فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ مِنَ الْيَمِينِ

رقم الحديث 1028 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ قَالَ: وَاللَّهِ.
ثُمَّ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
ثُمَّ لَمْ يَفْعَلِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ، لَمْ يَحْنَثْ
قَالَ مَالِكٌ: أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الثُّنْيَا أَنَّهَا لِصَاحِبِهَا.
مَا لَمْ يَقْطَعْ كَلَامَهُ.
وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ نَسَقًا، يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا، قَبْلَ أَنْ يَسْكُتَ.
فَإِذَا سَكَتَ وَقَطَعَ كَلَامَهُ، فَلَا ثُنْيَا لَهُ قَالَ يَحْيَى: وقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: كَفَرَ بِاللَّهِ، أَوْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ، ثُمَّ يَحْنَثُ: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ.
وَلَيْسَ بِكَافِرٍ، وَلَا مُشْرِكٍ حَتَّى يَكُونَ قَلْبُهُ مُضْمِرًا عَلَى الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ.
وَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ.
وَلَا يَعُدْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
وَبِئْسَ مَا صَنَعَ.


( ما لا يجب فيه الكفارة من الأيمان)

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول من قال والله) لأفعلن كذا ( ثم قال إن شاء الله ثم لم يفعل الذي حلف عليه لم يحنث) لأجل استثنائه، وذلك لأن المشيئة وعدمها غير معلوم، والوقوع بخلافها محال، وهذا قد رواه أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فقد استثنى رواه أبو داود به والترمذي بلفظ فلا حنث عليه، وقال: لم يرفعه غير أيوب وقال البيهقي: المحفوظ وقفه وتعقب بأن غيره رفعه أيضًا ورجاله ثقات وقد صححه الحاكم.

( قال مالك: أحسن ما سمعت في الثنيا) بضم فسكون من ثنيت الشيء إذا عطفته والمراد الاستثناء المذكور أي الإخراج بأن شاء الله فإن المستثنى عطف بعض ما ذكره لأنه عرفًا إخراج بعض ما تناوله اللفظ ( أنها لصاحبها ما لم يقطع كلامه) بل وصله باليمين ( وما كان من ذلك نسقًا يتبع بعضه بعضًا قبل أن يسكت فإذا سكت وقطع كلامه فلا ثنيا له) أخذًا من قوله في الحديث المرفوع فقال: إن شاء الله بالفاء الموضوعة للتعقيب بلا تراخ فمتى انفصل لم يؤثر.

( وقال مالك في الرجل يقول كفر بالله أو أشرك بالله) أو هو يهودي أو نصراني ونحو ذلك لا يفعل كذا أو ليفعلن كذا ( ثم يحنث إنه ليس عليه كفارة) لأنه لم يحلف فليس ما قاله بيمين ( وليس بكافر ولا مشرك حتى يكون قلبه مضمرًا على الكفر والشرك) فمتى كان قلبه مطمئنًا بالإيمان لم يكفر بقول ذلك وإن أثم ( وليستغفر الله) يتوب إليه ( ولا يعد إلى شيء من ذلك وبئس ما صنع) وإنما لم يكفر لحديث الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعًا: من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ولم ينسبه صلى الله عليه وسلم إلى الكفر إذ لو كان كذلك لأمره بتمام الشهادتين، كما أشار إليه البخاري وأما حديثه عن ثابت بن الضحاك رفعه: من حلف بغير ملة الإسلام فهو كما قال وحديث ابن عمر مرفوعًا: من حلف بغير الله فقد كفر أخرجه أحمد والترمذي برجال ثقات وصححه الحاكم على شرطهما.
وقال غيره على شرط مسلم فالمراد به التهديد والمبالغة في الوعيد لا الحكم بكفره كأنه قال فهو مستحق مثل عذاب من اعتقد ما قال والمراد بالكفر كفر النعمة بفعله فعل الكفار، إذ كانوا يحلفون بغير الله وكفر نعمته بتعظيم من لم يكن له تعظيمه لأن الحلف لا يصلح إلا بالله فالحالف بغيره معظم له بما ليس له.