فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ

رقم الحديث 1093 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ.


( ميراث أهل الملل)

( مالك عن ابن شهاب) محمد بن مسلم ( عن علي بن حسين بن علي) بن أبي طالب الهاشمي زين العابدين ثقة ثبت عابد فقيه فاضل قال الزهري ما رأيت قرشيًا أفضل منه مات سنة ثلاث وتسعين وقيل غير ذلك ( عن عمر بن عثمان بن عفان) الأموي كذا قال مالك عُمر بضم العين، وجميع أصحاب ابن شهاب يقولون عَمرو بفتح العين، ولابن القاسم: عَمرو بفتح العين، وليحيى بن بكير عن مالك بالشك: عُمر بن عثمان أو عَمرو بن عثمان والثابت عن مالك عُمر بضمها كما رواه يحيى والأكثر.
وذكر ابن مهدي أن مالكًا قال له: تراني لا أعرف عُمر من عَمرو وهذه دار عمر وهذه دار عمرو ولا خلاف أن عثمان له ابنان عُمر وعَمرو وإنما الخلاف في هذا الحديث فأصحاب ابن شهاب يقولون عَمرو إلا مالكًا فقال عُمر.
وراجعه الشافعي ويحيى القطان فقال: هو عُمر وأبى أن يرجع، وقال: كان لعثمان ابن اسمه عُمر هذه داره ومالك لا يكاد يقاس به غيره حفظًا وإتقانًا لكن الغلط لا يسلم منه أحد، والجماعة أولى أن يسلم لها وأبى المحدّثون أن يكون إلا عمرو بالواو.
قال ابن المديني: قيل لابن عيينة مالك يقول عُمر فقال: لقد سمعته من الزهري كذا وكذا مرة وتفقدته منه فما قال إلا عَمرو: وقال أحمد بن زهير خالف مالك الناس قاله ابن عبد البر وكذا حكم مسلم وغيره على مالك بالوهم فيه.
وروى أبو الفضل السليماني عن معن بن عيسى قلت لمالك: الناس يقولون إنك تخطئ في أسامي الرجال تقول عبد الله الصنابحي وإنما هو أبو عبد الله، وتقول عمر بن عثمان وإنما هو عمرو، وتقول عمر بن الحكم وإنما هو معاوية فقال مالك: هكذا حفظنا وهكذا وقع في كتابي ونحن نخطئ ومن يسلم من الخطأ.
وقد جعل ابن الصلاح ذلك مثالاً للمنكر وتعقبه العراقي بأنه لا يلزم من تفرد مالك من بين الثقات باسم هذا الراوي مع أن كلاً منهما ثقة نكارة المتن ولا شذوذه بل المتن على كل حال صحيح غايته أن يكون السند منكرًا أو شاذًا لمخالفة الثقات لمالك في ذلك والنكارة تقع في كل من السند والمتن ( عن أسامة بن زيد) الحب ابن الحب رضي الله عنهما.

( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يرث المسلم الكافر) ولا الكافر المسلم هكذا بقية الحديث عند جميع أصحاب ابن شهاب فاختصره مالك كأنه قصد إلى النكتة التي للقول فيها مدخل فقطع ذلك بما رواه من صحيح الأثر فيه وذلك أن معاذ بن جبل ومعاوية وسعيد بن المسيب وطائفة ذهبوا إلى أن المسلم يرث الكافر لا عكسه كما ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا.
وأما أن الكافر لا يرث المسلم فلا دخل للقول فيه للإجماع عليه قاله ابن عبد البر: ومعلوم أن القياس مع وجود النص فاسد الاعتبار وقد احتج له أيضًا بقوله صلى الله عليه وسلم الإسلام يعلو ولا يعلى وأجيب بأن معناه تفضيل الإسلام وليس فيه تعرض للإرث فلا يترك النص الصريح لذلك قال ابن عبد البر والذي عليه سائر الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار أن المسلم لا يرث الكافر كما أن الكافر لا يرث المسلم عملاً بهذا الحديث فإن الحجة فيما تنازع فيه المسلمون كتاب الله فإن لم يبين فيه ذلك فالسنة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يرث المسلم الكافر بنقل الأئمة الحفاظ الثقات فكل من خالفه محجوج به.

( مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب) الملقب بزين العابدين المدفون بالمدينة عند عمه الحسن وجدته فاطمة وما يذكر من مشهده بمصر لم يصح ( أنه أخبره إنما ورث أبا طالب) عبد مناف أو اسمه وكنيته واحد وشذ من قال اسمه عمران بل هو قول باطل ( عقيل) بفتح العين وكسر القاف، الصحابي تأخر إسلامه إلى الفتح وقيل أسلم بعد الحديبية وهاجر في أول سنة ثمان ( وطالب) الذي يكنى به ومات كافرًا قبل بدر لأنهما كانا كافرين وقت موت أبي طالب ( ولم يرثه علي) ولا جعفر لأنهما كانا مسلمين كما جاء التعليل بذلك في بعض طرق الحديث عند البخاري ( قال) علي بن حسين ( فلذلك) أي لأن المسلم لا يرث الكافر ( تركنا نصيبنا) أي حصة جدهم علي من أبيه أبي طالب ( من الشعب) بكسر فإسكان، كان منزل بني هاشم غير مساكنهم كان لهاشم ثم صار لابنه عبد المطلب فقسمه عبد المطلب بين بنيه حين ضعف بصره وصار للنبي صلى الله عليه وسلم حظ أبيه، كذا قال صاحب المطالع وغيره مع أن عبد الله مات في حياة أبيه فلعل أعمام المصطفى جعلوا له حظ أبيه لو كان حيًا فيكون ابتداء عطية من أعمامه، أو أن عبد المطلب قسمه في حياة عبد الله فلما مات صار للنبي صلى الله عليه وسلم حظ أبيه وهذا على تسليم أنهم كانوا يوافقون شرعنا وإلا فلا إشكال.

قال الحافظ: وهذا يدل على تقدم هذا الحكم من أوائل الإسلام لموت أبي طالب قبل الهجرة ويحتمل أن الهجرة لما وقعت استولى عقيل وطالب على ما خلفه أبو طالب وكان وضع يده على ما خلفه أبو النبي صلى الله عليه وسلم لأنه شقيقه، وكان صلى الله عليه وسلم عنده بعد موت جده فلما مات أبو طالب ثم وقعت الهجرة ولم يسلم طالب وتأخر إسلام عقيل استوليا على ما خلف أبو طالب، ومات طالب قبل بدر وتأخر عقيل، فلما تقرر حكم الإسلام بترك توريث المسلم من الكافر استمر ذلك بيد عقيل وكان عقيل قد باع تلك الدور كلها وأقر صلى الله عليه وسلم عقيلاً على ما يخصه هو تفضيلاً عليه أو استمالة وتأليفًا أو تصحيحًا لتصرفات الجاهلية كما تصحح أنكحتهم، وحكى الفاكهي أن الدار لم تزل بيد أولاد عقيل حتى باعوها لمحمد بن يوسف أخي الحجاج بمائة ألف دينار.

( مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن محمد بن الأشعث) بن قيس الكندي الكوفي ثقة من كبار التابعين ووهم من ذكره في الصحابة مات سنة سبع وستين ( أخبره أن عمة له يهودية أو نصرانية توفيت وأن محمد بن الأشعث ذكر ذلك لعمر بن الخطاب وقال له من يرثها قال عمر يرثها أهل دينها) وكذا رواه ابن جرير عن عمرو بن ميمون عن الغرس بن قيس عن عمر خلاف ما رواه الثوري عن حماد عن إبراهيم أن عمر قال: أهل الشرك نرثهم ولا يرثونا، قاله ابن عبد البر فلعل عمر رجع عن هذا إلى ما قبله ( ثم أتى عثمان) في خلافته ( فسأله عن ذلك فقال له عثمان أتراني نسيت ما قال لك عمر بن الخطاب يرثها أهل دينها) وفائدة ذكر هذا ونحوه بعد المرفوع الإشارة لبقاء العمل به فلا يطرقه احتمال نسخ وتابع مالكًا في رواية هذا الأثر ابن جريج وابن عيينة وغيرهما عن يحيى بن سعيد به كما في التمهيد.

( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن إسماعيل بن أبي حكيم) القرشي مولاهم المدني شيخ مالك روى عنه هنا بواسطة ( أن نصرانيًا أعتقه عمر بن عبد العزيز هلك قال إسماعيل فأمرني عمر بن عبد العزيز أن أجعل ماله في بيت المال) لأن المسلم لا يرث الكافر.

( مالك عن الثقة عنده أنه سمع سعيد بن المسيب يقول أبى) أي امتنع ( عمر بن الخطاب أن يورث أحدًا من الأعاجم إلا أحدًا ولد في العرب) بمجرد دعوى القرابة وإقرار بعضهم لبعض فأما إذا عرف ذلك وثبت بعدول مسلمين فذلك كالولادة في أرض الإسلام يتوارثون بذلك قاله ابن القاسم عن مالك.

( قال مالك وإن جاءت امرأة حامل من أرض العدو فوضعته في أرض العرب فهو ولدها يرثها إن ماتت وترثه إن مات ميراثها في كتاب الله) السدس أو الثلث ( والأمر المجتمع عليه عندنا والسنة التي لا اختلاف فيها والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أنه لا يرث المسلم الكافر بقرابة ولا ولاء) أي عتق فإن كان رقيقًا أخذ ماله بالملك لا الإرث ( ولا رحم) عملاً بعموم لا يرث المسلم الكافر.
( ولا يحجب أحدًا عن ميراثه) لأن من لا يرث لا يحجب وارثًا كما ( قال مالك وكذلك كل من لا يرث إذا لم يكن دونه وارث فإنه لا يحجب أحدًا عن ميراثه) إذ لا معنى لحجب من لا يرث.



رقم الحديث 1094 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: إِنَّمَا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ، وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ، قَالَ: فَلِذَلِكَ تَرَكْنَا نَصِيبَنَا مِنَ الشِّعْبِ.


( ميراث أهل الملل)

( مالك عن ابن شهاب) محمد بن مسلم ( عن علي بن حسين بن علي) بن أبي طالب الهاشمي زين العابدين ثقة ثبت عابد فقيه فاضل قال الزهري ما رأيت قرشيًا أفضل منه مات سنة ثلاث وتسعين وقيل غير ذلك ( عن عمر بن عثمان بن عفان) الأموي كذا قال مالك عُمر بضم العين، وجميع أصحاب ابن شهاب يقولون عَمرو بفتح العين، ولابن القاسم: عَمرو بفتح العين، وليحيى بن بكير عن مالك بالشك: عُمر بن عثمان أو عَمرو بن عثمان والثابت عن مالك عُمر بضمها كما رواه يحيى والأكثر.
وذكر ابن مهدي أن مالكًا قال له: تراني لا أعرف عُمر من عَمرو وهذه دار عمر وهذه دار عمرو ولا خلاف أن عثمان له ابنان عُمر وعَمرو وإنما الخلاف في هذا الحديث فأصحاب ابن شهاب يقولون عَمرو إلا مالكًا فقال عُمر.
وراجعه الشافعي ويحيى القطان فقال: هو عُمر وأبى أن يرجع، وقال: كان لعثمان ابن اسمه عُمر هذه داره ومالك لا يكاد يقاس به غيره حفظًا وإتقانًا لكن الغلط لا يسلم منه أحد، والجماعة أولى أن يسلم لها وأبى المحدّثون أن يكون إلا عمرو بالواو.
قال ابن المديني: قيل لابن عيينة مالك يقول عُمر فقال: لقد سمعته من الزهري كذا وكذا مرة وتفقدته منه فما قال إلا عَمرو: وقال أحمد بن زهير خالف مالك الناس قاله ابن عبد البر وكذا حكم مسلم وغيره على مالك بالوهم فيه.
وروى أبو الفضل السليماني عن معن بن عيسى قلت لمالك: الناس يقولون إنك تخطئ في أسامي الرجال تقول عبد الله الصنابحي وإنما هو أبو عبد الله، وتقول عمر بن عثمان وإنما هو عمرو، وتقول عمر بن الحكم وإنما هو معاوية فقال مالك: هكذا حفظنا وهكذا وقع في كتابي ونحن نخطئ ومن يسلم من الخطأ.
وقد جعل ابن الصلاح ذلك مثالاً للمنكر وتعقبه العراقي بأنه لا يلزم من تفرد مالك من بين الثقات باسم هذا الراوي مع أن كلاً منهما ثقة نكارة المتن ولا شذوذه بل المتن على كل حال صحيح غايته أن يكون السند منكرًا أو شاذًا لمخالفة الثقات لمالك في ذلك والنكارة تقع في كل من السند والمتن ( عن أسامة بن زيد) الحب ابن الحب رضي الله عنهما.

( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يرث المسلم الكافر) ولا الكافر المسلم هكذا بقية الحديث عند جميع أصحاب ابن شهاب فاختصره مالك كأنه قصد إلى النكتة التي للقول فيها مدخل فقطع ذلك بما رواه من صحيح الأثر فيه وذلك أن معاذ بن جبل ومعاوية وسعيد بن المسيب وطائفة ذهبوا إلى أن المسلم يرث الكافر لا عكسه كما ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا.
وأما أن الكافر لا يرث المسلم فلا دخل للقول فيه للإجماع عليه قاله ابن عبد البر: ومعلوم أن القياس مع وجود النص فاسد الاعتبار وقد احتج له أيضًا بقوله صلى الله عليه وسلم الإسلام يعلو ولا يعلى وأجيب بأن معناه تفضيل الإسلام وليس فيه تعرض للإرث فلا يترك النص الصريح لذلك قال ابن عبد البر والذي عليه سائر الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار أن المسلم لا يرث الكافر كما أن الكافر لا يرث المسلم عملاً بهذا الحديث فإن الحجة فيما تنازع فيه المسلمون كتاب الله فإن لم يبين فيه ذلك فالسنة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يرث المسلم الكافر بنقل الأئمة الحفاظ الثقات فكل من خالفه محجوج به.

( مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب) الملقب بزين العابدين المدفون بالمدينة عند عمه الحسن وجدته فاطمة وما يذكر من مشهده بمصر لم يصح ( أنه أخبره إنما ورث أبا طالب) عبد مناف أو اسمه وكنيته واحد وشذ من قال اسمه عمران بل هو قول باطل ( عقيل) بفتح العين وكسر القاف، الصحابي تأخر إسلامه إلى الفتح وقيل أسلم بعد الحديبية وهاجر في أول سنة ثمان ( وطالب) الذي يكنى به ومات كافرًا قبل بدر لأنهما كانا كافرين وقت موت أبي طالب ( ولم يرثه علي) ولا جعفر لأنهما كانا مسلمين كما جاء التعليل بذلك في بعض طرق الحديث عند البخاري ( قال) علي بن حسين ( فلذلك) أي لأن المسلم لا يرث الكافر ( تركنا نصيبنا) أي حصة جدهم علي من أبيه أبي طالب ( من الشعب) بكسر فإسكان، كان منزل بني هاشم غير مساكنهم كان لهاشم ثم صار لابنه عبد المطلب فقسمه عبد المطلب بين بنيه حين ضعف بصره وصار للنبي صلى الله عليه وسلم حظ أبيه، كذا قال صاحب المطالع وغيره مع أن عبد الله مات في حياة أبيه فلعل أعمام المصطفى جعلوا له حظ أبيه لو كان حيًا فيكون ابتداء عطية من أعمامه، أو أن عبد المطلب قسمه في حياة عبد الله فلما مات صار للنبي صلى الله عليه وسلم حظ أبيه وهذا على تسليم أنهم كانوا يوافقون شرعنا وإلا فلا إشكال.

قال الحافظ: وهذا يدل على تقدم هذا الحكم من أوائل الإسلام لموت أبي طالب قبل الهجرة ويحتمل أن الهجرة لما وقعت استولى عقيل وطالب على ما خلفه أبو طالب وكان وضع يده على ما خلفه أبو النبي صلى الله عليه وسلم لأنه شقيقه، وكان صلى الله عليه وسلم عنده بعد موت جده فلما مات أبو طالب ثم وقعت الهجرة ولم يسلم طالب وتأخر إسلام عقيل استوليا على ما خلف أبو طالب، ومات طالب قبل بدر وتأخر عقيل، فلما تقرر حكم الإسلام بترك توريث المسلم من الكافر استمر ذلك بيد عقيل وكان عقيل قد باع تلك الدور كلها وأقر صلى الله عليه وسلم عقيلاً على ما يخصه هو تفضيلاً عليه أو استمالة وتأليفًا أو تصحيحًا لتصرفات الجاهلية كما تصحح أنكحتهم، وحكى الفاكهي أن الدار لم تزل بيد أولاد عقيل حتى باعوها لمحمد بن يوسف أخي الحجاج بمائة ألف دينار.

( مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن محمد بن الأشعث) بن قيس الكندي الكوفي ثقة من كبار التابعين ووهم من ذكره في الصحابة مات سنة سبع وستين ( أخبره أن عمة له يهودية أو نصرانية توفيت وأن محمد بن الأشعث ذكر ذلك لعمر بن الخطاب وقال له من يرثها قال عمر يرثها أهل دينها) وكذا رواه ابن جرير عن عمرو بن ميمون عن الغرس بن قيس عن عمر خلاف ما رواه الثوري عن حماد عن إبراهيم أن عمر قال: أهل الشرك نرثهم ولا يرثونا، قاله ابن عبد البر فلعل عمر رجع عن هذا إلى ما قبله ( ثم أتى عثمان) في خلافته ( فسأله عن ذلك فقال له عثمان أتراني نسيت ما قال لك عمر بن الخطاب يرثها أهل دينها) وفائدة ذكر هذا ونحوه بعد المرفوع الإشارة لبقاء العمل به فلا يطرقه احتمال نسخ وتابع مالكًا في رواية هذا الأثر ابن جريج وابن عيينة وغيرهما عن يحيى بن سعيد به كما في التمهيد.

( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن إسماعيل بن أبي حكيم) القرشي مولاهم المدني شيخ مالك روى عنه هنا بواسطة ( أن نصرانيًا أعتقه عمر بن عبد العزيز هلك قال إسماعيل فأمرني عمر بن عبد العزيز أن أجعل ماله في بيت المال) لأن المسلم لا يرث الكافر.

( مالك عن الثقة عنده أنه سمع سعيد بن المسيب يقول أبى) أي امتنع ( عمر بن الخطاب أن يورث أحدًا من الأعاجم إلا أحدًا ولد في العرب) بمجرد دعوى القرابة وإقرار بعضهم لبعض فأما إذا عرف ذلك وثبت بعدول مسلمين فذلك كالولادة في أرض الإسلام يتوارثون بذلك قاله ابن القاسم عن مالك.

( قال مالك وإن جاءت امرأة حامل من أرض العدو فوضعته في أرض العرب فهو ولدها يرثها إن ماتت وترثه إن مات ميراثها في كتاب الله) السدس أو الثلث ( والأمر المجتمع عليه عندنا والسنة التي لا اختلاف فيها والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أنه لا يرث المسلم الكافر بقرابة ولا ولاء) أي عتق فإن كان رقيقًا أخذ ماله بالملك لا الإرث ( ولا رحم) عملاً بعموم لا يرث المسلم الكافر.
( ولا يحجب أحدًا عن ميراثه) لأن من لا يرث لا يحجب وارثًا كما ( قال مالك وكذلك كل من لا يرث إذا لم يكن دونه وارث فإنه لا يحجب أحدًا عن ميراثه) إذ لا معنى لحجب من لا يرث.



رقم الحديث 1095 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَمَّةً لَهُ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً تُوُفِّيَتْ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ ذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ،.

     وَقَالَ  لَهُ: مَنْ يَرِثُهَا؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا، ثُمَّ أَتَى عثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَتُرَانِي نَسِيتُ مَا قَالَ لَكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا.


( ميراث أهل الملل)

( مالك عن ابن شهاب) محمد بن مسلم ( عن علي بن حسين بن علي) بن أبي طالب الهاشمي زين العابدين ثقة ثبت عابد فقيه فاضل قال الزهري ما رأيت قرشيًا أفضل منه مات سنة ثلاث وتسعين وقيل غير ذلك ( عن عمر بن عثمان بن عفان) الأموي كذا قال مالك عُمر بضم العين، وجميع أصحاب ابن شهاب يقولون عَمرو بفتح العين، ولابن القاسم: عَمرو بفتح العين، وليحيى بن بكير عن مالك بالشك: عُمر بن عثمان أو عَمرو بن عثمان والثابت عن مالك عُمر بضمها كما رواه يحيى والأكثر.
وذكر ابن مهدي أن مالكًا قال له: تراني لا أعرف عُمر من عَمرو وهذه دار عمر وهذه دار عمرو ولا خلاف أن عثمان له ابنان عُمر وعَمرو وإنما الخلاف في هذا الحديث فأصحاب ابن شهاب يقولون عَمرو إلا مالكًا فقال عُمر.
وراجعه الشافعي ويحيى القطان فقال: هو عُمر وأبى أن يرجع، وقال: كان لعثمان ابن اسمه عُمر هذه داره ومالك لا يكاد يقاس به غيره حفظًا وإتقانًا لكن الغلط لا يسلم منه أحد، والجماعة أولى أن يسلم لها وأبى المحدّثون أن يكون إلا عمرو بالواو.
قال ابن المديني: قيل لابن عيينة مالك يقول عُمر فقال: لقد سمعته من الزهري كذا وكذا مرة وتفقدته منه فما قال إلا عَمرو: وقال أحمد بن زهير خالف مالك الناس قاله ابن عبد البر وكذا حكم مسلم وغيره على مالك بالوهم فيه.
وروى أبو الفضل السليماني عن معن بن عيسى قلت لمالك: الناس يقولون إنك تخطئ في أسامي الرجال تقول عبد الله الصنابحي وإنما هو أبو عبد الله، وتقول عمر بن عثمان وإنما هو عمرو، وتقول عمر بن الحكم وإنما هو معاوية فقال مالك: هكذا حفظنا وهكذا وقع في كتابي ونحن نخطئ ومن يسلم من الخطأ.
وقد جعل ابن الصلاح ذلك مثالاً للمنكر وتعقبه العراقي بأنه لا يلزم من تفرد مالك من بين الثقات باسم هذا الراوي مع أن كلاً منهما ثقة نكارة المتن ولا شذوذه بل المتن على كل حال صحيح غايته أن يكون السند منكرًا أو شاذًا لمخالفة الثقات لمالك في ذلك والنكارة تقع في كل من السند والمتن ( عن أسامة بن زيد) الحب ابن الحب رضي الله عنهما.

( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يرث المسلم الكافر) ولا الكافر المسلم هكذا بقية الحديث عند جميع أصحاب ابن شهاب فاختصره مالك كأنه قصد إلى النكتة التي للقول فيها مدخل فقطع ذلك بما رواه من صحيح الأثر فيه وذلك أن معاذ بن جبل ومعاوية وسعيد بن المسيب وطائفة ذهبوا إلى أن المسلم يرث الكافر لا عكسه كما ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا.
وأما أن الكافر لا يرث المسلم فلا دخل للقول فيه للإجماع عليه قاله ابن عبد البر: ومعلوم أن القياس مع وجود النص فاسد الاعتبار وقد احتج له أيضًا بقوله صلى الله عليه وسلم الإسلام يعلو ولا يعلى وأجيب بأن معناه تفضيل الإسلام وليس فيه تعرض للإرث فلا يترك النص الصريح لذلك قال ابن عبد البر والذي عليه سائر الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار أن المسلم لا يرث الكافر كما أن الكافر لا يرث المسلم عملاً بهذا الحديث فإن الحجة فيما تنازع فيه المسلمون كتاب الله فإن لم يبين فيه ذلك فالسنة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يرث المسلم الكافر بنقل الأئمة الحفاظ الثقات فكل من خالفه محجوج به.

( مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب) الملقب بزين العابدين المدفون بالمدينة عند عمه الحسن وجدته فاطمة وما يذكر من مشهده بمصر لم يصح ( أنه أخبره إنما ورث أبا طالب) عبد مناف أو اسمه وكنيته واحد وشذ من قال اسمه عمران بل هو قول باطل ( عقيل) بفتح العين وكسر القاف، الصحابي تأخر إسلامه إلى الفتح وقيل أسلم بعد الحديبية وهاجر في أول سنة ثمان ( وطالب) الذي يكنى به ومات كافرًا قبل بدر لأنهما كانا كافرين وقت موت أبي طالب ( ولم يرثه علي) ولا جعفر لأنهما كانا مسلمين كما جاء التعليل بذلك في بعض طرق الحديث عند البخاري ( قال) علي بن حسين ( فلذلك) أي لأن المسلم لا يرث الكافر ( تركنا نصيبنا) أي حصة جدهم علي من أبيه أبي طالب ( من الشعب) بكسر فإسكان، كان منزل بني هاشم غير مساكنهم كان لهاشم ثم صار لابنه عبد المطلب فقسمه عبد المطلب بين بنيه حين ضعف بصره وصار للنبي صلى الله عليه وسلم حظ أبيه، كذا قال صاحب المطالع وغيره مع أن عبد الله مات في حياة أبيه فلعل أعمام المصطفى جعلوا له حظ أبيه لو كان حيًا فيكون ابتداء عطية من أعمامه، أو أن عبد المطلب قسمه في حياة عبد الله فلما مات صار للنبي صلى الله عليه وسلم حظ أبيه وهذا على تسليم أنهم كانوا يوافقون شرعنا وإلا فلا إشكال.

قال الحافظ: وهذا يدل على تقدم هذا الحكم من أوائل الإسلام لموت أبي طالب قبل الهجرة ويحتمل أن الهجرة لما وقعت استولى عقيل وطالب على ما خلفه أبو طالب وكان وضع يده على ما خلفه أبو النبي صلى الله عليه وسلم لأنه شقيقه، وكان صلى الله عليه وسلم عنده بعد موت جده فلما مات أبو طالب ثم وقعت الهجرة ولم يسلم طالب وتأخر إسلام عقيل استوليا على ما خلف أبو طالب، ومات طالب قبل بدر وتأخر عقيل، فلما تقرر حكم الإسلام بترك توريث المسلم من الكافر استمر ذلك بيد عقيل وكان عقيل قد باع تلك الدور كلها وأقر صلى الله عليه وسلم عقيلاً على ما يخصه هو تفضيلاً عليه أو استمالة وتأليفًا أو تصحيحًا لتصرفات الجاهلية كما تصحح أنكحتهم، وحكى الفاكهي أن الدار لم تزل بيد أولاد عقيل حتى باعوها لمحمد بن يوسف أخي الحجاج بمائة ألف دينار.

( مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن محمد بن الأشعث) بن قيس الكندي الكوفي ثقة من كبار التابعين ووهم من ذكره في الصحابة مات سنة سبع وستين ( أخبره أن عمة له يهودية أو نصرانية توفيت وأن محمد بن الأشعث ذكر ذلك لعمر بن الخطاب وقال له من يرثها قال عمر يرثها أهل دينها) وكذا رواه ابن جرير عن عمرو بن ميمون عن الغرس بن قيس عن عمر خلاف ما رواه الثوري عن حماد عن إبراهيم أن عمر قال: أهل الشرك نرثهم ولا يرثونا، قاله ابن عبد البر فلعل عمر رجع عن هذا إلى ما قبله ( ثم أتى عثمان) في خلافته ( فسأله عن ذلك فقال له عثمان أتراني نسيت ما قال لك عمر بن الخطاب يرثها أهل دينها) وفائدة ذكر هذا ونحوه بعد المرفوع الإشارة لبقاء العمل به فلا يطرقه احتمال نسخ وتابع مالكًا في رواية هذا الأثر ابن جريج وابن عيينة وغيرهما عن يحيى بن سعيد به كما في التمهيد.

( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن إسماعيل بن أبي حكيم) القرشي مولاهم المدني شيخ مالك روى عنه هنا بواسطة ( أن نصرانيًا أعتقه عمر بن عبد العزيز هلك قال إسماعيل فأمرني عمر بن عبد العزيز أن أجعل ماله في بيت المال) لأن المسلم لا يرث الكافر.

( مالك عن الثقة عنده أنه سمع سعيد بن المسيب يقول أبى) أي امتنع ( عمر بن الخطاب أن يورث أحدًا من الأعاجم إلا أحدًا ولد في العرب) بمجرد دعوى القرابة وإقرار بعضهم لبعض فأما إذا عرف ذلك وثبت بعدول مسلمين فذلك كالولادة في أرض الإسلام يتوارثون بذلك قاله ابن القاسم عن مالك.

( قال مالك وإن جاءت امرأة حامل من أرض العدو فوضعته في أرض العرب فهو ولدها يرثها إن ماتت وترثه إن مات ميراثها في كتاب الله) السدس أو الثلث ( والأمر المجتمع عليه عندنا والسنة التي لا اختلاف فيها والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أنه لا يرث المسلم الكافر بقرابة ولا ولاء) أي عتق فإن كان رقيقًا أخذ ماله بالملك لا الإرث ( ولا رحم) عملاً بعموم لا يرث المسلم الكافر.
( ولا يحجب أحدًا عن ميراثه) لأن من لا يرث لا يحجب وارثًا كما ( قال مالك وكذلك كل من لا يرث إذا لم يكن دونه وارث فإنه لا يحجب أحدًا عن ميراثه) إذ لا معنى لحجب من لا يرث.



رقم الحديث 1096 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَعْتَقَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَلَكَ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَأَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنْ أَجْعَلَ مَالَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ.


( ميراث أهل الملل)

( مالك عن ابن شهاب) محمد بن مسلم ( عن علي بن حسين بن علي) بن أبي طالب الهاشمي زين العابدين ثقة ثبت عابد فقيه فاضل قال الزهري ما رأيت قرشيًا أفضل منه مات سنة ثلاث وتسعين وقيل غير ذلك ( عن عمر بن عثمان بن عفان) الأموي كذا قال مالك عُمر بضم العين، وجميع أصحاب ابن شهاب يقولون عَمرو بفتح العين، ولابن القاسم: عَمرو بفتح العين، وليحيى بن بكير عن مالك بالشك: عُمر بن عثمان أو عَمرو بن عثمان والثابت عن مالك عُمر بضمها كما رواه يحيى والأكثر.
وذكر ابن مهدي أن مالكًا قال له: تراني لا أعرف عُمر من عَمرو وهذه دار عمر وهذه دار عمرو ولا خلاف أن عثمان له ابنان عُمر وعَمرو وإنما الخلاف في هذا الحديث فأصحاب ابن شهاب يقولون عَمرو إلا مالكًا فقال عُمر.
وراجعه الشافعي ويحيى القطان فقال: هو عُمر وأبى أن يرجع، وقال: كان لعثمان ابن اسمه عُمر هذه داره ومالك لا يكاد يقاس به غيره حفظًا وإتقانًا لكن الغلط لا يسلم منه أحد، والجماعة أولى أن يسلم لها وأبى المحدّثون أن يكون إلا عمرو بالواو.
قال ابن المديني: قيل لابن عيينة مالك يقول عُمر فقال: لقد سمعته من الزهري كذا وكذا مرة وتفقدته منه فما قال إلا عَمرو: وقال أحمد بن زهير خالف مالك الناس قاله ابن عبد البر وكذا حكم مسلم وغيره على مالك بالوهم فيه.
وروى أبو الفضل السليماني عن معن بن عيسى قلت لمالك: الناس يقولون إنك تخطئ في أسامي الرجال تقول عبد الله الصنابحي وإنما هو أبو عبد الله، وتقول عمر بن عثمان وإنما هو عمرو، وتقول عمر بن الحكم وإنما هو معاوية فقال مالك: هكذا حفظنا وهكذا وقع في كتابي ونحن نخطئ ومن يسلم من الخطأ.
وقد جعل ابن الصلاح ذلك مثالاً للمنكر وتعقبه العراقي بأنه لا يلزم من تفرد مالك من بين الثقات باسم هذا الراوي مع أن كلاً منهما ثقة نكارة المتن ولا شذوذه بل المتن على كل حال صحيح غايته أن يكون السند منكرًا أو شاذًا لمخالفة الثقات لمالك في ذلك والنكارة تقع في كل من السند والمتن ( عن أسامة بن زيد) الحب ابن الحب رضي الله عنهما.

( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يرث المسلم الكافر) ولا الكافر المسلم هكذا بقية الحديث عند جميع أصحاب ابن شهاب فاختصره مالك كأنه قصد إلى النكتة التي للقول فيها مدخل فقطع ذلك بما رواه من صحيح الأثر فيه وذلك أن معاذ بن جبل ومعاوية وسعيد بن المسيب وطائفة ذهبوا إلى أن المسلم يرث الكافر لا عكسه كما ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا.
وأما أن الكافر لا يرث المسلم فلا دخل للقول فيه للإجماع عليه قاله ابن عبد البر: ومعلوم أن القياس مع وجود النص فاسد الاعتبار وقد احتج له أيضًا بقوله صلى الله عليه وسلم الإسلام يعلو ولا يعلى وأجيب بأن معناه تفضيل الإسلام وليس فيه تعرض للإرث فلا يترك النص الصريح لذلك قال ابن عبد البر والذي عليه سائر الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار أن المسلم لا يرث الكافر كما أن الكافر لا يرث المسلم عملاً بهذا الحديث فإن الحجة فيما تنازع فيه المسلمون كتاب الله فإن لم يبين فيه ذلك فالسنة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يرث المسلم الكافر بنقل الأئمة الحفاظ الثقات فكل من خالفه محجوج به.

( مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب) الملقب بزين العابدين المدفون بالمدينة عند عمه الحسن وجدته فاطمة وما يذكر من مشهده بمصر لم يصح ( أنه أخبره إنما ورث أبا طالب) عبد مناف أو اسمه وكنيته واحد وشذ من قال اسمه عمران بل هو قول باطل ( عقيل) بفتح العين وكسر القاف، الصحابي تأخر إسلامه إلى الفتح وقيل أسلم بعد الحديبية وهاجر في أول سنة ثمان ( وطالب) الذي يكنى به ومات كافرًا قبل بدر لأنهما كانا كافرين وقت موت أبي طالب ( ولم يرثه علي) ولا جعفر لأنهما كانا مسلمين كما جاء التعليل بذلك في بعض طرق الحديث عند البخاري ( قال) علي بن حسين ( فلذلك) أي لأن المسلم لا يرث الكافر ( تركنا نصيبنا) أي حصة جدهم علي من أبيه أبي طالب ( من الشعب) بكسر فإسكان، كان منزل بني هاشم غير مساكنهم كان لهاشم ثم صار لابنه عبد المطلب فقسمه عبد المطلب بين بنيه حين ضعف بصره وصار للنبي صلى الله عليه وسلم حظ أبيه، كذا قال صاحب المطالع وغيره مع أن عبد الله مات في حياة أبيه فلعل أعمام المصطفى جعلوا له حظ أبيه لو كان حيًا فيكون ابتداء عطية من أعمامه، أو أن عبد المطلب قسمه في حياة عبد الله فلما مات صار للنبي صلى الله عليه وسلم حظ أبيه وهذا على تسليم أنهم كانوا يوافقون شرعنا وإلا فلا إشكال.

قال الحافظ: وهذا يدل على تقدم هذا الحكم من أوائل الإسلام لموت أبي طالب قبل الهجرة ويحتمل أن الهجرة لما وقعت استولى عقيل وطالب على ما خلفه أبو طالب وكان وضع يده على ما خلفه أبو النبي صلى الله عليه وسلم لأنه شقيقه، وكان صلى الله عليه وسلم عنده بعد موت جده فلما مات أبو طالب ثم وقعت الهجرة ولم يسلم طالب وتأخر إسلام عقيل استوليا على ما خلف أبو طالب، ومات طالب قبل بدر وتأخر عقيل، فلما تقرر حكم الإسلام بترك توريث المسلم من الكافر استمر ذلك بيد عقيل وكان عقيل قد باع تلك الدور كلها وأقر صلى الله عليه وسلم عقيلاً على ما يخصه هو تفضيلاً عليه أو استمالة وتأليفًا أو تصحيحًا لتصرفات الجاهلية كما تصحح أنكحتهم، وحكى الفاكهي أن الدار لم تزل بيد أولاد عقيل حتى باعوها لمحمد بن يوسف أخي الحجاج بمائة ألف دينار.

( مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن محمد بن الأشعث) بن قيس الكندي الكوفي ثقة من كبار التابعين ووهم من ذكره في الصحابة مات سنة سبع وستين ( أخبره أن عمة له يهودية أو نصرانية توفيت وأن محمد بن الأشعث ذكر ذلك لعمر بن الخطاب وقال له من يرثها قال عمر يرثها أهل دينها) وكذا رواه ابن جرير عن عمرو بن ميمون عن الغرس بن قيس عن عمر خلاف ما رواه الثوري عن حماد عن إبراهيم أن عمر قال: أهل الشرك نرثهم ولا يرثونا، قاله ابن عبد البر فلعل عمر رجع عن هذا إلى ما قبله ( ثم أتى عثمان) في خلافته ( فسأله عن ذلك فقال له عثمان أتراني نسيت ما قال لك عمر بن الخطاب يرثها أهل دينها) وفائدة ذكر هذا ونحوه بعد المرفوع الإشارة لبقاء العمل به فلا يطرقه احتمال نسخ وتابع مالكًا في رواية هذا الأثر ابن جريج وابن عيينة وغيرهما عن يحيى بن سعيد به كما في التمهيد.

( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن إسماعيل بن أبي حكيم) القرشي مولاهم المدني شيخ مالك روى عنه هنا بواسطة ( أن نصرانيًا أعتقه عمر بن عبد العزيز هلك قال إسماعيل فأمرني عمر بن عبد العزيز أن أجعل ماله في بيت المال) لأن المسلم لا يرث الكافر.

( مالك عن الثقة عنده أنه سمع سعيد بن المسيب يقول أبى) أي امتنع ( عمر بن الخطاب أن يورث أحدًا من الأعاجم إلا أحدًا ولد في العرب) بمجرد دعوى القرابة وإقرار بعضهم لبعض فأما إذا عرف ذلك وثبت بعدول مسلمين فذلك كالولادة في أرض الإسلام يتوارثون بذلك قاله ابن القاسم عن مالك.

( قال مالك وإن جاءت امرأة حامل من أرض العدو فوضعته في أرض العرب فهو ولدها يرثها إن ماتت وترثه إن مات ميراثها في كتاب الله) السدس أو الثلث ( والأمر المجتمع عليه عندنا والسنة التي لا اختلاف فيها والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أنه لا يرث المسلم الكافر بقرابة ولا ولاء) أي عتق فإن كان رقيقًا أخذ ماله بالملك لا الإرث ( ولا رحم) عملاً بعموم لا يرث المسلم الكافر.
( ولا يحجب أحدًا عن ميراثه) لأن من لا يرث لا يحجب وارثًا كما ( قال مالك وكذلك كل من لا يرث إذا لم يكن دونه وارث فإنه لا يحجب أحدًا عن ميراثه) إذ لا معنى لحجب من لا يرث.



رقم الحديث 1097 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ الثِّقَةِ عِنْدَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: أَبَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُوَرِّثَ أَحَدًا مِنَ الْأَعَاجِمِ إِلَّا أَحَدًا وُلِدَ فِي الْعَرَبِ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ حَامِلٌ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَوَضَعَتْهُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ، فَهُوَ وَلَدُهَا يَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ، وَتَرِثُهُ إِنْ مَاتَ مِيرَاثَهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَالسُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا، أَنَّهُ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ بِقَرَابَةٍ، وَلَا وَلَاءٍ، وَلَا رَحِمٍ، وَلَا يَحْجُبُ أَحَدًا عَنْ مِيرَاثِهِ قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَا يَرِثُ إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ وَارِثٌ، فَإِنَّهُ لَا يَحْجُبُ أَحَدًا عَنْ مِيرَاثِهِ.


( ميراث أهل الملل)

( مالك عن ابن شهاب) محمد بن مسلم ( عن علي بن حسين بن علي) بن أبي طالب الهاشمي زين العابدين ثقة ثبت عابد فقيه فاضل قال الزهري ما رأيت قرشيًا أفضل منه مات سنة ثلاث وتسعين وقيل غير ذلك ( عن عمر بن عثمان بن عفان) الأموي كذا قال مالك عُمر بضم العين، وجميع أصحاب ابن شهاب يقولون عَمرو بفتح العين، ولابن القاسم: عَمرو بفتح العين، وليحيى بن بكير عن مالك بالشك: عُمر بن عثمان أو عَمرو بن عثمان والثابت عن مالك عُمر بضمها كما رواه يحيى والأكثر.
وذكر ابن مهدي أن مالكًا قال له: تراني لا أعرف عُمر من عَمرو وهذه دار عمر وهذه دار عمرو ولا خلاف أن عثمان له ابنان عُمر وعَمرو وإنما الخلاف في هذا الحديث فأصحاب ابن شهاب يقولون عَمرو إلا مالكًا فقال عُمر.
وراجعه الشافعي ويحيى القطان فقال: هو عُمر وأبى أن يرجع، وقال: كان لعثمان ابن اسمه عُمر هذه داره ومالك لا يكاد يقاس به غيره حفظًا وإتقانًا لكن الغلط لا يسلم منه أحد، والجماعة أولى أن يسلم لها وأبى المحدّثون أن يكون إلا عمرو بالواو.
قال ابن المديني: قيل لابن عيينة مالك يقول عُمر فقال: لقد سمعته من الزهري كذا وكذا مرة وتفقدته منه فما قال إلا عَمرو: وقال أحمد بن زهير خالف مالك الناس قاله ابن عبد البر وكذا حكم مسلم وغيره على مالك بالوهم فيه.
وروى أبو الفضل السليماني عن معن بن عيسى قلت لمالك: الناس يقولون إنك تخطئ في أسامي الرجال تقول عبد الله الصنابحي وإنما هو أبو عبد الله، وتقول عمر بن عثمان وإنما هو عمرو، وتقول عمر بن الحكم وإنما هو معاوية فقال مالك: هكذا حفظنا وهكذا وقع في كتابي ونحن نخطئ ومن يسلم من الخطأ.
وقد جعل ابن الصلاح ذلك مثالاً للمنكر وتعقبه العراقي بأنه لا يلزم من تفرد مالك من بين الثقات باسم هذا الراوي مع أن كلاً منهما ثقة نكارة المتن ولا شذوذه بل المتن على كل حال صحيح غايته أن يكون السند منكرًا أو شاذًا لمخالفة الثقات لمالك في ذلك والنكارة تقع في كل من السند والمتن ( عن أسامة بن زيد) الحب ابن الحب رضي الله عنهما.

( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يرث المسلم الكافر) ولا الكافر المسلم هكذا بقية الحديث عند جميع أصحاب ابن شهاب فاختصره مالك كأنه قصد إلى النكتة التي للقول فيها مدخل فقطع ذلك بما رواه من صحيح الأثر فيه وذلك أن معاذ بن جبل ومعاوية وسعيد بن المسيب وطائفة ذهبوا إلى أن المسلم يرث الكافر لا عكسه كما ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا.
وأما أن الكافر لا يرث المسلم فلا دخل للقول فيه للإجماع عليه قاله ابن عبد البر: ومعلوم أن القياس مع وجود النص فاسد الاعتبار وقد احتج له أيضًا بقوله صلى الله عليه وسلم الإسلام يعلو ولا يعلى وأجيب بأن معناه تفضيل الإسلام وليس فيه تعرض للإرث فلا يترك النص الصريح لذلك قال ابن عبد البر والذي عليه سائر الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار أن المسلم لا يرث الكافر كما أن الكافر لا يرث المسلم عملاً بهذا الحديث فإن الحجة فيما تنازع فيه المسلمون كتاب الله فإن لم يبين فيه ذلك فالسنة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يرث المسلم الكافر بنقل الأئمة الحفاظ الثقات فكل من خالفه محجوج به.

( مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب) الملقب بزين العابدين المدفون بالمدينة عند عمه الحسن وجدته فاطمة وما يذكر من مشهده بمصر لم يصح ( أنه أخبره إنما ورث أبا طالب) عبد مناف أو اسمه وكنيته واحد وشذ من قال اسمه عمران بل هو قول باطل ( عقيل) بفتح العين وكسر القاف، الصحابي تأخر إسلامه إلى الفتح وقيل أسلم بعد الحديبية وهاجر في أول سنة ثمان ( وطالب) الذي يكنى به ومات كافرًا قبل بدر لأنهما كانا كافرين وقت موت أبي طالب ( ولم يرثه علي) ولا جعفر لأنهما كانا مسلمين كما جاء التعليل بذلك في بعض طرق الحديث عند البخاري ( قال) علي بن حسين ( فلذلك) أي لأن المسلم لا يرث الكافر ( تركنا نصيبنا) أي حصة جدهم علي من أبيه أبي طالب ( من الشعب) بكسر فإسكان، كان منزل بني هاشم غير مساكنهم كان لهاشم ثم صار لابنه عبد المطلب فقسمه عبد المطلب بين بنيه حين ضعف بصره وصار للنبي صلى الله عليه وسلم حظ أبيه، كذا قال صاحب المطالع وغيره مع أن عبد الله مات في حياة أبيه فلعل أعمام المصطفى جعلوا له حظ أبيه لو كان حيًا فيكون ابتداء عطية من أعمامه، أو أن عبد المطلب قسمه في حياة عبد الله فلما مات صار للنبي صلى الله عليه وسلم حظ أبيه وهذا على تسليم أنهم كانوا يوافقون شرعنا وإلا فلا إشكال.

قال الحافظ: وهذا يدل على تقدم هذا الحكم من أوائل الإسلام لموت أبي طالب قبل الهجرة ويحتمل أن الهجرة لما وقعت استولى عقيل وطالب على ما خلفه أبو طالب وكان وضع يده على ما خلفه أبو النبي صلى الله عليه وسلم لأنه شقيقه، وكان صلى الله عليه وسلم عنده بعد موت جده فلما مات أبو طالب ثم وقعت الهجرة ولم يسلم طالب وتأخر إسلام عقيل استوليا على ما خلف أبو طالب، ومات طالب قبل بدر وتأخر عقيل، فلما تقرر حكم الإسلام بترك توريث المسلم من الكافر استمر ذلك بيد عقيل وكان عقيل قد باع تلك الدور كلها وأقر صلى الله عليه وسلم عقيلاً على ما يخصه هو تفضيلاً عليه أو استمالة وتأليفًا أو تصحيحًا لتصرفات الجاهلية كما تصحح أنكحتهم، وحكى الفاكهي أن الدار لم تزل بيد أولاد عقيل حتى باعوها لمحمد بن يوسف أخي الحجاج بمائة ألف دينار.

( مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن محمد بن الأشعث) بن قيس الكندي الكوفي ثقة من كبار التابعين ووهم من ذكره في الصحابة مات سنة سبع وستين ( أخبره أن عمة له يهودية أو نصرانية توفيت وأن محمد بن الأشعث ذكر ذلك لعمر بن الخطاب وقال له من يرثها قال عمر يرثها أهل دينها) وكذا رواه ابن جرير عن عمرو بن ميمون عن الغرس بن قيس عن عمر خلاف ما رواه الثوري عن حماد عن إبراهيم أن عمر قال: أهل الشرك نرثهم ولا يرثونا، قاله ابن عبد البر فلعل عمر رجع عن هذا إلى ما قبله ( ثم أتى عثمان) في خلافته ( فسأله عن ذلك فقال له عثمان أتراني نسيت ما قال لك عمر بن الخطاب يرثها أهل دينها) وفائدة ذكر هذا ونحوه بعد المرفوع الإشارة لبقاء العمل به فلا يطرقه احتمال نسخ وتابع مالكًا في رواية هذا الأثر ابن جريج وابن عيينة وغيرهما عن يحيى بن سعيد به كما في التمهيد.

( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن إسماعيل بن أبي حكيم) القرشي مولاهم المدني شيخ مالك روى عنه هنا بواسطة ( أن نصرانيًا أعتقه عمر بن عبد العزيز هلك قال إسماعيل فأمرني عمر بن عبد العزيز أن أجعل ماله في بيت المال) لأن المسلم لا يرث الكافر.

( مالك عن الثقة عنده أنه سمع سعيد بن المسيب يقول أبى) أي امتنع ( عمر بن الخطاب أن يورث أحدًا من الأعاجم إلا أحدًا ولد في العرب) بمجرد دعوى القرابة وإقرار بعضهم لبعض فأما إذا عرف ذلك وثبت بعدول مسلمين فذلك كالولادة في أرض الإسلام يتوارثون بذلك قاله ابن القاسم عن مالك.

( قال مالك وإن جاءت امرأة حامل من أرض العدو فوضعته في أرض العرب فهو ولدها يرثها إن ماتت وترثه إن مات ميراثها في كتاب الله) السدس أو الثلث ( والأمر المجتمع عليه عندنا والسنة التي لا اختلاف فيها والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أنه لا يرث المسلم الكافر بقرابة ولا ولاء) أي عتق فإن كان رقيقًا أخذ ماله بالملك لا الإرث ( ولا رحم) عملاً بعموم لا يرث المسلم الكافر.
( ولا يحجب أحدًا عن ميراثه) لأن من لا يرث لا يحجب وارثًا كما ( قال مالك وكذلك كل من لا يرث إذا لم يكن دونه وارث فإنه لا يحجب أحدًا عن ميراثه) إذ لا معنى لحجب من لا يرث.