فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الْقَسْمِ لِلْخَيْلِ فِي الْغَزْو

رقم الحديث 988 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ، كَانَ لَهُ حَسَنَاتٌ.
وَلَوْ أَنَّهَا قُطِعَتْ طِيَلَهَا ذَلِكَ، فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ.
وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ.
فَشَرِبَتْ مِنْهُ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ حَسَنَاتٍ.
فَهِيَ لَهُ أَجْرٌ.
وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا، وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا فِي ظُهُورِهَا، فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ.
وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ.
وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحُمُرِ؟ فَقَالَ: لَمْ يُنْزَلْ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ { { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } }

( التَّرْغِيبِ فِي الْجِهَادِ)

( مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ) بكسر الزاي وخفة النون عبد الله بن ذكوان ( عَنِ الْأَعْرَجِ) عبد الرحمن بن هرمز ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) زاد البخاري عن ابن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا والله أعلم بمن يجاهد في سبيله أي يعقد نيته إن كانت خالصة لإعلاء كلمته فذلك المجاهد في سبيله وإن كان في نيته حب المال والدنيا واكتساب الذكر فقد أشرك مع سبيل الله الدنيا.
( كَمَثَلِ الصَّائِمِ) نهاره ( الْقَائِمِ) ليله للصلاة ( الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ) بضم التاء، لا يضعف ولا ينكسر ( مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ) تطوعًا ومن كان كذلك فأجره مستمر، فكذلك المجاهد لا تضيع ساعة من ساعاته بلا ثواب ( حَتَّى يَرْجِعَ) من جهاده.
قال تعالى { { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ } } الآية ومثله بالصائم القائم لأنه ممسك لنفسه عن الأكل والشرب والنوم واللذات والمجاهد ممسك لها على محاربة العدو، حابس لها على من يقاتله.

قال البوني: يحتمل أنه ضرب ذلك مثلاً وإن كان أحد لا يستطيع كونه قائمًا مصليًا لا يفتر ليلاً ولا نهارًا ويحتمل أنه أراد التكثير.
ولمسلم من طريق أبي صالح عن أبي هريرة كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله زاد النسائي من هذا الوجه الخاشع الراكع الساجد.
قال الباجي: أحال ثواب الجهاد على الصائم القائم وإن كنا لا نعرف مقداره لما قرّر الشرع من كثرته وعرف من عظمه.
قال عياض: هذا تفخيم عظيم للجهاد لأنّ الصيام وغيره مما ذكر من الفضائل قد عدلها كلها الجهاد حتى صارت جميع حالات المجاهد وتصرفاته المباحة تعدل أجر المواظب على الصلاة وغيرها وفيه أن الفضائل لا تدرك القياس وإنما هي إحسان من الله لمن شاءه انتهى.
ثم لا معارضة بين هذا وبين الخبر المارّ ألا أنبئكم بخير أعمالكم إلى أن قال ذكر الله إما لأن المراد الذكر الكامل وهو ما اجتمع فيه ذكر اللسان والقلب بالشكر واستحضار عظمة الرب وهذا لا يعدله شيء وفضل الجهاد وغيره إنما هو بالنسبة إلى ذكر اللسان المجرد أو باعتبار أحوال المخاطبين كما مرّ مع مزيد حسن في باب ذكر الله من أواخر الصلاة.

وقال ابن دقيق العيد: القياس يقتضي أن الجهاد أفضل الأعمال التي هي وسائل لأن الجهاد وسيلة إلى إعلان الدين ونشره وإخماد الكفر ودحضه ففضله بحسب فضل ذلك انتهى وأما حديث ابن عباس مرفوعًا ما العمل في أيام أفضل منها في هذه الأيام يعني أيام عشر ذي الحجة قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله قال: ولا الجهاد فيحتمل أن يخص به عموم حديث الباب أو أنه مخصوص بمن خرج قاصدًا المخاطرة بنفسه وماله فأصيب.

( مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَكَفَّلَ اللَّهُ) ولمسلم من رواية أبي زرعة عن أبي هريرة: تضمن الله وللبخاري: انتدب الله وكلها بمعنى واحد ومحصله تحقيق الوعد المذكور في قوله تعالى { { إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ } } وذلك التحقيق على وجه الفضل منه سبحانه وتعالى وعبر صلى الله عليه وسلم عن تفضله تعالى بالثواب بلفظ الضمان ونحوه مما جرت به عادة المخاطبين فيما تطمئن به نفوسهم ( لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ) الكفار عند الإطلاق شرعًا وإن كانت جميع أعمال البر في سبيله ( لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ) ولأحمد والنسائي برجال ثقات عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكى عن ربه قال: أيما عبد من عبادي خرج مجاهدًا في سبيلي ابتغاء مرضاتي ضمنت إن رجعته أن أرجعه بما أصاب من أجر أو غنيمة الحديث وأخرجه الترمذي وصححه من حديث عبادة يقول الله المجاهد في سبيلي هو عليّ ضامن إن رجعته رجعته بأجر أو غنيمة الحديث.

( وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ) قال النووي: أي كلمة الشهادتين وقيل تصديق كلام الله تعالى في الإخبار للمجاهدين من عظيم الثواب.
قال: والمعنى لا يخرجه إلا محض الإيمان والإخلاص لله تعالى.
( أَنْ يُدْخِلَهُ) إن استشهد ( الْجَنَّةَ) بلا حساب ولا عذاب ولا مؤاخذة بذنب فتكون الشهادة مكفرة لذنوبه كما في الحديث الصحيح أو المراد: يدخله الجنة ساعة موته كما ورد أن أرواح الشهداء تسرح في الجنة.
وقال تعالى { { أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } } قاله الباجي: وتبعه عياض وغيره دفعًا لإيراد من قال ظاهر الحديث التسوية بين الشهيد والراجع سالمًا لأن حصول الأجر يستلزم دخول الجنة ومحصل الجواب أن المراد بدخول الجنة دخول خاص ( أَوْ يَرُدَّهُ) بالنصب عطفًا على يدخله وفي رواية الأويسي، أو يرجعه بفتح أوله والنصب ( إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ) خالص إن لم يغنم شيئًا ( أَوْ غَنِيمَةٍ) مع أجر وكأنه سكت عنه لنقصه بالنسبة إلى الأجر الذي بلا غنيمة والحامل على التأويل أن ظاهر الحديث أنه إذا غنم لا أجر له وليس بمراد لأن القواعد تقتضي أنه عند عدم الغنيمة أفضل منه وأتم أجرًا عند وجودها، فالحديث صريح في عدم الحرمان لا في نفي الجمع.
وقال الكرماني: معناه أن المجاهد إما أن يستشهد أولاً.
والثاني: لا ينفك من أجر أو غنيمة مع إمكان اجتماعهما فالقضية مانعة خلوّ لا جمع.
وأجيب أيضًا بأن أو بمعنى الواو.
وبه جزم ابن عبد البر والقرطبي ورجحه التوربشتي، وقد وقع بالواو ليحيى بن بكير في الموطأ لكن في رواية ابن بكير عن مالك مقال ولم يختلف رواته في أنها بأو وكذا لمسلم عن يحيى عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد بالواو ولكن رواه جعفر الفريابي وجماعة عن يحيى بأو وللنسائي من طريق سعيد بن المسيب ومن طريق عطاء بن مينا عن أبي هريرة وأبي داود بإسناد صحيح عن أبي أمامة بالواو.

وقال الحافظ: فإن كانت هذه الروايات محفوظة تعين أن أو بمعنى الواو كما هو مذهب نحاة الكوفيين لكن فيه إشكال صعب لاقتضائه من حيث المعنى وقوع الضمان بمجموع الأمرين لكل من رجع وقد لا يتفق ذلك فإن كثيرًا من الغزاة يرجع بلا غنيمة فما فر منه مدعى أنها بمعنى الواو وقع في نظيره لأنه لا يلزم على ظاهرها إن رجع بغنيمة رجع بلا أجر كما يلزم على أنها بمعنى الواو أن كل غاز يجمع له بين الأجر والغنيمة معًا انتهى وهذا الإشكال لابن دقيق العيد.
وأجاب الدماميني بأنه إنما يرد إذا كان القائل إنها للتقسيم قد فسر المراد بما ذكره هو من قوله فله الأجر إن فاتته الغنيمة إلخ.
وأما إن سكت عنه فلا يتجه الإشكال إذ يحتمل أن التقدير أن يرجعه سالمًا مع أجر وحده أو غنيمة وأجر كما مر والتقسيم بهذا الاعتبار صحيح والإشكال ساقط مع أنه لو سلم أن القائل بأنها للتقسيم صرح بأن المراد فله الأجر إن فاتته الغنيمة وإن حصلت فلا، لم يرد الإشكال أيضًا لاحتمال أن تنكير أجر لتعظيمه ويراد به الأجر الكامل فيكون معنى قوله: إن فاتته الغنيمة الأجر الكامل، وإن حصلت فلا يحصل له هذا الأجر المخصوص وهو الكامل فلا يلزم انتفاء مطلق الأجر عنه، انتهى.

وقد روى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاصي مرفوعًا: ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم.
قال الحافظ وهذا يؤيد التأويل الأوّل وأن الذي يغنم يرجع بأجر لكنه أنقص من أجر من لم يغنم فتكون الغنيمة في مقابلة جزء من أجزاء الغزو فإذا قوبل أجر الغانم بما حصل له من الدنيا وتمتعه به بأجر من لم يغنم مع اشتراكهما في التعب والمشقة كان أجر من غنم دون أجر من لم يغنم وهذا موافق لقول خباب في الحديث الصحيح: فمنا من مات ولم يأكل من أجره شيئًا.
واستشكل نقص ثواب المجاهد بأخذ الغنيمة بمخالفته لما دل عليه أكثر الأحاديث واشتهر من تمدّح النبي صلى الله عليه وسلم بحل الغنيمة وجعلها من فضائل أمته فلو نقصت الأجر ما وقع التمدّح بها وأيضًا فإن ذلك يستلزم أن أجر أهل بدر أنقص من أجر أهل أحد مثلاً مع أن أهل بدر أفضل باتفاق، ذكر هذا الاستشكال ابن عبد البر، وحكاه عياض وذكر أن بعضهم أجاب بضعف حديث ابن عمر ولأنه من رواية حميد بن هانئ وليس بمشهور وهذا مردود لأنه احتج به مسلم.
ووثقه النسائي وابن يونس وغيرهما، ولا يعرف فيه تجريح لأحد، ومنهم من حمل نقص الأجر على غنيمة أخذت على غير وجهها وظهور فساد هذا الوجه يغني عن ردّه إذ لو كان كذلك لم يبق لهم ثلث أجر ولا أقل منه ومنهم من حمله على من قصد الغنيمة في ابتداء جهاده وحمل تمامه على من قصد الجهاد محضًا وفيه نظر لأن الحديث صرح بأن هذا القسم راجع إلى من أخلص لقوله لا يخرجه إلا الجهاد إلخ.

وقال عياض: الوجه عندي إجراء الحديثين على ظاهرهما واستعمالهما على وجههما ولم يجب عن الإشكال المتعلق بأهل بدر.
وقال ابن دقيق العيد: لا تعارض بين الحديثين بل الحكم فيهما جار على القياس لأن الأجور تتفاوت بحسب زيادة المشقة لأن لها دخلاً في الأجر وإنما المشكل العمل المتصل بأخذ الغنائم يعني فلو نقصت الأجر لما كان السلف الصالح يثابرون عليها فيمكن أن يجاب بأن أخذها من جهة تقديم بعض المصالح الجزئية على بعض لأن أخذها أوّل ما شرع كان عونًا على الدين وقوّة لضعفاء المسلمين وهي مصلحة عظيمة يغتفر لها نقص الأجر من حيث هو.
وأما الجواب عن استشكال ذلك بحال أهل بدر فالذي ينبغي أن التقابل بين كمال الأجر ونقصه لمن يغزو بنفسه إذا لم يغنم أو يغزو فيغنم فغايته أن حال أهل بدر مثلاً عند عدم الغنيمة أفضل منه عند وجودها.
ولا ينفي ذلك أن حالهم هم أفضل من حال غيرهم من جهة أخرى، ولم يرد فيهم نص أنهم لو لم يغنموا كان أجرهم بحاله من غير زيادة، ولا يلزم من كونهم مغفورًا لهم وأنهم أفضل المجاهدين أن لا يكون وراءهم مرتبة أخرى.

وأما الاعتراض بحل الغنائم فلا يرد إذ لا يلزم من الحل وفاء الأجر لكل غاز والمباح في الأصل لا يستلزم الثواب بنفسه لكن ثبت أن أخذ الغنيمة وسلبها من الكفار يحصل الثواب.
ومع ذلك فصحة ثبوت الفضل في أخذها وصحة التمدّح به لا يلزم منه أن كل غاز يحصل له من أجر غزاته نظير من لم يغنم شيئًا البتة.
قلت: والذي مثل بأهل بدر أراد التهويل وإلا فالأمر على ما تقرر آخرًا بأنه لا يلزم من كونهم مع أخذ الغنيمة أنقص أجرًا عما لو لم يحصل لهم غنيمة أن يكونوا في حال أخذها مفضولين بالنسبة إلى من بعدهم كمن شهد أحدًا لكونهم لم يغنموا شيئًا بل أجر البدري في الأصل أضعاف أجر من بعده، مثال ذلك: لو فرض أنّ أجر البدري بلا غنيمة ستمائة، وأجر الأحدي مثلاً بلا غنيمة مائة فإذا نسبنا ذلك باعتبار حديث ابن عمر وكان للبدري لأخذه الغنيمة مائتان وهي ثلث الستمائة فيكون أكثر أجرًا من الأحدي.
وإنما امتاز أهل بدر بذلك لأنها أوّل غزوة شهدها النبي صلى الله عليه وسلم في قتال الكفار، وكانت مبدأ اشتهار الإسلام وقوة أهله، فكان لمن شهدها مثل أجر من شهد المغازي التي بعدها جميعًا فصارت لا يوازيها شيء في الفضل واختار ابن عبد البر أن المراد بنقص أجر من غنم أن الذي لا يغنم يزداد أجره لحزنه على ما فاته من الغنيمة كما يؤجر من أصيب بماله فكأن الأجر لما نقص عن المضاعفة بسبب الغنيمة عدّ ذلك كالنقص من أصل الأجر ولا يخفى مباينة هذا التأويل لحديث عبد الله بن عمرو وذكر بعضهم فيه حكمة لطيفة بالغة وذلك أن الله أعدّ للمجاهدين ثلاث كرامات دنيويتان وأخروية: فالدنيويتان السلامة والغنيمة.
والأخروية دخول الجنة فإذا رجع سالمًا غانمًا فقد حصل له ثلثًا ما أعدّ الله وبقي له الثلث وإن رجع بلا غنيمة عوضه الله عن ذلك ثوابًا في مقابلة ما فاته فكأن معنى الحديث أن يقال للمجاهد إذا فاتك شيء من أجر الدنيا عوضتك عنه ثوابًا وأما الثواب المختص بالجهاد فحاصل للفريقين معًا وغاية ما فيه غير النعمتين الدنيويتين الجنة وإنما هي بفضل الله وفيه استعمال التمثيل في الأحكام وإن الأعمال الصالحة لا تستلزم الثواب لأعيانها وإنما يحصل بالنية الخالصة إجمالاً وتفصيلاً انتهى.

وأخرجه البخاري في الخمس عن إسماعيل وفي التوحيد عنه وعن عبد الله بن يوسف كلاهما عن مالك به، وتابعه المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عند مسلم.

( مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) العدوي مولاهم المدني ( عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذكوان ( السَّمَّانِ) بائع السمن ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخَيْلُ) زاد القعنبي لثلاثة ( لِرَجُلٍ أَجْرٌ) أي ثواب ( وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ) بكسر فسكون، أي ساتر لفقره ولحاله ( وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ) أي إثم، ووجه الحصر في الثلاثة أن الذي يقتنيها إما لركوب أو تجارة وكل منهما إما أن يقترن به فعل طاعة وهو الأول أو معصية وهو الأخير أولاً ولا وهو الثاني ( فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أي أعدها للجهاد ( فَأَطَالَ لَهَا) الحبل الذي ربطها فيه حتى تسرح للرعي ( فِي مَرْجٍ) بفتح الميم وإسكان الراء وجيم: موضع كلأ، وأكثر ما يطلق في الموضع المطمئن ( أَوْ رَوْضَةٍ) بالشك من الراوي وأكثر ما يطلق الروضة في الموضع المرتفع ( فَمَا أَصَابَتْ) أي أكلت وشربت ومشت ( فِي طِيَلِهَا) بكسر الطاء المهملة وفتح التحتية فلام: حبلها الذي تربط به ويطوّل لها لترعى.
ويقال له: طول بالواو المفتوحة أيضًا ولم يأت به رواية هنا كما زعم بعضهم إنما ورد في حديث أبي هريرة موقوفًا عند البخاري: أن فرس المجاهد ليستن في طوله فيكتب له حسنات ( ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ) الأرض الواسعة ذات كلأ يرعى فيه سمي به لأنها تمرج فيه أي تسرح وتجيء وتذهب كيف شاءت ( أَوِ الرَّوْضَةِ) بالشك من الراوي كسابقه ( كَانَ) ما أصابته وفي نسخة كانت بالتأنيث نظرًا لمعنى ما ( لَهُ حَسَنَاتٌ) يوم القيامة يجدها موفورة.

( وَلَوْ أَنَّهَا قُطِعَتْ طِيَلَهَا ذَلِكَ فَاسْتَنَّتْ) بفتح الفوقية وشد النون جرت بنشاط ( شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ) بفتح المعجمة والراء والفاء فيهما، شوطًا أو شوطين سمي به لأن العالي يشرف على ما يتوجه إليه والشرف العالي من الأرض فبعدت عن الموضع الذي ربطها فيه ورعت في غيره ( كَانَتْ آثَارُهَا) بالمد والمثلثة، في الأرض بحوافرها عند خطواته ( وَأَرْوَاثُهَا) بمثلثة، جمع روث أي: ثوابها لا أنها بعينها توزن ( حَسَنَاتٍ لَهُ) أي لصاحبها يوم القيامة ( وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ) بفتح الهاء وسكونها ( فَشَرِبَتْ مِنْهُ) بغير قصد صاحبها ( وَ) الحال أنه ( لَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ) بحذف المفعول وللقعنبي أن يسقيها ( بِهِ) أي من ذلك النهر ( كَانَ ذَلِكَ) أي شربها وإرادته أن يسقيها بغيره ( لَهُ حَسَنَاتٍ) يوم القيامة وفيه أن الإنسان يؤجر على التفاصيل التي تقع في فعل الطاعة إذا قصد أجرها وإن لم يقصد تلك بعينها.
وقال ابن المنير قيل: إنما أجر لأن ذلك وقت لا ينتفع بشربها فيه فيغتم صاحبها بذلك فيؤجر وقيل إن المراد حيث تشرب من ماء الغير بغير إذنه فيغتم صاحبها فيؤجر وكل ذلك عدول عن القصد ( فَهِيَ لَهُ أَجْرٌ) في الوجهين.

( وَ) القسم الثاني الذي هي له ستر، ( رَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا) بفتح الفوقية والمعجمة وكسر النون الثقيلة وتحتية أي استغناء عن الناس يقال: تغنيت بما رزقني الله تغنيًا وتغانيت تغانيًا واستغنيت استغناءً كلها بمعنى والمعنى أنه يطلب بنتاجها أو بما حصل من أجرتها ممن يركبها ونحو ذلك تغنيًا عن سؤال الناس ( وَتَعَفُّفًا) عن مسألتهم.
وفي رواية سهيل عن أبيه عند مسلم، وأما الذي هي له ستر فالرجل يتخذها تعففًا وتكرمًا وتجملاً ( وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا) بلا حساب إليها والقيام بفعلها والشفقة عليها في ركوبها وخص رقابها بالذكر لأنها تستعار كثيرًا في الحقوق اللازمة كقوله تعالى { { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } } ( وَلَا فِي ظُهُورِهَا) بإطراق فحلها والحمل عليها في سبيل الله أو لا يحملها ما لا تطيقه ونحو ذلك هذا قول من لم يوجب الزكاة في الخيل وهم الجمهور وقيل المراد بالحق الزكاة وهو قول حماد وأبي حنيفة وخالفه صاحباه قال أبو عمر لا أعلم أحدًا سبقه إلى ذلك ولا حجة له في الحديث لطروق الاحتمال ( فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ) ساتر من المسكنة.

( وَ) الثالث الذي هي له وزر ( رَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا) بالنصب للتعليل أي لأجل الفخر أي تعاظمًا ( وَرِيَاءً) أي إظهارًا للطاعة والباطن بخلافه وفي رواية سهيل: وأما الذي هي عليه وزر فالذي يأخذها أشرًا وبطرًا ورياءً للناس ( وَنِوَاءً) بكسر النون والمد أي مناوأة وعداوة ( لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ) قال الخليل: ناوأت الرجل ناهضته بالعداوة.
وحكى عياض فتح النون والقصر وحكاه الإسماعيلي عن رواية أبي أويس فإن ثبت فمعناه بعدًا.
وقال البوني يروى، نوى بفتح النون وكسرها، ويروى نواء بالمد مصدر انتهى.
والظاهر أن الواو فيه وفيما قبله بمعنى أو لأن هذه الأشياء قد تنفرد في الأشخاص وكل واحد منهما مذموم على حدته وفيه بيان فضل الخيل وأنها إنما تكون في نواصيها الخير والبركة إذا اتخذت في طاعة أو مباح وإلا فهي مذمومة كما قال ( فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ) أي إثم وقد فهم بعض الشراح من الحديث الحصر في الثالثة فقال: اتخاذ الخيل يخرج عن أن يكون مطلوبًا أو مباحًا أو ممنوعًا فدخل في المطلوب الواجب والمندوب، وفي الممنوع المكروه والحرام بحسب اختلاف المقاصد واعترض بأن المباح لم يذكر في الحديث لأن القسم الثاني الذي يتخيل فيه ذلك قيد بقوله ولم ينس حق الله فيها فيلحق بالمندوب والسر فيه أنه صلى الله عليه وسلم غالبًا إنما يعتني بذكر ما فيه حض أو منع أما المباح الصرف فيسكت عنه لما علم أن سكوته عنه عفو.
ويمكن أن يقال القسم الثاني هو في الأصل مباح إلا أنه ربما ارتقى إلى الندب بالقصد بخلاف القسم الأول فإنه من ابتدائه مطلوب.

( وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحُمُرِ) بضمتين هل لها حكم الخيل أو عن زكاتها وبه جزم الخطابي قال الحافظ: لم أقف على تسمية السائل صريحًا ويحتمل أنه صعصعة بن ناجية عم الفرزدق لقوله: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول { { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُُ } } إلى آخر السورة فقلت: ما أبالي أن لا أسمع غيرها حسبي.
رواه أحمد والنسائي وصححه الحاكم وجزم في المقدمة بهذا الاحتمال ( فَقَالَ لَمْ يُنْزَلْ) بالبناء للمفعول ( عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ) منصوص وفي رواية ما أنزل الله عليّ فيها ( إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ) لكل الخيرات والمسرات ( الْفَاذَّةُ) بالفاء وشد المعجمة سماها جامعة لشمولها الأنواع من طاعة ومعصية وفاذة لانفرادها في معناها قال أبو عبد الملك: يحتمل أنه أراد لم يتكرر مثلها في القرآن بلفظها ويحتمل أنها نزلت وحدها والفاذ هو المنفرد انتهى.
وقال ابن التين: المراد أن الآية دلت على أن من عمل في اقتناء الحمير طاعة رأى ثواب ذلك وإن عمل معصية رأى عقابها.
وقال ابن عبد البر: يعني أنها منفردة في عموم الخير والشر والآية أعم منها لأنها تعم كل خير وشر، فأما الخير فلا خلاف أن المؤمن يراه في القيامة ويثاب عليه، وأما الشر فتحت المشيئة قال وفيه أن ما قاله في الخيل كان بوحي لقوله في الحمر لم ينزل عليّ فيها شيء إلا إلخ وهذا يعضد قول من قال أنه كان لا يتكلم إلا بوحي وتلا { { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } } واحتج بحديث أوتيت الكتاب ومثله معه وبقول عبد الله بن عمرو: يا رسول الله أكتب كل ما أسمع منك؟ قال: نعم قال: في الرضا والغضب؟ قال: نعم فإني لا أقول إلا حقًا.

{ { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } } أي نملة صغيرة، وقيل: الذر ما يرى في شعاع الشمس من الهباء { { خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } } قال ابن بطال: فيه تعليم الاستنباط والقياس لأنه شبه ما لم يذكر الله حكمه في كتابه وهي الحمر بما ذكره من يعمل مثقال ذرّة من خير أو شر، وهذا نفس القياس الذي ينكره من لا فهم عنده وتعقبه ابن المنير بأنه ليس من القياس في شيء، وإنما هو استدلال بالعموم وإثبات لصيغته خلافًا لمن أنكر أو وقف وفيه تحقيق لإثبات العمل بظواهر العموم وأنها ملزمة حتى يدل التخصيص وإشارة إلى الفرق بين الحكم الخاص المنصوص والعام الظاهر وأن الظاهر دون المنصوص في الدلالة وهو حجة أيضًا في عموم النكرة الواقعة في سياق الشرط نحو من عمل صالحًا فلنفسه وقد اتفق العلماء على عموم آية فمن يعمل القائلون بالعموم ومن لم يقل به.
قال ابن مسعود: هذه أحكم آية في القرآن وأصدق.
وقال كعب الأحبار: لقد أنزل الله على محمد آيتين أحصتا ما في التوراة { { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } } الحديث أخرجه البخاري في المساقاة عن عبد الله بن يوسف وفي الجهاد وعلامات النبوّة عن القعنبي وفي التفسير وفي الاعتصام عن إسماعيل الثلاثة عن مالك به ورواه مسلم في الزكاة مطولاً من طرق عن زيد بن أسلم.

( مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ) بن حزم ( الْأَنْصَارِيِّ) أبي طوالة بضم المهملة المدني قاضيها لعمر بن عبد العزيز مات سنة أربع وثلاثين ومائة ويقال بعد ذلك.
( عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ) مرسل وصله الترمذي وحسنه من طريق بكير بن الأشج والنسائي وابن حبان من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن كلاهما عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلًا) قال الباجي: أي أكثرهم ثوابًا وأرفعهم درجة.
قال عياض: وهذا عام مخصوص وتقديره من خير الناس وإلا فالعلماء الذين حملوا الناس على الشرائع والسنن وقادوهم إلى الخير أفضل وكذا الصديقون كما جاءت به الأحاديث ويؤيده أن في رواية للنسائي أن من خير الناس رجلاً عمل في سبيل الله على ظهر فرسه بمن التي للتبعيض ( رَجُلٌ آخِذٌ) اسم فاعل ( بِعِنَانِ) بكسر العين لجام ( فَرَسِهِ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) لبذله نفسه وماله لله تعالى قال الباجي: يريد أنه يواظب على ذلك ووصف بأنه آخذ بعنانه بمعنى أنه لا يخلو غالبًا من ذلك راكبًا أو قائدًا هذا معظم أمره فوصف بذلك جميع أحواله وإن لم يكن آخذًا بعنانه في كثير منها.
وفي الصحيحين، عن أبي سعيد قيل: يا رسول الله أي الناس أفضل؟ فقال: مؤمن مجاهد في سبيل الله بنفسه وماله، قال الحافظ: كان المراد بالمؤمن القائم بما تعين عليه القيام به وحصل هذه الفضيلة لا من اقتصر على الجهاد وأهمل الواجبات العينية وحينئذ فيظهر فضل المجاهد لما فيه من بذل نفسه وماله لله تعالى ولما فيه من النفع المتعدي.

( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلًا) وفي رواية منزلة ( بَعْدَهُ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي غُنَيْمَتِهِ) بضم المعجمة مصغرًا إشارة إلى قلتها ( يُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ وَيَعْبُدُ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا) زاد في الطريق الموصولة ويعتزل شرور الناس وفي حديث أبي سعيد قيل ثم من؟ قال: مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره وإنما كان تلو المجاهد في الفضل لأن مخالط الناس لا يسلم من ارتكاب الآثام فقد لا يفي هذا بهذا ففيه فضل العزلة لما فيها من السلامة من غيبة ولغو وغيرهما، لكن قال الجمهور: محل ذلك عند وقوع الفتن لحديث الترمذي مرفوعًا المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرًا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: يأتي على الناس زمان يكون خير الناس فيه منزلة من أخذ بعنان فرسه في سبيل الله يطلب الموت في مظانه، ورجل في شعب من هذه الشعاب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويدع الناس إلا من خير، رواه مسلم وغيره.
وللترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن أبي هريرة أن رجلاً مر بشعب فيه عين عذبة فأعجبه فقال لو اعتزلت ثم استأذن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاة في بيته سبعين عامًا قال ابن عبد البر: إنما وردت الأحاديث بذكر الشعب والجبل لأن ذلك في الأغلب يكون خاليًا من الناس فكل موضع بعيد عنهم داخل في هذا المعنى.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاري ( قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ) الأنصاري ويقال له عبد الله من الثقات ( عَنْ أَبِيهِ) الوليد يكنى أبا عبادة ولد في العهد النبوي وهو من كبار التابعين مات بعد السبعين من الهجرة ( عَنْ جَدِّهِ) عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري الخزرجي أبي الوليد المدني البدري أحد النقباء.
قال سعيد بن عفير: كان طوله عشرة أشبار مات بالرملة سنة أربع وثلاثين وله ثنتان وسبعون سنة وقيل عاش إلى خلافة معاوية.
( قَالَ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ليلة العقبة.
وضمن بايع معنى عاهد فعدى بعلى في قوله ( عَلَى السَّمْعِ) له بإجابة أقواله ( وَالطَّاعَةِ) له بفعل ما يقول.
قال الباجي: السمع هنا يرجع إلى معنى الطاعة ( فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ) أي يسر المال وعسره ( وَالْمَنْشَطِ) بفتح الميم والمعجمة بينهما نون ساكنة آخره طاء مهملة مصدر ميمي من النشاط ( وَالْمَكْرَهِ) بفتح أوله وثالثه مصدر ميمي أيضًا أي وقت النشاط إلى امتثال أوامره ووقت الكراهية كذلك.
وقال ابن التين: الظاهر أن المراد في وقت الكسل والمشقة في الخروج ليطابق قوله المنشط ويؤيده رواية أحمد من طريق إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن عبادة في النشاط والكسل.
وقال الطيبي: أي عهدنا بالتزام السمع والطاعة في حالتي الشدة والرخاء والضراء والسراء وإنما عبر بالمفاعلة للمبالغة والإيذان بأنه التزم لهم أيضًا بالأجر والثواب والشفاعة يوم الحساب على القيام بما التزموا زاد في رواية مسلم وعلى أثره علينا.

( وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ) أي الملك والإمارة ( أَهْلَهُ) قال الباجي: يحتمل أن هذا شرط على الأنصار ومن ليس من قريش أن لا ينازعوا أهله وهم قريش ويحتمل أنه مما أخذ على جميع الناس أن لا ينازعوا من ولاه الله الأمر منهم وإن كان فيهم من يصلح لذلك الأمر إذا صار لغيره قال السيوطي: الثاني هو الصحيح ويؤيده أن في مسند أحمد زيادة وإن رأيت أن لك في الأمر حقًا، وعند ابن حبان زيادة وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك.
وفي البخاري زيادة: إلا أن تروا كفرًا بواحًا أي ظاهرًا باديًا انتهى.
وقال ابن عبد البر اختلف في أهله فقيل أهل العدل والإحسان والفضل والدين فلا ينازعون لأنهم أهله أما أهل الفسق والجور والظلم فليسوا بأهله ألا ترى قوله تعالى { { لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } } وإلى منازعة الظالم الجائر ذهبت طوائف من المعتزلة وعامة الخوارج.
أما أهل السنة فقالوا: الاختيار أن يكون الإمام فاضلاً عدلاً محسنًا فإن لم يكن فالصبر على طاعة الجائر أولى من الخروج عليه لما فيه من استبدال الأمن بالخوف وهرق الدماء وشن الغارات والفساد وذلك أعظم من الصبر على جوره وفسقه والأصول تشهد والعقل والدين أن أولى المكروهين أولاهما بالترك.

( وَأَنْ نَقُولَ) باللام ( أَوْ نَقُومَ) بالميم شك من يحيى بن سعيد أو مالك وفيه دليل على الإتيان بالألفاظ ومراعاتها قاله ابن عبد البر ( بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ) أي في نصرة دينه ( لَوْمَةَ لَائِمٍ) من الناس واللومة المرة من اللوم.
قال الزمخشري: وفيها وفي التنكير مبالغتان كأنه قال لا نخاف شيئًا قط من لوم أحد من اللوام ولومة مصدر مضاف لفاعله في المعنى وفيه تغيير المنكر على كل من قدر عليه وأنه إذا لم يلحقه في تغييره إلا اللوم الذي لا يتعدى إلى الأذى وجب أن يغيره بيده فإن لم يقدر فبلسانه فإن لم يقدر فبقلبه وكما وجبت مجاهدة الكفار حتى يظهر دين الله كما قال { { وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ } } كذلك يجب مجاهدة كل من عاند الحق حتى يظهر على من قدر عليه.

قال ابن عبد البر: هكذا روي هذا الحديث عن مالك بهذا الإسناد جمهور رواته وهو الصحيح وما خالفه عن مالك فليس بشيء، واختلف فيه على يحيى بن سعيد فذكره مبسوطًا، أضربت عنه لأن الشيخين لم يلتفتا إليه واعتمدا رواية مالك ومن وافقه، فأخرجه البخاري في كتاب الأحكام عن إسماعيل عن مالك به ومسلم في المغازي من طريق عبد الله بن إدريس عن يحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر عن عبادة بن الوليد بن عبادة عن أبيه عن جده به.

( مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ كَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ) عامر ( بْنُ الْجَرَّاحِ) أحد العشرة ( إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَذْكُرُ لَهُ جُمُوعًا مِنَ الرُّومِ وَمَا يَتَخَوَّفُ) بالبناء للفاعل أو المفعول ( مِنْهُمْ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَهْمَا يَنْزِلْ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مُنْزَلِ) بضم الميم وفتح الزاي مصدر أو اسم مكان وبفتح الميم وكسر الزاي مكان نزول ( شِدَّةٍ يَجْعَلِ اللَّهُ بَعْدَهُ فَرَجًا وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ) وللحاكم في المستدرك عن الحسن قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يومًا مسرورًا فرحًا يضحك ويقول: لن يغلب عسر يسرين { { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا } } إسناده صحيح مرسلاً، وقد رواه ابن مردويه عن جابر مرفوعًا.
قال الباجي: قيل إن وجه ذلك أنّه لما عرّف العسر اقتضى استغراق الجنس فكأن العسر الأول هو الثاني ولمّا نكر اليسر كان الأول فيه غير الثاني.
قال: وقد قال البخاري عقب هذه الآية لقوله هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين وهذا يقتضي أن اليسرين عنده الظفر بالمراد والأجر فالعسر لا يغلب هذين اليسرين لأنه لا بد أن يحصل للمؤمن أحدهما قال وهذا عندي وجه ظاهر ( وإن الله تعالى يقول في كتابه { { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا) } } على الطاعات والمصائب وعن المعاصي { { وَصَابِرُوا } } الكفار فلا يكونوا أشد صبرًا منكم { { وَرَابِطُوا } } أقيموا على الجهاد { { وَاتَّقُوا اللَّهَ } } في جميع أحوالكم { { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } } تفوزون بالجنة وتنجون من النار.



رقم الحديث 988 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَقُولُ: لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ، وَلِلرَّجُلِ سَهْمٌ قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ ذَلِكَ وَسُئِلَ مالكٌ، عَنْ رَجُلٍ يَحْضُرُ بِأَفْرَاسٍ كَثِيرَةٍ، فَهَلْ يُقْسَمُ لَهَا كُلِّهَا؟ فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ بِذَلِكَ.
وَلَا أَرَى أَنْ يُقْسَمَ إِلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ.
الَّذِي يُقَاتِلُ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى الْبَرَاذِينَ وَالْهُجُنَ إِلَّا مِنَ الْخَيْلِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ { { وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ، لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ { { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ، تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } } فَأَنَا أَرَى الْبَرَاذِينَ وَالْهُجُنَ مِنَ الْخَيْلِ إِذَا أَجَازَهَا الْوَالِي، وَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ.
وَسُئِلَ عَنِ الْبَرَاذِينَ هَلْ فِيهَا مِنْ صَدَقَةٍ؟ فَقَالَ: وَهَلْ فِي الْخَيْلِ مِنْ صَدَقَةٍ؟.


(الْقَسْمِ لِلْخَيْلِ فِي الْغَزْو)

(مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَقُولُ لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّجُلِ سَهْمٌ قَالَ مَالِكٌ وَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ ذَلِكَ) وقد رواه نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم للفرس سهمين ولصاحبه سهمًا.
فسره نافع فقال: إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم فإن لم يكن له فرس فله سهم، أخرجه البخاري وغيره.
ولأبي داود من وجه آخر عن ابن عمر أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم سهمًا له وسهمين لفرسه، وإلى هذا ذهب الأئمة الثلاثة وفقهاء الأمصار.
وقال أبو حنيفة للفرس سهم واحد ولصاحبه سهم فللفارس سهمان فقط واحتجوا له بما في بعض طرق حديث ابن عمر عند الدارقطني بلفظ أسهم للفارس سهمين وتعقب بأنه وهم من راويه كما قال أبو بكر النيسابوري لأنه جاء من وجوه عديدة عند أحمد وابن أبي شيبة وغيرهما بلفظ أسهم للفرس أولاً وهم، ومعناه أسهم للفارس بسبب فرسه سهمين غير سهمه المختص به فلا حجة فيه، واحتج له أيضًا بما أخرجه أبو داود عن مجمع بن جارية، بجيم وتحتية، في حديث طويل في قصة خيبر قال: فأعطى للفرس سهمين وللراجل سهمًا.
وفي إسناده ضعف ولو ثبت حمل على ما تقدم لأنه يحتمل الأمرين والجمع بين الروايتين أولى ولا سيما والأسانيد الأول أثبت ومع راويها زيادة علم وأصرح من ذلك ما رواه أبو داود من حديث أبي عمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى للفرس سهمين ولكل إنسان سهمًا.
فكان للفارس ثلاثة أسهم.
وللنسائي عن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم صرف له أربعة أسهم سهمين لفرسه وسهمًا له وسهمًا لقرابته.

قال محمد بن سمنون انفرد أبو حنيفة بذلك دون فقهاء الأمصار وقال: أكره أن أفضل بهيمة على مسلم وهي شبهة ضعيفة لأن السهام كلها للرجل.
قال الحافظ: لو لم يثبت الحديث لكانت الشبهة قوية، لأن المفاضلة بين الراجل والفارس، فلولا الفرس ما ازداد الفارس سهمين عن الراجل فمن جعل للفارس سهمين فقد سوى بين الفرس وبين الراجل، وتعقب هذا أيضًا بأن الأصل عدم المساواة بين البهيمة والإنسان فلما خرج عن هذا الأصل بالمساواة فلتكن المفاضلة كذلك؛ وقد فضل الحنفية الدابة على الإنسان في بعض الأحكام فقالوا: إذا قتل كلب صيد قيمته أكثر من عشرة آلاف أداها فإن قتل عبدًا مسلمًا لم يؤد فيه إلا دون عشرة آلاف درهم، والحق أن الاعتماد في ذلك على الخبر، ولم ينفرد أبو حنيفة بما قال فقد جاء عن عمر وعلي وأبي موسى لكن الثابت عن عمر وعلي كالجمهور، واستدل لهم من حيث المعنى بأن الفرس يحتاج إلى مؤنة لخدمتها وعلفها وبأنه يحصل بها من الغناء في الحرب ما لا يخفى.

(وَسُئِلَ مالكٌ عَنْ رَجُلٍ يَحْضُرُ بِأَفْرَاسٍ كَثِيرَةٍ فَهَلْ يُقْسَمُ لَهَا كُلِّهَا فَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ بِذَلِكَ وَلَا أَرَى أَنْ يُقْسَمَ إِلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ الَّذِي يُقَاتِلُ عَلَيْهِ) وبهذا قال الجمهور.
وقال الليث وأبو يوسف وأحمد وإسحاق: بسهم لفرسين لا أكثر لحديث أبي عمرة قال: أسهم لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لفرسي أربعة أسهم ولي سهمًا فأخذت خمسة أسهم رواه الدارقطني بإسناد ضعيف، قال القرطبي: ولم يقل أحد أنه يسهم لأكثر من فرسين إلا ما روي عن سليمان بن موسى بسهم لكل فرس سهمان بالغًا ما بلغت.

(قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى الْبَرَاذِينَ) جمع برذون بكسر الموحدة وسكون الراء وفتح المعجمة والمراد الجفاة الخلقة من الخيل وأكثر ما تجلب من بلاد الروم ولها جلد على السير في الشعاب والجبال والوعر بخلاف الخيل العربية (وَالْهُجُنَ) بضم الهاء والجيم جمع هجين كبرد وبريد وهو ما أحد أبويه عربي وقيل الهجين الذي أبوه عربي، وأما الذي أمه عربية فيسمى المقرف وعن أحمد الهجين؛ البرذون ويحتمل أنه أراد في الحكم.
(إِلَّا مِنَ الْخَيْلِ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ وَ) خلق { { الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } } وجه الاحتجاج أن الله تعالى منّ بركوب الخيل وقد أسهم لها النبي صلى الله عليه وسلم واسم الخيل يقع على البرذون والهجين بخلاف البغال والحمير، فكأن الآية استوعبت ما ركب من هذا الجنس لما يقتضيه الامتنان فلما لم ينص على البرذون والهجين فيها دل على دخولهما في الخيل قاله ابن بطال.

(وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ { { وَأَعِدُّوا لَهُمْ } } لقتالهم { { مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ } } قال صلى الله عليه وسلم هي الرمي { { وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ } } مصدر بمعنى حبسها في سبيل الله { { تُرْهِبُونَ } } تخوفون { { بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } } الكفار فعموم الخيل شامل للبراذين والهجن.
(فَأَنَا أَرَى الْبَرَاذِينَ وَالْهُجُنَ مِنَ الْخَيْلِ إِذَا أَجَازَهَا الْوَالِي) على الجيش.
(وَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسُئِلَ) والسائل له عبد الله بن دينار كما مر في الزكاة (عَنِ الْبَرَاذِينَ هَلْ فِيهَا صَدَقَةٍ) وفي نسخة: من صدقة بزيادة من (فَقَالَ وَهَلْ فِي الْخَيْلِ مِنْ صَدَقَةٍ) أي زكاة فجعلها من الخيل وإلى هذا ذهب الجمهور.
ولأبي داود في المراسيل، وسعيد بن منصور عن مكحول، أن النبي صلى الله عليه وسلم هجن الهجين يوم خيبر وعرّب العراب فجعل للعربي سهمين وللهجين سهمًا.
وهذا منقطع وروى الشافعي في الأمّ وسعيد بن منصور عن عليّ بن الأقمر قال: أغارت الخيل فأدركت العراب وتأخرت البراذين فقام المنذر الوادعي فقال: لا أجعل ما أدرك كما لم يدرك فبلغ ذلك عمر فقال: هبلت الوادعي أمّه لقد أذكرت به امضوها على ما قال فكان أول من أسهم للبراذين دون سهام العرب وفي ذلك يقول شاعرهم.

ومنا الذي قد سنّ في الخيل سنة
وكانت سواء قبل ذاك سهامها

وهذا منقطع أيضًا وقد أخذ به أحمد في المشهور عنه وعنه كالجماعة وعنه إن بلغت البراذين مبالغ العربية سوى بينهما وإلا فضلت العربية واختارها بعضهم وعن الليث يسهم للبرذون والهجين دون سهم الفرس.