فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الضَّحِيَّةِ عَمَّا فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ وَذِكْرِ أَيَّامِ الْأَضْحَى

رقم الحديث 1049 وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: الْأَضْحَى يَوْمَانِ بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى.


( الضحية عما في بطن المرأة وذكر أيام الأضحى)

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال: الأضحى يومان بعد يوم الأضحى) وإلى هذا ذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد وأكثر العلماء وقال الشافعي وجماعة: الأضحى يوم النحر وثلاثة أيام بعده لحديث ابن حبان في كل أيام التشريق ذبح ولا حجة فيه، لأنها الثلاثة التي أولها العيد أو التي بعده خلاف فلا يصح الاحتجاج بمحل النزاع، ويؤيد الأول ما رواه أبو عبيد برجال ثقات عن الشعبي مرسلاً مرفوعًا من ذبح قبل التشريق فليعد أي قبل صلاة العيد.

( مالك أنه بلغه عن علي بن أبي طالب مثل ذلك) الذي قاله ابن عمر أخرجه ابن عبد البر من طريق زر عن علي قال: الأيام المعدودات يوم النحر ويومان بعده، اذبح في أيها شئت وأفضلها أولها.
وقال الطحاوي: مثل هذا لا يكون رأيًا فدل أنه توقيف انتهى.
وذهب ابن سيرين وحميد بن عبد الرحمن وداود الظاهري إلى اختصاص الضحية بيوم النحر لقوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى أو وجهه أنه أضاف هذا اليوم إلى جنس النحر لأن اللام هنا جنسية فتعم فلا يبقى نحر إلا في ذلك اليوم، لكن قال القرطبي: التمسك بإضافة النحر إلى اليوم الأول ضعيف مع قوله تعالى { { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ } } انتهى وقد أجاب الجمهور بأن المراد النحر الكامل المفضل والألف واللام كثيرًا ما تستعمل للكمال نحو ولكن البر وإنما الشديد الذي يملك نفسه ولذا كان اليوم الأول أفضل.

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر لم يكن يضحي عما في بطن المرأة) لأنه ليس بمشروع عند الجمهور وخلافه شاذ قاله أبو عمر.

( قال مالك: الضحية سنة) مؤكدة على كل مقيم ومسافر إلا الحاج ( وليست بواجبة) أي فرض زيادة في البيان لدفع توهم أن مراده شرعت بالسنة فلا ينافي للوجوب فبين المراد والحجة للسنية ما رواه مسلم من طريق شعبة عن مالك عن عمرو بن مسلم عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره، ولمسلم وغيره من وجه آخر عن أم سلمة مرفوعًا: إذا دخل العشر أي عشر ذي الحجة فأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره شيئًا ففي قوله أراد دليل على أنها غير واجبة وصرح بالسنية في حديث الطبراني عن ابن عباس مرفوعًا الأضحى علي فريضة وعليكم سنة قال الحافظ رجاله ثقات لكن في رفعه خلف فصرح في هذا الحديث بأنها سنة وأن الوجوب من خصائصه وروى أحمد وأبو يعلى والطبراني والدارقطني والحاكم عن ابن عباس رفعه: كتب علي النحر ولم يكتب عليكم وهو أيضًا نص في أنه من خصائصه لكن إسناده ضعيف، وتساهل الحاكم فصححه وأقرب ما يتمسك به للوجوب الذي ذهب إليه الحنفية حديث أبي هريرة رفعه: من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا، أخرجه ابن ماجه ورجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه، والوقف أشبه بالصواب.
قاله الطحاوي وغيره، ومع ذلك فليس صريحًا في الإيجاب وحديث على أهل كل بيت أضحية وعتيرة، أخرجه أحمد والأربعة بسند قوي ولا حجة فيه لأن الصيغة ليست صريحة في الوجوب المطلق، فقد ذكر معها العتيرة وليست واجبة عند من قال بوجوب الضحية ويحتمل أن معناه إن شاؤوا فهو كقوله فأراد جمعًا بينهما ( ولا أحب لأحد ممن قوي) أي قدر ( على ثمنها أن يتركها) لئلا يفوت نفسه الفضل العظيم.

روى سعيد بن داود عن مالك عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: ما من صدقة بعد صلة الرحم أعظم عند الله من إهراق الدم أخرجه ابن عبد البر وقال: هو غريب من حديث مالك، وأخرج عن عائشة قالت: يا أيها الناس ضحوا وطيبوا بها نفسًا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد توجه بأضحيته إلى القبلة، إلا كان دمها وفرثها وصوفها حسنات محضرات في ميزانه يوم القيامة.
وقال صلى الله عليه وسلم: اعملوا قليلاً تجزوا كثيرًا قال أبو عمر: هي أفضل من الصدقة، لأنها سنة مؤكدة كصلاة العيد.
ومعلوم أن السنن أفضل من التطوع وبهذا قال مالك وأصحابه وأحمد وجماعة وعن مالك أيضًا والشعبي وغيرهما: الصدقة أفضل والصحيح عن مالك وأصحابه تفضيل الضحية إلا بمنى فالصدقة بثمنها أفضل لأنه ليس موضع ضحية.



رقم الحديث 1050 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يُضَحِّي عَمَّا فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ قَالَ مَالِكٌ: الضَّحِيَّةُ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ مِمَّنْ قَوِيَ عَلَى ثَمَنِهَا أَنْ يَتْرُكَهَا.


( الضحية عما في بطن المرأة وذكر أيام الأضحى)

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال: الأضحى يومان بعد يوم الأضحى) وإلى هذا ذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد وأكثر العلماء وقال الشافعي وجماعة: الأضحى يوم النحر وثلاثة أيام بعده لحديث ابن حبان في كل أيام التشريق ذبح ولا حجة فيه، لأنها الثلاثة التي أولها العيد أو التي بعده خلاف فلا يصح الاحتجاج بمحل النزاع، ويؤيد الأول ما رواه أبو عبيد برجال ثقات عن الشعبي مرسلاً مرفوعًا من ذبح قبل التشريق فليعد أي قبل صلاة العيد.

( مالك أنه بلغه عن علي بن أبي طالب مثل ذلك) الذي قاله ابن عمر أخرجه ابن عبد البر من طريق زر عن علي قال: الأيام المعدودات يوم النحر ويومان بعده، اذبح في أيها شئت وأفضلها أولها.
وقال الطحاوي: مثل هذا لا يكون رأيًا فدل أنه توقيف انتهى.
وذهب ابن سيرين وحميد بن عبد الرحمن وداود الظاهري إلى اختصاص الضحية بيوم النحر لقوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى أو وجهه أنه أضاف هذا اليوم إلى جنس النحر لأن اللام هنا جنسية فتعم فلا يبقى نحر إلا في ذلك اليوم، لكن قال القرطبي: التمسك بإضافة النحر إلى اليوم الأول ضعيف مع قوله تعالى { { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ } } انتهى وقد أجاب الجمهور بأن المراد النحر الكامل المفضل والألف واللام كثيرًا ما تستعمل للكمال نحو ولكن البر وإنما الشديد الذي يملك نفسه ولذا كان اليوم الأول أفضل.

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر لم يكن يضحي عما في بطن المرأة) لأنه ليس بمشروع عند الجمهور وخلافه شاذ قاله أبو عمر.

( قال مالك: الضحية سنة) مؤكدة على كل مقيم ومسافر إلا الحاج ( وليست بواجبة) أي فرض زيادة في البيان لدفع توهم أن مراده شرعت بالسنة فلا ينافي للوجوب فبين المراد والحجة للسنية ما رواه مسلم من طريق شعبة عن مالك عن عمرو بن مسلم عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره، ولمسلم وغيره من وجه آخر عن أم سلمة مرفوعًا: إذا دخل العشر أي عشر ذي الحجة فأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره شيئًا ففي قوله أراد دليل على أنها غير واجبة وصرح بالسنية في حديث الطبراني عن ابن عباس مرفوعًا الأضحى علي فريضة وعليكم سنة قال الحافظ رجاله ثقات لكن في رفعه خلف فصرح في هذا الحديث بأنها سنة وأن الوجوب من خصائصه وروى أحمد وأبو يعلى والطبراني والدارقطني والحاكم عن ابن عباس رفعه: كتب علي النحر ولم يكتب عليكم وهو أيضًا نص في أنه من خصائصه لكن إسناده ضعيف، وتساهل الحاكم فصححه وأقرب ما يتمسك به للوجوب الذي ذهب إليه الحنفية حديث أبي هريرة رفعه: من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا، أخرجه ابن ماجه ورجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه، والوقف أشبه بالصواب.
قاله الطحاوي وغيره، ومع ذلك فليس صريحًا في الإيجاب وحديث على أهل كل بيت أضحية وعتيرة، أخرجه أحمد والأربعة بسند قوي ولا حجة فيه لأن الصيغة ليست صريحة في الوجوب المطلق، فقد ذكر معها العتيرة وليست واجبة عند من قال بوجوب الضحية ويحتمل أن معناه إن شاؤوا فهو كقوله فأراد جمعًا بينهما ( ولا أحب لأحد ممن قوي) أي قدر ( على ثمنها أن يتركها) لئلا يفوت نفسه الفضل العظيم.

روى سعيد بن داود عن مالك عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: ما من صدقة بعد صلة الرحم أعظم عند الله من إهراق الدم أخرجه ابن عبد البر وقال: هو غريب من حديث مالك، وأخرج عن عائشة قالت: يا أيها الناس ضحوا وطيبوا بها نفسًا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد توجه بأضحيته إلى القبلة، إلا كان دمها وفرثها وصوفها حسنات محضرات في ميزانه يوم القيامة.
وقال صلى الله عليه وسلم: اعملوا قليلاً تجزوا كثيرًا قال أبو عمر: هي أفضل من الصدقة، لأنها سنة مؤكدة كصلاة العيد.
ومعلوم أن السنن أفضل من التطوع وبهذا قال مالك وأصحابه وأحمد وجماعة وعن مالك أيضًا والشعبي وغيرهما: الصدقة أفضل والصحيح عن مالك وأصحابه تفضيل الضحية إلا بمنى فالصدقة بثمنها أفضل لأنه ليس موضع ضحية.