال الأعناق وفي رواية نجيبة بفتح النون وكسر الجيم وإسكان التحتية وموحدة مؤنث نجيب واحد النجب قال في المشارق وهو ما اتخذ للسير والرحائل وفي النهاية هو القوي من الإبل الخفيف السريع ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول إذا نتجت) بضم النون وكسر التاء أي وضعت ( البدنة فليحمل ولدها) على غيرها ( حتى ينحر معها فإن لم يوجد له محمل حمل على أمه حتى ينحر معها) ( مالك عن هشام بن عروة أن أباه قال إذا اضطررت إلى بدنتك فاركبها ركوبًا غير فادح) بالفاء والدال والحاء المهملتين أي ثقيل صعب عليها لقوله صلى الله عليه وسلم اركبها بالمعروف إذا ألجئت إلى ظهرها ( وإذا اضطررت إلى لبنها فاشرب بعد ما يروى فصيلها) وكرهه مالك في حال الاختيار ولو فضل عن ريه لأنه نوع من الرجوع في الصدقة وليتصدق بما فضل ومحل الكراهة حيث لا ضرر وإلا غرم إن أضرها أو فصيلها بشربه أرش النقص أو البدل إن حصل تلف ( فإذا نحرتها فانحر فصيلها معها) وجوبًا.



رقم الحديث 854 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيَّ: أَهْدَى بَدَنَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا بُخْتِيَّةٌ.


( ما يجوز من الهدي)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) الأنصاري المدني قاضيها قال ابن عبد البر لا خلاف بين رواة الموطأ أنه لمالك عن عبد الله وغلط يحيى فقال عن نافع عن عبد الله ولم يرو نافع عن عبد الله شيئًا بل عبد الله ممن يصلح أن يروي عن نافع وقد روى عنه من هو أجل منه ولسويد بن سعيد مالك عن الزهري عن أنس عن أبي بكر وهو من خطأ سويد وغلطه ولم يروه ابن وضاح عن يحيى إلا كما رواه سائر الرواة عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر وهو مرسل يستند من وجوه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى جملاً) ذكر الإبل باتفاق أهل اللغة ونقل الجوهري عن ابن السكيت أنه إنما يسمى جملاً إذا أربع أي دخل في السنة الرابعة وذكر المنذري أن اسم هذا الجمل عصيفير ( كان لأبي جهل) عمرو ( بن هشام) المخزومي فرعون هذه الأمة الأحول المأبون كنته العرب أبا الحكم وكناه الشارع بأبي جهل ( في حج أو عمرة) شك الراوي وورد أنه في عمرة أبي داود من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هداياه جملاً كان لأبي جهل في رأسه برة من فضة وفي رواية من ذهب يغيظ بذلك المشركين وابن إسحاق مدلس ولم يصرح بالتحديث لكن له شاهد في ابن ماجه من طريق الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى في بدنه جملاً لأبي جهل برته من فضة وبرة بضم الموحدة وفتح الراء الخفيفة وهاء حلقة تجعل في أنف البعير وفيه إهداء الذكر وحكي عن ابن عمر كراهته في الإبل وإنما أغاظهم به لأنه كان معروفًا بأبي جهل فحازه المصطفى فغاظهم أن يروه في يده وصاحبه قتيل سليب قاله الخطابي أو بسبب حليته أو بالأمرين معًا ( مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً) قال الحافظ لم أقف على اسمه بعد طول البحث ( يسوق بدنة) زاد مسلم من طريق المغيرة عن أبي الزناد مقلدة وللبخاري من وجه آخر مقلدة نعلاً والبدنة تقع على الجمل والناقة والبقرة وكثر استعمالها فيما كان هديًا وفي البخاري قال مجاهد سميت البدن ببدنها بفتح الموحدة والمهملة للأكثر وبضمها وسكون الدال وفي رواية لبدانتها أي سمنها ولعبد بن حميد عن مجاهد إنما سميت البدن من قبل السمانة ( فقال اركبها) لضرورتك ففي رواية أنه رأى رجلاً يسوق بدنة وقد أجهد فقال له اركبها ( فقال يا رسول الله إنها بدنة) أي هدي ( فقال اركبها ويلك في الثانية أو الثالثة) بالشك من الراوي وفي رواية همام عند مسلم ويلك اركبها ويلك اركبها ولأحمد من رواية عبد الرحمن بن إسحاق والثوري كلاهما عن أبي الزناد ومن طريق ابن عجلان عن أبي هريرة قال اركبها ويحك قال إنها بدنة قال اركبها ويحك زاد البخاري من رواية عكرمة عن أبي هريرة فلقد رأيته راكبها يساير النبي صلى الله عليه وسلم والنعل في عنقها وهذه الطرق دالة على أنه أطلق البدنة على الواحدة من الإبل المهداة إلى البيت إذ لو كان المراد مدلولها اللغوي لم يحسن الجواب بأنها بدنة لأن كونها من الإبل معلوم فالظاهر أن الرجل ظن أنه خفي عليه كونها هديًا فقال إنها بدنة والحق أن ذلك لم يخف على النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت مقلدة ولذا قال لما زاد في مراجعته ويلك تأديبًا لمراجعته مع عدم خفاء الحال عليه وبه جزم ابن عبد البر وابن العربي وبالغ فقال الويل لمن راجع في ذلك بعد هذا ولولا أنه صلى الله عليه وسلم اشترط على ربه ما اشترط لهلك الرجل لا محالة قال القرطبي ويحتمل أنه فهم عنه ترك ركوبها على عادة الجاهلية في السائبة وغيرها فزجره عن ذلك فعلى الحالتين فهي دعاء ورجحه عياض وغيره قالوا والأمر هنا وإن قلنا إنه للإرشاد لكنه استحق الذم بتوقفه عن امتثال الأمر والذي يظهر أنه ما ترك الامتثال عنادًا ويحتمل أنه ظن أنه يلزم غرم بركوبها أو إثم وأن الإذن بركوبها إنما هو للشفقة عليه فلما أغلظ له بادر إلى الامتثال وقيل لأنه أشرف على هلكة من الجهد وويل يقال لمن وقع في هلكة فالمعنى أشرفت على الهلكة فاركب فعلى هذا هي إخبار وقيل هي كلمة تدعم بها العرب كلامها ولا تقصد معناها كقولهم لا أم لك ويقويه ما تقدم في بعض الروايات بلفظ ويحك بدل ويلك فإنه يقال ويلك لمن وقع في هلكة يستحقها وويح لمن وقع في هلكة لا يستحقها وفي الحديث تكرير الفتوى والندب إلى المبادرة إلى امتثال الأمر وزجر من لم يبادر وتوبيخه وجواز مسايرة الكبار في السفر وأن الكبير إذا رأى مصلحة للصغير لا يأنف عن إرشاده إليها واحتج بإطلاقه وبقوله تعالى { { لكم فيها منافع } } من أجاز ركوب الهدي اختيارًا حيث لا يضرها ورواه ابن نافع عن مالك وكرهه الجمهور ومالك في المشهور إلا لضرورة لحديث مسلم عن جابر مرفوعًا اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرًا قال المازري لأنه مقيد والمقيد يقضي على المطلق ولأنه شيء خرج عنه لله تعالى فلا يرجع فيه ولو أبيح النفع بلا ضرورة أبيح إجارته ولا يجوز باتفاق ثم إذا ركب للعذر لا يلزمه النزول بعد الراحة استصحابًا لإباحة الركوب وهو ما رواه ابن القاسم عن مالك وعنه أيضًا يلزمه لأنه في معنى وجود غيرها وقال بعض أهل الظاهر يجب ركوبها تمسكًا بظاهر الأمر ولمخالفة ما كانوا عليه في الجاهلية من البحيرة والسائبة ورده ابن عبد البر بأن الذين ساقوا الهدي في عهده صلى الله عليه وسلم كانوا كثيرًا ولم يأمر أحدًا منهم بذلك ويرد عليه ما رواه أحمد أن عليًا سئل هل يركب الرجل هديه فقال لا بأس قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالرجال يمشون فيأمرهم يركبون هدي النبي صلى الله عليه وسلم إسناده صالح وله شاهد عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح رواه أبو داود في المراسيل عن عطاء قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالبدنة إذا احتاج إليها سيدها أن يحمل عليها ويركبها غير منهكها قلت هذا المرسل مقيد بالحاجة وعليها يحمل حديث علي فلا يرد على أبي عمر وفيه أنه لا فرق بين هدي التطوع والواجب لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل صاحب البدنة عن ذلك فدل على أن الحكم لا يختلف ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى وأبو داود عن القعنبي والنسائي عن قتيبة الأربعة عن مالك به وتابعه المغيرة بن عبد الرحمن عند مسلم وسفيان الثوري عند ابن ماجه كلاهما عن أبي الزناد به ( مالك عن عبد الله بن دينار أنه كان يرى عبد الله بن عمر يهدي في الحج بدنتين بدنتين) بالتكرير لإفادة عموم التثنية ( وفي العمرة بدنة بدنة) بالتكرير لذلك أيضًا وفيه إيماء لفضل الحج عليها ( قال ورأيته في العمرة ينحر بدنة) مفرد بدن بسكون الدال وبه قرأ الجمهور وبضمهما وبه قرأ الأعرج ورواية عن عاصم وأصلها من الإبل ( وهي قائمة) لاستحباب ذلك ( في دار خالد بن أسيد) بفتح الألف وكسر السين ابن أبي العاصي ابن أمية وهو أخو عتاب أمير مكة وجد أمية بن عبد الله بن خالد قال هشام بن الكلبي أسلم يوم الفتح وأقام بمكة وكان من المؤلفة قال ابن دريد كان جزارًا وروى ابن منده عن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل حين راح إلى منى وفيه ضعف وقيل إنه فقد يوم اليمامة وقيل مات قبل فتح مكة ( وكان فيها) أي الدار ( منزله) أي ابن عمر إذا حج أو اعتمر ( قال) ابن دينار ( ولقد رأيته) أي ابن عمر ( طعن في لبة) بفتح اللام والموحدة ( بدنته حتى خرجت الحربة من تحت كتفها) من قوة الطعنة ( مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز أهدى جملاً في حج أو عمرة) اقتداء بفعل المصطفى فلا كراهة في إهداء الذكور خلافًا لمن قاله ( مالك عن أبي جعفر القارئ) بالهمز المخزومي مولاهم المدني اسمه يزيد بن القعقاع وقيل جندب بن فيروز مات سنة سبع وعشرين وقيل سنة ثلاثين ومائة ( أن عبد الله بن عياش) بشد التحتية وشين معجمة ( ابن أبي ربيعة) واسمه عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي ( المخزومي) الصحابي ابن الصحابي ولد بالحبشة وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن عمر وغيره وأبوه قديم الإسلام ( أهدى بدنتين إحداهما بختية) بضم الباء وإسكان الخاء المعجمة وكسر الفوقية فتحتية ثقيلة أنثى بختي قال في المشارق إبل غلاظ لها سنامان وفي النهاية جمال طوال الأعناق وفي رواية نجيبة بفتح النون وكسر الجيم وإسكان التحتية وموحدة مؤنث نجيب واحد النجب قال في المشارق وهو ما اتخذ للسير والرحائل وفي النهاية هو القوي من الإبل الخفيف السريع ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول إذا نتجت) بضم النون وكسر التاء أي وضعت ( البدنة فليحمل ولدها) على غيرها ( حتى ينحر معها فإن لم يوجد له محمل حمل على أمه حتى ينحر معها) ( مالك عن هشام بن عروة أن أباه قال إذا اضطررت إلى بدنتك فاركبها ركوبًا غير فادح) بالفاء والدال والحاء المهملتين أي ثقيل صعب عليها لقوله صلى الله عليه وسلم اركبها بالمعروف إذا ألجئت إلى ظهرها ( وإذا اضطررت إلى لبنها فاشرب بعد ما يروى فصيلها) وكرهه مالك في حال الاختيار ولو فضل عن ريه لأنه نوع من الرجوع في الصدقة وليتصدق بما فضل ومحل الكراهة حيث لا ضرر وإلا غرم إن أضرها أو فصيلها بشربه أرش النقص أو البدل إن حصل تلف ( فإذا نحرتها فانحر فصيلها معها) وجوبًا.



رقم الحديث 855 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: إِذَا نُتِجَتِ النَّاقَةُ، فَلْيُحْمَلْ وَلَدُهَا حَتَّى يُنْحَرَ مَعَهَا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَحْمَلٌ حُمِلَ عَلَى أُمِّهِ حَتَّى يُنْحَرَ مَعَهَا.


( ما يجوز من الهدي)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) الأنصاري المدني قاضيها قال ابن عبد البر لا خلاف بين رواة الموطأ أنه لمالك عن عبد الله وغلط يحيى فقال عن نافع عن عبد الله ولم يرو نافع عن عبد الله شيئًا بل عبد الله ممن يصلح أن يروي عن نافع وقد روى عنه من هو أجل منه ولسويد بن سعيد مالك عن الزهري عن أنس عن أبي بكر وهو من خطأ سويد وغلطه ولم يروه ابن وضاح عن يحيى إلا كما رواه سائر الرواة عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر وهو مرسل يستند من وجوه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى جملاً) ذكر الإبل باتفاق أهل اللغة ونقل الجوهري عن ابن السكيت أنه إنما يسمى جملاً إذا أربع أي دخل في السنة الرابعة وذكر المنذري أن اسم هذا الجمل عصيفير ( كان لأبي جهل) عمرو ( بن هشام) المخزومي فرعون هذه الأمة الأحول المأبون كنته العرب أبا الحكم وكناه الشارع بأبي جهل ( في حج أو عمرة) شك الراوي وورد أنه في عمرة أبي داود من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هداياه جملاً كان لأبي جهل في رأسه برة من فضة وفي رواية من ذهب يغيظ بذلك المشركين وابن إسحاق مدلس ولم يصرح بالتحديث لكن له شاهد في ابن ماجه من طريق الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى في بدنه جملاً لأبي جهل برته من فضة وبرة بضم الموحدة وفتح الراء الخفيفة وهاء حلقة تجعل في أنف البعير وفيه إهداء الذكر وحكي عن ابن عمر كراهته في الإبل وإنما أغاظهم به لأنه كان معروفًا بأبي جهل فحازه المصطفى فغاظهم أن يروه في يده وصاحبه قتيل سليب قاله الخطابي أو بسبب حليته أو بالأمرين معًا ( مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً) قال الحافظ لم أقف على اسمه بعد طول البحث ( يسوق بدنة) زاد مسلم من طريق المغيرة عن أبي الزناد مقلدة وللبخاري من وجه آخر مقلدة نعلاً والبدنة تقع على الجمل والناقة والبقرة وكثر استعمالها فيما كان هديًا وفي البخاري قال مجاهد سميت البدن ببدنها بفتح الموحدة والمهملة للأكثر وبضمها وسكون الدال وفي رواية لبدانتها أي سمنها ولعبد بن حميد عن مجاهد إنما سميت البدن من قبل السمانة ( فقال اركبها) لضرورتك ففي رواية أنه رأى رجلاً يسوق بدنة وقد أجهد فقال له اركبها ( فقال يا رسول الله إنها بدنة) أي هدي ( فقال اركبها ويلك في الثانية أو الثالثة) بالشك من الراوي وفي رواية همام عند مسلم ويلك اركبها ويلك اركبها ولأحمد من رواية عبد الرحمن بن إسحاق والثوري كلاهما عن أبي الزناد ومن طريق ابن عجلان عن أبي هريرة قال اركبها ويحك قال إنها بدنة قال اركبها ويحك زاد البخاري من رواية عكرمة عن أبي هريرة فلقد رأيته راكبها يساير النبي صلى الله عليه وسلم والنعل في عنقها وهذه الطرق دالة على أنه أطلق البدنة على الواحدة من الإبل المهداة إلى البيت إذ لو كان المراد مدلولها اللغوي لم يحسن الجواب بأنها بدنة لأن كونها من الإبل معلوم فالظاهر أن الرجل ظن أنه خفي عليه كونها هديًا فقال إنها بدنة والحق أن ذلك لم يخف على النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت مقلدة ولذا قال لما زاد في مراجعته ويلك تأديبًا لمراجعته مع عدم خفاء الحال عليه وبه جزم ابن عبد البر وابن العربي وبالغ فقال الويل لمن راجع في ذلك بعد هذا ولولا أنه صلى الله عليه وسلم اشترط على ربه ما اشترط لهلك الرجل لا محالة قال القرطبي ويحتمل أنه فهم عنه ترك ركوبها على عادة الجاهلية في السائبة وغيرها فزجره عن ذلك فعلى الحالتين فهي دعاء ورجحه عياض وغيره قالوا والأمر هنا وإن قلنا إنه للإرشاد لكنه استحق الذم بتوقفه عن امتثال الأمر والذي يظهر أنه ما ترك الامتثال عنادًا ويحتمل أنه ظن أنه يلزم غرم بركوبها أو إثم وأن الإذن بركوبها إنما هو للشفقة عليه فلما أغلظ له بادر إلى الامتثال وقيل لأنه أشرف على هلكة من الجهد وويل يقال لمن وقع في هلكة فالمعنى أشرفت على الهلكة فاركب فعلى هذا هي إخبار وقيل هي كلمة تدعم بها العرب كلامها ولا تقصد معناها كقولهم لا أم لك ويقويه ما تقدم في بعض الروايات بلفظ ويحك بدل ويلك فإنه يقال ويلك لمن وقع في هلكة يستحقها وويح لمن وقع في هلكة لا يستحقها وفي الحديث تكرير الفتوى والندب إلى المبادرة إلى امتثال الأمر وزجر من لم يبادر وتوبيخه وجواز مسايرة الكبار في السفر وأن الكبير إذا رأى مصلحة للصغير لا يأنف عن إرشاده إليها واحتج بإطلاقه وبقوله تعالى { { لكم فيها منافع } } من أجاز ركوب الهدي اختيارًا حيث لا يضرها ورواه ابن نافع عن مالك وكرهه الجمهور ومالك في المشهور إلا لضرورة لحديث مسلم عن جابر مرفوعًا اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرًا قال المازري لأنه مقيد والمقيد يقضي على المطلق ولأنه شيء خرج عنه لله تعالى فلا يرجع فيه ولو أبيح النفع بلا ضرورة أبيح إجارته ولا يجوز باتفاق ثم إذا ركب للعذر لا يلزمه النزول بعد الراحة استصحابًا لإباحة الركوب وهو ما رواه ابن القاسم عن مالك وعنه أيضًا يلزمه لأنه في معنى وجود غيرها وقال بعض أهل الظاهر يجب ركوبها تمسكًا بظاهر الأمر ولمخالفة ما كانوا عليه في الجاهلية من البحيرة والسائبة ورده ابن عبد البر بأن الذين ساقوا الهدي في عهده صلى الله عليه وسلم كانوا كثيرًا ولم يأمر أحدًا منهم بذلك ويرد عليه ما رواه أحمد أن عليًا سئل هل يركب الرجل هديه فقال لا بأس قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالرجال يمشون فيأمرهم يركبون هدي النبي صلى الله عليه وسلم إسناده صالح وله شاهد عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح رواه أبو داود في المراسيل عن عطاء قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالبدنة إذا احتاج إليها سيدها أن يحمل عليها ويركبها غير منهكها قلت هذا المرسل مقيد بالحاجة وعليها يحمل حديث علي فلا يرد على أبي عمر وفيه أنه لا فرق بين هدي التطوع والواجب لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل صاحب البدنة عن ذلك فدل على أن الحكم لا يختلف ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى وأبو داود عن القعنبي والنسائي عن قتيبة الأربعة عن مالك به وتابعه المغيرة بن عبد الرحمن عند مسلم وسفيان الثوري عند ابن ماجه كلاهما عن أبي الزناد به ( مالك عن عبد الله بن دينار أنه كان يرى عبد الله بن عمر يهدي في الحج بدنتين بدنتين) بالتكرير لإفادة عموم التثنية ( وفي العمرة بدنة بدنة) بالتكرير لذلك أيضًا وفيه إيماء لفضل الحج عليها ( قال ورأيته في العمرة ينحر بدنة) مفرد بدن بسكون الدال وبه قرأ الجمهور وبضمهما وبه قرأ الأعرج ورواية عن عاصم وأصلها من الإبل ( وهي قائمة) لاستحباب ذلك ( في دار خالد بن أسيد) بفتح الألف وكسر السين ابن أبي العاصي ابن أمية وهو أخو عتاب أمير مكة وجد أمية بن عبد الله بن خالد قال هشام بن الكلبي أسلم يوم الفتح وأقام بمكة وكان من المؤلفة قال ابن دريد كان جزارًا وروى ابن منده عن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل حين راح إلى منى وفيه ضعف وقيل إنه فقد يوم اليمامة وقيل مات قبل فتح مكة ( وكان فيها) أي الدار ( منزله) أي ابن عمر إذا حج أو اعتمر ( قال) ابن دينار ( ولقد رأيته) أي ابن عمر ( طعن في لبة) بفتح اللام والموحدة ( بدنته حتى خرجت الحربة من تحت كتفها) من قوة الطعنة ( مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز أهدى جملاً في حج أو عمرة) اقتداء بفعل المصطفى فلا كراهة في إهداء الذكور خلافًا لمن قاله ( مالك عن أبي جعفر القارئ) بالهمز المخزومي مولاهم المدني اسمه يزيد بن القعقاع وقيل جندب بن فيروز مات سنة سبع وعشرين وقيل سنة ثلاثين ومائة ( أن عبد الله بن عياش) بشد التحتية وشين معجمة ( ابن أبي ربيعة) واسمه عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي ( المخزومي) الصحابي ابن الصحابي ولد بالحبشة وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن عمر وغيره وأبوه قديم الإسلام ( أهدى بدنتين إحداهما بختية) بضم الباء وإسكان الخاء المعجمة وكسر الفوقية فتحتية ثقيلة أنثى بختي قال في المشارق إبل غلاظ لها سنامان وفي النهاية جمال طوال الأعناق وفي رواية نجيبة بفتح النون وكسر الجيم وإسكان التحتية وموحدة مؤنث نجيب واحد النجب قال في المشارق وهو ما اتخذ للسير والرحائل وفي النهاية هو القوي من الإبل الخفيف السريع ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول إذا نتجت) بضم النون وكسر التاء أي وضعت ( البدنة فليحمل ولدها) على غيرها ( حتى ينحر معها فإن لم يوجد له محمل حمل على أمه حتى ينحر معها) ( مالك عن هشام بن عروة أن أباه قال إذا اضطررت إلى بدنتك فاركبها ركوبًا غير فادح) بالفاء والدال والحاء المهملتين أي ثقيل صعب عليها لقوله صلى الله عليه وسلم اركبها بالمعروف إذا ألجئت إلى ظهرها ( وإذا اضطررت إلى لبنها فاشرب بعد ما يروى فصيلها) وكرهه مالك في حال الاختيار ولو فضل عن ريه لأنه نوع من الرجوع في الصدقة وليتصدق بما فضل ومحل الكراهة حيث لا ضرر وإلا غرم إن أضرها أو فصيلها بشربه أرش النقص أو البدل إن حصل تلف ( فإذا نحرتها فانحر فصيلها معها) وجوبًا.



رقم الحديث 856 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ الْأَضْحَى.


( ما جاء في صيام أيام منى)

( مالك عن أبي النضر) سالم ( مولى عمر بن عبيد الله) بضم العينين ( عن سليمان بن يسار) لم يختلف على مالك في إرساله قاله أبو عمر وقد وصله النسائي وقاسم بن أصبغ من طريق سفيان الثوري عن أبي النضر وعبد الله بن أبي بكر كلاهما عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن حذافة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام أيام منى) أي أيام رمي الجمار بها وهي الثلاثة التي يتعجل بها الحاج منها في يومين بعد يوم النحر وهي الأيام المعلومات والمعدودات وأيام التشريق ويدل على أنها ثلاثة قول العرجي

ما نلتقي إلا ثلاث منى
حتى يفرق بيننا النقر

وقول عروة بن أذينة

نزلوا ثلاث منى بمنزل غبطة
وهمو على غرض لعمرك ما همو

والإجماع على أن صيامها لا يجوز تطوعًا وروي عن بعض الصحابة والتابعين جوازه ولا يصح وفي جوازها لمتمتع لم يجد هديًا خلاف ما قاله أبو عمر ( مالك عن ابن شهاب) مرسلاً عند جميع الرواة عن مالك وتابعه يونس وابن أبي ذئب وعبد الله بن عمر العمري كلهم عن ابن شهاب مرسلاً وهو الصحيح عنه قاله أبو عمر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة) بضم المهملة وفتح المعجمة فألف ففاء ابن قيس بن عدي بن سعيد بضم السين ابن سهم القرشي السهمي من قدماء المهاجرين مات بمصر في خلافة عثمان ( أيام منى يطوف) في الناس ( يقول إنما هي أيام أكل وشرب) بضم الشين وفتحها روايتان بمعنى كما في النهاية وحكى ابن السمعاني عن أبيه عن أبي الغنائم أنه بالفتح فقط واستشهد بقوله تعالى { { شرب الهيم } } وقال أبو البقاء إنه الأفصح الأقيس وهو مصدر كالأكل وعقبهما بقوله ( وذكر الله) لئلا يستغرق العبد في حظوظ نفسه وينسى حقوق الله قال الطيبي هذا من باب التتميم فإنه لما أضاف الأكل والشرب إلى الأيام أوهم أنها لا تصلح إلا لهما لأن الناس أضياف الله فيها فتدارك بقوله وذكر الله لئلا يستغرقوا أوقاتهم باللذات النفسانية فينسوا نصيبهم من الروحانية ونظيره في التتميم للصيانة أي الاحتراس قول الشاعر

فسقى ديارك غير مفسدها
صوب الربيع وديمة تهمي

وقد علل ذلك علي رضي الله عنه بأن القوم زاروا الله وهم في ضيافته في هذه الأيام وليس للضيف أن يصوم دون إذن من أضافه رواه البيهقي بسند مقبول ومن ثم قال جمع سر ذلك أنه تعالى دعا عباده إلى زيارة بيته فأجابوه وقد أهدى كل على قدر وسعه وذبحوا هديهم فقبله منهم وجعل لهم ضيافة وهي ثلاثة أيام فأوسع زواره طعامًا وشرابًا ثلاثة أيام وسنة الملوك إذا أضافوا أطعموا من على الباب كما يطعمون من في الدار والكعبة هي الدار وسائر الأقطار باب الدار فعم الله الكل بضيافته فمنع صيامها وهذا الحديث صحيح وإن كان مرسلاً فقد وصله النسائي من طريق شعيب ومعمر عن الزهري أن مسعود بن الحكم قال أخبرني بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى عبد الله بن حذافة وهو يسير على راحلته فذكر نحوه ورواه أيضًا من طريق صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وقال لا نعلم أحدًا قال عن سعيد غير صالح وهو كثير الخطأ ضعيف يعني أن الصواب الأول وفي مسلم عن نبيشة مرفوعًا أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله وفيه أيضًا عن كعب بن مالك أنه صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس بن الحدثان فنادى أن لا يدخل الجنة إلا مؤمن وأيام منى أيام أكل وشرب زاد أصحاب السنن وذكر الله فلا يصومن أحد فقد عدد صلى الله عليه وسلم المنادى لكثرة الناس ( مالك عن محمد بن يحيى بن حبان) بفتح الحاء والموحدة الثقيلة ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين) تحريمًا ( يوم الفطر ويوم الأضحى) فيحرم صيامهما على متطوع وناذر وقاض فرضًا ومتمتع وغير ذلك إجماعًا ولا ينعقد نذر صوم أحدهما ولا يلزم قضاؤه عند الجمهور وقال أبو حنيفة يقضى وإن صامه أجزأه ومر هذا الحديث بسنده ومتنه في الصيام ( مالك عن يزيد) بتحتية فزاي ( ابن عبد الله بن الهادي) بالياء وحذفها الليثي المدني ( عن أبي مرة) مشهور بكنيته واسمه يزيد بن مرة وقيل عبد الرحمن ( مولى أم هانئ) قال ابن عبد البر هكذا يقول يزيد بن الهاد وأكثرهم يقولون مولى عقيل بن أبي طالب زاد في نسخة ابن وضاح أخت عقيل بن أبي طالب وفي نسخة بنت أبي طالب وكل منهما صواب ونسخة امرأة عقيل خطأ ( عن عبد الله بن عمرو بن العاصي) القرشي السهمي أحد المكثرين والعبادلة الصحابي ابن الصحابي ( أنه أخبره أنه دخل) كذا للأكثر وللقعنبي وروح بن عبادة أنه دخل مع عبد الله وكذا رواه الليث عن يزيد شيخ مالك ( عن أبيه عمرو بن العاصي فوجده يأكل قال فدعاني) للأكل معه ( قال فقلت له إني صائم فقال هذه الأيام التي نهانا) معاشر المسلمين ( رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهن) نهي تحريم ( وأمرنا بفطرهن) أمر إيجاب ( قال مالك هي أيام التشريق) سميت بذلك لأن الذبح فيها يجب بعد شروق الشمس وقيل لأنهم كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي إذا قددت قاله قتادة وقيل لأنهم كانوا يشرقون للشمس في غير بيوت ولا أبنية للحج وهذا قول أبي جعفر بن محمد بن علي قاله في التمهيد وهذا الحديث رواه أبو داود عن القعنبي عن مالك وصححه ابن خزيمة والحاكم وهو ثالث الأحاديث المرفوعة في الموطأ عن يزيد بن عبد الله.



رقم الحديث 856 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: إِذَا اضْطُرِرْتَ إِلَى بَدَنَتِكَ فَارْكَبْهَا رُكُوبًا غَيْرَ فَادِحٍ، وَإِذَا اضْطُرِرْتَ إِلَى لَبَنِهَا فَاشْرَبْ، بَعْدَ مَا يَرْوَى فَصِيلُهَا، فَإِذَا نَحَرْتَهَا فَانْحَرْ فَصِيلَهَا مَعَهَا.


( ما يجوز من الهدي)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) الأنصاري المدني قاضيها قال ابن عبد البر لا خلاف بين رواة الموطأ أنه لمالك عن عبد الله وغلط يحيى فقال عن نافع عن عبد الله ولم يرو نافع عن عبد الله شيئًا بل عبد الله ممن يصلح أن يروي عن نافع وقد روى عنه من هو أجل منه ولسويد بن سعيد مالك عن الزهري عن أنس عن أبي بكر وهو من خطأ سويد وغلطه ولم يروه ابن وضاح عن يحيى إلا كما رواه سائر الرواة عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر وهو مرسل يستند من وجوه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى جملاً) ذكر الإبل باتفاق أهل اللغة ونقل الجوهري عن ابن السكيت أنه إنما يسمى جملاً إذا أربع أي دخل في السنة الرابعة وذكر المنذري أن اسم هذا الجمل عصيفير ( كان لأبي جهل) عمرو ( بن هشام) المخزومي فرعون هذه الأمة الأحول المأبون كنته العرب أبا الحكم وكناه الشارع بأبي جهل ( في حج أو عمرة) شك الراوي وورد أنه في عمرة أبي داود من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هداياه جملاً كان لأبي جهل في رأسه برة من فضة وفي رواية من ذهب يغيظ بذلك المشركين وابن إسحاق مدلس ولم يصرح بالتحديث لكن له شاهد في ابن ماجه من طريق الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى في بدنه جملاً لأبي جهل برته من فضة وبرة بضم الموحدة وفتح الراء الخفيفة وهاء حلقة تجعل في أنف البعير وفيه إهداء الذكر وحكي عن ابن عمر كراهته في الإبل وإنما أغاظهم به لأنه كان معروفًا بأبي جهل فحازه المصطفى فغاظهم أن يروه في يده وصاحبه قتيل سليب قاله الخطابي أو بسبب حليته أو بالأمرين معًا ( مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً) قال الحافظ لم أقف على اسمه بعد طول البحث ( يسوق بدنة) زاد مسلم من طريق المغيرة عن أبي الزناد مقلدة وللبخاري من وجه آخر مقلدة نعلاً والبدنة تقع على الجمل والناقة والبقرة وكثر استعمالها فيما كان هديًا وفي البخاري قال مجاهد سميت البدن ببدنها بفتح الموحدة والمهملة للأكثر وبضمها وسكون الدال وفي رواية لبدانتها أي سمنها ولعبد بن حميد عن مجاهد إنما سميت البدن من قبل السمانة ( فقال اركبها) لضرورتك ففي رواية أنه رأى رجلاً يسوق بدنة وقد أجهد فقال له اركبها ( فقال يا رسول الله إنها بدنة) أي هدي ( فقال اركبها ويلك في الثانية أو الثالثة) بالشك من الراوي وفي رواية همام عند مسلم ويلك اركبها ويلك اركبها ولأحمد من رواية عبد الرحمن بن إسحاق والثوري كلاهما عن أبي الزناد ومن طريق ابن عجلان عن أبي هريرة قال اركبها ويحك قال إنها بدنة قال اركبها ويحك زاد البخاري من رواية عكرمة عن أبي هريرة فلقد رأيته راكبها يساير النبي صلى الله عليه وسلم والنعل في عنقها وهذه الطرق دالة على أنه أطلق البدنة على الواحدة من الإبل المهداة إلى البيت إذ لو كان المراد مدلولها اللغوي لم يحسن الجواب بأنها بدنة لأن كونها من الإبل معلوم فالظاهر أن الرجل ظن أنه خفي عليه كونها هديًا فقال إنها بدنة والحق أن ذلك لم يخف على النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت مقلدة ولذا قال لما زاد في مراجعته ويلك تأديبًا لمراجعته مع عدم خفاء الحال عليه وبه جزم ابن عبد البر وابن العربي وبالغ فقال الويل لمن راجع في ذلك بعد هذا ولولا أنه صلى الله عليه وسلم اشترط على ربه ما اشترط لهلك الرجل لا محالة قال القرطبي ويحتمل أنه فهم عنه ترك ركوبها على عادة الجاهلية في السائبة وغيرها فزجره عن ذلك فعلى الحالتين فهي دعاء ورجحه عياض وغيره قالوا والأمر هنا وإن قلنا إنه للإرشاد لكنه استحق الذم بتوقفه عن امتثال الأمر والذي يظهر أنه ما ترك الامتثال عنادًا ويحتمل أنه ظن أنه يلزم غرم بركوبها أو إثم وأن الإذن بركوبها إنما هو للشفقة عليه فلما أغلظ له بادر إلى الامتثال وقيل لأنه أشرف على هلكة من الجهد وويل يقال لمن وقع في هلكة فالمعنى أشرفت على الهلكة فاركب فعلى هذا هي إخبار وقيل هي كلمة تدعم بها العرب كلامها ولا تقصد معناها كقولهم لا أم لك ويقويه ما تقدم في بعض الروايات بلفظ ويحك بدل ويلك فإنه يقال ويلك لمن وقع في هلكة يستحقها وويح لمن وقع في هلكة لا يستحقها وفي الحديث تكرير الفتوى والندب إلى المبادرة إلى امتثال الأمر وزجر من لم يبادر وتوبيخه وجواز مسايرة الكبار في السفر وأن الكبير إذا رأى مصلحة للصغير لا يأنف عن إرشاده إليها واحتج بإطلاقه وبقوله تعالى { { لكم فيها منافع } } من أجاز ركوب الهدي اختيارًا حيث لا يضرها ورواه ابن نافع عن مالك وكرهه الجمهور ومالك في المشهور إلا لضرورة لحديث مسلم عن جابر مرفوعًا اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرًا قال المازري لأنه مقيد والمقيد يقضي على المطلق ولأنه شيء خرج عنه لله تعالى فلا يرجع فيه ولو أبيح النفع بلا ضرورة أبيح إجارته ولا يجوز باتفاق ثم إذا ركب للعذر لا يلزمه النزول بعد الراحة استصحابًا لإباحة الركوب وهو ما رواه ابن القاسم عن مالك وعنه أيضًا يلزمه لأنه في معنى وجود غيرها وقال بعض أهل الظاهر يجب ركوبها تمسكًا بظاهر الأمر ولمخالفة ما كانوا عليه في الجاهلية من البحيرة والسائبة ورده ابن عبد البر بأن الذين ساقوا الهدي في عهده صلى الله عليه وسلم كانوا كثيرًا ولم يأمر أحدًا منهم بذلك ويرد عليه ما رواه أحمد أن عليًا سئل هل يركب الرجل هديه فقال لا بأس قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالرجال يمشون فيأمرهم يركبون هدي النبي صلى الله عليه وسلم إسناده صالح وله شاهد عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح رواه أبو داود في المراسيل عن عطاء قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالبدنة إذا احتاج إليها سيدها أن يحمل عليها ويركبها غير منهكها قلت هذا المرسل مقيد بالحاجة وعليها يحمل حديث علي فلا يرد على أبي عمر وفيه أنه لا فرق بين هدي التطوع والواجب لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل صاحب البدنة عن ذلك فدل على أن الحكم لا يختلف ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى وأبو داود عن القعنبي والنسائي عن قتيبة الأربعة عن مالك به وتابعه المغيرة بن عبد الرحمن عند مسلم وسفيان الثوري عند ابن ماجه كلاهما عن أبي الزناد به ( مالك عن عبد الله بن دينار أنه كان يرى عبد الله بن عمر يهدي في الحج بدنتين بدنتين) بالتكرير لإفادة عموم التثنية ( وفي العمرة بدنة بدنة) بالتكرير لذلك أيضًا وفيه إيماء لفضل الحج عليها ( قال ورأيته في العمرة ينحر بدنة) مفرد بدن بسكون الدال وبه قرأ الجمهور وبضمهما وبه قرأ الأعرج ورواية عن عاصم وأصلها من الإبل ( وهي قائمة) لاستحباب ذلك ( في دار خالد بن أسيد) بفتح الألف وكسر السين ابن أبي العاصي ابن أمية وهو أخو عتاب أمير مكة وجد أمية بن عبد الله بن خالد قال هشام بن الكلبي أسلم يوم الفتح وأقام بمكة وكان من المؤلفة قال ابن دريد كان جزارًا وروى ابن منده عن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل حين راح إلى منى وفيه ضعف وقيل إنه فقد يوم اليمامة وقيل مات قبل فتح مكة ( وكان فيها) أي الدار ( منزله) أي ابن عمر إذا حج أو اعتمر ( قال) ابن دينار ( ولقد رأيته) أي ابن عمر ( طعن في لبة) بفتح اللام والموحدة ( بدنته حتى خرجت الحربة من تحت كتفها) من قوة الطعنة ( مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز أهدى جملاً في حج أو عمرة) اقتداء بفعل المصطفى فلا كراهة في إهداء الذكور خلافًا لمن قاله ( مالك عن أبي جعفر القارئ) بالهمز المخزومي مولاهم المدني اسمه يزيد بن القعقاع وقيل جندب بن فيروز مات سنة سبع وعشرين وقيل سنة ثلاثين ومائة ( أن عبد الله بن عياش) بشد التحتية وشين معجمة ( ابن أبي ربيعة) واسمه عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي ( المخزومي) الصحابي ابن الصحابي ولد بالحبشة وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن عمر وغيره وأبوه قديم الإسلام ( أهدى بدنتين إحداهما بختية) بضم الباء وإسكان الخاء المعجمة وكسر الفوقية فتحتية ثقيلة أنثى بختي قال في المشارق إبل غلاظ لها سنامان وفي النهاية جمال طوال الأعناق وفي رواية نجيبة بفتح النون وكسر الجيم وإسكان التحتية وموحدة مؤنث نجيب واحد النجب قال في المشارق وهو ما اتخذ للسير والرحائل وفي النهاية هو القوي من الإبل الخفيف السريع ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول إذا نتجت) بضم النون وكسر التاء أي وضعت ( البدنة فليحمل ولدها) على غيرها ( حتى ينحر معها فإن لم يوجد له محمل حمل على أمه حتى ينحر معها) ( مالك عن هشام بن عروة أن أباه قال إذا اضطررت إلى بدنتك فاركبها ركوبًا غير فادح) بالفاء والدال والحاء المهملتين أي ثقيل صعب عليها لقوله صلى الله عليه وسلم اركبها بالمعروف إذا ألجئت إلى ظهرها ( وإذا اضطررت إلى لبنها فاشرب بعد ما يروى فصيلها) وكرهه مالك في حال الاختيار ولو فضل عن ريه لأنه نوع من الرجوع في الصدقة وليتصدق بما فضل ومحل الكراهة حيث لا ضرر وإلا غرم إن أضرها أو فصيلها بشربه أرش النقص أو البدل إن حصل تلف ( فإذا نحرتها فانحر فصيلها معها) وجوبًا.